المتضامنون ضد القوانين.. فئة بلغت ذروتها في الصراع مع «ساهر»

تمرسوا الاحتيال على أنظمة الجهات الحكومية والخاصة

المخالفات المرصودة تحال بعد ضبطها لهيئة الفصل في الجزاءات التابعة لإدارة المرور (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

باتفاقات غير معلنة يتم تمريرها بكل الوسائل المتاحة على أكبر عدد ممكن من الأعضاء، وموافقات ضمنية عامة تترجم سريعا إلى خطوات تنفيذية، تنطلق حركة «التضامن ضد أنظمة» بعض الجهات الحكومية أو الخاصة في السعودية بشكل سريع في تحقيق أهداف «منظمة» غايتها «الفوضى» والاحتيال على القوانين.

منذ محاولات التحايل على طابور «المقصف المدرسي»، مرورا بالاحتيال على شركات التأمين الطبي، وليس انتهاء بمحاولات إجهاض الشركة المرورية «ساهر»؛ تشربت هذه الفئة التمرد على الطوابير والقوانين، رغبة في التعامل مع الحياة بفوضوية وجموح حينا، وتعبيرا عن الرفض أو الاحتجاج حينا آخر.

وإذا كان مشرف الفسحة المدرسية عانى كثيرا من هؤلاء الفوضويين وهو يتصيدهم في طابور «المقصف»، فإن شركات التأمين عانت أضعافا وتكبدت خسائر كبيرة من ممارساتهم الاحتيالية، كما يؤكد أحد المسؤولين في شركة تأمين كبرى.

ويشير مسؤول التأمين إلى أن الشركات حاولت كثيرا التصدي للاحتيال الذي تتعرض له، من خلال تجاوز الأنظمة، وتقديم العلاج لأشخاص غير مسجلين لديها ببطاقات آخرين، إلا أنهم ظلوا دائما يعملون كحركة منظمة، ويبتكرون بشكل متواصل طرقا جديدة للاحتيال تتجاوز الأنظمة الجديدة التي تضعها الشركات.

وبينما تواصل شركات التأمين التصدي لهذه المحاولات، فطنت دوريات المرور في السعودية للمحتالين على نظام «ساهر» المروري الذي يعتبر التصدي لكاميراته تتويجا لأعمال هذه الفئة الفوضوية، وباتت الإدارة على علم كبير بالكثير من ممارساتهم الهادفة إلى تجاوز كاميرات النظام، والتخلص من فلاشاتها الراصدة، بأساليب كثيرة تتضمن لوحات مطموسة أو إشارات تحذيرية، وملصقات عاكسة يتم وضعها على أرقام السيارات؛ لإفشال عملية تصوير الكاميرات الضوئية.

إلا أن هذه الفئة الفوضوية لا تفوت فرصا لمواكبة التطور السريع في طرق الاحتيال على الأنظمة واستخدام مختلف وسائل التقنية الحديثة في تحقيقهم أغراضهم، كما يؤكد أحد الشبان السعوديين الذين طوروا برنامجا مخصصا معاكسا لـ«ضبط» كاميرات «ساهر» المنتشرة في الطرق قبل أن تضبط المخالفين، في رد سريع على أي إجراء تتخذه جهة حكومية أو خاصة للتصدي لهم.

ويقول مبتكر البرنامج (فضل عدم ذكر اسمه) إن هذه الممارسات والاتفاقات التي تنشئ تضامنا كبيرا بين السعوديين تعد دليلا واضحا على الرفض والاحتجاج على تطبيق قانون معين، مضيفا «أعتقد أن مثل هذه القوانين هدفها ليس المصلحة العامة، لكن فرض قيود أكثر على المواطن البسيط، واستنزاف ما يملك، وأكبر دليل على ذلك هو الطريقة اللئيمة التي توضع بها كاميرات (ساهر) لرصد السائقين».

ويشير الشاب عادل بن عبادي إلى أنه من أكثر الشبان المتحمسين لمخالفة أنظمة وقوانين بعينها مثل «ساهر»، وهو أيضا يشجع جميع من يعرف على مخالفته والاحتيال عليه بكل الطرق. ويقول «لا يمكن أن أفوت فرصة تحذير السائقين من كاميرات (ساهر) ولا أفعل، وأعتقد أنني لست الوحيد أو أنني ضمن فئة قليلة تفعل، بل إن غالبية السائقين في طرقات المملكة متفقون بشكل رائع على هذا الفعل».

ولا يقتصر التضامن ضد «ساهر» على البرامج الإلكترونية أو اللوحات المطموسة والتحذيرات الضوئية، بل يتجاوز ذلك إلى حملات منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج المحادثة في الهواتف النقالة، في ما يشبه نشرات دورية لمواقع الكاميرات وفضح الأساليب والاستراتيجيات الحديثة، التي تتبعها في الترصد للسائقين وضبطهم. وهنا يقول المقدم فوزي الأنصاري، وهو المتحدث باسم مرور مكة المكرمة «إن مخالفات هذا النوع تحال بعد ضبطها إلى هيئة في المرور اسمها (هيئة الفصل في الجزاءات)، وتصدر قرارات غالبا ما تكون بتغريم السائق وحجز المركبة لمدة تحددها هيئة فصل». ويضيف «هذا النوع من المخالفات متكرر، ويتم التعامل معها بإحالتها إلى الهيئة».

من ناحيته، يحكي ابن عبادي عن «إسهاماته المتواضعة» كما يصفها في برامج المحادثات التي تحملها الهواتف، مشيرا إلى أنه يحتفظ بمجموعة «غروب» متخصصة في هذا الرصد الدوري لمواقع كاميرات «ساهر» وتوضيح أساليبها، متوقعا أن تكبد هذه الحركة الاحتجاجية نظام «ساهر» خسائر فادحة، وتسهم لاحقا في نهايته.