الديموغرافيا السعودية.. انخفاض في المواليد وزيادة معدل الأعمار

خبير دراسات إنسانية: التحصيل العلمي الجيد يدفع العوائل إلى «الأسرة النووية»

انفوغراف يوضح المعدلات التي طالت الديموغرافيا السعودية (تصميم: إبراهيم القرشي)
TT

يعد المجتمع السعودي من أسرع المجتمعات نموا في العالم، وذلك بنسبة نمو بلغت خلال 20 عاما نحو 86%، ليرتفع عدد السكان عام 1990 إلى نحو 28.4 لعام 2011. وذلك وفق التقرير السنوي لمؤسسة النقد الذي أصدرته الأسبوع الماضي، في حين يتوقع أن تكون نسبة النمو ما بين 2010 و2015 نحو 2.1، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تكون نسبة النمو العالمي 1.1، ويتم عزو هذا النمو في الديموغرافيا السكانية في السعودية إلى التحسن المستمر للظروف الاقتصادية والصحية والاجتماعية، إضافة إلى التطورات المستمرة في الهيكل الاقتصادي والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية.

وهنا يشير لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد الله العنزي وكيل كلية العلوم والدراسات الإنسانية للشؤون التعليمية في جامعة شقراء إلى أن استمرار الحكومة السعودية بالتركيز علي المشاريع التنموية، والذي يتضح من خلال الميزانية التي رصدت لهذا العام التي تبلغ 690 مليار دولار (820 مليار ريال)، لافتا إلى أن الملاحظ في الميزانية أنها وزعت بشكل مكثف على قطاعات التعليم والجامعات، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي ودعم جاذبية البيئة الاستثمارية بشكل عام لدفع عجلة النمو الاقتصادي وبالتالي إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين.

ويضيف العنزي أن من الملاحظ في تقرير مؤسسة النقد في التغيرات الديموغرافية في المجتمع السعودي انحفاض معدل الخصوبة الإجمالي من 5.5 مولود لكل امرأة عام 1990 إلى نحو 2.6 مولود لكل امرأة عام 2011 في الوقت الذي كان فيه المتوسط العالمي يصل إلى 2.4 مولود لكل امرأة. وعزا العنزي ذلك إلى الوعي الذي يعيشه المجتمع مقرونا بالظروف الاقتصادية الراهنة التي لم تمكن الشباب من تهيئة الظروف المناسبة للزواج، إضافة إلى أن القاعدة تقول إنه في الرخاء الاقتصادي تتجه الأمور نحو الكماليات والرعاية الشخصية والانصراف عن الولادات الكثيرة وذلك من أجل التربية الأفضل لعدد معين ومحدود لأفراد الأسرة.

وذكر الدكتور العنزي أن زيادة نسبة التحصيل العلمي الملاحظ خصوصا لحملة الشهادات العليا (مثلا الدكتوراه) يتجهون نحو بناء الأسرة النووية (ولدين وبنت)، مفضلينها عن الأسرة الممتدة وذلك بغية التركيز على توفير حياة أفضل لهؤلاء الأبناء، مترافقة مع الظروف البيئية المناسبة مثل الرعاية الصحية المتقدمة والتعليمية والأمنية، مشيرا إلى أن الميزانية لهذا العام عملت على زيادة مخصصات قطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية إلى أكثر من 86.5 مليار ريال بزيادة نسبتها 26%، والتي تضمنت مشاريع صحية جديدة لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، ومشاريع لإنشاء 17 مستشفى جديدا ومركزا طبيا.

إلى ذلك، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور علي الحربي المتخصص في العلوم الاجتماعية: «إن المؤشرات تدل وبشكل واضح من خلال تقرير مؤسسة النقد على تغيرات في الديموغرافيا السعودية وذلك بانخفاض معدلات وفيات الأطفال دون الخامسة، طفل لكل ألف في حين أن المتوسط العالمي 58 طفلا لكل ألف، ليزيد متوسط العمر المتوقع للفرد في السعودية عند الولادة من 53.9 سنة عام 1975 إلى 73.9 سنة خلال العام الماضي في حين المتوسط العالمي 69.8 وهو مؤشر قوي على ما تعيشه السعودية من تنمية قوية في كافة المجالات، وخاصة في القطاعات الصحية والتعليمية، والتي تعد نقلة كبيرة على المستوى التنموي في السعودية».

وأكد الدكتور الحربي أن الزيادة السكانية التي عاشتها السعودية في السنوات الماضية رافقتها زيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية باستمرار وتوفير المستلزمات الطبية اللازمة والأدوية، وزيادة عدد المدارس لاستقبال الأعداد المتزايدة من السكان وتوفير مستلزمات التعليم بمراحله المختلفة من مدرسين ومعلمين وأبنية مدرسية وتجهيزات المدارس والكتب والقرطاسية، وتوسيع البنية التحتية من الطرق والجسور وزيادة وسائط النقل المختلفة للمساعدة في تنقل الزيادة في عدد السكان، وزيادة في الخدمات الأخرى لمواجهة الطلب المتزايد من قبل الأعداد الجديدة من السكان مثل المياه والصرف الصحي والاتصالات الهاتفية والكهرباء، وهذا يدل على وعي الحكومة السعودية على تنفيذ تلك الخطط لتواجه التغيرات في الديموغرافيا السكانية.