الصين ترتدي حلة «الهوت كوتور» في «الجنادرية 28»

تشارك ضيف شرف للمهرجان الذي ينطلق برعاية خادم الحرمين الثلاثاء المقبل

صورة خاصة بـ«الشرق الأوسط» من معرض مشاركات الصين وتحضيراتها للمشاركة في الجنادرية (تصوير: أشواق بندر)
TT

ينتظر أن تطل الصين في الثالث من أبريل (نيسان) المقبل بمهرجان الجنادرية السعودي الذي ينطلق برعاية خادم الحرمين الشريفين، متألقة بحلة الأزياء الراقية أو ما يعرف عالميا بـ«الهوت كوتور» نسبة لاسمها الفرنسي الأصل.

وتم تنسيق الأعمال التحضيرية بين وزير الثقافة الصيني لي هونغ فنغ ونظيره السعودي الدكتور عبد العزيز خوجه، لاتخاذ الجناح الصيني المشارك «الجمال» كموضوع رئيسي يظهر معالم الحضارة الصينية التراثية والعصرية من خلال العروض داخل وخارج الجناح، بالإضافة إلى الندوة الثقافية الخاصة حول العلاقات الثقافية الصينية - السعودية. ويتضمن الجناح الصيني الممتد على مساحة ألفي متر مربع داخل أرض الجنادرية، ثلاثة أجزاء تجسد موضوعات خلق الحضارة، والمشاركة الحضارية والتبادل الحضاري، بينما قسم المعرض المصاحب إلى أربعة أركان تحكي حول «عالم المطرزات الحريرية»، و«تذوق العذوبة والعتيق»، و«أرض التأديب والتهذيب»، و«تخطي العصور والقرون» ليظهر من خلالها سحر الحضارة الصينية التقليدية والحديثة، ومصدر ثقافة الطريق الحريري بين الصين والسعودية.

اختيار شعار «الصين بلاد تتألق جمالا» كان تأطيرا لمشاركة الصين في تعزيز التواصل الثقافي بينها وبين السعودية باعتبارها دولة ضيف شرف في الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان الجنادرية الوطني السعودي للتراث والثقافة لهذا العام، وذلك بحسب ما أعلن عنه رسميا من قبل رئيس مجلس الدولة الصيني السابق سيد ون جيا باو.

وسيطلع زوار جناح الصين على مسيرتها التاريخية في مجال الأزياء، من حرف تطريز النسيج الحريري يدويا إلى انتمائها لخط «الهوت كوتور» بالأزياء الصينية الراقية. وتشهد المشاركة الثقافية للصين بمهرجان الجنادرية أياما مخصصة لعرض ثقافة صينية مختلفة، كيوم شرب الشاي، ويوم الفن الخزفي، ويوم أزياء قومية الهان، ويوم خط اليد، بالإضافة إلى عرض المواد الغذائية المستخدمة في الطب الصيني التقليدي، والوسائل المعاصرة للمحافظة على الصحة، مرورا بالفنون الصينية الخمسة «الأدوات الموسيقية، والكتب، والشاي، والأزهار، والبخور»، علاوة على عرض الخزف الصيني الذي ذاعت شهرته في أنحاء العالم، والأدوات الموسيقية الخزفية الدقيقة في جينغدتشن، وحضارة الطريق الحريري العريق، إلى التبادلات الثقافية المكثفة منذ التأسيس الدبلوماسي بين البلدين، وانتهاء بما وصلت إليه من مكانة أهلتها لأن تتحكم في صناعة القرار العالمي وأن تكون محركا أساسيا لمراكز القوى الاقتصادية.

وتنبثق مشاركة الصين عبر فعالياتها الخاصة بمهرجان التراث والثقافة السعودي من منطلق «مشاركة الثقافة مع العالم» باعتباره محورا رئيسا لتصميم العروض التي تبرز للمواطنين السعوديين والوفود الزائرة، نظرة شاملة وعميقة للثقافة الصينية التي تمزج بين الموروث التقليدي العتيق والتنمية الإبداعية الحديثة، ممثلا فرصة سانحة لمتابعة أبهى حوار يجسد الصراع بين الأصالة والحداثة وتتلاحم فيه التقاليد مع الإبداع.

الجدير بالذكر أنه تم تنظيم فعاليات مهرجان هذه الدورة برعاية مشتركة من وزارة الثقافة الصينية، ومكتب شؤون الديانات التابع لمجلس الدولة، وحكومة بكين الشعبية، وحكومة مقاطعة جيانغشي الشعبية، وحكومة مقاطعة قانسو الشعبية، وسفارة جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية، توازيا مع ما يربو على 11 مؤسسة صينية بالسعودية، لتنضم الصين إلى قائمة أبرز الدول المشاركة كضيف شرف بالمهرجان كتركيا وروسيا وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، مما جعل «الجنادرية» واحدا من أهم المهرجانات ليس على المستوى المحلي فحسب، إنما على مستوى منطقة الشرق الأوسط، حيث يتراوح عدد زواره كل عام ما بين 5 إلى 8 ملايين زائر.

ويعد مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة، الذي ينظمه سنويا الحرس الوطني السعودي، تجمعا ثقافيا لمناسبة تاريخية تؤصل التراث الوطني في نفوس السعوديين جيلا بعد جيل، بالمحافظة على تاريخ وعادات وتقاليد مناطق السعودية، وعرضها في قرية ثقافية بمساحة واسعة على أطراف العاصمة السعودية الرياض، تفتح أبوابها لاستقبال الزوار بداية فصل الربيع من كل عام.

ويستعرض ضمن أيام الجنادرية الثقافية عادات وثقافات اشتهرت بها مناطق السعودية وأهاليها، كالحرف اليدوية، والرقصات الشعبية، والمأكولات، والأسواق الشعبية، حيث يطلع الزائر على التراث القديم عن كثب عبر التجول في القرية الشعبية المقسمة لمبان من المناطق السعودية الإدارية، مع مشاركة دول الخليج في بعض أركان الحرف الشعبية. وأضيف العام الماضي مدرسة الكتاتيب، حيث تقدم للزوار فقرة تمثيلية يقوم فيها «المطوع» (المعلم) بتعليم طلابه أساسيات القراءة والكتابة، وتعليم القرآن الكريم، وعرض الألعاب الشعبية في ساحة لاستعراض ما كان يمارسه الطلاب في الماضي عند خروجهم من المدرسة. ركن «المزرعة التقليدية» ضم أيضا كإحدى إضافات العام الماضي لفعاليات المهرجان، لعرض حرفة الزراعة التراثية قديما وما يصاحبها من أهازيج وطرق زراعية في بذر الحبوب والحصاد، والحراثة، لعرضها أمام الجمهور طوال أيام الجنادرية.

وتشارك الجهات الحكومية والمؤسسات العامة وبعض المؤسسات الخاصة والشركات الكبرى بأجنحة خاصة تعرض فيها ما وثقته من بداية نشأتها في السعودية، وعرض أعمالها ومنجزاتها في الوقت الحاضر. ويتميز «الجنادرية» بسباق الهجن السنوي، الذي ذاع صيته محليا وعلى المستوى الإقليمي، علاوة على الأيام الثقافية الملحقة بالمهرجان والمخصصة للندوات، والأمسيات الشعرية، بعد فصل معرض الكتاب الدولي بالرياض عن ساحة المهرجان، وتخصيص الأسبوع الأول من مارس (آذار) لإقامته بشكل مستقل سنويا.

ويكمن السر في تميز صالة الفنون بـ«الجنادرية» والمخصصة للفنون التشكيلية، لكونها تحوي لوحات ورسومات مشاركة لأبرز رواد الحركة التشكيلية الفنية بالسعودية، بالإضافة لمشاركة الفنانين المغمورين من السعودية والخليج الذين يحرصون على عرض لوحاتهم المعبرة عن موضوع المعرض «التراث والثقافة» السعودية، عبر ترشيحهم من قبل جامعاتهم وجمعيات الثقافة والفنون بمناطقهم. وتضم صالة الفنون بمهرجان التراث والثقافة سنويا جناحا للفنون التشكيلية، وجناح الخط العربي، بالإضافة لجناح التصوير الضوئي، وجناح مخصص للأعمال الفنية لذوي الاحتياجات الخاصة. وتقام بصالة الفنون وخارجها ورش فنية حية يقدمها عدد من الفنانين السعوديين في الرسم والنحت والتصوير الضوئي والخط العربي أمام الزوار.

واعتبارا من العام الماضي، خصص المهرجان فعاليات نسائية بشكل مستقل داخل القرية، للاهتمام بكل الأنشطة التراثية النسائية وما يخص المرأة السعودية تراثيا وثقافيا، كما انصبت الأنشطة بالمحافظة على التراث وإحيائه من خلال تنظيم عدة نشاطات متنوعة لتتناسب مع جميع الفئات العمرية لزائرات المهرجان من السعودية وخارجها. وتتنوع المشاركات التراثية بعرض نماذج لنشاطات المناطق وحرفها المتعددة ضمن نشاطات اللجنة النسائية في خصوصية تامة تتيح للزائرات حرية المشاركة وتبادل المعلومات والاستفادة من الأنشطة النسائية في أجواء تراثية، حيث عمدت اللجنة إلى توزيع الأنشطة على السوق الشعبية النسائية والقاعة الكبرى.

وشملت الأركان التراثية عرضا للحرف والمشغولات اليدوية النسائية، كصناعة السدو وصناعة الصابون الطبيعي قديما في منطقة الجوف (شمال السعودية) والحياكة التراثية بالقصب والحرير لملابس منطقة عسير (جنوب السعودية) والمأكولات والأدوات المستخدمة في كل منطقة قديما والتطورات التي أضيفت إليها بأيدي الفتيات السعوديات ليمثل كل وفد نسائي الأنماط المعيشية المختلفة للمرأة في السعودية، وكذلك شكل السوق الشعبية النسائية نقل حي للتراث السعودي.

وتابعت اللجنة النسائية لمهرجان التراث والثقافة (الجنادرية) تنفيذ كل الأنشطة التي تصب في إثراء الثقافة التراثية للمرأة السعودية، وتتركز مواقعها خلال المهرجان في منطقة القاعة الكبرى (المسرح) ومناطق معينة من السوق الشعبية بالقرية النسائية في المهرجان، حيث يشكل النشاط التراثي الثقافي أحد الأنشطة للجنة النسائية بمشاركة العديد من الجهات الحكومية والخاصة لربط التراث بالجيل الحالي، علاوة على تقديم عروض أزياء تراثية معاصرة لدعم السعوديات الموهوبات في هذا المجال وتعريف الزائرات من خارج السعودية بهذه المواهب من خلال العروض اليومية.