لا تحضر الثقافة فقط في أجواء معارض الكتاب، فقد تمثل هذه المعارض ساحة للتجارة الموسمية في بعض الأحيان، وهو ما يفعله مجموعة من الشبان السعوديين في معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يفتتح أبوابه هذا الأسبوع، إذ أصبحوا كحمام الزاجل في عملهم على توصيل الكتب لمن يصعب وجودهم بمدينة الرياض خلال فعاليات المعرض، الأمر الذي فتح لهم باب رزق جديدا على هامش أحدث المعرض.
ويتحدث مساعد العبد الحفيظ، لـ«الشرق الأوسط»، من واقع تجربته في تأسيس خدمة «جب لي» الإلكترونية، قائلا «أطلقت الخدمة من قبل مجموعة من الشباب السعوديين في بداية عام 2012 لشراء الكتب من معرض الرياض الدولي للكتاب وإرسالها للمستفيدين حول العالم، والسبب الرئيسي لإطلاق هذه الخدمة كان لمحاولة نشر ثقافة الكتب في المجتمع، بالإضافة إلى توفير وسيلة إلكترونية سهلة الاستخدام وغير مكلفة لشراء الكتب من معرض الكتاب وأنت في المنزل».
أما الشاب فهد عبد الرحمن فقد اختار العمل بشكل فردي في هذه المهمة، قائلا «وجدت الكثير من الشباب والفتيات يرغبون في الحصول على كتب من المعرض ولا يستطيعون الذهاب لشرائها، لذا فكرت في توفيرها لهم مقابل الحصول على مبلغ بسيط مع كل كتاب، وأتواصل مع عملائي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أما الطلبات فأتسلمها عبر برنامج (واتس أب) على الجوال».
بينما قامت مجموعة أخرى من الشباب السعوديين بتأسيس خدمة إلكترونية تحت مسمى «آمرني»، تقوم بتوفير الكتب المراد شراؤها من المعرض ومن ثم إرسالها إلى العميل في أي مدينة سعودية، وذلك عبر إنشاء موقع إلكتروني للخدمة وتسلم الطلبات من خلاله، وقد اعتمد معظم الشباب ممتهني خدمة التوصيل على موقع «تويتر» بالدرجة الأولى، للتسويق لأنفسهم والوصول لأكبر شريحة من عملائهم.
في حين استطلعت «الشرق الأوسط» آراء عدد من المستفيدين من خدمة توصيل كتب معرض الكتاب إليهم، حيث أجمعوا على أن هذا التوجه ساعدهم في الحصول على الكتب التي يريدونها من المعرض دون عناء السفر إلى مدينة الرياض، خصوصا بالنسبة لمن يسكنون في المدن البعيدة، في حين يرى البعض الآخر أن متعة التجول في المعرض من الصعب تعويضها من خلال طلب الشراء الإلكتروني.
وعلى الرغم من أن تجارة توصيل الكتب انتعشت في آخر دورتين لمعرض الرياض الدولي للكتاب، فإن توجه إدارة المعرض هذا العام يمثل تحديا حقيقيا أمام هؤلاء الشبان، وذلك بعد تعاون المعرض مع مؤسسة البريد السعودي عبر إطلاق خدمة جديدة للتسهيل على الراغبين في شراء الكتب عبر الإنترنت وتوصيلها إلى عناوينهم، إذ أوضح عبد الله الكناني، وهو مساعد مدير المعرض للشؤون الفنية، أن إدارة المعرض توجهت إلى ذلك من باب تقديم الخدمات للمثقفين أينما كانوا، مؤكدا أن الذين لم تسمح ظروفهم بزيارة المعرض لاقتناء الكتب باستطاعتهم التسوق وشراء كتبهم إلكترونيا، وتسلمها عبر عناوينهم.
ويتضمن ذلك اتفاق إدارة المعرض مع متجر «إي مول» على منح إحدى دور النشر والتوزيع الوطنية التفويض بالدفع النقدي لقيمة المشتريات من الكتب وتجهيزها وتسليمها للبريد السعودي الذي يقوم بعملية الشحن والتوصيل إلى عنوان المشتري. وأفاد الكناني بأن إدارة المعرض تشجع على مثل هذا المشروع بهدف إتاحة الفرصة أمام الجميع لاقتناء الكتب ونشر ثقافة القراءة والاطلاع المعرفي، وذلك وفق بيان صحافي أصدره المعرض قبل أيام.
أمام ذلك، يعود مساعد العبد الحفيظ ليقول «المنافسة أمر طبيعي في عالم الأعمال، لكننا ننظر إلى خطوة دخول أي جهة منافسة لمجال شراء الكتب من المعرض كإضافة مهمة لتوسيع الخيارات للمستفيدين، ويشفع لنا وجودنا للعام الثاني على التوالي في معرض الكتاب وخبرتنا المكتسبة وتعاون دور النشر في أن نحقق النجاح المنشود هذا العام».
ويتابع العبد الحفيظ حديثه قائلا «الرائع في الأمر أن الطلبات كانت تأتي إلينا من مختلف مناطق ومحافظات المملكة ومن دول الخليج ودول العالم، حيث كان الطلبة المبتعثون من أهم عملائنا، والمتوقع في معرض الكتاب لهذه السنة أن يتضاعف حجم الطلبات بسبب توسع قاعدة العملاء وانتشار اسمنا في أوساط الشبكات الاجتماعية والإنترنت بصفة عامة»، مفيدا بأنه خلال العام الماضي تم استقبال نحو 10 آلاف طلب شراء كتاب، خلال الأيام العشرة للمعرض.
جدير بالذكر أن معرض الرياض الدولي للكتاب يعد أحد أكبر المهرجانات الثقافية في السعودية، حيث يحظى بأكثر من مليوني زائر سنويا من المهتمين بشراء الكتب والمشاركة في البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض، في حين تحرص وزارة الثقافة والإعلام على أن يظهر المعرض في كل عام بشكل مميز ويرضي جميع الأطراف المحبة للأدب والثقافة والعلم.