عمالة غير نظامية تهدد بانسحاب 80 مليار ريال استثمارات من قطاع النقل البري

قالوا إن تجاهل الحلول سيفاقم الصعوبات الحالية التي يواجهها القطاع

عدد من شاحنات النقل البري في السعودية
TT

حذر مستثمرون في مجال النقل البري من التوغل المتزايد من قبل العمالة غير النظامية، سواء السائبة أو المستترة في سوق النقل البري، مستغلة الوضع السيئ الذي يمر به هذا القطاع في الوقت الراهن بالمملكة، نتيجة فرض نسب عالية لسعودة الوظائف، وكذلك فرض الرسوم السنوية الجديدة لرخص العمل، والتي ارتفعت من 100 ريال إلى 2500 ريال.

وقال عبد الرحمن العطيشان، رئيس لجنة النقل البري السابق في غرفة الشرقية وأحد كبار المستثمرين في هذا المجال، إن الصعوبات الجمة التي يمر بها هذا القطاع جعلت الكثير من العمالة الوافدة من بينها من يعمل بالمملكة بطريقة نظامية باستئجار عشرات الشاحنات من الشركات ومؤسسات النقل، وخصوصا المتوسطة والصغيرة منها وتشغيل هذه الشاحنات بعمالة وافدة هاربة من كفيلها أو تقيم في المملكة بشكل غير نظامي بأي شكل من الأشكال على أن يقوم هذا الوافد المستأجر بدفع الإيجار الشهري للشركة أو المؤسسة أو حتى الأفراد المستأجر منهم هذه الناقلات بأنواعها، سواء الشاحنات الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة وكذلك الصهريج وغيرها من وسائل النقل.

وأضاف: «في الوقت الذي تعاني فيه شركات النقل البري من مشكلات، وخصوصا في السنوات الأخيرة، يرتفع بشكل واضح عدد العمالة التي تهرب من كفلائها وبعد فترة يتم التأكد من كونها تعمل لدى أشخاص آخرين أو تقوم بعمل حر خارج الإطار الذي جاءت من أجله أو حتى خارج تخصصها، كونها قدمت للمملكة وهي مستعدة للعمل في أي مجال من مجالات العمل الموجودة، وبعضها يفضل البقاء في العمل في قطاع النقل البري، ولكن بحرية دون أي علاقة بالكفيل، وفي حال تم إلقاء القبض عليه يتم ترحيله وهذه عقوبة ليست رادعة بالشكل الأمثل، بل إن الكفيل هو من يتضرر أكثر من الوافد».

وأشار العطيشان إلى أن هذه العمالة غير النظامية تقدم خدماتها بشكل منخفض ومغر، كونها في النهاية ليس لديها التزامات كبيرة كحال أصحاب الشركات أو المؤسسات الذين يتوجب عليهم دفع رواتب شهرية وتأمين وإقامات ورخص عمل وسكن وغيرها من المصروفات الباهظة في حين أن العامل المستتر ينام غالبا في الشاحنة التي يعمل عليها أو مع أصحاب له، سواء من المستترين أو النظاميين.

وبين أن الجهات الحكومية ذات العلاقة يتوجب عليها دعم شركات النقل البري من خلال إجبار المقاولين على إنجاز مشاريعها العملاقة على التعاقد مع شركات وطنية ملتزمة بالأنظمة والقوانين وتعمل بشكل نظامي في المملكة، بدلا من ترك الحرية لها للتعاقد مع أي جهة كانت، حيث سيبحث المقاول حينها عن الأسعار الأدنى وسيجد ذلك غالبا في أوساط العمالة السائبة.

وشدد رئيس لجنة النقل البري السابق في غرفة الشرقية على ضرورة متابعة وضع سوق النقل البري من قبل الجهات المختصة قبل أن تتفاقم الأزمة، خصوصا مع بدء العمالة الوافدة السيطرة التدريجية على السوق، وهذا سيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني، خصوصا في ظل عدم وجود خطوط نقل بديلة عن الناقلات البرية التقليدية، حيث لا توجد سكك حديدية لنقل البضائع بين مدن المملكة وتنقل العمالة الوافدة، وخصوصا غير النظامية، بين مدن المملكة مما يشكل أزمة آنية ولها أخطار كبيرة في المستقبل.

وأوضح العطيشان أن هناك لقاءات دورية بين المستثمرين في قطاع النقل البري وهناك شريحة متزايدة باتت مقتنعة بترك هذا المجال والاتجاه لمجالات أخرى وفي حال حصل ذلك فعل فستعاني السوق السعودية من عجز حقيقي في هذا القطاع وسيساعد ذلك الوضع العمالة السائبة على فرض سيطرة أكبر على السوق.

ويبلغ حجم الاستثمار في النقل البري في المملكة أكثر من 80 مليار ريال بحسب مختصين في المجال.

من جانبه، قال سعيد البسامي، نائب رئيس لجنة النقل البري في الغرف السعودية، إن النقل البري يمر بصعوبات كبيرة ويتوجب حلها وعدم تجاهلها، كون هذا التجاهل يفاقم المشكلات ولا يسهم في حلها.

وشدد البسامي على ضرورة مراجعة نسب السعودة وفرض الرسوم وإيجاد مواقف انتظار على أطراف المدن الرئيسية، خصوصا لتتوقف عندها الشاحنات أثناء فترة حظر دخول المدن على أن تكون هذه المواقف تتوافر فيها دورات المياه والمطاعم وغيرها، مشيرا إلى ضرورة إجراء مراجعة شاملة من قبل الجهات المختصة لوضع حد لمشكلات هذا القطاع، خصوصا أن العمالة السائبة والمستترة باتت تتوغل بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة مستغلة الصعوبات التي يعاني منها المستثمرون.