السياحة السعودية.. استثمار واعد وفرص وظيفية

انطلاق الملتقى السادس للسفر في الرياض بجلسات علمية وورش عمل

يتزامن هذا الملتقى مع مناسبة عزيزة وهي انطلاق مهرجان الجنادرية برعاية خادم الحرمين الشريفين
TT

جاء افتتاح الأمير خالد بن بندر، أمير منطقة الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، مساء أول من أمس الأحد، الدورة السادسة لملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي 2013 الذي تنظمه الهيئة العامة للسياحة والآثار في مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات؛ انطلاقا لتأكيد أهمية الاستثمار في السياحة والنمو الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.

وأكد أمير الرياض رئيس مجلس التنمية السياحية في المنطقة، أن هذا الملتقى يقام بالتزامن مع ما تحققه السياحة الوطنية من تطور ملحوظ وإقبال كبير من مختلف شرائح المجتمع السعودي، وذلك في ظل رعاية واهتمام كبيرين من قيادة هذه البلاد، حيث يتطلع الجميع من السياحة إلى أن تقوم بدورها في نمو العوائد الاقتصادية للمناطق، وتوفير فرص العمل للمواطنين في مناطقهم ومحافظاتهم، وربطهم بحضارة بلادهم العريقة.

وأضاف: «إن هذا الملتقى يأتي بالتزامن مع ما تحققه السياحة الوطنية من تطور ملحوظ وإقبال كبير من مختلف شرائح المجتمع السعودي، حيث سيتطلع الجميع إلى سياحة داخلية متميزة وموفرة لفرص العمل للمواطنين في مناطقهم ومحافظاتهم، فلم تعد السياحة أمرا كماليا، بل أصبحت وسيلة ضرورية ومهمة لتعريف المواطنين بما تزخر به بلادهم من مقومات وإمكانات طبيعية وحضارية وتراثية، ما يوطد علاقات المجتمع ويزيد من ترابط أفراده ويرسخ روح المواطنة لديهم، وينمي اعتزازهم بثقافتهم».

وقال: «لقد سعدت مؤخرا برئاسة مجلس التنمية السياحية في منطقة الرياض، وهي فرصة للتأكيد على أهمية هذا القطاع لمدينة كبيرة وعالمية مثل العاصمة، وحيث نسعى جميعا للإسهام في رقي هذا القطاع والنهوض به ليكون وفق تطلعات ولاة الأمر وأهالي وزوار منطقة الرياض، بتنسيق كامل مع الهيئة العامة للسياحة والآثار، التي نقدر لها جهودها الملموسة في هذا المجال، آملين في الوقت نفسه العمل على توحيد الجهود، والتنسيق مع جميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص في العاصمة، لتوفير المنتجات والأنشطة والخدمات السياحية التي تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع وبما يتلاءم مع ثوابتنا».

من ناحيته، قال الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار: «أنا اليوم أشعر بتفاؤل كبير جدا، ودعوني أفتتح هذا الملتقى بالتفاؤل، وأستطيع أن أقول كرئيس مجلس إدارة الهيئة إننا متفائلون ومستشرفون عصرا جديدا تتسارع فيه التنمية السياحية ويتنامى فيه اهتمام المواطن بالتراث، والذي بدأ حقيقة ينتقل انتقالا كاملا نحو الاهتمام بهذا التراث والوعي بأن هذا البلد لا يقوم فقط على آبار نفط، لكن يقوم على ملحمة تاريخية قامت عليها حضارات وتأسست عليها وحدة عظيمة نعيشها اليوم وننعم تحت ظلها».

وأشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى القرارات التي أصدرتها الدولة منذ ملتقى العام الماضي والرامية إلى تطوير السياحة الوطنية وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج وموفر كبير لفرص العمل للمواطنين، مؤكدا أن صدور هذا القرارات المهمة في عام واحد يؤكد على ما يلقاه تطوير السياحة الوطنية، والاستثمار السياحي، والآثار والمتاحف، والتراث الوطني، وبرامج التدريب المتخصصة للمواطنين؛ من دعم متواصل من الدولة.

واستطرد الأمير سلطان بن سلمان «لا يفوتني أن أشكر المواطن السعودي الذي دائما وأبدا على قدر التحدي في وقت قلة الموارد، وها هو الآن يقبل التحدي في بناء هذا الوطن العظيم في هذه المنطقة الحساسة والمنطقة المتقلبة من العالم. ونحن نشهد هذا النمو الاقتصادي الكبير وهذا الاستقرار بفضل اجتماع الناس على كلمة واحدة، وعلى العقيدة الصافية التي جمعت كلمتهم وحولت إنسان الجزيرة العربية من إنسان يصارع البيئة ويتصارع مع جاره، إلى إنسان مستقر يعمل في المهن المتنوعة ويعمل مع جاره وصديقه وأخيه لبناء الخير».

متابعا: «يتزامن هذا الملتقى مع مناسبة عزيزة علينا ونعتبرها مصدر فخر واعتزاز، وهي انطلاق مهرجان الجنادرية برعاية خادم الحرمين الشريفين، وهذه المناسبة تأتي كخير ربط لهذا التاريخ العظيم من بلادنا عندما نسي الناس هذا التراث العظيم أو انشغلوا عنه، عندما نسينا أن التنمية والتراث هي جزء لا يتجزأ من الكل، ولا يمكن أن يكون هناك وجود لوطن نام ومواطنين مستقلين دون أن يعرفوا تاريخ بلادهم ويعرفوا عنه من خلال ما يُقرأ في المواقع التراثية، ولذلك نحن نرحب بتزامن هذا الملتقى مع الجنادرية بالصدفة، وهذا الملتقى يعتبر ملتقى أساسا لصناعة السياحة الوطنية، والسياحة بحسب منظمة السياحة العالمية تعد اليوم صناعة اقتصادية متكاملة، ولذلك هذا الملتقى يأتي لتبادل الآراء مع المهتمين والتقاء الشمل والإعلان عن المشاريع وربط المستثمرين مع بعضهم البعض».

وأكد رئيس الهيئة أن السياحة الوطنية لم تعد فقط مهمة اقتصادية، بل مهمة اجتماعية وأمنية وسياسية، وأن ما تم عمله في تنمية البلاد وتنمية المواطنين وما تم تحقيقه من هذه التنمية، خاصة التسارع الكبير والنمو في البنية التحتية والبنية البشرية؛ هو أمر شبه مذهل بالنسبة للزائر: «فما بالك بالمواطن الذي يذهب اليوم للسياحة خارج بلاده ويهاجر هجرة شبه موسمية بعيدا عن بلاده وعما يتم فيها، والتي ما زالت غير مهيأة لأن تستقبله كسائح أو ضيف»، مشددا على أن هذا الملتقى ليس للهيئة فحسب، بل هو لجميع الشركاء، وأولهم المواطن، الشريك الأساسي في التنمية السياحية، والذي يسجل باسمه كل إنجاز يتحقق على أرض الواقع.. وإذا كان هناك قصور من الهيئة أو أي من شركائها، في القطاعين العام والخاص، فهو تقصير في حق المواطن، الذي يؤكد خادم الحرمين الشريفين في كل مناسبة أن جميع مؤسسات الدولة وكافة مسؤوليها مسخّرة لخدمته.

وقال: «لقد صاحب الإقبال الكبير والمتزايد من المواطن السعودي تجاه السياحة في وطنه، ووعيه بإمكانات بلاده السياحية؛ صدور عدد من قرارات الدولة المهمة لتحسين الخدمات السياحية ورفع جودتها، وتحفيز الاستثمارات السياحية الكبرى، وزيادة البرامج والفعاليات السياحية المتميزة، وهو ما يجعل الهيئة وجميع شركائها مطالبين أكثر من أي وقت مضى بتحقيق التطوير المنشود للخدمات والمرافق والفعاليات التي يتطلع إليها المواطن والأسرة السعودية، ليقضوا إجازاتهم في وطنهم، ويستمتعوا ببلادهم، ويتعرفوا على حضارتها وتراثها الأصيل، ويعيشوا الوطن بجماله وإرثه الحضاري العريق، وأن تكون لهم ولأبنائهم ذكريات جميلة توطد ارتباطهم بوطنهم، وتاريخه المجيد».

وأشار إلى أبرز القرارات المهمة المتعلقة بالسياحة والآثار والتراث العمراني والتي صدرت من المقام السامي ومجلس الوزراء بعد إقامة الملتقى في دورته العام الماضي، وهي الموافقة على الاستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية وخطتها التنفيذية الخمسية، والتي سيوفر تنفيذها فرص عمل كريم لقطاع عريض من المواطنين، إضافة إلى إقرار مجلس الوزراء عددا من التوصيات المهمة لمعالجة ارتفاع أسعار الخدمات السياحية وأسعار مرافق الإيواء السياحي، والموافقة على تخصيص دعم مالي لتوفير البنية الأساسية إلى حدود الوجهة السياحية في «العقير» في المنطقة الشرقية بمبلغ 1.4 مليار ريال، حيث سيسهم ذلك في إنجاز مشروع تطوير ساحل العقير كوجهة ساحلية واسعة النطاق، ومتعددة الاستخدامات، إضافة إلى موافقة مجلس الوزراء على تأسيس شركة مساهمة قابضة لتطوير واستثمار المباني التراثية في الإيواء والضيافة التراثية، ومساهمة الدولة في رأسمالها، وهو ما يُعد مرحلة جديدة لدعم الاستثمار في مواقع التراث العمراني، وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج.

من جهته، أشار الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط، إلى استهداف خطة التنمية التاسعة الوصول بالفرص الوظيفية في قطاع السياحة إلى نحو 462 ألف وظيفة، إضافة إلى زيادة فرص التدريب السياحي إلى 245.7 ألف فرصة تدريبية لزيادة فرص عمل السعوديين، مشيرا إلى أن التنمية السياحية التي تنشدها السعودية يجب أن ينتج عنها خفض نسبة الإنفاق على السياحة المغادرة، كون السعودية مصدرة كبيرة للإنفاق السياحي، موضحا أن الإنفاق بلغ 61 مليار ريال في 2011. دون أن تشمل مصاريف النقل الدولي، مرتفعا من 28 مليارا في عام 2009. مقارنة بـ36 مليار ريال يتم إنفاقها على السياحة المحلية في نفس العام.

وبيّن وزير الاقتصاد والتخطيط أن إحصائيات منظمة السياحة العالمية لعام 2012 تشير إلى أن عدد الرحلات السياحية العالمية قد نما بمعدل 4%، ليصل إلى أكثر من بليون رحلة سياحية، مشيرا إلى أن الاقتصادات الناشئة ودول آسيا والباسفيك تستحوذ على الحصة الأكبر من هذا النمو، بينما سجّل معدل نمو السياحة في دول الشرق الأوسط قيمة سالبة قدرها - 3% في نفس العام، وبلغ نصيبها من الرحلات السياحية 53 مليون رحلة بنسبة 5% فقط من إجمالي الرحلات السياحية العالمية، مساوية بذلك لأفريقيا، ومقارنة بـ535 مليون رحلة سياحية لأوروبا تمثل 51% من عدد الرحلات السياحية في العالم، و233 مليون رحلة سياحية في آسيا تمثل 23% من حجم تلك الرحلات.

وعن السياحة في السعودية، أوضح وزير الاقتصاد والتخطيط أن البلاد تمتلك موارد طبيعية وتراثية متنوعة، ومرافق سياحية متعددة، وبنية أساسية جيدة؛ تستطيع الإسهام في قطاع السياحة، وبالتالي دعم الناتج المحلي الإجمالي وتوفير الفرص الوظيفية. وبيّن وزير الاقتصاد أن نسب الإنفاق على الرحلات السياحية إلى خارج البلاد، بحسب الغرض من الرحلة، تشير إلى أن السياح المغادرين ونسبتهم 38.8%، يقومون بهذه الرحلات لقضاء أوقات العطلات والفراغ، مؤكدا الحاجة إلى تكثيف عوامل الجذب السياحي المحلي، وتكثيف الإعلام بالمقومات السياحية المتوفرة لجذب هذه النسبة الكبيرة من السياح الذين يُغادرون السعودية، ما يؤدي إلى توطين جزء أكبر من الإنفاق على السياحة.

وأضاف الوزير أن السعودية بحاجة إلى توفير مناشط سياحية تجذب جميع السكان، بمن فيهم المقيمون إقامة عمل، حتى تستطيع خفض حجم التحويلات الضخمة إلى خارج البلاد، وذلك من خلال إنفاق جزء مقدّر من هذه التحويلات على السياحة الداخلية، الأمر الذي يسهم في إعادة توازن بند الخدمات والتحويلات في ميزان المدفوعات، والذي سجّل عجزا بنحو 250 مليار ريال في 2011.

وطالب وزير الاقتصاد بالتركيز على المناشط السياحية المنتمية لواقع البيئة المحلية، مثل سياحة الصحراء، وممارسة بعض الرياضات البحرية، إضافة إلى تشجيع إنتاج وعرض الحرف والصناعات اليدوية التي يمكن أن تجذب مجموعة كبيرة من المواطنين للعمل فيها.