خلافات أولياء الطلبة مع المعلمين على طاولة النقاش في «غرفة جدة»

اللجنة النفسية تنظم لقاء «تقريب وجهات النظر» الشهر المقبل

TT

أخذت الغرفة التجارية والصناعية في جدة على عاتقها البحث عن حلول لإنهاء مشكلة قديمة حديثة تتمثل في الخلافات التي تنتشر بين أولياء الأمور والمعلمين، على خلفية تعرض بعض الطلبة لإيذاء نفسي ومعنوي أثناء دوامهم المدرسي.

وتنظم اللجنة النفسية التابعة للغرفة ندوة خاصة عن العنف المدرسي الشهر المقبل، بهدف التوعية عن هذه القضية التي شهدت تداعيات عدة في الإعلام خلال الفترة الماضية، وبناء على تكرار شكوى بعض أولياء الأمور من الإيذاء النفسي والمعنوي الذي يتعرض له الطلاب.

وقال الدكتور مسفر المليص رئيس اللجنة إنه تم إقرار الندوة خلال اجتماع موسع ناقش استعدادات اللجنة للمشاركة في المؤتمر النفسي العالمي الذي يعقد بالتعاون مع المستشفى السعودي الألماني. ويرى بعض الاستشاريين في هذا المجال أن هذه الاتهامات بين الطرفين نتجت عن عدم الوعي بالحقوق والواجبات.

وترى الدكتورة غادة المنصوري الاستشارية التعليمية والتربوية أن حالة الاتهامات المتبادلة بين المعلمين وأولياء الأمور حول السبب المؤدي إلى التأخر الدراسي لها تاريخ طويل، وذكرت أن أولياء الأمور يتهمون المعلمين بضعف كفاءاتهم وحرصهم ولجوئهم إلى العقاب البدني أو المعنوي، وصعوبة المناهج وجفائها وتوجيه اللوم للطالب المقصر أمام زملائه، وإطلاق الألقاب السيئة عليه، بالإضافة إلى قلة الأنشطة الطلابية في المدرسة، سواء كانت رياضية أم عقلية.

وأفادت المنصوري بأن ضعف كفاءات المعلمات ولجوئهن إلى العقاب البدني أو المعنوي، وصعوبة المناهج وجفاءها وتوجيه اللوم إلى الطالبة المقصرة أمام زميلاتها، وإطلاق الألقاب السيئة عليهن، بالإضافة إلى قلة الأنشطة الطلابية في المدرسة، سواء كانت رياضية أو عقلية، من أبرز الشكاوى التي تتحدث عنها الطالبات، وتلقي باللوم على المعلمات.

وتركز الاستشارية التعليمية والتربوية على أن المعلمات يرفضن هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، ويوجهن اللوم إلى سلوكيات الطلاب، التي تتمثل في الميل إلى الانحراف والعناد والعدوان وممارسة عادة التدخين والتسلط، فضلا عن مصاحبة رفاق السوء والكذب والسرقة.

ومن أبرز أسباب الظاهرة التي تؤكد وجودها المنصوري تدني مستوى الدافعية للتعلم لدى الطلاب وتدني مستوى الدافعية للعمل لدى المعلم، والعوامل المدرسية والأسرية التي تسبب تفاقم المشكلة دون وجود اهتمام بها لتداركها.

وعلى الصعيد ذاته، ترى رابحة عطار، مالكة مدارس «جزيرة العلوم»، أن التأخر الدراسي في المرحلتين المتوسطة والثانوية، مشكلة يشترك فيها أولياء الأمور والمعلمات، نافية توجيه الاتهام إلى أحدهم دون الآخر.

وعلى الرغم من رفضها توجيه اللوم إلى أحد الطرفين، فإنها ترى أن عدم تأهيل الوزارة للمعلمات المستجدات على الأساليب الحديثة، وإلحاق هذه الدورات بدورات أخرى من قبل المدرسة التي ستقوم بتعيينها، سبب رئيسي في جهل المعلمات بكيفية التعامل باحترافية مع المناهج والطالبات.

وهنا تلتقط أطراف الحديث هدى مؤمنة المديرة المنتدبة لمدارس «الصالحية» لترفض توجيه الاتهام إلى القطاع التعليمي برمته، وترى أن وزارة التربية والتعليم وفرت الدورات التدريبية للمعلمين والمعلمات، لتأهيلهم وتدريبهم، بالإضافة إلى أن المعلمات يتعاملن بكل ود واحترام مع الطالبات، إلا أن المتابعة وعدم اهتمام الأسرة بالطالبات والتزامهن تسبب في التأخر الدراسي.

واستبعدت مؤمنة وجود أي حجة للإخفاق التعليمي، فهي ترى أن التقنية الحديثة وفرت كل السبل لتقوية طالبي العلم الجادين، من خلال المناهج التعليمية ومناهج التقوية المتوافرة على المواقع الإلكترونية، مشيرة إلى أن من أراد التثقيف والتطوير تتوافر له كل السبل الممكنة.

واستكمالا لمعركة تبادل الاتهامات بين أولياء الأمور والمعلمين، فقد طرح هذا الموضوع في اجتماع لمجلس الأمهات والمعلمين بإحدى المدارس الثانوية في مدينة جدة، وبدأت مديرة المدرسة في كلمة لها بهجوم حاد على الأمهات، وفي حديثها عن مدرستها التي تضم أكثر من 600 طالبة، اتهمت المديرة الأسر بإهمال الطالبات، ما تسبب في تأخرهن دراسيا.

وبينما كانت تستخدم ألفاظا حادة أثناء مخاطبة الأمهات، شعر بعضهن بالامعتاض، ما أدى إلى وقوف امرأة متوسطة السن، حاملة في يدها طفلا لا يزيد عمره على عامين، انهالت على مديرة المدرسة بكلمات فيها كثير من اللوم والعتب. كانت هذه المرأة هي والدة الطالبة سمر الصالح، وتعد شاهدة على كثير من الفصول الدرامية التي تواجهها الطالبات في المدارس، نظرا لكونها أما لثلاث بنات، اثنتان منهن أنهتا تعليمهما، بينما الصغرى تدرس - حاليا - في الصف الثاني الثانوي.

وتساءلت أم سمر خلال حديثها الموجه إلى المديرة بالقول: «لماذا نحن فقط المسؤولون عن تقصير بناتنا؟ نحن لم ندخلهن المدارس إلا لإكمال مسيرة التربية من خلالكم، خصوصا أن الوزارة التي تنتمون إليها تسمى (وزارة التربية والتعليم)، أي أن التربية قبل التعليم».

وانتهى اجتماع الأمهات بمشهد يظهر صفين من المتحدثين لا يسمع أحدهما الآخر، تتهم فيه المعلمات والدات الطالبات بالتقصير وعدم الاهتمام، ويرد صف الأمهات الهجوم بأن بناتهن يتعرضن للإيذاء النفسي والمعنوي.