«التربية» تشرك مؤسسات المجتمع المدني في «نهجها» التعليمي

سعيا خلف تحقيق تكامل في المخرجات عبر مساهمة علمية وعملية

تلميذتان أثناء خروجهما من المدرسة في مدينة جدة أمس (تصوير: غازي مهدي)
TT

تسعى وزارة التربية والتعليم إلى إشراك مؤسسات المجتمع المحلي في نهجها لتعزيز العملية التعليمية، وأجمع خبراء في ملتقى عقد حديثا بجدة، على ضرورة إيجاد آليات لنشر الوعي التربوي، وتلقي المشورة العلمية والعملية من المؤسسات؛ لتحويل النظر إلى التعليم من الأهداف المحدودة إلى فضاء واسع، تلبية وتحقيقا لنتائج عظمى لمجتمع معرفي.

وقالت الدكتورة هيا السمهري، مديرة الإشراف التربوي بوزارة التربية والتعليم في جدة: «إن أهمية إشراك مؤسسات المجتمع المحلي تظهر من خلال تعزيز برامج الشراكة الواضحة بين الجانبين، مع المؤسسات الإعلامية والصحية والغرف التجارية وبقية المؤسسات في العملية التعليمية».

وبينت السمهري أن «المؤسسات ستسهم بشكل قوي في تهيئة الطالب والطالبة للحياة العملية، والدخول في آفاق المجتمع المحلي؛ ليكتسب خبرات أكبر من خلال نوافذ المعرفة والتعليم الميداني». وأكدت مديرة الإشراف التربوي أن وزارة التربية والتعليم تمنح مديري ومديرات المدارس صلاحيات كافية لإنشاء علاقات تعاون مشترك مع المؤسسات في المجتمع المحلي بشكل مباشر. وأوضحت أن ذلك من أجل حمل المدرسة إلى المجتمع، وتحقيق الشراكة الفاعلة بين التعليم ومؤسسات المجتمع المحلي، لاستثمارها في دعم العملية التعليمية، وتحقيق مخرجات متميزة واعدة.

ومن وجهة نظرها، فإن الدكتورة السمهري ترى أن «الشراكة المجتمعية بين مؤسسات التعليم والمجتمع المدني تسهل عملية تحول التعليم نحو الاقتصاد المعرفي، كما تسهم في مد جسور الاتصال الفاعل الداعم بين الهيئات ورجال الأعمال والمثقفين لدعم العملية التعليمية، ورسم مزيد من السياسات المؤطرة للشراكة المجتمعية وفي مقدمتها العمل التطوعي»، منادية إلى تبني فلسفة حديثة للشراكة المجتمعية لتدعم عملية تحول التعليم. وتحدثت السمهري عن مخرجات ملتقى «معا لتعليم واعد» الذي أقامته وزارة التربية والتعليم مؤخرا بالشراكة مع المجتمع المحلي لتعزيز عملية الشراكة بين الجانبين. وخرج الملتقى بتوصيات عدة، جميعها يصب في تحقيق أهداف التعليم المستقبلية؛ حيث شددت تلك التوصيات على ضرورة أن تقوم كل من مؤسسات المجتمع، سواء الإعلامية أو الصحية والغرف التجارية، إلى جانب الأسرة، سواء أولياء الأمور أو الطلبة، بدورها في تحقيق الأهداف المنادى بها، وعلى رأسها تهيئة الطلبة والطالبات لدخول سوق العمل. ودعا المشاركون في الملتقى إلى إيجاد آليات لنشر الوعي التربوي بأساليب مرئية ومسموعة، لتحويل النظر إلى التعليم من الأهداف المحدودة إلى فضاء واسع؛ تلبية وتحقيقا لنتائج عظمى لمجتمع معرفي. ونبهت الدكتورة السمهري إلى أهمية العناية بذوي الاحتياجات الخاصة؛ كونهم جزءا في المجتمع المحلي؛ حيث سيتم طرح نموذج وطني إسلامي عالمي يلتزم المسؤولية وحسن الخلق داخليا وخارجيا، شريطة الحفاظ على الهوية ومنظومة القيم الإسلامية.

وفي توصية مهمة خرج بها الملتقى، نبه إلى أهمية استثمار الإعلام في دعم التربية والتعليم، وكذلك إنتاج برامج مرئية تكون ذات طابع تربوي، ويتم إدراجها ضمن الخطط الدراسية، ويقول القائمون على الملتقى إن تقنين مواقع التواصل الاجتماعي مهمة جدا في ظل حالة إفراط زائد في استخدامها، وانعكاس ذلك على العلاقات الأسرية. ويرى عدنان صعيدي، المشرف على إذاعة «نداء الإسلام»، أن وسائل الإعلام لا يقتصر دورها على نقل الخبر؛ بل تسهم بشكل أساسي في عملية التعليم، وتشارك في عملية التوجيه ودعم سياسات التعليم وبرامجه. وأوصت نتائج الملتقى بضرورة تشكيل لجنة علمية لاستثمار نتائج التحصيل العلمي، وبناء معايير لشراكة مجتمعية فاعلة تعتمد على قبول الرأي الآخر ووضوح وصدق البيانات، وستقوم بالعمل على اختيار ممثلين لها من الطرفين يكون لهم دور إيجابي، وتقبل التجريب على شرائح من المدارس في جو من المرونة. إضافة إلى تبني ودعم ومساندة المشاريع الصغيرة التي تجعل الجيل شغوفا بالمشاريع والإنجازات، وتدعوهم إلى الابتكار لنشر ثقافة الحوار الإيجابي بين مؤسسات التعليم العام ومؤسسات المجتمع المحلي؛ لإبراز المنجزات الوطنية في الجانبين.

من جهته، أشار الدكتور علي الحكمي، المشرف العام على مشروع «تطوير»، إلى أن «الوزارة أدركت أهمية الشراكة المجتمعية في العملية التربوية والتعليمية، وعملت على مد جسور التواصل والتعاون مع عدد كبير من الجهات؛ للاستفادة مما يمكنها تقديمه من خبرات واستشارات ودعم فني يسهم في تقدم وتطوير التعليم»، لافتا إلى أن الوزارة ستقوم بعمل سياسيات وأطر متقدمة لتطوير تلك الشراكة، وضمان الاستفادة منها بالشكل الأمثل. وطالب الدكتور سعيد الأفندي، عميد كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز، خلال الملتقى بضرورة إقامة نماذج من الشراكات المجتمعية الفريدة، التي تسهم في خدمة وتطوير التعليم ومخرجاته، أسوة بالنماذج العالمية الناجحة التي تم تطبيقها في عدد من الدول، التي قامت الجامعة بإبرام عدد منها والبدء في تنفيذها. وأشار الدكتور عبد الرحمن اليوبي وكيل جامعة الملك عبد العزيز، إلى ضرورة تفعيل الشراكة والتواصل بين المؤسسات الأكاديمية المختصة في شؤون التربية وإدارات التعليم؛ بهدف تدعيم العملية التربوية، لافتا إلى الكثير من المبادرات التي اتخذتها الجامعة في ذلك، والتي كان من أبرزها إنشاء وحدة متخصصة للدراسات والبحوث، وتقييم التعليم العام، كما تبنت الجامعة الطلاب الموهوبين، وسهلت قبولهم في التخصصات التي يرغبون فيها دون شروط. وأعلن اليوبي مبادرة الجامعة لاستضافة فعاليات ملتقى الإشراف التربوي الثاني الذي سيقام العام المقبل، وتكوين اللجان المتخصصة لإقامته بالتنسيق مع إدارة تعليم جدة، كما أكد فتح مركز البحوث والدراسات بالجامعة أمام منسوبي التعليم والباحثين منهم؛ للاستفادة من إمكاناته وخبراته دون أي شروط إدارية.