التعليم الفنلندي.. التقدم وليد الإتقان

أجواء باردة وسط سخونة ملفات التقييم والمعرفة

TT

تهب على أروقة المعرض والمنتدى الدولي للتعليم هذا العام، طقوس باردة من أجواء اسكندنافية تلطف من سخونة ملفات تطوير التعليم في السعودية، باستضافة جمهورية فنلندا الملهمة تعليميا وثقافيا كضيف شرف للمعرض. للاستفادة من نماذج التعلم في الدولة المصنفة الأولى في دول الاتحاد الأوروبي بحسب الأمير فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم السعودي، الذي قال في إحدى جلسات الملتقى «اطلع فريق من الوزارة على التجربة الفنلندية للاستفادة من بلد خطا بجد ومثابرة إلى إيجاد استراتيجية من سبع نقاط قفزت بالبلاد تعليما إلى مرحلة متقدمة».

وبالانتقال إلى المعرض الذي لا يبعد سوى أمتار عن قاعة الجلسات، ومن دون كلل؛ انحنى فيلي جالكانين المقبل من فنلندا فقط ليعرض مقعدا يقول إنه صحي للدارسين. كان جالكانين يعيد تركيب المقعد، وفور ما أكمل التركيب جلس يشرح لأحد الزائرين عن نجاعة المقعد في الجلوس بأريحية. وقال محمد الغامدي (36 عاما) إن المميز في الفكرة ليس المقعد وحسب، بل في دقة تقدم البلد لدرجة وجود منتجات تعالج التفاصيل، الجلسة الصحيحة، مرفقة بدراسة طبية، وتجربة عملية.

بينما يقول جالكانين وهو مطور المقعد وصاحب فكرته «إن هذا المنتج يعالج 80 إلى 90 في المائة من كل المشكلات التي تواجه المتعلم، وحتى الموظفين في المكاتب». ويبرز استخدام المطور لمقاطع فيديو على جاهزة، لفتاة محجبة تجلس على الكرسي.

هذه الدقة التي يتعامل بها الفنلنديون يصفها نيكو ليندهولم وهو مدير مشروع مستقبل التعليم في الوزارة بأن التقدم في التعليم الفنلندي وليد الإتقان. لافتا إلى ضرورة التعامل مع المتغيرات التي تواجه أي بلد يطور التعليم بشكل تدريجي، على أن يعيد التقييم ويعتمد على مؤسساته الوطنية البحثية والشراكات العالمية.

ويستدل ليندهولم بتجربة فنلندا التعليمية مع التقنية، ويقول «تبقى التقنية عاملا مساعدا، قد نستطيع الاستعاضة بها عن الورق أو الطرق التقليدية، لكننا قد نواجه مشكلة ما، لذا لا بد من التروي في التدرج بالانتقال إلى التقنية».

وتقول ماريا متوكل وهي مسؤولة بالسفارة الفنلندية في الرياض لـ«الشرق الأوسط» إن مشاركة بلادها لأول مرة كضيف شرف للمعرض والمنتدى الدولي للتعليم بالرياض بعد مشاركات في الأعوام الماضية بمتحدثين مميزين من جامعات فنلندية مرموقة. وجاءت الاستضافة بناء على ما حققته فنلندا من مراتب أولى في تصنيفات عالمية في التعليم العام والعالي.

وأضافت متوكل أن المشاركة الفنلندية أثمرت عن اجتماعات من وفود رسمية يترأسها سكرتير الدولة ونائب وزير التعليم، تمهيدا لاتفاقيات تعاون مستقبلي في المجال التعليمي مع عدة جهات منها وزارة التعليم العالي، ومشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام (تطوير).

وأبرزت المشاركة الفنلندية جزءا من تجربتها في تطوير التعليم العام بالمعرض التابع للمنتدى الدولي للتعليم، بتجربة تطبيقات الحوسبة السحابية والتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد بواسطة الاتصال المباشر بشبكة الإنترنت في المدارس، حيث استعرض أحد المختصين بجناح السفارة الفنلندية تطبيق (Petra›s Planet) الواقعي والذي طبق على مجموعة من المدارس الفنلندية، لدراسة الجغرافيا السياسية والبيئة الطبيعية لعدد من البلدان عن طريق لعبة تجذب الطلاب في المرحلة الابتدائية من سن السادسة وحتى الثانية عشرة.

وحول تجارب فنلندا في تطوير التعليم والتقويم المستمر، تحدث يوني فاليرافي مدير المعهد الفنلندي للبحوث التربوية، بجامعة جفيسكفل، في مستهل جلسات المنتدى الدولي للتعليم، بأنه تم توحيد مبادئ التقويم الفنلندي في التعليم بالقانون الصادر قبل نحو أربعة عشر عاما، والذي بموجبه أصبح تقويم التعليم أمرا إلزاميّا واجب النفاذ على المستويين الوطني والدولي، حيث يهدف نظام التقويم إلى التأكد من تحقيق الأهداف التي حددها التشريع وكذلك دعم تطوير التعليم وتحسين فرص التعلم. وبناء عليه تم إلغاء التفتيش على المدارس والرقابة على الكتب المدرسية في حقبة التسعينات؛ وبدلا من الرقابة الوطنية في فنلندا، يتم تشجيع التقويم المحلي والتقويم الذاتي للمدرسة والحكم الذاتي للمدرسين والمهارات المهنية. وأوضح أن نتائج الدراسات المحلية أو الدولية على نتائج التعلم ليست علنية؛ ويتم إبلاغ المدارس بنتائجها وتجري مقارنتها بالمتوسطات المحلية والعالمية لمساعدة المدارس لتطوير ممارساتها الخاصة، عن طريق تشجيع المدارس الفنلندية على التقويم الذاتي.