مسؤولون ومختصون: أوامر خادم الحرمين «اخترقت» الجمود في «تملك المواطنين» للمساكن

«البلدية» و«الإسكان» تجتمعان لتنفيذ القرار.. والأمانات تبدأ تسليم الأراضي

الأمير منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية، ود. شويش الضويحي وزير الإسكان، خلال لقائهما في الرياض أمس (واس)
TT

اخترقت القرارات الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أول من أمس؛ الجمود في أزمة السكن التي أصبحت إحدى أهم المعضلات التي تواجهها السعودية والتي تقف حجر عثرة أمام خطط التنمية المتتابعة.

وتنفيذا للقرارات الملكية التي حملت صبغة التنفيذ الفوري، اجتمع أمس الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، والدكتور شويش بن سعود الضويحي، وزير الإسكان؛ وذلك في خطوة لبدء تنفيذ الأمر السامي القاضي بتسليم جميع الأراضي الحكومية المعدة للسكن، بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح، لوزارة الإسكان؛ لتتولى تخطيطها وتنفيذ مشروعات البنية التحتية لها، ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق.

وقال وزير الشؤون البلدية والقروية إن القرار مطلب لوزارة الشؤون البلدية والقروية التي تحملت طوال العقود الماضية مسؤولية تطوير الأراضي الحكومية ومخططات المنح وتوزيعها قبل استحداث وزارة الإسكان التي أصبحت صاحبة الاختصاص الأصيل في توفير الأراضي السكنية وإنشاء المساكن وتنفيذ مشروعات البنى الأساسية لمخططات المنح.

وأكد الأمير منصور أن الأمر الملكي يضع الأمور في سياقها الصحيح، ويتيح لوزارة الإسكان ممارسة اختصاصاتها في تنفيذ سياسات الدولة لتوفير السكن لأبناء الوطن من دون تعارض مع مسؤوليات واختصاصات الجهات الأخرى، مشيرا إلى أن وزارته بصدد التعميم لجميع الأمانات والبلديات لإنفاذ ما تضمنه الأمر وتسليم المخططات المعدة للسكن، وكذلك المخططات الجاري تزويدها بالخدمات لوزارة الإسكان خلال الأيام القليلة المقبلة.

إلى ذلك، قال الدكتور الضويحي إن وزارة الشؤون البلدية والقروية طوال السنوات الماضية قدمت جهدا كبيرا في توفير الأراضي للجهات الحكومية والمواطنين عبر برنامج المنح السكنية، مشيرا إلى وجود تنسيق كبير وتعاون بين وزارة الشؤون البلدية والقروية في إنفاذ ما تضمّنه الأمر السامي الكريم خلال الفترة المقبلة.

وقال وزير الإسكان إن وزارته بدأت تنفيذ قرار خادم الحرمين الشريفين بتوفير السكن المناسب للمواطنين فور صدوره، مشيرا إلى أنها تقوم حاليا بتجهيز أكبر قدر من الأراضي المكتملة بالخدمات لتُسلَّم للمواطنين في أسرع وقت ممكن وفق برنامج دقيق وعادل لوصول هذا الدعم إلى مستحقيه.

وبيّن الضويحي أن الهدف من القرار تعجيل وتسريع وصول الدعم إلى مستحقيه في الإسكان، موضحا أن الوزارة ستقوم بتخطيط المواقع وفق أفضل الاشتراطات الفنية، وأيضا إقامة بنى تحتية متميزة للمواطنين، ومن ثم توزيع هذه الأراضي على المستحقين وإعطائهم قروضا ليتم البناء بها.

ولفت إلى أن من مميزات هذا القرار تعزيز رغبة المواطنين في التميز في المسكن وفي التصميم، قائلا «إن هذا القرار سيعزز هذا الأمر ليحصل عليه كثير من المواطنين؛ لأنهم يريدون أن يكون تصميم منزلهم فريدا». وأضاف الشويش في تصريحات صحافية أن وزارته ستستمر في العمل على إنهاء المشاريع القائمة للوحدات السكنية، والتي تتمثل في بناء عدد من الوحدات السكنية، إضافة إلى تنفيذ القرار الحالي بتطوير الأراضي وتقديم قروض للبناء للمواطنين.

إلى ذلك، قال محمد بن علي العبداني، مدير عام صندوق التنمية العقارية، إن «أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يأتي تأكيدا لما يوليه العاهل السعودي من رعاية واهتمام ودعم ومساندة للمواطنين لتوفير السكن المناسب لهم، وسيكون لهذا القرار أثره الواضح والفعال في تعجيل وتسريع بناء المساكن، كما سيكون له دور في إيجاد توازن بين العرض والطلب وسينعكس أثره على سوق العقار بصفة عامة، ويسهم في حل أزمة الإسكان».

وأضاف العبداني أن صندوق التنمية العقارية جزء رئيس من المنظومة الداعمة للإسكان في المملكة، وسيواصل خطواته جنبا إلى جنب مع وزارة الإسكان، بمتابعة وتوجيه من وزير الإسكان رئيس مجلس إدارة الصندوق؛ لتحقيق رؤية وتطلعات خادم الحرمين الشريفين للإسكان بصورة عامة.

من جانبه، أعلن المهندس صالح بن أحمد الأحمد، أمين منطقة القصيم، أن لدى الأمانة مخططات كثيرة ستكون متاحة وتحتاج إلى خدمات، إذ يوجد في مدينة بريدة مخطط النقيب الذي يحتوي على قرابة 2000 قطعة، ومخطط جنوب بريدة، وآخر في شرقها، كما توجد مخططات متعددة في محافظات منطقة القصيم ستكون تحت تصرف وزارة الإسكان وفق التوجيه الكريم.

وأبان أن الأمانة قدمت قبل فترة عشرة ملايين متر مربع في ضاحية الطرفية لوزارة الإسكان، كما تم تسليمها أراضي أخرى في محافظات المنطقة.

من ناحيته، توقع الدكتور طارق فدعق، عضو لجنة الإسكان في مجلس الشورى، حلحلة أزمة امتلاك المواطنين للمساكن خلال خمسة أعوام بعد نقل برنامج الأراضي والخدمات من وزارة الشؤون البلدية إلى وزارة الإسكان. وقال فدعق لـ«الشرق الأوسط» إن الآلية الجديدة ستسهم في توفير الأراضي المخدومة بالبنية التحتية والمطورة التي يمكن للقطاع الخاص البناء عليها، مشددا على أن الهدف من توفير الأراضي هو الإسكان بالدرجة الأولى، الأمر الذي سينعكس على الإسراع في تشييد 500 ألف وحدة سكنية أمر بها خادم الحرمين الشريفين في وقت سابق للفئات محدودة الدخل، ورصدت لها ميزانية مالية تصل إلى 250 مليار ريال.

ولفت إلى أن برنامج منح الإسكان الذي تأسس منذ 40 عاما سار باتجاه تمكين المواطنين من بناء مساكن لهم، مبينا أنه يتوقع أن تتقلص قوائم الانتظار لدى صندوق التنمية العقارية الذي يوجد به حاليا 528 ألف طلب متراكم. وشدد على أن مجلس الشورى طلب زيادة الدعم المالي للصندوق بمقدار 50 مليار ريال سنويا؛ لتمكينه من تحقيق مهامه، نافيا في سياق آخر انتهاء دور وزارة الشؤون البلدية في ما يتعلق باختصاص الإسكان، حيث لن تتوقف عن دورها في التصميم والتخطيط العمراني.

وكانت دراسة حديثة أعدها مركز «المستثمرون» في السعودية، قد كشفت عن أن التركيبة السكانية في السعودية يمثل اب فيها نسبة كبيرة تصل لنحو 60 في المائة، وهي ا العمرية للزواج والاستقرار والبحث عن مسكن، كما أن الزيادة السكانية (22.6) مليون نسمة، وتمركزها المدن الكبيرة التي شكلت عوامل مساعدة في زيادة الطلب الوحدات السكنية، إضافة لضعف القدرة الشرائية للمواطنين، أما المتغيرات الاجتماعية فتمثلت استقلالية اب ورغبتهم ا ا عن الأسرة الكبيرة، وهو عكس ما كان سائدا الماضي.

وذكرت الدراسة أن أبرز ملامح أزمة الإسكان السعودية انخفاض نسبة ملكية المساكن الخاصة 65 إ 55 في المائة، وارع الإيجارات بنسبة 30 في المائة، وما أته وزارة الاد والتخطيط تقدير حاجة ا الوحدات السكنية بنحو مليون وحدة، بحدود 200 ألف وحدة سنويا، وهو رقم كبير يبدو أن قدرات شركات التطوير اري بإمكاناتها الحالية درة تلبيته، وأن ھا الطلب الكبير تنتج عنه فجوة كبيرة اض والطلب.