تحذيرات من تحول ندرة المساكن إلى أزمة حقيقية في 2018

غياب استراتيجية لمراجعة التشريعات العقارية يفاقم المشكلة

ندرة أعداد الوحدات السكنية في السعودية تنذر بأزمة إسكان تلوح في الأفق («الشرق الأوسط»)
TT

توقع اقتصاديون أن تتفاقم مشكلة الإسكان في السعودية في عام 2018 في ظل غياب استراتيجية واضحة تعالج الخلل في ميزان الطلب والعرض، مشددين على ضرورة مراجعة التشريعات المتعلقة بصناعة العقار.

وأوضحوا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن العام الحالي ما زال يلمح إلى ندرة مستمرة في الإسكان، عازين ذلك إلى عدة أسباب، منها: أن الشباب يمثلون نسبة كبيرة من السكان تصل إلى 60 في المائة، باعتبارها الباحثة عن السكن لدواعي الزواج والاستقرار.

وقال المهندس نضال جمجوم، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة «كنان» في السعودية: «إن زيادة النمو السكاني وهجرة المواطنين إلى المدن الكبيرة شكلت عوامل مساعدة على زيادة الطلب على الوحدات السكنية المختلفة (فلل أو شقق تمليك)، وكذلك ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، ورغبة كثير من الشباب في الاستقلالية في سكن منفصل عن الأسرة الكبيرة، وهو عكس ما كان سائدا في الماضي، وهناك أيضا عقبات تواجه شركات التطوير العقاري كضعف التمويل والبطء في اعتماد المخططات وغيرها».

وأوضح جمجوم أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى زيادة الطلب على المساكن في السعودية، مبينا أن حل هذه الأزمة يحتّم ضرورة تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لوضع حلول عملية وناجعة لحل مشكلة الإسكان، وكذلك تبسيط الإجراءات الحكومية وتطوير التنظيمات والتشريعات الإسكانية لتحقيق هدف مسكن لكل أسرة.

وشدد على ضرورة قيام شركات تطوير إسكاني عملاقة قادرة على تطوير كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكانية لتدارك المشكلة قبل تفاقمها، وأن يصاحب ذلك تأسيس الكثير من شركات التمويل العقاري بما يعزز السوق ويخلق المنافسة التي تعود بالفائدة على المواطن. واعتبر جمجوم أن إقرار قانون الرهن العقاري في السعودية، أخيرا، بمثابة خطوة مهمة في الطريق الصحيح نحو وضع منظومة تشريعية وتنفيذية من القوانين والأنظمة الكفيلة بتنظيم وتنشيط وضبط السوق العقارية في السعودية، مشيرا إلى أنه من شأن ذلك المساهمة في تطوير سوق الإسكان وتوسيع قاعدة امتلاك المنازل للمواطنين.

من جهته، طالب الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن، رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية في السعودية، الجهات المعنية بضرورة رسم استراتيجية واضحة تستوعب حجم الحاجة للإسكان والتحديات التي تخلقها والآلية المناسبة لمعالجتها، مشيرا إلى أن الأنظمة والتشريعات تحتاج إلى جراحة كاملة لإعادة صياغتها بما يستوعب المتغيرات المتلاحقة ويستصحب التحوطات لمواجهة تحديات المستقبل.

وحمّل باعشن المؤسسات التمويلية بما فيها البنوك وبيوت الخبرة العقارية، تجاهلها وضع تشريعات منحازة للمواطن وتنصلها من مسؤوليتها الاجتماعية نحو المواطن، وتركيزها على مسألة الربح والخسارة بالسرعة الممكنة.

ولفت إلى أن مشكلة الإسكان في السعودية ستتحول إلى أزمة إذا لم يتم تداركها قبل حلول عام 2018، على اعتبار أن فئة الشباب في نمو، متوقعا أن تصل إلى أكثر من 70 في المائة بعد خمسة أعوام من الآن، ما يعني مزيدا من الطلب على الإسكان مقابل انخفاض العرض.

وأما المستشار الاقتصادي محمد بن فهد الحمادي، عضو مجلس إدارة غرفة الرياض التجارية، فيعتقد أن الحل لا يأتي من جهة واحدة، مطالبا الغرفة بأن تقدم مبادرة لجمع كل الجهات المعنية بهذا الأمر ابتداء من المسؤولين في وزارة الشؤون البلدية والقروية والمؤسسات المالية والبنوك وبيوت الخبرة في العقارات والمقاولات ومجلس الغرفة السعودية ومجلس الشورى؛ لتبنّي مشروع قرار يحمل في طياته مشروع حلول ذكية تستصحب معها المعالجات والتشريعات وآلية التنفيذ.

وناشد القطاعَ الخاص ضرورة تعظيم قيمة المسؤولية الاجتماعية في المجتمع لتحمّل بعض من أعباء الإسكان وتوفيره لجميع أبناء الوطن.

وأكد الحمادي أن مستقبل الإسكان يعتمد بشكل كبير على تعزيز العمل الاستراتيجي والمسؤولية الاجتماعية عند العمل على تنمية القطاع العقاري، وتعزيز دوره؛ لإرساء نهضة معمارية وعقارية كبرى ومتطورة في السعودية.

وطالب بضرورة أن تشتمل الاستراتيجية المطلوبة لحل أزمة الإسكان المتوقعة، على تطوير مجمعات سكنية كبرى لإحداث نقلة نوعية وقفزة كبرى في مجال التطوير العقاري، مع ضرورة استصدار ما يلزم الجهات المعنية بتصميم وتشطيب الوحدات السكنية بأسلوب يلبي احتياجات الأسرة السعودية.