رجال الأعمال يتأهبون للقاء وزارة العمل بدعوتها لإسقاط رسوم العمالة وإصدار «قائمة بالمهن»

يعقد الثلاثاء المقبل في الرياض في أول لقاء مباشر بين الطرفين منذ الإجراءات الأخيرة

يعمل في السعودية نحو 9 ملايين وافد تقدر تحويلاتهم السنوية بنحو 300 مليون دولار.. وفي الصورة عدد من العمال أمام أحد أجهزة الصرف الآلي في الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

في خطوة استباقية للقاء رجال الأعمال بوزارة العمل السعودية بعد غد الثلاثاء، رصد رجال الأعمال مجموعة من الملفات الساخنة التي من المتوقع إثارتها خلال هذا اللقاء، يتصدرها ملف رسوم العمالة الوافدة، وهو الأمر الذي قد يجد جدلا واسعا في مشهد قد يكون الأول من نوعه على اعتباره اللقاء المباشر، يأتي ذلك وسط معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس تؤكد أن أحمد الحميدان وكيل وزارة العمل هو من سيواجه التجار خلال هذا اللقاء.

ورغم مرور أكثر من 4 أشهر من بدء تطبيق قرار رسوم العمالة الوافدة في السعودية البالغة 2400 ريال سنويا (640 دولارا)، فإن هذا القرار ما زال يجد رفضا كبيرا من قبل رجال الأعمال والشركات، وهو الأمر الذي دفعهم في أكثر من مناسبة إلى التلويح برفع أسعار المنتجات التي يقومون ببيعها أو إنتاجها، جاء ذلك في الوقت الذي بدأت فيه نسبة التزامهم بتطبيق القرار تأخذ مسارا متصاعدا.

وعلمت «الشرق الأوسط» أمس أن رجال الأعمال السعوديين سيفتحون خلال اللقاء مجموعة من التحديات التي تواجههم عقب القرارات الأخيرة الصادرة من وزارة العمل في البلاد، مع تجديد مطالبهم بإعادة النظر في بعض هذه القرارات، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يجد رفضا تاما من قبل وزارة العمل، على اعتبار أن جميع القرارات الصادرة تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني، وخلق مزيد من الفرص الوظيفية الجديدة أمام الباحثين عن العمل.

وفي هذا السياق قال فهد الحمادي عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية والصناعية في الرياض ورئيس لجنة المقاولين، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ما زلنا في قطاع المقاولات نطالب بقائمة المهن التي ترى وزارة العمل إمكانية توظيف السعوديين فيها، ونحن سنلتزم بها.. ما يحدث الآن من تطبيق لقرار رسوم العمالة الوافدة في ظل ارتفاع حجم هذه العمالة في قطاع المقاولات هو أداة ضغط واضحة على الشركات العاملة في هذا القطاع»، مشيرا إلى أن معظم الشركات العاملة في قطاع المقاولات بدأت سداد رسوم العمالة الوافدة وتطبيق القرار، كي تتجنب عقوبات مكتب العمل.

من جهة أخرى قال المهندس منصور بن عبد الله الشثري عضو مجلس إدارة غرفة الرياض رئيس لجنة الموارد البشرية: «لقاء رجال الأعمال بوزارة العمل بعد غد الثلاثاء يهدف إلى توثيق العلاقة بين الوزارة والغرفة التجارية بالرياض ومشاركة رجال الأعمال في بحث آليات جديدة تواكب متغيرات سوق العمل ومتطلباته الحالية والمستقبلية، وإتاحة فرصة مناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه القطاع الخاص وإيجاد الحلول لها، إضافة إلى تحقيق مبدأ الشفافية المتعلقة بتعاملات الوزارة مع القطاع الخاص».

وبين المهندس الشثري أن اللقاء سيتناول جملة من الموضوعات الهامة، مضيفا: «سيقدم مسؤولو الوزارة عرضا حول إجراءات دعم الرواتب وآلية العمل المتخذة في الدعم المالي بعد زيادة 2400 ريال، إضافة إلى نبذة من البرامج الجديدة التي تم إطلاقها، وكذلك الخدمات الإلكترونية التي ستقدمها مؤسسة التأمينات الاجتماعية، كما سيشهد اللقاء حوارا مباشرا بين رجال الأعمال ومسؤولي الوزارة».

وأكد الشثري على أهمية خطوة وزارة العمل التي تهدف إلى إطلاع رجال الأعمال على كل ما يتعلق بسوق العمل، مشيرا إلى أن قطاع الأعمال ينظر بارتياح إلى هذه الخطوة التي يأمل أن تتطور إلى شراكة استراتيجية بين الوزارة والغرفة التجارية في تنظيم سوق العمل.

وأضاف الشثري: «البعد الاستراتيجي لتوطين الوظائف يستلزم شراكة حقيقية في كل ما يتعلق بدراسة وتطبيق الأنظمة والإجراءات، على اعتبار أن القطاع الخاص هو الذي سيطبق تلك الأنظمة، مما يستلزم ضرورة الاستماع إلى وجهة نظره»، مؤكدا أن القطاع الخاص يتفق مع الوزارة على أهمية التوطين، خصوصا في ظل النمو المتسارع لإعداد طالبي العمل من الشباب السعودي.

يشار إلى أنه كانت قد قادت العقوبات الصارمة التي تفرضها وزارة العمل السعودية على الشركات غير الملتزمة بسداد رسوم العمالة الوافدة، إلى التزام نحو 60 في المائة من الشركات الكبرى والمتوسطة بسداد الرسوم المفروضة على العمالة الوافدة التي لم تحقق شركاتها نسب توطين كبيرة لوظائفها، فيما أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 45 يوما، بأن الشركات الصغيرة تبدو أكثر التزاما من الشركات الكبيرة والمتوسطة، نظرا لانخفاض عدد عمالتها.

وتأتي هذه المستجدات عقب قرار وزارة العمل القاضي بفرض رسوم جديدة على العمالة الوافدة، إذ بلغت الرسوم الإضافية ما قيمته 2400 ريال سنويا تضاف إلى المبلغ السابق الذي يتحصله مكتب العمل في البلاد والبالغ 100 ريال، ليكون بذلك مجموع الرسوم التي يتم دفعها مقابل العمالة الوافدة في السعودية نحو 2500 ريال سنويا.

فيما أشارت المصادر ذاتها حينها إلى أن الدعوى القضائية التي يعمل بعض رجال الأعمال السعوديين عليها خلال هذه الفترة، للاعتراض على قرار رسوم العمالة الوافدة، من الممكن أن يتأخر حسمها والحكم فيها، موضحة أن التأخر المتوقع في صدور الحكم القضائي، بالإضافة إلى توقف خدمات مكتب العمل أمام الشركات غير الملتزمة بسداد رسوم العمالة الوافدة، كان من الأسباب الرئيسية التي قادت نحو 60 في المائة من الشركات السعودية الكبرى والمتوسطة إلى الرضوخ والالتزام بالقرار.

من جهة أخرى أطلقت وزارة العمل أمس خدمة إصدار تأشيرات الاستقدام آليا لمنشآت النطاق الأخضر عبر موقع الوزارة للخدمات الإلكترونية، من خلال آلية جديدة تتمثل في تقسيم منشآت هذا النطاق إلى ثلاثة مستويات حسب نسبة التوطين في كل منشأة، حيث يتم احتساب عدد التأشيرات القابلة للإصدار آليا لكل مستوى بطريقة تتسم بالشفافية.

ووضعت الوزارة عددا من الضوابط لتلك الآلية؛ أولها رصيد التأشيرات الآلية يمثل الدفعة الأولى من الحق المكتسب من التأشيرات القابلة للإصدار، ويمكن لصاحب العمل طلب دفعة جديدة من التأشيرات الآلية حسب ضوابط خدمة الاستقدام، ويؤخذ بعين الاعتبار في عملية احتساب التأشيرات الآلية عدد التأشيرات الصادرة التي لم تستخدم بعد، وعدد العمالة المستأجرة التي تمت الموافقة عليها، ولم يبدأ العقد بعد، ومنع تقديم طلب جديد إذا كان هناك طلب حالي تحت الإجراء، وكذلك لا ينطبق هذا الأمر على الكيانات حديثة التأسيس أو الصغيرة جدا (9 عمال فأقل).

وتعتمد الوزارة في حساب أعداد العمالة الوطنية على أن يكون متوسط أعداد العمالة الوطنية المسجلة والمدفوع عنها في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لآخر 13 أسبوعا، ويتم احتساب العامل الوطني من التاريخ الذي سجل فيه بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بغض النظر عن بداية مزاولة عمله، ويحسب صاحب المنشأة على الكيان مباشرة من دون شرط مرور 12 أسبوعا.

وتعتمد الوزارة في حساب أعداد العمالة الوافدة على قواعد بيانات وزارة الداخلية، ويتم احتساب العمالة الوافدة بعد إصدارها لرخصة العمل وليس عند إصدار التأشيرات، ويتم حذف العامل الوافد من حساب نسبة التوطين فور مغادرته المملكة بتأشيرة خروج نهائي وفور إلغائه من نظام وزارة الداخلية في حالة خروجه بتأشيرة خروج وعودة وعدم عودته.

ويأتي هذا الإجراء الجديد بعد أن كانت كشفت تقارير صحافية في وقت سابق من العام الماضي عن أن هناك استغلالا واسعا من قبل بعض الشركات لنظام «نطاقات» واستخراج التأشيرات إلكترونيا نتج عنه اكتشاف تسجيل نحو 47 ألف موظف حكومي في نظام التأمينات الاجتماعية.

وقالت التقارير حينها إن تنسيقا جرى بين وزارة العمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومركز المعلومات الوطني، أفضى إلى اكتشاف نحو 47 ألف سعودي وسعودية مسجلين في نظام «التأمينات الاجتماعية»، كموظفي قطاع خاص، رغم أنهم موظفون في الدولة، وبينهم نسبة غير معلومة من العسكريين.

ووفق التقارير فإن وزارة العمل اتخذت على الفور عددا من الإجراءات لمعالجة الموقف، منها وقف المزايا التي منحتها وزارة العمل للشركات المتعاونة مع برنامج «نطاقات» الذي أطلقته الوزارة في وقت سابق من هذا العام لرفع نسبة توظيف المواطنين السعوديين في القطاع الخاص، كاستخراج التأشيرات إلكترونيا، إلى جانب مخاطبة الجهات المعنية لوقف هذا التحايل، عبر آلية جديدة لربط بيانات المؤسسات الحكومية المعنية.

إلى ذلك أعلن المهندس عادل فقيه وزير العمل في سبتمبر (أيلول) الماضي أن برنامج «نطاقات» الذي دشن بداية العام الجاري، ساهم في توظيف نحو 380 ألفا من الشباب والشابات السعوديين، مشيرا إلى أن هذا الرقم يمثل 20 ضعفا لما تم توظيفه في السنوات الخمس التي سبقت تطبيق البرنامج.

وكانت الوزارة قد أطلقت نظام «نطاقات» الذي يحدد العدد المطلوب توظيفه من السعوديين العاملين مقابل الأجانب وفقا لحجم كل شركة والقطاع الذي تعمل فيه.

ويجري تصنيف الشركات العاملة في القطاع الخاص إلى شرائح: ممتاز وأخضر وأصفر وأحمر، حسب نسبة التزام كل شركة بتعيين المواطنين، فتحصل الشركات صاحبة التصنيف «الممتاز» و«الأخضر» على مميزات، وتمهل الشركات المندرجة تحت النطاق الأصفر لحين التزامها بنسب التوطين المطلوبة، فيما تحرم الشركات تحت النطاق الأحمر من الكثير من المزايا، ولا تحصل على تجديد لتأشيرات العمالة الخاصة بها.

وتشكل نسبة الموظفين الحكوميين المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية، من مجموع الوظائف التي أعلنتها وزارة العمل مؤخرا نحو 12 في المائة، وهو رقم كبير مقارنة بالإعلانات السابقة، سواء لمؤسسة التأمينات الاجتماعية أو وزارة العمل.

معلوم أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية كشفت في 2012 عن رصدها لنحو 3000 وظيفة وهمية، وأنه تم تطبيق غرامة تسجيل وهمي لعدد من المنشآت المشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية، وذلك بسبب وقوعها في مخالفة توظيف سعوديين رغم عدم وجود علاقة عمل بينهم في الأساس. وأوضحت «التأمينات الاجتماعية» حينها أن عدد السعوديين المسجلين على النظام في تلك المؤسسات بلغ 3006 مواطنين سعوديين ليس لهم علاقة بالعمل فيها، مشيرة إلى أن هناك تنسيقا مع وزارة العمل لإيقاف الاستقدام عن تلك المنشآت التي تقوم بالتوظيف الوهمي، ولفت إلى أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تسجيل أي عامل إذا لم تكن هناك علاقة عمل فعلية، وعند اكتشاف أي تسجيل وهمي فإنه ستحال تلك الحالة إلى لجنة المخالفات، ويتم بعد التأكد من تلك الممارسات وفرض الغرامات على صاحب العمل، التي لا تقل عن خمسة آلاف عن كل حالة تسجيل وهمي، إضافة إلى إلغاء المدة المسجلة، سواء كانت قصيرة أو طويلة، حيث إن الواجب أن تكون هناك علاقة حقيقية بين العامل وصاحب العمل.