غدا.. التدشين الرسمي لفعاليات المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 2013

آل الشيخ: المدينة لها مكانة خاصة لدى المسلمين > بن معمر: شرف كبير ومناسبة مهمة لإبراز إنجازات السعودية

TT

تحتضن المدينة المنورة يوم غد الثلاثاء حدثا ثقافيا إسلاميا بارزا يتمثل في التدشين الرسمي لاحتفالات المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 2013، بمشاركة أكثر من 130 شخصية إسلامية ثقافية من خارج السعودية، إضافة للمثقفين والمعنيين بالشأن الثقافي من داخل المملكة.

وأوضح الأمين العام للمناسبة الدكتور صالح المغامسي أن الفعاليات ستشهد أكثر من 400 فعالية من الأنشطة والبرامج الثقافية العلمية مشتملة على مؤتمرات وندوات ومحاضرات ومسابقات تبرز من خلالها المكانة الثقافية والحضارية للمدينة المنورة ولإظهار صورة مختلفة وجديدة لمفهوم عواصم الثقافة الإسلامية وخروجا عن إطار العمل التقليدي ورغبة في إضفاء وهج ثقافي وترفيهي يليق بموقع ومكانة المدينة النبوية في أكثر من 30 موقعا بالمدينة المنورة.

وأفاد بأن الفعاليات تضم معرضين أحدهما بعنوان «محمد رسول الله» وسيكون على مقربة من المسجد النبوي الشريف يتناول السيرة العطرة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فيما يتناول المعرض الآخر تاريخ المدينة المنورة بالإضافة لعرض فيلم وثائقي بعنوان «المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية» وندوة بعنوان «كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم.. مع الطفولة والمراهقة والنضج» وأخرى بعنوان «شبابنا المسلم والتطلعات» إلى جانب المتحف التاريخي للتعليم بالمدينة المنورة وافتتاح دار القلم التاريخي للخط العربي.

وقال الدكتور المغامسي إن الكم والنوع في الأنشطة الثقافية التي ستستمر طيلة العام تعكس أحقية المدينة المنورة بهذا اللقب حيث إن الأنشطة تهدف لتحقيق ما رسمته أمانة المناسبة وتوظيفها للتعريف بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم على المستويين الإسلامي والعالمي وإظهار كنوزها الثقافية والأثرية وإبراز معالمها الدينية من خلال تكثيف البرامج الثقافية لتسليط الضوء على المدينة المنورة خلال عام احتفائها.

وأبان الأمين العام للمناسبة أنه طيلة العام المحتفى فيه بالمدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية ستنظم رحلات استكشافية لمعالم المدينة المنورة للمثقفين القادمين للمشاركة في المؤتمرات والندوات من داخل المملكة وخارجها، موضحا أن هناك سلسلة محاضرات يكشف فيها عدد من الباحثين تجاربهم العلمية ومنها محاضرات للدكتور عايض الردادي يتحدث عن تجربته في تحقيق المخطوطات كما يتحدث الباحث فايز البدراني عن تجربته في جمع الوثائق المحلية، بينما يفصل الدكتور سليمان الرحيلي تجربته في العمل الميداني في الدراسات التاريخية للمدينة، كما يقدم الدكتور تنيضب الفايدي تجربته في رصد المواقع التاريخية للمدينة، ويتحدث عبد الله الشايع عن تجاربه في تحقيق طرق الحج والتجارة القديمة عبر المدينة المنورة.

وتابع المغامسي أن هناك مسابقات من بينها مسابقة التصوير الفوتوغرافي لأبرز معالم المدينة المنورة الدينية والتاريخية والحضارية، ومسابقة تأليف مجموعة قصص للأطفال بالرسوم لإنجاز شخصية الطفل (مدينية)، فضلا عن فيلم وثائقي عن المدينة وثان عن الوسائل العلمية بالمسجد النبوي وثالث عن تاريخ التعليم في المدينة المنورة إضافة إلى عدة ملتقيات منها «شباب المؤرخين في المدينة المنورة» و«المراكز العلمية في الدول العربية والإسلامية التي تعنى بخدمة التاريخ العربي والإسلامي» و«العقيق الثقافي» الذي ينظمه نادي المدينة المنورة الأدبي و«التراث العمراني الوطني».

وأفاد بأن من ضمن برامج المناسبة الاحتفاء بعلماء المدينة المنورة، لافتا كذلك إلى أن أمانة المناسبة ستبث رسالة يومية توضح فيها أماكن ومواعيد المناسبات والفعاليات.

هذا وقد أكد رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، أهمية اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013. وقال الدكتور آل الشيخ: إن المدينة المنورة لها مكانة خاصة لدى المسلمين كافة في مشارق الأرض ومغاربها منذ أن هاجر إليها الرسول عليه الصلاة والسلام لتصبح عاصمة الإسلام الأولى، ومنها انطلقت رسالة الإسلام الخالدة إلى أقطار الأرض قاطبة.

وبين في تصريح بهذه المناسبة أن المدينة المنورة شهدت انطلاقة تطبيقات مبدأ الشورى الإسلامي، فبعد أن نزلت الآيات القرآنية التي تتحدث عن الشورى في مكة المكرمة، أصبح تطبيق منهج الشورى الإسلامي واقعا عمليا في المدينة المنورة حيث مارسها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام مع أصحابه حتى أضحت الشورى من أبرز ملامح المجتمع المدني، مضيفا ولعل من أهم الممارسات الشورية في صدر الإسلام وشكلت أحد المنعطفات المهمة في تاريخ أمتنا المشرف اجتماع الصحابة رضوان الله عليهم في سقيفة بني ساعدة للتشاور حول اختيار خليفة للرسول بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، حيث تم اختيار الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفقا لمنهج الشورى المستوحى من هدي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.

وعد رئيس مجلس الشورى مناسبة المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية فرصة سانحة لتبيان سماحة الدين الإسلامي والتعريف بديننا الحنيف وأخلاق وقيم الرسول صلى الله عليه وسلم خصوصا أن هذه المناسبة تأتي بعد محاولات البعض تشويه صورة نبينا الكريم عليه أزكى الصلاة وأفضل التسليم.

وأضاف أن للمدينة المنورة مكانة ثقافية وتاريخية واجتماعية مميزة منذ عصر صدر الإسلام وحتى يومنا هذا، ولها رمزية خاصة للثقافة الإسلامية التي أشرقت من طيبة الطيبة ونثرت نور العدل والمساواة والعلم والأدب.

وقال إن المدينة المنورة منذ توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود مرورا بأبنائه البررة من بعده وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، والأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حظيت باهتمام واسع ولها مكانة عالية ترجمت من خلال الدعم والاهتمام الكبير وبجملة من المشروعات التنموية يأتي في مقدمتها عمارة وتوسعة المسجد النبوي، ومشروع تطوير المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي، وإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي يعد أكبر مطبعة في العالم لطباعة المصحف الشريف وأحد المعالم المشرقة التي تقدمها المملكة العربية السعودية لخدمة الإسلام والمسلمين في مختلف أرجاء العالم، إضافة إلى عدد من المناسبات الثقافية والفكرية التي تحفل بها طيبة الطيبة ويأتي في طليعتها جائزة المدينة المنورة ، وجائزة الأمير نايف لخدمة السنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة والتي تنظم كل عام وتحظى باهتمام من جميع الأوساط الثقافية والعلمية وتندرج ضمن اهتمام ولاة الأمر بتشجيع العلم والعلماء والبحث العلمي وتقدير الإنجازات المميزة ورعاية النبوغ والتفوق.

وانتهى رئيس مجلس الشورى إلى القول: إن هذه المناسبة تأتي أيضا فرصة لتعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات، وإشاعة قيم الحوار والتفاهم بين الشعوب، ومن المهم استغلال هذه المناسبة في نشر الثقافة الإسلامية بشكلها الصحيح وتجديد مضامينها وتحديث رسالتها وتخليد الأمجاد الثقافية والحضارية لعاصمة الإسلام الأولى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم.

من جهته عد مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر اختيار منظمة التعاون الإسلامي المدينة المنورة التي انطلقت منها الرسالة الإسلامية إلى أقطار الأرض قاطبة عاصمة للثقافة الإسلامية، شرفا كبيرا للمملكة، وتقديرا للمكانة الكبيرة التي تحملها المدينة مهاجر المصطفى عليه السلام، بين مدن العالم الإسلامي دينيا، وثقافيا وتاريخيا، واجتماعيا بصفتها عاصمة للثقافة الإسلامية العالمية، وما تختص به من قدسية في قلوب المسلمين، وما تحتضنه من زخم إسلامي وتاريخي وحضاري وثقافي كونها دار المجتمع الإسلامي الأول، واستلهاما لتلك الأصالة والنوعية التي تميزت بها في العصر النبوي وتنزل التشريع الإسلامي على صعيدها المبارك.

وبهذه المناسبة رفع بن معمر أسمى عبارات التهاني وآيات الشكر والعرفان إلى خادم الحرمين الشريفين على دعمه الكريم لاحتضان هذه الفعالية بما يبرز المكانة الدينية، والعلمية والثقافية والحضارية لمدينة المصطفى عليه السلام، كما رفع خالص الشكر والتقدير للأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع على مساندته ودعمه لهذه المناسبة الإسلامية الثقافية الكبرى.

وأشاد بهذا الاختيار لإبراز إسهام المدينة المنورة الديني والثقافي في مسيرة الحضارة الإسلامية والتعريف بأشهر أعلامها وإلقاء الضوء على أهم معالمها الدينية والحضارية والأثرية، من خلال عدد من البرامج والأنشطة الثقافية التي تكشف عن الجوانب الثقافية والتاريخية للمدينة النبوية ومؤسساتها العلمية، ونشر الثقافة الإسلامية وتجديد مضامينها وتحديث رسالتها وإعادة رصد الأمجاد الثقافية والحضارية كنموذج للعواصم الثقافية الإسلامية بالنظر لما قدم على أرضها عبر العصور من خدمة للثقافة والآداب والفنون والعلوم والمعارف الإسلامية وإبراز ما حظيت به مدينة المصطفى من رعاية واهتمام منذ توحيد المملكة وحتى عصرنا الزاهر.

وأثنى بن معمر على الجهود المبذولة للجنة العليا لمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية برئاسة الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة وأعضاء اللجنة، لتحقيق الأهداف المنشودة من هذه المناسبة المهمة لإبراز إنجازات المملكة في تطوير وتنمية المدينة المنورة، وتدعيم الأنشطة الثقافية المتنوعة، وزيادة الفرص للمبدعين والمثقفين لإبراز إبداعاتهم في إطار الهوية الإسلامية، وزيادة الاهتمام بالثقافة الإسلامية وإبراز خصائصها، وإثراء الدراسات الفكرية والبحوث العلمية والمناهج التربوية، مع التعريف بالآثار الحضارية والعطاء الثقافي للمدينة المنورة خلال العصور المختلفة.

وأعرب بن معمر عن ثقته في أن تضطلع هذه الفعالية التاريخية بتقديم الصورة الحقيقية للحضارة الإسلامية ذات المنزع الإنساني إلى العالم أجمع من خلال إبراز المضامين الثقافية والقيم الإنسانية لهذه الحضارة، وتعزيز الوسطية والاعتدال بين المسلمين، وإشاعة قيم التعايش والتفاهم بين الشعوب، مشيرا إلى أن الثقافة الإسلامية، قد استمدت جوهر التعايش والتعارف من طيبة الطيبة وشقيقتها مكة المكرمة، كما ترصده مواقف وأحداث تاريخية متنوعة. ودعا مستشار خادم الحرمين الشريفين والأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات إلى استثمار هذا الحدث الثقافي المهم لمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، لتعزيز تلك المكانة ولاستدامة الإشعاع الديني والعلمي والثقافي والحضاري الخالد في مدينة مهاجر رسول الله التي يؤمها كل شهر مليون معتمر وزائر فضلا عن موسمي الحج ورمضان المبارك من مختلف أصقاع العالم، الذين يطلعون على ثقافتها ومعاملة ورقي أهلها، ونقل هذه الصورة الحضارية إلى الملايين في أوطانهم بما يخدم في النهاية حركة الثقافة والحوار في وطننا وتقديمنا للآخر من خلال هذه المعطيات الخلاقة لصالح وطننا الكبير وذلك بإعداد برامج وخطط عن إشاعة ثقافة هذه المفاهيم، يشارك في صياغتها جامعاتنا ومؤسساتنا الثقافية، وقطاعات التعليم بمساندة القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع الأهلي والخروج بأفكار بناءة تجعل من هذه المناسبة الإسلامية العالمية فرصة لتجديد أثر المدينة المنورة ودورها التاريخي كمصدر إشعاع ثقافي للعالم.

إلى ذلك عد المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 1434ه / 2013م، بقرار من المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة، اختيارا حكيما ينسجم تماما مع المكانة السامية التي تتبوأها المدينة المنورة، على صاحبها أزكى الصلاة والسلام، ليس على مدى التاريخ فحسب، وإنما في الحاضر المعاش، وفي المستقبل المأمول بإذن الله تعالى، لأن هذه المدينة النبوية فضلها الله تعالى بعد مكة المكرمة، فجعلها مصدرا لإشعاع الهدي الإلهي، ومنبعا لازدهار الثقافة الإسلامية في مختلف فروعها، ومهوى لأفئدة المسلمين قاطبة من مختلف أقطار العالم.

وقال: إن هذا الاختيار الحكيم الذي جاء في إطار برنامج عواصم الثقافة الإسلامية الذي تشرف عليه وترعاه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، هو الاختيار المناسب للعاصمة المناسبة وفي الوقت المناسب، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه المناسبة لا تنشئ واقعا جديدا، ولا تؤسس وضعا من فراغ، ولكنها تبني على الواقع القائم فعلا على الأرض، باعتبار أن المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية منذ القرن الهجري الأول، فعلى أرضها انفجرت ينابيع العلوم الشرعية، وتدفقت جداول الثقافة الإسلامية، ومنها انطلقت كتائب الفتوحات الإسلامية التي أخرجت العالم القديم من الظلمات إلى النور، فدخلت الشعوب في دين الله أفواجا، وانتقلت من الدين الحنيف، المعارف الإسلامية إلى مختلف الأقطار التي دخلها الإسلام، فامتزجت وتلاقحت مع الثقافات الوطنية المحلية، لينبثق من هذا التمازج والتلاقح الثقافة الإسلامية بكل مشاربها وامتداداتها.