«العدل» تضع 3 ضوابط للسماح بزواج القاصرات

المشروع يفرض على ولي الفتاة عدم تزويجها بعد عقد القران مباشرة

رغم أن الزواج من صغيرات لا يعد ظاهرة في السعودية فإن هناك جهودا كبيرة للقضاء على الحالات الفردية من هذا النوع.. وفي الصورة جانب من وسائل التوعية حيث تظهر دمية صغيرة تحمل عقد نكاح في أحد المعارض التوعوية (تصوير: خالد الخميس)
TT

حددت وزارة العدل السعودية توصياتها بشأن إقرار الآلية المناسبة لمعالجة زواج النساء، بقصر زيجات من هن دون السادسة عشرة على المحاكم المختصة، ومنع المأذونين كافة من تولي ذلك إلا بموافقة خطية من قبل المحكمة المختصة.

وتضمن المشروع الإذن بزواج من هي دون السادسة عشرة بعد استكمال ثلاثة ضوابط نص عليها المشروع؛ بداية بتقدم ولي البنت لقاضي المحكمة بطلب استثناء ابنته من السن المعتبر بالمشروع، وإحضار ولي الفتاة تقريرا طبيا من لجنة مختصة تتكون من اختصاصية نساء وولادة، واختصاصية نفسية، واختصاصية اجتماعية، لاستصدار تقرير يثبت اكتمال الصغيرة من الناحية الجسمية والعقلية، وأن زواجها لا يشكل خطرا عليها.

واشتملت ضوابط المشروع على أن يثبت لدى قاضي المحكمة موافقة البنت ووالدتها على هذا الزواج، لا سيما إذا كانت الأم مطلقة، كما تضمن المشروع التأكيد على ولي الفتاة بعدم إتمام زواجها بعد عقد قرانها مباشرة وإنما تعطى الفرصة الكافية لتهيئتها من الناحية النفسية وتدريبها لمتطلبات الحياة الأسرية، واشتملت كذلك على أن يتضمن المشروع وضع خطة إعلامية لتوعية المجتمع للرفع من مستوى الوعي لدى أولياء الأمور.

وأكد فهد البكران المتحدث الرسمي بوزارة العدل لـ«الشرق الأوسط» أن المشروع بكامل تفاصيله معروض لدى هيئة كبار العلماء للنظر فيه، بعد تشكيل الوزارة لجنة من عدة جهات حكومية ذات صلة بهذا الموضوع لوضع الرؤية الشرعية والنظامية لهذه الوقائع والتي انتهت من محضرها الشمولي المتضمن للرؤية الشرعية والاجتماعية والطبية ووضع توصياتها، ووصف وقائع زواج النساء الصغيرات التي تم الوقوف عليها بالمعدودة والمحدودة، مضيفا: «لا تتجاوز ست حالات»، ومستدركا بأنه وعلى الرغم من قلة الوقائع، فإن الوزارة ترى أنها من حيث صورتها وحالتها مقلقة ومزعجة، مما دعا الوزارة إلى تبني الرؤية السابقة التي ستكفل معالجة التجاوزات، وإنما بوصفه «زواج الصغيرات وليس القاصرات»، وزاد: «بعد وقوف الوزارة على بعض وقائع زواج الصغيرات، بدأت باستشعار الآثار السلبية المترتبة عليه؛ حيث بادرت من حينه بالرفع إلى الجهات العليا، موضحة موقف الوزارة تجاه تلك الزيجات، ومقترحة في الوقت نفسه تنظيمها ومعالجتها بما يتفق مع المقاصد الشرعية والسياسية المرعية».

وبشأن إيقاع العقوبات في حال المخالفة، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل إنه «لا بد أن يدرك أن الزواج بحد ذاته هي ممارسة فطرية أكد عليها الشرع وجعل الطريقة الموصلة لها هو الزواج الشرعي المعتبر مناطا فيه بالولاية إلى الأب، وهو أقرب الناس إلى معرفة مصلحة ابنته، وهو أكثر الناس حرصا على سلامتها وعفافها، وتبعا لذلك، لا يسوغ أن تتخذ إجراءات تتضمن المعاقبة والمحاسبة لمن يفترض به العناية بأبنائه دون غيره».

وأكد البكران على أنه في حال الموافقة على هذا المشروع، فإن أي مأذون يتجاوز حدود اختصاصه في هذا الجانب، فهو عرضة للمساءلة والمحاسبة وفق ما تقضي به الأنظمة، مضيفا أنه وحرصا من الوزارة على الوقوف على مثل هذه الوقائع أو غيرها، فقد أضافت وزارة العدل في وثيقة عقد النكاح خانة تفصح عن ميلاد الفتاة.

وبين البكران أن مأذون عقود الأنكحة لا يقوم بعقد النكاح لأي فتاة إلا برضاها وبالتحقق من خلال سؤالها وأخذ توقيعها بما يمنحه الثقة والطمأنينة في ذلك، إضافة إلى ما يدلي به شهود العقد، والذين هم في الحقيقة ممن يعرفون حال الزوجة والزوج، منوها بتعميم الوزارة على المأذونين كافة بعدم تزويج أي فتاة إلا بعد أخذ موافقتها.

هذا وكان طالب مفتي عام السعودية ورئيس هيئة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ الجامعات السعودية في وقت سابق بضرورة درس هذا الزواج من الناحيتين النفسية والاجتماعية، نظرا إلى كثرة المستفتين في هذا الموضوع. وعلى الرغم من أن وزارة العدل السعودية أكدت أن زواج القاصرات لا يعد ظاهرة كبيرة متفشية في المجتمع السعودي، شددت هيئة كبار العلماء على وجوب درسها.

كما طالبت هيئة حقوق الإنسان بالسعودية، في تقرير صدر عنها قبل نحو عام بتحديد سن ملائمة لزواج الفتاة، مؤكدة أن زواجها في سن صغيرة يحرمها طفولتها وفرصها في التعليم، وقد يعرضها لمشكلات صحية.

واعتبرت الهيئة أن زواج المرأة في سن صغيرة يعد انتهاكا لحقوقها، ودعت الهيئة لمزيد من الجهود لترسيخ حقوق المرأة، وحماية مكتسباتها، منبهة إلى ضرورة الاهتمام بالقضايا الخاصة بها، كالعضل والتحجير والنفقة والحضانة والطلاق، وأن عدم مراعاة الحاجة إلى سرعة البت في هذه القضايا يعتبر انتهاكا لحقوقها، وبينت هيئة حقوق الإنسان أنها تسعى مع جهات الاختصاص في السعودية إلى إيجاد حلول لتسريع النظر في تلك القضايا.

وزير العدل السعودي محمد العيسى قال في 2009 ضمن تصريحات صحافية إن السعودية تعتزم تقنين زواج القاصرات بعدما رفضت محكمة إبطال زواج فتاة في الثامنة من عمرها من رجل يكبرها بخمسين عاما. وأضاف العيسى حينها أن وزارة العدل تهدف «لطي ملف تعسف الآباء وأولياء الأمور في تزويج القاصرات».

وأشار الوزير إلى أن تنظيم تزويج القاصرات يأتي لحفظ الحقوق ودرء المفاسد بما يقضي على المظاهر السلبية في تزويج القاصرات.

ويحظى التنظيم الجديد بترحيب وتأييد كاملين من الأوساط القضائية والقانونية والأكاديمية باعتبار أنه سيدفع «الضرر عن الأطفال من البنات»، وفقا للمتخصصين.