طفلة الإيدز تدفع «الصحة» للبحث عن ثغرات في بنوك الدم.. وإعفاء 5 مسؤولين

3 أخبار سعيدة تنتظر الطفلة المصابة.. ووزير الإعلام لـ «الشرق الأوسط»: أجرم التشهير بالفتاة

حزمة من العقوبات اتخذتها السلطات الصحية السعودية في حق المتسببين في قضية «طفلة الإيدز» («الشرق الأوسط»)
TT

أفصحت مصادر متعددة من بينها وزارة الصحة عن ثلاثة أخبار سعيدة، في وقت تتداول فيه وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية كل الأخبار السيئة عن «طفلة الإيدز». الأول، لم تثبت إصابة الطفلة تماما بالفيروس، وإذا ما تمت إصابتها فالخبر السعيد الثاني يقول إنها لا تعتبر سوى حاملة للمرض وليست مصابة، لأن حامل فيروس «إتش آي في» يختلف تماما عن مريض «نقص المناعة المكتسب» الشهير، أما الخبر الأخير فهو أن حامل الفيروس من الممكن أن يعالج.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور خالد مرغلاني الناطق باسم وزارة الصحة أن حالة الطفلة الصحية تقود إلى إمكانيتها في مواصلة حياتها والعلاج بالأدوية في حال عدم التأكد التام من «إيجابية» التحليل، بينما أكد زياد ميمش وكيل الوزارة للصحة العامة بالقول: «إذا ما اكتشفت أي ثغرة في ما يتعلق ببنوك الدم أو غيرها سيتم حلها».

ووصف الدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام التشهير بنشر اسم الطفلة بالتصرف غير المقبول، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أجرم هذا الفعل، لأن هذه مسؤولية، ونشر اسم الطفلة وصورتها لا تعتبر شطارة، وأقول للجميع اتقوا الله في أنفسكم وفي أقلامكم وفي المنبر الذي منحتموه، خصوصا في ما يتعلق بالأمور التي تتحدث عن خصوصيات الناس، وسواء في الصحف الورقية أو الإلكترونية، النظام لا يمنح أحدا الحق في التشهير بشخص».

يأتي ذلك في حين أصدرت وزارة الصحة يوم أمس جملة عقوبات متعلقة بالطفلة المصابة بفيروس «إتش آي في» المسمى مجازا بفيروس الإيدز، أعفت فيه خمسة مسؤولين معاقبة ثلاثة منهم بغرامات بلغ مجموعها 30 ألف ريال، وفصلت الفني المسؤول عن التقصير من عمله، وقال مرغلاني في اتصال هاتفي: «إن الموظف سعودي الجنسية، وقد اعترف وأقر بخطئه، وهذه النتائج ناجمة عن لجنة حققت في الأمر، وأحالت القضية إلى هيئة شرعية ستصدر حكما مستقلا، بينما أكد أن ناقل الدم سيحال إلى الأجهزة المعنية، وهو ليس من منسوبي (صحة جازان)».

وتمت إحالة القضية إلى الهيئة الصحية الشرعية بمنطقة جازان للحق الخاص، وإحالة موضوع المتبرع المصاب للجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه.

كما قررت الوزارة إغلاق التبرع ببنك الدم بمستشفى جازان العام، على أن يقوم بنك الدم بمستشفى الملك فهد بجازان بتأمين احتياج مستشفى جازان العام من وحدات الدم ومشتقاته لحين تصحيح الوضع وتقييمه من لجنة مختصة، وإعادة هيكلة إدارة المختبرات وبنوك الدم بصحة جازان وتكليف الإدارة العامة للمختبرات وبنوك الدم لتشكيل إدارة جديدة بالمنطقة بالتنسيق مع الشؤون الصحية بالمنطقة، وسحب ترخيص مزاولة المهنة وفصل فني المختبر المتسبب في نقل الدم من وظيفته، وإعفاء مدير مستشفى جازان العام من منصبه، وإعفاء المدير الطبي بمستشفى جازان العام من منصبه، وإعفاء مدير المختبر وبنك الدم في مستشفى جازان العام من منصبه وتغريمه الحد الأقصى المقرر نظاما كعقوبة لمثل هذه المخالفة، وهي 10 آلاف ريال، إلى جانب إعفاء المشرف الفني على بنك الدم بمستشفى جازان العام وتغريمه الحد الأقصى المقرر نظاما كعقوبة لمثل هذه المخالفة بعشرة آلاف ريال، وإعفاء منسق برنامج الإيدز بالمنطقة من منصبه وتغريمه الحد الأقصى المقرر نظاما كعقوبة لمثل هذه المخالفة وهي 10 آلاف ريال، وإعفاء مدير المختبرات وبنوك الدم بالمنطقة من منصبه.

وشهدت القضية تداولا واسعا ومتابعات لأول مصاب يكشف النقاب عنه في البلاد بشكل علني، بداية من الخطأ الموصوف في بيان وزارة الصحة أمس بـ«الفردي»، وهو ما دعا ناشطة في حقوق الطفل فضلت حجب اسمها بالقول إن جميع المشاركين في نشر اسم الطفلة يرتكبون جريمة أخرى في حق مستقبلها، لأن كل القوانين الدولية بحقوق الطفل تكفل عدم تعرض الطفل لأي أمر ولو بسيط قد يعرقل حياته مستقبلا، بيد أن وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية لم تنفك من نشر صورة الفتاة وذويها، وهو ما اعتبرته الناشطة تشهيرا يحتم على ذوي الطفلة رفع القضايا على وزارة الصحة لتقديم المتسببين، إلى جانب رفع القضايا على كل من نشر صورة أو اسم الفتاة بشكله الكامل ثلاثيا كان أم رباعيا.

وحول العلاج الممكن استخدامه في حال تأكد حمل الطفلة للمرض، فإن منظمة الصحة العالمية نشرت نهاية العام المنصرم تقريرا قالت فيه: «من الممكن أن يساعد اتباع طريقة أكثر استراتيجية في استخدام الأدوية المضادة للفيروسات (القهقرية) لمكافحة فيروس الإيدز على الحد بشكل كبير من سريان الفيروس، وفقا لما جاء في مقترحات منظمة الصحة العالمية»، ونقل موقع المنظمة باللغة العربية على الإنترنت قول الدكتورة مارغريت تشان، وهي المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: «يرتفع عدد الذين يشرعون في أخذ الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية في بلدان منخفضة الدخل وأخرى متوسطة الدخل عن المليون شخص، ويمكن عكس هذه الحالة بشكل جذري من خلال مواصلة تعزيز الإمداد بالأدوية واستخدامها استخداما استراتيجيا، ولدينا الآن من البينات ما يثبت أن الأدوية نفسها التي نستخدمها لأجل إنقاذ الأرواح والحفاظ على صحة الأفراد قادرة أيضا على وقف سريان الفيروس بين الناس وتقليل فرصة نقله إلى الآخرين».

إلى ذلك، قال الدكتور محسن الحازمي، رئيس لجنة الشؤون الصحية في الدورة السابقة لمجلس الشورى السعودي وعضو مجلس الشورى في دورته الجديدة: «من الضروري الترقب، هل ستصاب أم لا. هذا لن يتبين، ففي دمها نصف لتر ملوث، وكل إجراءاتها الطبية تسير تحت الملاحظة، لكن سيظهر أنها أصيبت خلال 6 أسابيع أو أكثر قليلا، ويمكن التخلص من الفيروس بالعلاج والأدوية، ولن تصبح مريضة إلا بعد أشهر أو حتى سنوات على حسب مناعة الشخص، وهو فيروس ليس قويا جدا ويمكن علاجه بعد فترة واسعة».

وأشار إلى أن نظام الوقاية من العوز المناعي المكتسب «الإيدز» وحقوق المصابين وواجباتهم صدر من مجلس الشورى بانتظار صدوره تنفيذيا، وقال الدكتور الحازمي: «يشمل النظام الجوانب الإجرائية والتوعوية والصحية والقانونية وحقوق المصابين والفرد والمجتمع، ومن يقُم بعمل هذا فهناك فقرات تجرمه وتعاقبه بمائة ألف ريال بحسب النظام، الذي يظهر أنه لو ثبت أنه بالعمد ستكون الجريمة أكبر».