سعوديون يخشون «تجسس» العناوين البريدية على تحركاتهم

أمانة جدة تبدأ تركيب لوحات تتضمن شريحة إلكترونية متصلة بالأقمار الصناعية

الأرقام البريدية تهدف إلى توثيق عملية تسليم المواد البريدية.. وفي الإطار الشريحة الإلكترونية المثيرة للجدل («الشرق الأوسط»)
TT

كبطل «رواية 1984» انتزع علي الرداعي لوحا معدنيا يحمل أرقاما بمجرد وصوله إلى منزله الواقع في أحد أحياء مدينة جدة الجديدة. وبجنون بدأ ينتزع هذه اللوحة التي تظهر هيئتها الانتماء إلى جهة حكومية أو خدمية، حتى تحولت إلى قطع صغيرة، فأخرج منها شريحة إلكترونية وحملها بيده، فبدت على وجهه علامات الظفر.

ومثل ذلك البطل أيضا تحدث المواطن الثلاثيني عن الشريحة الإلكترونية التي تمثل «انتهاكا للخصوصية وفرض الرقابة وتتبع منحى تفكيرهم»، إذ يعتقد علي جازما أن تلك الشريحة الإلكترونية ذات الأرقام تمثل عنوانا بريديا، معتبرا إياها جهازا للتنصت وإحصاء أنفاس ساكني المنزل والداخلين إليه والخارجين منه.

أحداث الرواية العالمية التي ألفها جورج أورويل وترجمت إلى 62 لغة عالمية، انتقلت إلى مخيلة شباب سعوديين منذ شروع أمانة جدة في تطبيق نظام العنونة الجديد المرتبط بآلية نظام البريد السعودي، الذي يحوي في تفاصيله «باركود» يحمل إحداثيات الموقع إلكترونيا ويحدده عن طريق الأقمار الاصطناعية وتقنية «جي بي إس»، ويمكن قراءته عن طريق الهاتف الجوال.

وكأنما اكتشفوا خطرا، دأب مواطنون من أمثال علي على تداول هذه المعلومات، مع تحريفها قليلا، حول الغرض من تركيب هذه الأرقام الجديدة على منازل المواطنين، وهدف الشريحة الإلكترونية السرية التي خبئت ببراعة داخلها، وانتشرت على وسائل التواصل المختلفة ورسائل الجوال، فأصبحوا فجأة يعيشون في الزمن الذي تنبأ به أورويل في روايته ومجموعة من أفراد ذلك العالم الذي ستحكمه قوى كبيرة تتقاسم مساحته وسكانه ولا توفر أحلامهم وطموحاتهم، بل تحولهم إلى مجرد «أرقام» في جمهوريات الأخ الأكبر الذي يراقب كل شيء ويعرف كل شيء.

أمام ذلك، يؤكد مسؤول في البريد السعودي لـ«الشرق الأوسط» زيف هذه الاعتقادات التي انتشرت بين بعض سكان المدينة في الآونة الأخيرة، ويقول «إن هي إلا شريحة بيانات إلكترونية تتضمن معلومات عن العنوان البريدي للصندوق، بهدف إثبات إيداع المواد البريدية في صندوق العميل بواسطة قارئ إلكتروني يحمله موزع البريد».

ويشير إلى أن هذه الأفكار الغريبة باتت تنتشر بسرعة واسعة بين الناس بسبب تعدد وسائل الاتصال وانتشارها بين مختلف الشرائح بتنوع تفكيرها وجنسها وعمرها.