السعودية تستعين بفريق دولي للقضاء على عشوائيات مكة المكرمة

التكثيف الرأسي للمساكن وتخلف الزائرين أعاقا التحول البنائي في التطوير

تعد منطقة مكة المكرمة واحدة من أكثر مناطق المملكة انتشارا للعشوائيات.. وفي الصورة أحد أحياء العاصمة المقدسة حيث تبذل جهود متواصلة لمعالجة هذه المشكلة (تصوير: أحمد حشاد)
TT

استعانت السعودية بخبراء دوليين ودراسات بحثية للمساهمة في القضاء على العشوائيات في العاصمة المقدسة، باستحداث مؤشرات قياس تطوير العشوائيات ودراسة الممارسات المحلية والعالمية في التعامل معها عن طريق البحث العلمي وتحليل الوضع الراهن الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والعمراني لتلك المناطق.

وقال الدكتور بكر عساس، مدير جامعة أم القرى، لـ«الشرق الأوسط»، إن مكة تقترب من دخول العالم الأول، وهناك فرق عمل بحثية تحت مظلة كرسي الأمير خالد الفيصل لتطوير العشوائيات، مؤكدا أن الاهتمام بالعشوائيات في مكة هو عمل يعتمد على المنهجية، والبناء السليم البعيد عن العشوائيات، وأن ذلك البناء السليم من شأنه النهوض بالإنسان والمكان.

وأبان مدير جامعة أم القرى أن كل التحضيرات قد تمت لمناقشة أبرز التوجهات العالمية التي كانت حبلى بالتجارب الناجعة في مكافحة العشوائيات، مشيرا إلى أن كرسي الأمير خالد الفيصل يعد من أهم الكراسي البحثية على مستوى العالم، بحكم أن مكة كمدينة في طور التحول الكلي من بلد تكثر فيه العشوائيات، إلى إطار جغرافي منظم يهتم بالتنمية والتطوير.

من جانبه، قال الشريف محسن السروري، صاحب مجموعة المقام الرفيع للتطوير، في حديثه مع «الشرق الأوسط»، إن المناطق العشوائية في مكة المكرمة تعتبر من الأحياء القديمة جدا، حيث لم تبن على معايير هندسية منذ أوائل الستينات، وما زالت تعاني أوضاعا بنائية ومعيشية متدنية، بما يعمق مشكلات تنميتها بالنسبة للمناطق السكنية الأخرى بالمدينة. وقد ساعد على استمرار هذا التدهور واتساع نطاقه تنامي أعداد المتخلفين لأنظمة الإقامة والعمل، والمتسللين بطرق غير نظامية إلى معظم المدن السعودية وعلى رأسها العاصمة المقدسة.

وتتصدر الجاليتان الأفريقية والبرماوية معظم الجنسيات الأكثر وجودا في أحياء كشارع المنصور والنكاسة والخانسة، وهم ما يعوق عملية التنمية، الأمر الذي حدا بالشريف نحو الخلوص بأن تطوير أوضاع الأفراد ذوي الدخول المنعدمة اجتماعيا واقتصاديا يتطلب وضع برامج متكاملة تؤدي إلى حل وتطوير مشاكل العشوائيات المرتبطة، بإيجاد المسكن المناسب لهم، وأن يراعى في هذه البرامج اختيار الوسائل التكنولوجية المناسبة للبناء والتي يمكن من خلالها مشاركة الأفراد في التنفيذ ماديا وفنيا، بجانب الوجود الفعال للإدارات الهندسية التي تخطط وتنفذ وتشرف، بما يدعم التحول البنائي إلى الأفضل.

وأشار الشريف إلى أن مشكلة العشوائيات من المشكلات المتداخلة الأطراف والمعاصرة التي نمت أوضاعها خلال فترات زمنية ليست قصيرة، فخلالها تشعبت جذورها بين اتجاهات وأوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية، مع الزيادة السكانية التي شهدتها السعودية منذ التسعينات، وما صاحب ذلك من تغيرات اجتماعية واقتصادية، أدت إلى استمرار معدلات الهجرة من الريف إلى المدن.

ووصف الشريف المساكن التي يقطنها العشوائيون بأن هذا النوع من المباني يبنى عادة من مواد بناء مستعملة أو من مواد بناء خفيفة مثل الصفيح أو الخشب المستعمل حسب طبيعة كل موقع، والكثافة السكانية بهذا النوع من المباني مرتفعة إذا ما قورنت بتلك الموجودة في المدينة، حيث يقطن بها 5 إلى 8 أفراد يمارسون جميع أنشطة الحياة الأسرية.

وأبان أن العشوائيين يمرون بمرحلة التكثيف الرأسي، وتأتي هذه المرحلة في حالة زيادة أعداد القادمين الجدد للمنطقة، ويتخذ القرار بعمل إضافات رأسية للاستفادة من الامتداد الرأسي، وذلك بتشييد مجموعة من الغرف لتأجيرها أو استعمالها لفرد من أفراد الأسرة.

وفي السياق ذاته، أوضح وكيل الجامعة للأعمال والإبداع المعرفي المشرف العام على الكراسي العلمية الدكتور نبيل كوشك، أن كرسي الأمير خالد الفيصل لتطوير المناطق العشوائية بمنطقة مكة المكرمة يهدف إلى الارتقاء بمنطقة مكة المكرمة لمصاف مدن العالم الأول من خلال توظيف أنشطة علمية وبحثية تسهم في تنمية شاملة ومستدامة تتماشى مع التوجه العالمي في تطوير المناطق العشوائية ومحاوره المتعلقة بدراسة نظريات ومنهجيات وآليات التعامل مع المناطق العشوائية، ودراسة الممارسات المحلية والعالمية في التعامل مع المناطق العشوائية عن طريق البحث العلمي.

وأضاف أن الكرسي يهدف كذلك إلى التحليل العلمي للوضع الراهن الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والعمراني للمناطق العشوائية بمكة المكرمة، علاوة على إجراء بحوث علمية بمشاركة محلية وعالمية لإيجاد معايير مبنية على أسس علمية لتقييم بدائل تنمية وتطوير المناطق العشوائية والقيام بالنشر العلمي في مجال تطوير المناطق العشوائية من خلال الكتب العلمية في مجال أساليب التعامل مع العشوائيات وإبراز الجهود المبذولة في تطويرها.

بدوره، أكد المشرف العام على الكرسي الدكتور أمجد بن عبد الرحمن مغربي، أن كرسي الأمير خالد الفيصل يعنى بالتأصيل العلمي والبحثي لأفضل الممارسات في تطوير المناطق العشوائية محليا وعالميا وطرق الإفادة منها، وبإيجاد معايير مبنية على أسس علمية لتقييم بدائل تنمية المناطق العشوائية وتطويرها، باستخدام مؤشرات أداء تطوير المناطق العشوائية والتنمية الاجتماعية كمدخل لمشاريع الارتقاء، واصفا إياه بأنه يمثل صورة مشرقة من صور إسهام الجامعة في خدمة المجتمع وحل مشكلاته.