فوبيا «غش العيار» تسيطر على مرتادي أسواق الذهب المحلية

عضو لجنة الذهب بجدة: انسحاب الدخلاء على المهنة من السوق قلل من مستوى التلاعب

ساهم الانتشار الواسع لمحلات الذهب محليا والأسواق العشوائية في ظهور بعض الدخلاء على المهنة.. وفي الصورة سيدة سعودية تتفحص عددا من أطقم الذهب في العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

كشف متعاملون في قطاع الذهب السعودي بأن نحو 15% من ورش ومصانع الذهب (الصغيرة والمتوسطة) خرجت من السوق خلال العام المنصرم، مؤكدين أن ذلك قلل بدوره من ظاهرة الغش في عيار الذهب، في ظل أزمة الثقة التي نشأت بين المستهلك وسوق الذهب السعودية مؤخرا، نتيجة التخوف من الوقوع في فخ التلاعب بعيار الذهب وختمه بأختام مزيفة من الورش التي يعمل بعضها بشكل غير نظامي.

وأكد أحمد الشريف، عضو اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة في مجلس الغرف السعودية، أن عدد المصانع والورش أصبح أقل بسوق الذهب مما أسهم في تنظيم السوق، موضحا أن حالات الغش والتلاعب تقلصت تبعا لذلك الإجراء، ولافتا أن اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة تعمل حاليا على محاربة الدخلاء على المهنة، والورش التي تعمل بنظام التستر والورش غير المرخصة.

من جهته، أكد صالح بن محفوظ، عضو لجنة الذهب والجواهر في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن التلاعب بعيار الذهب ظاهرة منتشرة، مضيفا القول: «ما دامت هناك ورش غير مرخصة دخيلة على المهنة، فالتلاعب مستمر، وإن كان أقل حاليا من السابق»، وتابع قائلا: «الذهب المصنع في السعودية بشكل عام كثيرا ما يتم التلاعب في عياراته».

وأفاد بن محفوظ، أن التلاعب في عيار الذهب يتم داخل ورش تعمل في حارات بعيدة عن حركة السوق ويقوم عليها عمالة وافدة من شرق آسيا، مؤكدا أن البعض يصنع أختاما مزيفة للمصوغات الذهبية، الأمر الذي يتطلب إجراء تحليل للقطع من قبل الخبراء لمعرفة العيار، حسب قوله.

وكشف أن بعض كبار تجار الذهب قلصوا عدد أفرع محلاتهم بنحو 50% خلال آخر سنتين، قائلا: «أسعار الذهب قفزت لحدود 6 أضعاف في السنوات الأخيرة، بالتالي قل الشراء، مما دفع بعض التجار لترك السوق والبعض الآخر قلص عدد الفروع»، مشيرا إلى أن كثيرا من ورش الذهب والمصانع الصغيرة خرجت من السوق بصورة نهائية بسبب ارتفاع أسعار الذهب ومتطلبات التشغيل من تجديد رخص ونحو ذلك، وهو ما يراه أسهم في تنظيم سوق الذهب عملا بمقولة «البقاء للأقوى».

وحول أزمة التلاعب والغش في الذهب التي أصبحت تخيف المستهلك السعودي، يعود الشريف للقول: «أعتقد أن هناك مبالغة في هذه المخاوف، لأنه توجد معايير صارمة في سوق الذهب السعودية من وزارة التجارة، تجعل الجميع حريصا كل الحرص على عدم التلاعب»، وأوضح الشريف أن التلاعب في العيار يكبد الجاني غرامة تقدر بنحو 100 ألف ريال، إلى جانب إغلاق المصنع وإغلاق المحل واحتمالية التعرض للسجن، وتابع القول: «هناك ضوابط رادعة، والأمر ليس سهلا أبدا».

وبسؤاله عما يطالب به البعض من توفير شاشات عرض صغيرة داخل محلات الذهب توضح للمستهلك حركة أسعار الذهب، يقول الشريف: «المستهلك لن يستوعب ذلك، لأن السعر العالمي الموجود في الشاشات ليس نفس السعر الذي يكون في المحل، فالذي بالشاشة هو عيار 24 وهو الذهب الصافي، ويتم أخذه ليتحول إلى عيار 21 أو عيار 18. وليس جميع المستهلكين بإمكانهم تمييز ذلك»، مشيرا أن الأغلبية اليوم أصبحوا يعتمدون على الهواتف الذكية لمتابعة أسعار بيع وشراء الذهب بشكل يومي.

من جانبها، أوضحت نجلاء العبد القادر مصممة الجواهر السعودية، تفاصيل عملية الغش بالعيار، في ورقة بحثية أعدتها مؤخرا عن الغش في الذهب والجواهر، وأن التلاعب يتم بالعيار أو الوزن عبر إضافة معادن أخرى فوق النسب المصرح بها دوليا والمتعارف عليها، قائلة: «عيار 24 يزن 1000 غرام، والغش أن تتم إضافة أكثر من 333 غراما من معدن النحاس على الكيلو الواحد لعيار 24 فيصبح أقل من عيار 18».

وتابعت العبد القادر: «كلما زاد النحاس والمعادن الأخرى التي يمكن صهرها مع الذهب الثمين أكثر، فإنه قد يصل إلى عيار 9 و10 ومن ثم يختمونه بعيار 21». وأشارت إلى أنه يتم كذلك الغش في لون الذهب، قائلة: «يتم السيطرة عليه في النهاية بالطلاء الذي له عدة ألوان يتم التحكم فيها (فاتحة - داكنة) سواء لعياري 21 و18 أو عيارات أخرى».

وتناولت العبد القادر خلال بحثها، حالات الغش الأكثر شيوعا في سوق الذهب، والتي تشمل: «شراء ذهب مستعمل نظيف على أساس أنه ذهب جديد، وبيع قطع من الذهب وبها أحجار تفوق 5% من المتعارف عليه وبيعها على أساس وزن القطعة كاملة، بيع الأحجار غير المعروف منشؤها ووزنها ودرجة نقاوتها على أساس أنها أحجار ثمينة، وصياغة الذهب بحيث يكون مجوفا من الداخل بالشمع أو أي معدن آخر».