معرض الرياض للكتاب: الحضور النسائي يطغى.. ودور النشر تتحدث عن نفاد الكميات

«الثقافة الاسكندينافية» تجتذب السعوديين وطلاب المدارس يتوافدون بالآلاف

تدفقت العشرات من حافلات المدارس أمس على أرض المعارض، وانهمك الطلاب داخل أروقة المعرض بحثا عن الكتب الملائمة (واس)
TT

تفوق الحضور النسائي على الرجالي داخل أروقة معرض الرياض الدولي للكتاب الذي انتهى يومه الخامس أمس، حيث قال لـ«الشرق الأوسط» عدد من دور النشر العربية وحتى الأجنبية إن حضور المرأة السعودية في المعرض وإقبالها على الشراء في مواضيع متعددة في السياسة والاقتصاد والثقافة والفن، جعل منها الرقم الأول في هذه الدورة.

وهنا تقول لـ«الشرق الأوسط» منى هنينغ، صاحبة دار «المنى» للنشر بالسويد «تفاجأت بحجم إقبال السعوديين على اقتناء الكتب التي تعرف بالثقافة الاسكندينافية هذا العام، على خلاف ما اعتدت عليها خلال السنوات الثلاث الماضية التي شاركت فيها دار (المنى) في معرض الرياض»، مشيرة إلى أن النساء الزائرات هن الأكثر في البحث عن تلك الكتب، مقدرة أعدادهن بنسبة 70 في المائة من عملاء الدار بالمعرض.

وأوضحت هنينغ أن دار «المنى» تقوم بترجمة لكل الكتب والمطبوعات التي تتناول المعارف والثقافات للدول الاسكندينافية، موضحة أنها أول دار تهتم بأدب الطفل والفتيان، بالإضافة إلى الكتب الموجهة للكبار، كاشفة عن أن السعوديين يقبلون على الثقافة الاسكندينافية عبر اقتناء الكتب التي تحكي قصة الفلسفة والحياة في تلك الدول عبر دار النشر السويدية الوحيدة المشاركة بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2013.

وأشارت هنينغ إلى أن العديد من الكتب التي أحضرتها الدار لعرضها بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2013 نفدت خلال الأيام الثلاثة الأولى، مما سبب لها حرجا مع العديد من عملائها الذين ارتبطت الدار معهم بعلاقة خلال المشاركات في السنوات الماضية، لافتة إلى أن عددا من زوار المعرض طلبوا تزويدهم بإصدارات الدار عبر البريد.

وبينت صاحبة دار «المنى» للنشر بالسويد أن الإصدارات التي قدمتها لزوار المعرض هذا العام تناولت ترجمة لعدد من الروايات والإصدارات الشعرية من الأدب السويدي والاسكندينافي، مشيرة إلى أن العديد من تلك الإصدارات تعود تواريخها لما يزيد على 100 عام، ولفتت إلى أن الدار قدمت بالمعرض هذا العام ما يزيد على 30 عنوانا.

ولم تقتصر اهتمامات المرأة السعودية وفق عارضي دور النشر على كتب الطبخ والفنون بل شهدت مشاركة المرأة السعودية كزائرة لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2013 تحولا في توجهاتها القرائية والمعرفية، فبعد أن وصمت النساء السعوديات بأنهن مثقفات كتب الطبخ والديكور ومجلات التجميل والموضة، وأثبت زائرات معرض الكتاب متابعتهن الجيدة لآخر الإصدارات في عالم النشر العربية والعالمية.

وأوضح محمد أبو العينين، مسؤول دار نشر لبنانية مشاركة بالمعرض، أن المرأة السعودية باتت تبحث عن الكتب التي تتناول القضايا العربية والإقليمية، مؤكدا أن دائرة الاطلاع والمتابعة لدى النساء بالمعرض تشهد تطورا سنة عن الأخرى، لافتا أنه يشارك في المعرض للمرة الخامسة على التوالي.

وأشار أبو العينين إلى أن المرأة لم تعد مقصورة في خياراتها المعرفية في عالم الكتب والنشر على الروايات والأدب السردي كما كان عليه الحال في بدايات معرض الكتاب بالرياض، مشيرا إلى أن المرأة أضحت ذات خيارات دقيقة في العناوين والمجالات المعرفية التي تركز عليها خلال تجوالها بالمعرض.

من جانبها، أكدت هيا المحمود، الموظفة بجامعة الأميرة نورة وإحدى الزائرات لمعرض الكتاب، أن دافعها لزيارة معرض الكتاب اقتناء عدد من الكتب التي تجد فيها توسيعا لمعارفها وإشباعا لهواية القراءة لديها، مؤكدة على أن اتهام المرأة السعودية بكونها محدودة الاطلاع تنفيه أعداد الطالبات في مختلف مراحل التعليم العام والعالي بالبلاد، لافتة إلى أن المرأة باتت تحتل سدة القيادة في العديد من المناصب القيادية محليا.

واتفقت معها ليلى المسلم، الطالبة بالمرحلة الجامعية، والتي ترى أن الفتاة السعودية باتت تنافس شقيقها الشاب في مجال القراءة وزيارة معارض الكتاب المحلية والإقليمية، مشيرة إلى أن فكرة وجود المرأة بمعرض الكتاب بالرياض واطلاعها على جديد دور النشر العربية والعالمية دليل واع لدى المرأة السعودية، لافتة إلى أن العديد من دور النشر باتت تراعي في مطبوعاتها وإصداراتها احتياجات المرأة العربية من خلال تنويع تلك الإصدارات.

وحظيت العديد من الإصدارات السعودية والتي تتناول الشأن المحلي بالقراءة النقدية، بالإضافة إلى جديد الروايات والقصص الصادرة عن دور النشر العربية والعالمية، باهتمام المرأة بمعرض الكتاب، في حين فضلت بعض النساء البحث عن كتب تطوير الذات والإصدارات الإلكترونية لدروس التعليم عن بعد والتي توفرها عدد من دور النشر العربية.

من جانبها، أشارت نوف السلامة، المشرفة التربوية بقطاع تعليم البنات بالرياض أن حضور المرأة السعودية للمحافل الثقافية كمعرض الكتاب يؤكد علو وعي المرأة الثقافي، نافية في الوقت ذاته أن يكون وجودها من باب الفرجة والتسوق وتضييع الوقت، مضيفة «معرض الكتاب ليس للنزهة وقضاء وقت الفراغ».

وبينت السلامة أن العديد من النساء ممن قابلتهن بالمعرض أظهرن اهتمامهن بكتب تصب في الشأن السعودي، مشيرة إلى أن العديد من دور النشر المحلية والعربية قامت بضخ إصدارات جديدة لمؤلفين سعوديين يستعرضون قراءتهم الثقافية والاجتماعية للمجتمع السعودي بتحولاته المختلفة.

يشار إلى أن العديد من طالبات التعليم العالي حرصن على البحث عن مراجع علمية وأكاديمية متخصصة عبر دور النشر المتخصصة في ذلك المجال، وبحسب أصحاب دور نشر مصرية وأردنية، وهي الدور المعروفة بطباعة تلك المراجع، فإن العديد من الطالبات يحرصن على الحصول على قوائم بمطبوعات دور نشرهم وأخذ عناوين التواصل الإلكتروني لتأمين طلباتهن المستقبلية.

ومن جانب آخر، وعلى الرغم من الهدوء النسبي يوم أمس وقلة أعداد الزوار لمعرض الرياض الدولي للكتاب، فإن الكثافة الأمنية لعناصر رجال الشرطة شهدت تزايدا في أعدادهم داخل أروقة المعرض، حيث قدر مصدر أمني أعدادهم بما يزيد على 1500 عنصر أمني من الرجال والنساء، مؤكدا على أن التكثيف الأمني يأتي كإجراء احتياطي ولضمان سلامة وأمن الزوار.

إلى ذلك، امتلأ معرض الكتاب صباح يوم أمس منذ انطلاقته بأعداد هائلة من طلاب مدارس التعليم العام للبنين من مختلف المراحل التعليمية الثلاث، حيث بلغت أعداد الحافلات التي نقلت الطلاب ما يزيد على 30 حافلة اصطفت بالمواقف الخارجية للمعرض.

وأوضح عبد الله الكناني، مساعد مدير عام المعرض للشؤون الفنية، أن الفترة الصباحية تم تخصيصها لطلاب وطالبات التعليم العام والعالي، موضحا أن التنسيق تم منذ وقت مبكر مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي لتوجيه الدعوة للطلاب والطالبات لزيارة المعرض، لافتا إلى أن كل اللجان العاملة بالمعرض تقدم كل التسهيلات لأولئك الطلاب والطالبات لتمكنهم من زيارة المعرض.

من جانب آخر، أوضح أحمد خضر، رئيس اللجنة الإعلامية بمعرض الكتاب، أن المركز الإعلامي للمعرض قام بإصدار ما يزيد على ألف بطاقة للإعلاميين والمصورين، من مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية، مؤكدا على أنه تم التأكيد على كل الصحافيين بمراعاة الضوابط التي وضعتها وزارة الثقافة والإعلام لعمل المصورين بما يحفظ خصوصية زوار المعرض.

وكانت إدارة المعرض شهدت في سنوات سابقة ورود شكاوى من قبل عدد من الزوار والمتسوقين بقيام بعض الإعلاميين بتصويرهم دون أخذ إذن منهم، مما يعتبرونه تعديا على خصوصيتهم ومضايقة لهم في التنقل بين أجنحة المعرض ودور النشر المشاركة.

وشدد خضر على أن ذلك دفع بإدارة المعرض لمنع دخول الأفراد بكاميرات التصوير الشخصية، ما لم يكن من الصحافيين المرخص لهم، مؤكدا على أن إدارة المعرض لم تتلق حتى الآن أي شكاوى من قبل الزوار بشأن المصورين الصحافيين.

من جهته، أوضح الدكتور عبد الله العثمان، رئيس لجنة الإعلام الجديد بمعرض الكتاب، أن اللجنة تم استحداثها للتواصل إلكترونيا مع المتابعين لمعرض الرياض الدولي للكتاب داخل المملكة والمهتمين بالشأن الثقافي بصفة عامة خارج المملكة، وذلك من خلال الهواتف الذكية وتطبيقات الـ«يوتيوب» و«تويتر»، بالإضافة إلى الموقع الإلكتروني للمعرض على شبكة الإنترنت. وأكد العثمان أنه تم تطوير برامج على الـ«آي فون» والـ«أندرويد»، ويستطيع المتابع من خلالها التعرف على خريطة المعرض أو البحث عن الكتب داخل المعرض، موضحا أنه تم تخصيص قناة على الـ«يوتيوب» لبث الندوات والأنشطة الثقافية الخاصة بالمعرض. فيما شهدت الإحصاءات الإلكترونية لمواقع التواصل الاجتماعي، والموقع الرسمي للمعرض على شبكة الإنترنت، تسجيل ما يزيد على مليون و300 ألف زائر لها.

كما أوضح العثمان أنه يتم رفع صور أنشطة وفعاليات المعرض، من خلال حساب خاص على موقع «الانستغرام» الشهير، كما أنه يتم رفع أخبار المعرض بشكل يومي عبر حساب خاص على «تويتر»، مشيرا إلى أن حساب المعرض على «تويتر» يشهد ألف زائر كل 24 ساعة.

إلى ذلك، أكد يوسف اليوسف، رئيس لجنة المطبوعات بمعرض الرياض للكتاب، عدم سحب أي كتاب من الكتب المعروضة بدور النشر حتى الآن، مؤكدا قلة أعداد الاستمارات التي وفرتها إدارة المعرض للزوار لتدوين ملاحظاتهم على الإصدارات والكتب بالمعرض. وأشار اليوسف إلى أن لجنة المطبوعات تقوم بتلقي الشكاوى والتعامل معها، وفق ضوابط النشر بالمملكة، مشيرا إلى أن كل دور النشر التي تم منع كتبها من خلال عدم إعطائها فسح لتلك الكتب الممنوعة أبدت تعاونا جيدا بعدم إحضارها لها.

يشار إلى أن حجم مبيعات حقائب حمل الكتب التي توفرها إدارة معرض الكتاب بلغ 1200 حقيبة، في وقت بلغت فيه أعداد المبيعات منها للعام الفائت ما يزيد على 2300 حقيبة. وبحسب مندوب بيع الحقائب فإن ارتفاع نسبة المبيعات فاق توقعاتهم، مما دفعهم لطلب المزيد من تلك الحقائب لتأمينها لزوار المعرض.

ولمح مندوب بيع الحقائب إلى أنه يتم من قبلهم التأكيد على زوار المعرض على كتابة أسمائهم وأرقام هواتفهم للتواصل معهم في حالة فقدانهم لها خلال تجولهم داخل المعرض، وهي حالات تتكرر بسبب تشابه أحجام وألوان تلك الحقائب، مما يوقع البعض من الزوار من سحب حقائب زوار آخرين ظنا منه أنها تعود له.