اعتبرت عبير الحارثي رئيسة القسم النسائي بإدارة مكافحة المخدرات بمنطقة مكة المكرمة، أن استغلال الأطفال للاتجار بالمخدرات، من أبشع أنواع العنف التي تمارس ضده، محذرة في الوقت ذاته من انتشار تلك السلوكيات من قبل عصابات تعمل على تدريبهم وتأهيلهم وتوزيعهم في أماكن محددة، أو من قبل أسرة الطفل المدمنة أو التي تتاجر في المخدرات.
وحذرت عبير الحارثي من أن يصبح الأطفال في السعودية وسيلة للاتجار بالمخدرات، وذلك إما عن طريق العصابات التي تدربهم وتؤهلهم لذلك دون علمهم، أو عن طريق الآباء المدمنين خاصة أن تلك البيئة تكون ذات دافع أكبر لأن يتاجر الطفل بالمخدرات وما شابهها.
وأوضحت الحارثي أن الحشيش والكبتاجون من أكثر المواد المنتشرة الآن بين المتعاطين، والتي يتم استغلال الأطفال في الاتجار بها وتوزيعها، مستدلة بذلك على حالات الأطفال التي يتم ضبطها بالتعاون مع الجهات المعنية، وقالت: «لمسنا من خلال عملنا أن إهمال الأسرة يعتبر السبب الأساسي في أن يسلك الطفل ذلك الطريق، أو أن تكون الأسرة ذاتها تتعاطى أو تتاجر بالمخدرات».
وأضافت: «هناك استغلال كبير للأطفال سواء كان من الأهل أو عصابات وذلك لعلمهم أن الطفل لا يمكن أن يشك فيه أحد»، وأوضحت أن المتسولين كثير ما يتم استغلالهم للترويج من خلال وضعهم تحت غطاء خارجي تحت مسمى التسول، إلى جانب الإعاقات التي يصيبونهم بها ليستدروا عطف الأشخاص ويبعدوا الشبهات عنهم».
وبينت أنه من خلال ذهابهم للمدارس أيضا وجدوا أن الطلاب والطالبات يعملون على ابتكار طرق جديدة للإدمان، من بينها تذويب حبوب البندول في مشروبات الطاقة للبقاء مستيقظين فترات، طويلة كما أنهم يستخدمون في الحفلات التي يقيمونها عصيرا مذابا فيه بعض حبوب الكبتاجون، محذرة في الوقت ذاته الأمهات والآباء من ترك الأبناء والبنات يذهبون مفردهم إلى حفلات مجهولة، وقالت: «للأسف هذا يحدث الآن كثيرا».
وقالت الحارثي: «هناك جهل في كثير من الأسر لما يدور بين أبنائهم وأصدقائهم، لذلك لا بد من تعزيز العلاقات الأسرية»، ووصفت بعض الأمهات اللاتي يراجعن دائرة مكافحة المخدرات بـ«المغلوبات على أمرهن» وأنهن يقعن تحت سلطة زوج مدمن وهذا كثيرا ما يرافقه عنف يتعرضن له.
من جهتها طالبت نسرين طه مسؤولة العلاقات العامة بوحدة الحماية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية بجدة، بضرورة توعية الأسرة خاصة الأمهات بهذا الجانب، مشددة على التواصل معهن سواء في المدارس أو الجامعات، وقالت: «نحن بحاجة لزيادة التوعية والتواصل مع الأمهات، وتثقيفهن بالعلامات التي يمكن من خلالها أن تعرف إن كان ابنها أو ابنتها مدمنة».
وقالت طه: «سنعمل على رفع توصية لوزارة التربية والتعليم لإيجاد منهج توعوي في مختلف المراحل الدراسية يتناول السلوكيات الخاطئة، خاصة المتعلقة بالاتجار بالمخدرات وإدمانها، إلى جانب التعاون الدائم والتنسيق المستمر بين الإدارات الحكومية للتوعية أكثر بين فئات المجتمع».
وبالعودة إلى مديرة القسم النسائي بإدارة مكافحة المخدرات التي لفتت إلى أن أكثر المشاكل المطروحة الآن هي ظاهرة «المعسل» الذي يوضع فيه الحشيش أو المخدرات، هي الأكثر انتشارا بين الفتيات خاصة، مشيرة إلى إغلاق ثلاث مقاه بجدة تم ضبطها وهي تضع مواد مخدرة وحشيشا في «المعسل»، إضافة إلى وجود حالات إغماء في تلك المقاهي بسبب وضعهم لجرعات حشيش لا يمكن استيعابها.
كما أشارت إلى سهولة استغلال بعض الفتيات التي يتصفن بالرجولة في الاتجار بالمخدرات لأن هيئتهم الخارجية تساعد على ذلك بكل يسر وسهولة، مبينة أن العقوبة التي تطال من يمارس مثل تلك الأمور تضاعف حال ثبت استغلاله للطفل وقالت: «إذا صدر بحق الأب سنتين أو ثلاثة فإنها تضاعف لأربع أو ست سنوات حال تم القبض على طفله يتاجر معه، فيتم تنفيذ العقوبة بالأب ويحال الطفل إلى دار الأحداث».
من جهتها بينت الدكتورة فاتن حلواني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز، إلى أهمية البرامج التوعوية سواء للمعلمات والطالبات حتى تتحقق الفائدة المرجوة من تلك البرامج، لافتة إلى أن الجامعة تنظم ملتقيات وتخصص برامج إلا أنهم يفتقدون للشريحة المستفيدة من تلك البرامج كونها لا تحضر، مطالبة بذلك إلزام المعلمات والمرشدات الطلابيات والطالبات بحضور تلك البرامج.
وجاء حديث الخبيرات خلال الملتقى الذي نظمته الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان يوم أمس تحت شعار «استغلال الأطفال في الاتجار بالمخدرات» بحضور الأقسام النسائية في الجهات الحكومية كإدارة مكافحة المخدرات ووزارة الشؤون الاجتماعية، ودار الحماية، إضافة إلى ممثلي وزارة التربية والتعليم.
وبينت جواهر النهاري رئيسة القسم النسائي بالهيئة الوطنية لحقوق الإنسان أن تنظيم هذا الملتقى التثقيفي يأتي ضمن برامجهم التي خصصوها هذا العام للحديث حول الطفل وحقوقه، مشيرة إلى أن اختيارهم لمناقشة هذا الموضوع لما لمسوه خلال عملهم من استغلال الأطفال من قبل تلك العصابات وتمكنوا من أداء دورهم بسهولة.