«رحلة أبراهام».. رواية تقع في 3 آلاف صفحة تلفت أنظار مرتادي المعرض

كاتبها روسي اعتنق ديانات عدة قبل أن يسلم وتجبره أحداث سوريا على الانتقال للسعودية

سلسلة رواية رحلة أبراهام كما بدت في معرض الرياض الدولي للكتاب
TT

لفتت رواية في ثلاثة أجزاء وتتكون من ثلاثة آلاف صفحة لكاتب روسي من أصل فلسطيني، أنظار مرتادي معرض الرياض الدولي للكتاب؛ لضخامة حجمها وتنوع تناولها في المزج بين القضايا السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والثقافية.

وقال الكاتب الروسي من أصل فلسطيني الدكتور إيهاب العويص لـ«الشرق الأوسط»: «قدر رحيلي من روسيا للاستقرار في سوريا كان سببا رئيسيا للمجيء للسعودية ومن ثم الاشتراك في معرض الرياض للكتاب برواية (رحلة أبراهام) بعد أن اشتعلت حرب وانتفضت فيها ثورة المعارضة خلال الفترة الأخيرة».

وعن الرواية قال عويص: «نواة هذا العمل كانت تجربة واقعية خضت غمارها عندما تغربت في رحلة طويلة إلى الخارج بهدف الدراسة الجامعية، ابتداء من ألمانيا الغربية، مرورا بـ(هنغاريا)، ثم بكلية أميركية في دولة الإمارات، إلى أن حط بي الرحال أخيرا في روسيا، قبل أن أعود إلى سوريا حيث كنت أقيم حاليا قبل اندلاع الحرب فيها ثم قدمت للسعودية مؤخرا».

وأضاف: «جميع البيانات والمعلومات الواردة في ملحمة رحلة أبراهام برواياتها الثلاث (الهروب إلى العاصفة، بشارات هائمة، كهولة قبل البلوغ) صحيحة ودقيقة، سواء ما جاء فيها عن الأديان والمذاهب والمؤسسات، أو عن أسماء رموزها ومنظريها وآرائهم».

«وينحصر خيال الرحلة فقط في ترتيب مسارها، وفي أبطالها، وصياغة أنشطتهم وتفاعلهم مع محيطهم الافتراضي، بل حتى ذلك الخيال نفسه يستند في كثير من الأحيان إلى أحداث واقعية جرت معي شخصيا، أو إلى تجارب مروية عن بعض الشخصيات العامة، بعد أن أعدت صياغتها لتتناسب مع الإيقاع الروائي في هذا العمل».

ورغم جدية الطرح الفلسفي الجدلي في هذه الرحلة وربطها بين الفكر والتطبيق وبين النظرية والواقع، فإلن عويص حاول ألا تخلو أحداث الرواية من شيء من الإثارة والتشويق بسياق قصصي.

وأكد أنه اجتهد في إضفاء الحيادية والواقعية والإنصاف في صياغة آراء الأبطال الخياليين أنفسهم كلٌّ حسب المعتقد الذي يمثله، تبعا لبيئته وظروفه، وحسب خصوصيته الفردية المفترضة في هذه الرحلة، وحاول التجرد في نقلها وإظهارها حسب رؤيتهم لها، وقصدهم من ورائها، دون إهمال لأي من مبادئهم الرئيسية السامية، أو حججهم السائدة، ودون أي تحيز لفكرة معينة. وأوضح عويص أنه استلهم المادة العلمية للرواية من أمهات الكتب والموسوعات المتخصصة بالدراسة الأكاديمية للتاريخ والعقائد المختلفة، ومما استخلصه من أبحاث ومقالات وتحليلات متفرقة قام بها كبار المفكرين والباحثين الموثوقين من جميع أنحاء العالم، من جميع التوجهات الدينية والسياسية والفكرية. وقال: «هدفت من وراء هذا العمل إلى مساعدة القراء المسلمين على فهم أكثر واقعية وتجردا لطبيعة الآخر، وعلى الخصوص أهل الكتاب، دون حكم مسبق عليهم، وتصحيح بعض المفاهيم المفتقِدة إلى الدقة عنهم، من منطلق رؤيتها من الداخل، وبمنظورهم الخاص، ثم نقدها بالمنطق العلمي».

وحاول عويص أن يزيل بعض الغموض عن حقيقة العلاقة بين اليهود والمسيحيين، وكذلك مساعدة القراء الكتابيين على فهم الإسلام، انطلاقا من كتبهم المقدسة نفسها، إضافة إلى ما اكتشف من أسفارها الأخرى المخفية منذ زمن طويل، وكذلك انطلاقا من المقارنة بين مختلف طوائفهم وفرقهم الرئيسية، حتى بعض تفرعاتها المهمة؛ بعد تمييز كل منها على حدة، وربطها بأصولها العقدية العتيقة، ثم قياس مدى تأثير تلك الأصول في توجهاتها المعاصرة. كما توجه إلى القراء العلمانيين من منطلق اكتشافات العلم الحديثة، والنظريات المادية الصرفة: «لأصل معهم إلى تأكيد الحقيقة الأخروية بالمنطق الدنيوي الذي يتبنونه».

«وأخيرا فقد هدفت أيضا من وراء هذا العمل إلى التطرق بإيجاز إلى سبر مقدار معرفة كل هؤلاء بديننا، وكيفية رؤيتهم لنا، ومنطقهم في انتقادنا، بل وجهة نظرهم بمذاهبنا المختلفة».

«الهروب إلى العاصفة» عبارة عن قصة لحاخام روسي ضايقته المتناقضات التي اكتشفها أثناء تعمقه في دراسة الشريعة اليهودية، وصُدم برد فعل كبار الحاخامات على محاولته لتقصي الحقائق بشأنها، ما أورثه خيبة أمل وريبة في الدين حتى وصل به الشك إلى الوحي.

وأخذ الحاخام بالبحث عن الحقيقة خارج نطاقه بدءا من عبادة الشيطان حتى العلمانية والتداخل الإلحادي في الأديان، مرورا بالبوذية وغيرها، إلى أن تأكد من عقمهم جميعا ومن وجود الله فعلا، ليعود إلى اليهودية باحثا في بقية فرقها الأخرى عله يجد ضالته في إحداها.