100 استمارة اعتراض يوميا على كتب معرض الرياض.. و«الهيئة» تؤكد: لم نرصد مخالفات شرعية

«الأمر بالمعروف» تغير الصورة النمطية باستضافة المثقفين والإعلاميين

أحد رجال الهيئة يقوم بالتجول بين الزوار وفق الطرق النظامية المتبعة وهو عكس ما كان يتم في أوقات سابقة (تصوير: خالد الخميس)
TT

شكل معرض الرياض الدولي للكتاب 2013 علامة فارقة في المشهد الثقافي والاجتماعي السعودي، في ظل ما يشهده المعرض من ممانعة لتيارات دينية محافظة، ترى وجوب مقاطعة المعرض والدعوة للاحتساب الديني لمواجهة ما يعتبرونه مخالفات شرعية ترتكب بين أروقة المعرض وضمن أجندته الثقافية في كل عام.

وكانت التجاوزات التي رصدتها الصحافة الأعوام الماضية من قبل بعض المحتسبين المتشددين من تجاوزات على الزوار والزائرات والتطاول على مثقفين وإعلاميين ومشاهير ومباشرة سحب الكتب والتعدي على البائعين في بعض الدور، مما دفع بالجهات الأمنية في حينها وتحديدا في العام المنصرم إلى إحكام القبضة الأمنية في المعرض، الأمر الذي أثمر نجاح المعرض وخروجه بصورة ذهنية جديدة ألغت الصورة السابقة وهو ما تعزز هذا العام.

بينما استطاع القائمون عليه هذا العام وبفضل تعاون عدد من القطاعات الحكومية في مواجهة تلك الحملات المضادة للمعرض، حيث تم تكثيف الوجود الأمني من قبل وزارة الداخلية ممثلة بشرطة منطقة الرياض، بالإضافة لاستحداث إجراءات عملية تمكن زوار المعرض من تقديم مقترحاتهم واعتراضاتهم على محتويات دور النشر من كتب وإصدارات، لتفادي الاصطدام مع تحفظات البعض منهم على ما يقدمه المعرض من منتج ثقافي.

أكد يوسف اليوسف رئيس لجنة المطبوعات بمعرض الرياض للكتاب، أن لجنته تتلقى ما لا يقل عن 100 استمارة اعتراض على كتب وإصدارات معروضة لدى دور النشر بالمعرض، مؤكدا خلو تلك الكتب المشار إليها في استمارات الزوار من أي ملاحظات أو مخالفات تستوجب منع بيع الكتاب أو حجبه، ولافتا إلى أن كل الكتب تم الاطلاع عليها ومنحة فسح من قبل إدارة الرقابة على المطبوعات بوزارة الثقافة والإعلام.

وأشار اليوسف إلى أن الكثير من تلك الاعتراضات التي يبديها بعض الزوار على الكتب منطلقها العناوين التي تتصدر أغلفة الكتب، مشيرا إلى أن البعض من تلك الكتب يتسم بعناوين مثيرة ولافتة مما يثير حفيظة البعض بحسب وصفه.

وأكد اليوسف على عدم قيام لجنته بمنع أو حظر أي من الكتب لدى دور النشر المشاركة بالمعرض لهذا العام، ومشددا على أن الكثير من أصحاب دور النشر وبعض من المؤلفين يلجأون إلى نشر أخبار وإشاعات حول منع إدارة المعرض لكتبهم بهدف الترويج والتسويق للدار أو لصاحب الكتاب، لافتا إلى أن ذلك أمر اعتاد عليه البعض خلال معارض الكتاب وليس حكرا على معرض الرياض للكتاب.

وفي سياق متصل أكد الدكتور أحمد السعيد مدير فريق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشارك بمعرض الرياض الدولي على عدم تسجيل أي مخالفة شرعية بمعرض الكتاب تستوجب تطبيق الأنظمة المعمول بها في مثل هذه الملتقيات، مؤكدا أن مجمل ما تم رصده من مخالفات يتم التعامل معه وفق نبدأ التناصح وتوجيه السلوك، لافتا إلى أن التسهيلات التي تقدمها وزارة الثقافة والإعلام المشرفة على تنظيم المعرض مكنت رجال الهيئة من ممارسة مهام عملهم.

وبالمقابل يأتي حضور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر فريق مكون من 60 عضوا يتناوبون الحضور على فترتين وتزيد كثافتها في الفترة المسائية، وتنهض في أداء عملها من خلال الرفق واللين والتوجيه الهادئ، تعزيزا للصورة الإيجابية التي ارتسمت عن الهيئة من خلال مشاركاتها في الأعوام السابقة.

ويؤكد السعيد على أن الهيئة ألتزمت كل أعضائها بتعليق بطاقاتهم الرسمية عملا بتوجيه صارم بهذا الشأن، مبينا أن من لا يعلق بطاقة الهيئة فليس من منسوبيها، ولا يمكن تحميل الهيئة تبعات التصرفات الفردية من قبل بعض الزوار ممن يمارسون الاحتساب داخل المعرض.

وانتهجت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أسلوبا جديدا في تعاطيها مع إظهار صورة إيجابية عن الجهاز، وذلك عبر أحاديث ودية باسمة مع مشاهير وإعلاميين ومثقفين سعوديين تم استضافتهم بمقر الهيئة داخل المعرض، كان من أبرزهم الدكتور عبد الله الكعيد والدكتور محمد آل زلفة وعبده خال.

إلى ذلك استقطب ركن الطفل بجناح مكتبة الملك عبد العزيز العامة بمعرض الرياض الدولي للكتاب آلاف الأطفال طوال أيام المعرض بباقة من الأنشطة والفعاليات التربوية والترفيهية والثقافية التي نالت إعجاب الكبار والصغار.

وخصصت إدارة المكتبة ضمن فعاليات ركن الطفل مكتبة تربوية تحوي أعدادا كبيرة من القصص المصورة والإصدارات العلمية المبسطة والتي تهدف لتنمية وعي الأطفال ومعارفهم وتشجيعهم على القراءة والاطلاع في مختلف مجالات المعرفة ويقدم المشرفون على ركن الطفل كتيبا للتعريف بأنشطة المكتبة الموجهة للطفل والتي يجري تنفيذها على مدار العام.

كما خصصت إدارة جناح مكتبة الملك عبد العزيز في المعرض مساحة كبيرة ومجهزة بكل ما يلزم ليمارس الأطفال هوايات الرسم والتلوين وفك تركيب المجسمات، كما يحتوي الجناح على باقة من فعاليات مسرح الطفل تتضمن عروضا للعرائس والدمى والشخصيات الكرتونية المحببة للأطفال ومسرح خيال الظل وعروض باور بوينت، بالإضافة إلى لوحات مسرحية وتربوية لتشجيع الأطفال على القراءة والاطلاع وتعزيز القيم السلوكيات الإيجابية مثل الانتماء وطاعة الوالدين والاجتهاد في طلب العلم.

وفي جانب آخر تعالت أصوات الكثير من زوار معرض الرياض للكتاب مطالبين بضرورة فرض رقابة صارمة على أسعار الكتاب، مؤكدين أن أصحاب دور النشر لا يلتزمون بالسعر المحدد من قبل إدارة المعرض، حيث إن الأجهزة الذاتية التي وفرتها إدارة المعرض للبحث عن الكتب وتحديد أسعارها سلفا تبين فارقا في السعر.

وأوضح عبد الله الكناني، مساعد مدير معرض الرياض للكتاب للشؤون الفنية، أن وزارة الثقافة والإعلام اتفقت مع أصحاب دور النشر وكل الجهات العارضة على قائمة أسعار الكتب، موضحا أن الأسعار تم تقديرها من قبل أصحاب دار النشر، لافتا إلى أنه تم الاتفاق معهم كذلك على تقديم خصومات للزوار بواقع 20 في المائة.

وكشف الكناني عن تلقي إدارة المعرض شكاوى من قبل زوار حول تبيان أسعار الكتب واختلافها عن موقع البحث الرسمي للمعرض على شبكة الإنترنت، مؤكدا أن الإجراءات الرسمية والنظمية تم اتخاذها بحق كل مخالف من أصحاب دور النشر في حال تم التثبت من رفعه للسعر عما تم الاتفاق عليه مسبقا معه.

وأشار الكناني إلى أنه تم محاسبة عدد من دور النشر والتنبيه عليهم بعدم تكرار تلك المخالفة، مشددا على أنه تم التأكيد على تلك الدور بعدم السماح لها بالمشاركة في الدورة المقبلة للمعرض في حال تكرار المخالفة.

وكشف في الوقت ذاته عن آلية التعامل الرسمية التي تتم مع تلك الدور، حيث أشار إلى أنه يتم استدعاء ممثل اتحاد الناشرين العرب لإطلاعه على المخالفة المسجلة على دار النشر المشاركة بالمعرض، إضافة إلى تعهد خطي على صاحب الدار أو ممثله.

وكانت إدارة معرض الرياض للكتاب 2013 قد تراجعت عن تطبيق نظام الباركود، وهو النظام الترقيمي للكتب والمحدد للأسعار، بعد صدور توجيه من الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام، قبل انطلاق المعرض بأقل من أسبوعين، حيث إن الكثير من أصحاب دور النشر اعترضوا على تطبيق النظام بحجة الكلفة العالية وعدم الاستعداد من قبلهم لتطبيق النظام على كل إصداراتهم ومطبوعاتهم من الكتب.

إلى ذلك، أشار محمد الأسعد، صاحب دار نشر مشاركة بالمعرض، إن وزارة الثقافة والإعلام طالبتهم في وقت سابق من انطلاق المعرض بتطبيق نظام الباركود على كل الإصدارات والمطبوعات التي ستقدمها الدار بالمعرض، مشيرا إلى أن الكلفة المالية لتوفير جهاز الباركود تبلغ 3 آلاف ريال، وهو الأمر الذي عده الأسعد يفوق القدرة المالية للعارضين بالنظر لقيمة تأجير الجناح بالمعرض.

من جانبه، أوضح نبيل مروة، صاحب دار نشر مشاركة بمعرض الرياض للكتاب، أن تطبيق نظام الباركود على دور النشر الأجنبية يشكل عبئا عليها، مشيرا إلى أن اصطحاب الجهاز عبر المنفذ الحدودي يمر بعدد من الإجراءات النظامية التي تؤخر من وصوله.

واقترح مروة أن توفر وزارة الثقافة والإعلام المشرفة على المعرض، جهاز باركود رئيسيا لكل دور النشر بالمعرض، على أن يتم من قبل دور النشر توفير الماسح الضوئي مع أجهزة الحاسب الآلي الشخصية لهم.

إلى ذلك، أكد الكناني أن إدارة المعرض بفرضها التطبيق التدريجي لنظام الباركود ستتيح مستقبلا أمام كل دور النشر الراغبة في المشاركة بالمعرض إدراج إصداراتها إلكترونيا، مؤكدا أن إدارة المعرض لا تمانع تقبل أي مقترح يسهل من إجراءات ضبط الأسعار وتحديد كميات الكتب الداخلة والخارجة من المعرض.

ولمح الكناني إلى أن رفض بعض دور النشر تطبيق الباركود يعود لتخوفهم من فرض الرقابة بشكل صارم، ما يمنعهم من تمرير بعض الكتب التي يمنع بيعها وعرضها داخل معرض الرياض للكتاب.

وأكد الكناني أن تطبيق نظام الباركود على كل دور النشر سيكون بشكل رسمي ابتداء من العام المقبل، وقال «أتاح النظام لإدارة المعرض والعارضين تحديد الكميات المباعة، وضمن للزوار اطلاعهم على السعر المحدد سلفا لمقتنياتهم من الكتب»، لافتا إلى توفير النظام في حال تطبيقه معرفة أعداد الزوار بطريقة تقديرية، والتعرف على توجهات القراءة لدى الزائرين.

وفي سياق متصل، كشف أحمد خضر، رئيس اللجنة الإعلامية لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2013، أن توقعات إدارة المعرض بأن يتخطى حجم المبيعات 100 مليون في ختام المعرض في 15 مارس (آذار) الجاري.