مرحلة ثانية لـ«تأنيث المحلات» توفر 6 آلاف وظيفة للسعوديات خلال الشهرين المقبلين

تجار مستلزمات نسائية لـ «الشرق الأوسط»: نعاني من عدم جاهزية معارضنا

شهدت المرحلة الأولى من تأنيث محلات المستلزمات النسائية نجاحا محدودا، وينتظر أن تسهم المرحلة الثانية في رفع نسبة السعودة في القطاع («الشرق الاوسط»)
TT

طالب أصحاب محال بيع فساتين السهرة والعبايات من وزارة العمل والجهات المعنية بتطبيق قرار تأنيث محلات المستلزمات النسائية، وتمديد الفترة المقررة لبدء المرحلة الثانية من التأنيث، والتي من المقرر أن تنطلق في السابع من يوليو (تموز) 2013، مرجعين ذلك إلى عدم جاهزيتهم لخوض تلك المرحلة، وذلك لكبر القطاع الذي يبلغ حجمه ملياري ريال، وكثرة المحلات الخاصة به والموجود أغلبها في الأسواق الشعبية، التي تعاني من نقص الكوادر النسائية الراغبة في العمل في قطاع التجزئة في هذه الأسواق.

وأوضح يوسف السلامة مدير شركة «أنوال» للملابس النسائية والإكسسوارات بجدة، أن التأنيث السريع للمحلات التجارية من شأنه أن يؤثر على التجار ويضعف نشاطهم، مؤكدا سعيهم إلى تنفيذ قرارات وزارة العمل، ولكن ليس بهذه السرعة وقال: «نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت للتكيف مع تلك القرارات، فالتأنيث بهذه الطريقة عبارة عن ضغط على التجار، خاصة أننا ما زلنا نعاني من استهتار بعض الفتيات وعدم التزامهن بالدوام، الأمر الذي تسبب في خسارة لكثير من التجار»، مشيرا إلى أن أغلب الموظفات ليس لديهن أدنى اهتمام بالتبعيات السلبية والخسائر التي قد تقع على صاحب المحل جراء الترك المفاجئ للعمل.

واتفق عاطف السيد صاحب محلات لبيع العبايات مع السلامة حول حاجة السوق إلى مزيد من الوقت للتكيف مع بيئة العمل الجديدة، خاصة أن المجتمع كان مغلقا أبوابه فترة طويلة أمام عمل المرأة في قطاع التجزئة، مشيرا إلى عدد من المعوقات التي تواجه القطاع تتصدرها عدم جدية الفتيات والتزامهن بفترات الدوام، إضافة إلى كثرة الأعذار التي يقدمنها للتهرب من الدوام، الأمر الذي يسبب خسارة وغرامات خاصة في المحلات الواقعة بالمراكز التجارية والتي لا تتقبل الإغلاق المفاجئ، مبينا أنه يضطر لإغلاق المحل أكثر من يومين في الأسبوع الواحد بسبب تلك الأعذار.

من جهته، كشف محمد الشهري رئيس لجنة الأقمشة والملابس الجاهزة بالغرفة التجارية الصناعية بجدة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن وزارة العمل وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعكف على عقد اجتماع مع تجار محلات التأنيث لمناقشة آلية تطبيق المرحلة الثانية من القرار في الفترة القريبة القادمة، ولا سيما أن المهلة المقررة شارفت على الانتهاء، ولا بد من الالتزام بالتطبيق، معتبرا أن تلك القرارات من شأنها أن ترفع اقتصاد البلد وتوظيف الفتيات السعوديات.

وبين الشهري أن المرحلة القادمة من التأنيث تعتبر أصعب قليلا من المرحلة الأولى، نظرا لكبر حجم قطاع الملابس والعبايات والإكسسوارات، وعدم وجود كوادر نسائية ترغب بالعمل في هذا المجال، وقال: «يوجد في مدينة جدة ما يقارب 1900 محل منوع بين فساتين سهرة وعبايات، من شأنها أن تطرح فرصا وظيفية بنحو 6 آلاف وظيفة، ونحاول أن نوفر هذا العدد من الكوادر الوظيفية، إلا أن المشكلة التي قد تواجهنا هي عدم تقبل المجتمع والفتيات للعمل كبائعات».

وبين أن السبب في ذلك يرجع إلى قلة التوعية والتثقيف حول العمل في مجال البيع من قبل الجهات المعنية. وطالب الشهري وزارة الثقافة والإعلام ووزارة العمل بإطلاق حملات توعوية تثقيفية في مختلف وسائل الإعلام تتحدث عن أهمية تأنيث محلات المستلزمات النسائية وآليته، وعدم النظر لهذه الوظائف بالدونية، كما يسلط الضوء على الأسر التي تغير مستواها المعيشي بسبب توظيف بناتها في محلات تجارية.

وبين أنه إلى جانب تلك الصعوبات فإن إيجابيات تأنيث المحلات التي يصل حجم الاستثمار فيها سنويا إلى أكثر من ملياري ريال عديدة من بينها القضاء على التستر والمتخلفين، وتقليص حجم المحلات التي تعمل في هذا المجال بصورة غير نظامية، إلى جانب خلق فرص وظيفية كبيرة للفتيات.

وأشار إلى أن 60 في المائة من تلك المحلات غير مرخصة وتعمل بصورة غير نظامية، خاصة الموجودة في الأسواق الشعبية، متوقعا أن تتقلص بعد تطبيق قرار التأنيث بالشكل الصحيح بنسبة 30 في المائة.

وحذر الشهري من تحايل بعض محلات التأنيث على تطبيق القرار، مما يؤثر على مسيرة العمل ويتسبب في خسارة القطاع، حيث يقوم بعض أصحاب المحلات بإغلاق محلاتهم في الفترة الصباحية التي يوجد بها المفتشون، وفي المساء يتم فتح المحل بموظفين رجال، إضافة إلى أن بعض أصحاب تلك المحلات يسعون إلى تزويد عدد النشاطات حتى لا تكون مستلزمات نسائية فقط، ويتمكن من التلاعب بالقرار، وطالب رئيس لجنة الملابس بغرفة جدة بإخضاع الفتيات لتفتيش المحلات نظرا لدقة وحرص الفتيات ومعلوميتهم بالمستلزمات النسائية بشكل أكبر من الرجال.

في غضون ذلك، وجد القرار قبولا من الجانب النسائي، وأكدت فتيات تحدثن مع «الشرق الأوسط» وجوب تطبيق المرحلة الثانية من قرار التأنيث في وقته، مستدلات بذلك على نجاح المرحلة الأولى، والراحة التي أصبحن يشعرن بها عند تسوقهن في محلات بيع مستلزماتهن.

وبينت أشواق الزهراني، في العقد الثالث من عمرها، أنه بات بإمكانها أن تتسوق الآن بمفردها وتأخذ وقتها في معاينة السلعة التي ستشتريها وتسأل عنها من دون حرج أو تطفل من البائعين الذين لا يتوقفون عن إبداء ملاحظات حول السلعة ومدحها بطريقة قد تكون مستفزة للبعض.

ووافقتها الرأي إيمان أبو سلطان، طالبة في المرحلة الجامعية، حيث بينت أن قرار التأنيث أسهم في إيجاد فرص عمل لكثير من الفتيات المحتاجات، إضافة إلى أنه وفر لهن الجو المناسب للتسويق واختيار السلع، لكون البائعة من العنصر النسائي تتفهم متطلباتهن ورغباتهن من دون أن يسألن أو يطالبن بمزيد من الشرح. بينما تجد آلاء الأحمدي التي تعمل بائعة في محل لبيع الماكياج والعطور في أحد المراكز التجارية منذ ستة أشهر، أنه من الصعوبة أن تعمل كبائعة في إحدى الأسواق الشعبية التي ينقصها الكثير من الأمان بالنسبة للفتيات، وخاصة أن تلك المحلات مليئة بمختلف الأجناس والطبقات المجتمعية.

وقالت الأحمدي لـ«الشرق الأوسط» إن عمل المرأة في المراكز التجارية يعتبر أكثر أمنا من عملها في الأسواق الشعبية، التي لا يتوفر فيها المميزات الموجودة في المراكز كحراس الأمن إضافة إلى أن زائري المراكز التجارية غالبا ما يكونون من العوائل والنساء، كما أن هناك أماكن للراحة والصلاة على عكس الأسواق الشعبية.

وأضافت: «قد يحتاج تأنيث المرحلة الثانية الخاصة بالعبايات وفساتين السهرة والإكسسوارات لمزيد من الوقت والجهد حتى يتكيف المجتمع معه وخاصة أن مرتادي تلك المحلات الموجود أغلبها في الأسواق الشعبية من الشباب وليس العوائل، ومن مختلف الطبقات والجنسيات الأمر الذي سيجد رفضا من بعض الفتيات وأسرهن».

من ناحيتها، ترى سمر محمد التي تعمل منذ سنتين في محلات المستلزمات النسائية، حيث أجبرتها ظروفها العائلية على ذلك، أن هدفها من تلك الوظيفة هو وجود دخل يسد حاجتها وحاجة إخوتها الأربعة التي تعيلهم هي ووالدتها بعد وفاة والدها، مشيرة إلى أن قرار التأنيث يعتبر من أفضل القرارات التي اتخذتها وزارة العمل بالنسبة للمرأة.

وأكدت أن الفتاة التي تبحث عن «لقمة العيش» من شأنها أن تستمر بالعمل في أي مكان وهي محافظة على أخلاقها ودينها، لافتة إلى أن الجهات المعنية والقائمة على تطبيق القرار من شأنها أن توفر جميع المتطلبات لنجاحه، سواء من الناحية الأمنية أو المادية.

وقالت محمد لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت العمل منذ سنتين في محل لبيع المستلزمات النسائية بإحدى الأسواق الشعبية ولم أتعرض لمضايقات أو أشعر بالخوف في ظل وجود رجال الأمن ورجال جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين يترددون على السوق بشكل دائم»، مطالبة من الجهات المعنية وإدارة الأسواق الشعبية، تحديدا، بالنظر في توفير أماكن للعاملات وتخصيص دورات مياه لهن، إلى جانب أماكن للصلاة، خاصة أن فترة العمل في محلات البيع طويلة وتحتاج الفتاة لمكان ترتاح فيه قليلا، «كما هو معمول به في المراكز التجارية».

وفي السياق ذاته، بينت فاتن الشريف التي تعمل في تلك المحلات منذ سنة، أنها استفادت من العمل بشكل كبير سواء من الناحية المادية أو الخبرة العملية في مجال البيع والشراء والتعامل مع الناس، وذلك من خلال دعم الجهات المعنية لهن ووضع حوافز جيدة إلى جانب زرع ثقافة العمل الشريف لدى الفتيات، وشغل أوقات فراغهن بما هو مفيد.

وكان الدكتور فهد التخيفي وكيل وزارة العمل المساعد للتطوير، أكد مسبقا أن وزارته ستبدأ في تطبيق قرار تأنيث المحلات للمرحلة الثانية في الموعد الذي تم تحديده مسبقا، ولن يكون هناك أي تأجيل لهذه المرحلة، مؤكدا أن المهلة ستنتهي في غرة يوليو 2013، وستبدأ الوزارة بتطبيق العقوبات على المحلات المخالفة بعد انتهاء المهلة مباشرة.

كما بين أن وزارته لا تزال تعمل على توفير فرص وظيفية جديدة خلال الفترة المقبلة تتلاءم مع طبيعة المرأة السعودية ومراعاة خصوصيتها، وأشار إلى أن الوزارة راعت التأكيد على حقوق العاملات في هذا المجال التي يكفلها نظام العمل لهن.