السعودية تشهد ولادة أول أكاديمية للحوار تستهدف أئمة المساجد والمعلمين

فيصل بن معمر: الحوار رحلة طويلة تشبه النقش على الحجر

TT

دعا فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، مؤسسات المجتمع السعودي، للمشاركة بجهودها مع المركز لنشر ثقافة الوسطية والاعتدال، ومن ضمنهم أرباب الأسر والمعلمين وأئمة المساجد، مؤكدا أنه لا يمكن لمجتمع لديه أطهر الأماكن المقدسة أن تكون التصنيفات أو التكفير أو التفسيق ظاهرة لديه.

وقال ابن معمر أثناء تدشين أكاديمية الحوار للتدريب واستطلاعات الرأي العام بالرياض، أمس: «إن مهمة نشر ثقافة الحوار وإقناع المتشددين بالوسطية والاعتدال مهمة صعبة ورحلة طويلة تشبه النقش على الحجر، وتحتاج إلى كثير من الصبر والتكاتف بين مختلف المؤسسات، والمركز يسعى إلى استثمار الأغلبية الصامتة المعتدلة في المجتمع، من أجل مكافحة التطرف».

وأضاف: «إن المركز يحاول بكل جهوده تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في أن يدخل الحوار كل بيت من بيوت أفراد المجتمع».

وأوضح ابن معمر أن الحوار سيبقى هدفا وطنيا كبيرا، نظرا لما تشكله السعودية من أهمية دينية واقتصادية، بصفتها قبلة المسلمين، ومحط أنظار المستثمرين في العالم.

وأشار أمين مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني إلى أن لديهم أهدافا قصيرة المدى وأهدافا طويلة المدى، وأن المركز بتوجيه من لجنته الرئاسية خصص هذا العام للحوار من أجل مراجعة أداء المركز وتقييمه.

وحسب ابن معمر، فإن منظمة اليونيسكو أبدت رغبتها في الاستفادة من تجربة مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني لمصلحة مجتمعات أخرى، وهي شهادة دولية تعبر عن اطلاعهم على برامج المركز ونجاحاته، وهو الأمر الذي أدى إلى تأهيل مدربين معتمدين بالمركز يمثلون قرابة 30 جنسية من مختلف القارات، بالتعاون مع اليونيسكو واتحاد الكشافة العالمي.

وأوضح ابن معمر أن جلسات الحوار الوطني لم تحجب عن الظهور وبثها مباشرة أصبح سمة خاصة، مؤكدا أن المركز ليس مخولا باتخاذ القرار بصفته جهة استشارية تقدم الرأي لصناع القرار، وأن قضية تصويت المجتمع على المواضيع ربما من الآليات التي سيتم بحثها من قبل اللجنة الرئاسية لمركز الحوار.

ولفت الأمين العام لمركز الحوار الوطني إلى أنهم يعملون بتناغم تام مع مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، ولديهم تعاون معه من خلال خبرته القوية في مجال المناصحة الفكرية، إلا أنهم يعملون في نشر الحوار في إطار أوسع مع كل مكونات المجتمع.

وشدد على أن الحوار الدائر في قنوات التواصل الاجتماعي هو أسرع مما يمكن تصوره، لذا يحاول المركز مواكبة ذلك التطور، وترشيد تلك الأمور، بحيث تكون واقعية، وتجسّد الاعتدال في المجتمع السعودي بدلا من التراشق الذي يسيء إلى الدين الإسلامي والوطن.

من جهته، أكد الدكتور فهد السلطان نائب الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني أن مشروع تأسيس الأكاديمية يتفق مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها المركز، ومن أهمها نشر ثقافة الحوار، مشيرا إلى أن المركز قد استطاع تدريب نحو مليون مواطن ومواطنة، وتأهيل أكثر من2800 مدرب ومدربة، في نحو 48 مدينة ومحافظة في المملكة، وذلك خلال السنوات الـ9 الماضية.

وأبان السلطان أن الأكاديمية ستكون بيت الخبرة الأول في نشر ثقافة الحوار وطنيا وإقليميا، من خلال التدريب واستطلاعات الرأي العام، وستكون رسالتها هي تنمية معارف وقدرات ومهارات أفراد المجتمع على الحوار، وإجراء استطلاعات الرأي العام، لتعزيز التواصل بين المجتمع ومؤسساته، بما يسهم في صناعة القرار.

وقال السلطان إن العمل كان متواصلا، ومنذ فترات طويلة لإنجاز الأكاديمية، التي وصفها بالصرح الحضاري الذي سيسهم في تدعيم مسيرة مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الخاصة بنشر ثقافة الحوار ومهاراته وقيمه الداعية إلى التسامح والوسطية والاعتدال، وتقبل الآخر، وتعزيز ثقافة الحوار كأسلوب حضاري.

وكان أعضاء اللجنة الرئاسية والأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني قد دشنوا، أمس، الموقع الإلكتروني الخاص بالأكاديمية، الذي سيمكّن المتدربين من الاطلاع على برامج الأكاديمية، والتسجيل فيها إلكترونيا.

وينطلق أول البرامج التدريبية التي تقدمها أكاديمية الحوار الوطني اليوم، من خلال دورة تنمية مهارات الاتصال في الحوار، وخصصت الأكاديمية في أجندتها برامج خاصة لكلا الجنسين، بالإضافة إلى حوارات متخصصة يستفيد منها طلاب وطالبات الجامعات، في الوقت الذي سيصل فيه عدد البرامج التي سيقدمها مدربون ومدربات إلى 24 برنامجا خلال 3 أشهر.

ونفذ مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني خلال عقد واحد 9 دراسات تهتم بثقافة الحوار في المجتمع السعودي، وقضايا الشباب، وقضايا التعليم العام، من وجهة نظر المعلمين والطلاب وأولياء أمورهم، وثقافة وقياس الرأي العام حول ثقافة وأخلاقيات العمل والخدمات الصحية في السعودية، وواقع الحوار الأسري داخل المجتمع، بالإضافة إلى واقع الإعلام وسبل تطويره وفق ما يراه الشارع، كما أنجز دراسة حول تحديد ساعات العمل في القطاع الخاص، التي من المتوقع أن تصدر بناء على نتائجها الموافقة بمنح إجازة 5 أيام في الأسبوع لموظفي الشركات.

ويقوم المركز باستطلاعات دورية خلال فترات زمنية منتظمة ومحددة تتزامن في الغالب مع اللقاءات الفكرية الوطنية، لكنه في الآونة الأخيرة نفذ عددا من الاستطلاعات التي يتم إعدادها عندما يطرأ حدث معين تستدعي الحاجة إلى معرفة رأي المواطن حوله في أسرع وقت، حيث يقوم بإجراء الدراسات عبر وسائط أسرع من الاستبيانات التقليدية من خلال الاستطلاع عبر الهاتف والإنترنت، وهو الأمر الذي أدى للخلوص إلى النتائج خلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة.