أكد محامون سعوديون يعملون في شرق البلاد، أن أكثر من 60% من القضايا التي يتولون الترافع بشأنها في المحاكم هي قضايا متعلقة بالمقاولات والخلافات الناجمة عنها، وتشهد هذه القضايا تزايدا في السنوات الأخيرة. وطالب محامون بتحويل الشكاوى ضد المقاولين إلى المحكمة التجارية؛ لتسهيل إجراءات التقاضي والبت فيها.
في حين شدد قاض سابق في المحكمة الإدارية على ضرورة تدعيم القضاء بأصحاب الخبرة، مشيرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاستعانة بمثل هؤلاء «أمر يقره القانون، خصوصا في القضايا المعقدة مثل النزاع بين المقاولين والمستثمرين». وقال الدكتور كاسب البدران عضو لجنة المحامين في غرفة الشرقية سابقا: «إن المحامين في المملكة ليس لهم تخصص محدد، ولكنهم - عادة - يقبلون المرافعة في القضايا كافة التي يمكنهم كسبها».
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي قضايا المقاولات في المرتبة الأولى من حيث المرافعات»، مضيفا: «المشكلة تكمن في أن الكثيرين لا يقومون بتوثيق العقود مع المقاولين عند مكاتب المحاماة؛ حتى تسهل الأمور؛ بل إنهم يلجأون إلى المحامين بعد حصول المشكلات والخلافات بين الطرفين».
ويقول محامون: «إن استمرار توجيه هذه القضايا إلى المحاكم الإدارية نتج عنه تكدس في القضايا لسنوات؛ ما جعل الكثيرين يلجأون إلى الحلول الودية مع المقاولين بعد أن تمضي القضية فترة من الزمن يتجاوز بعضها الأربع سنوات ما بين جلسات قضائية، وتأجيلات، وتأخر في إصدار الحكم، وهذا الوقت ليس في مصلحة المتقاضي الذي دفع أموالا من أجل أن تنجز أعماله خلال فترة زمنية محددة».
وأوضح البدران أن «القانون يكفل للمتضرر من التأخير في إنجاز العمل غرامة مالية؛ ولكن كون العقود لا توثق في وقتها؛ ما يؤدي إلى تعقيد الأمور بعد حصول الخلافات، وبالتالي يكون اللجوء إلى الخيار الأخير وهو المحاكم الإدارية التي تتأخر كثيرا في الحكم على مثل هذه القضايا؛ لذا هناك من يفضل سحب القضية قبل الحسم بعد أن تمضي عليها فترة زمنية طويلة تعطل المصالح»، وطالب بضرورة الإسراع في وضع قوانين وتشريعات لمثل هذه القضايا، وتحويلها إلى محاكم أكثر سرعة وإنجازا، ولا تبقى على وضعها الحالي حتى لا تتسع الدائرة أكثر مما هي عليه حاليا.
من جانبه أوضح الدكتور سعيد فائز الدخيل عضو لجنة المحامين في غرفة الشرقية أن المحاكم التجارية تحتاج فعلا إلى تشريعات وقوانين جديدة؛ من أجل أن تنضم إليها قضايا الخلافات بين المستصنعين والمقاولين؛ كون المحاكم الإدارية اكتظت بمثل هذه القضايا؛ ما جعلها تتأخر أكثر من اللازم. وشدد على أن المشكلة تكمن في أن أكثر من محكمة ترفض قبول هذه القضايا؛ بحجة عدم الاختصاص حتى تحول إلى المحكمة الإدارية، ومنها تبدأ مراحل المعاناة، مطالبا الحكومة بسن قوانين عاجلة لتحويل هذه القضايا إلى المحاكم التجارية، بدلا من وضعها الحالي. وعن ثاني أكثر القضايا التي تصل مكاتب المحاماة وأكثرها تعقيدا بعد قضايا المقاولات قال الدخيل: «من أكثر القضايا التي تأخذ فترة طويلة وإجراءات يمكن وصفها بالمعقدة الشركات العائلية، خصوصا في حال وفاة مالك الشركة، وتحول ملكية الشركة إلى الورثة، فهناك الكثير من القضايا المعقدة في هذا الجانب؛ لذا يكون الحل الأنسب قبل حصول مثل هذه المشكلات بين الأبناء هو أن يقوم مالك الشركة بدمج كلمة وأبنائه على مسمى الشركة، وكذلك يقوم بتقريب عدد منهم، خصوصا المتعلمين والراشدين من أعمال الشركة حتى يتعرفوا على الأجواء العملية عن قرب، بدلا من الاعتماد بشكل كامل على موظفين من غير أبنائه».
وفي نفس الشأن، قال عضو لجنة المقاولين في غرفة الشرقية خليفة الضبيب: «إن الأمر لا يتعلق بموضوع نقل مثل هذه القضايا إلى المحاكم الإدارية أو التجارية؛ بل المهم هو تسريع البت في مثل هذه القضايا، من خلال الاستعانة بأصحاب الخبرة من خارج القضاء، خصوصا أن هناك قضايا بسيطة تتعقد بسبب مماطلة أحد الطرفين في الحضور للمحكمة؛ ما يستدعي تأجيل الجلسة اللاحقة 6 أشهر أخرى، وهذا تعطيل كبير يتسبب في ضرر لأحد الطرفين أو حتى كليهما».
وشدد على أهمية أن تطبق عقوبات سريعة ورادعة لمثل هذه القضايا، بغض النظر عن بقائها تحت القضاء الإداري أو التجاري في حال فعل بشكل أكبر.