مسؤولون وعقاريون: قرارات خادم الحرمين ستلغي المضاربة على الأراضي وتعيد التوازن لسوق الإسكان

الجهات الحكومية المرتبطة بالإسكان تتحول إلى ورش عمل لتنفيذ الأمر الملكي

المهندس فهد الجبير و محمد العبداني و حمد الشويعر
TT

شرعت بلديات وأمانات في المناطق السعودية بتسليم الأراضي المخصصة لوزارة الإسكان، وذلك لتمكينها من المضي قدما نحو أداء المهام المنوطة بها في الفترة المقبلة بعد الأمر الملكي بنقل أراضي المنح من وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان؛ حيث أفصح لـ«الشرق الأوسط» المهندس فهد الجبير أمين المنطقة الشرقية عن تسليم الأمانة 14 مليون متر مربع في محافظة الأحساء وحدها إلى وزارة الإسكان.

وأشار المهندس الجبير إلى أن القرار يضع آلية متطورة مزودة بكامل الأساسيات اللازمة للبناء من خلال توفير الأرض والقرض والتصميم والتنفيذ، متوقعا أن يستفيد منه 180 ألف مواطن في الدمام ممن ما زالوا في قائمة انتظار منح الأراضي.

وأضاف أمين المنطقة الشرقية أن المرحلة المقبلة ستشهد قطع الطريق على السماسرة الذين دأبوا على شراء المنح وأسهموا في غلاء الأسعار، كما ستخفف العبء على القطاع البلدي الذي سيركز على مشاريعه الأساسية، داعيا الجهات المالكة للأراضي ومنها شركة «أرامكو السعودية» ووزارة الدفاع إلى تسليم الفائض عن حاجتها لوزارة الإسكان.

وأصدر خادم الحرمين الشريفين أمره بأن تتوقف وزارة الشؤون البلدية والقروية فورا عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات بموجب ما لديها من تعليمات، وأن يتم تسليم جميع الأراضي الحكومية المعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية سالفة الذكر، التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها، إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها، ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق.

وتضمن أمر خادم الحرمين أن تقوم وزارة المالية باعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية لأراضي الإسكان، فيما تقوم وزارة الإسكان بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق، وإعطاء وزارة الإسكان الصلاحية الكاملة لاعتماد المخططات لمشاريعها الإسكانية وفق الضوابط والاشتراطات العامة وتقوم بإحاطة وزارة الشؤون البلدية والقروية بذلك.

كما صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين للوزارات والجهات المختصة بتزويد وزارة الإسكان بالبيانات اللازمة لتنفيذ مشروع تحديد آلية استحقاق وأولوية طلبات السكن المشار إليها بالأمر الملكي.

من جهته قال محمد العبداني مدير صندوق التنمية العقارية لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار الذي أصدره الملك عبد الله بن عبد العزيز بنقل أراضي المنح من وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان من شأنه حل أزمة الإسكان والتسريع في بناء المساكن للمواطنين، وإيجاد توازن بين العرض والطلب؛ الأمر الذي سيترك أثرا في السوق العقارية»، مبينا في الوقت نفسه أن «الصورة لم تتضح بعد حول طبيعة تفاصيل المرحلة المقبلة، ومن ذلك زيادة رأسمال الصندوق ورفع ميزانيته».

وأضاف العبداني: «إن وزارة الإسكان تحرص على إيجاد حلول فاعلة وعاجلة لأزمة السكن والصندوق جزء من المنظومة الداعمة للأهداف الحكومية».

ويصل حجم الطلب السنوي في السعودية على المساكن إلى 200 ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي عملت فيه الحكومة على إقرار عدد من التشريعات التي يمكن أن تسهم في زيادة تملك المواطنين، حيث أقر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إنشاء وزارة للإسكان، بالإضافة إلى تخصيص 250 مليار ريال لإنشاء 500 ألف وحدة سكنية.

كما تضمنت القرارات دعم صندوق التنمية العقارية، ودعم الصندوق من خلال فتح المجال بالتعاون مع البنوك المحلية، لتقديم قروض إسكانية، الأمر الذي يتوقع مراقبون أن يسهم بشكل مباشر وغير مباشر في رفع نسبة تملك المواطنين خلال الفترة المقبلة.

من جهته ذكر حمد الشويعر رئيس اللجنة العقارية بمجلس الغرف السعودية أن لجنة الإسكان التي تضم ممثلين عن وزارة الإسكان ومطورين عقاريين سعوديين تعقد اجتماعات متواصلة من أجل بحث سبل التعاون بين الجانبين، مؤكدا أن هناك ورشة عمل مقبلة في سبيل وضع الحلول اللازمة لأزمة الإسكان والانطلاق بشكل أفضل مستقبلا.

وقال إن نقل أراضي المنح ضمن اختصاص وزارة الإسكان قرار صائب، مشددا على أن نسبة الأراضي التي تفتقر إلى الخدمات قليلة مقارنة بالمخططات المطورة، وقدر تكلفة المتر الواحد المطور بـ70 ريالا بما يشمله من توفير البنية التحتية اللازمة كالكهرباء والماء وخدمات الصرف الصحي، بالإضافة إلى السفلتة والرصف، إلا أنه أبدى تحفظه حول مصير أراضي المنح الجاري تطويرها من قبل أمانات المناطق.

واقترح أن تستحدث وزارة الإسكان واحات جديدة ومدنا تتوافر فيها وسائل وسبل الحياة من أجل أن يلتحق المواطنون بالعيش فيها خصوصا في ظل الوضع الحالي الذي يشهد كثافة داخل النطاق العمراني.

وينتظر أن يلتقي كل من نائب وزير الإسكان ومدير عام صندوق التنمية العقارية قيادات ورؤساء شركات التطوير والاستثمار والتمويل العقاري في جلسة حوار موسعة خلال ملتقى يعقد فعاليات معرض الرياض للعقارات والإسكان والتطوير العمراني حول الفرص والآليات المستقبلية الممكنة للمزيد من الشراكة والتعاون لمواجهة متطلبات مشاريع الإسكان الحكومي والخاص حاضرا ومستقبلا، حيث يتضمن اللقاء محاور ومواضيع ذات أهمية بالشأن الإسكاني والاستثمار والتطوير والتمويل العقاري منها نظام البيع على الخارطة وآليات تطويره، وكذلك مناقشة دراسة علمية عن أنماط وأسباب ارتفاع أسعار الأراضي السكنية في السعودية، وبرنامج شبكة خدمات إيجار والخدمات المساندة لنمو قطاع العقار والإسكان.

من جهته قال خالد الضبعان المستثمر العقاري: «إن قرار خادم الحرمين الشريفين سيسهم في تصحيح أوضاع السوق العقارية، من خلال إيجاد التوازن بين العرض والطلب بشكل سريع، خاصة في ظل ما ذكره وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي إلا أنه بالإمكان تسليم المواطن الأرض قبل الانتهاء من تطويرها، ليكون على دراية بموقع الأرض، التي سيبنى عليها سكنه، والذي من شأنه أن يخمد لهيب الطلب المتنامي خلال الفترة الماضية».

وأضاف الضبعان: «يتوقع على المدى المتوسط أن تكون منظومة التشريعات التي أقرت أخيرا حلولا لإيقاف تنامي الطلب الذي شهد تسارعا غير مسبوق خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى أنه سيحدث التوازن المطلوب في سوق العقارات السعودية، خاصة في سعر الأرض، التي كانت تشكل العائق الأكبر خلال السنوات الماضية».

وشدد على أن تلك القرارات والأمر الملكي بالتحديد سيقضي على المضاربة والممارسات التي أسهمت خلال الفترة الماضية في رفع الأسعار؛ ما يضع المستوى السعري للأراضي في المستوى المطلوب، والذي يتناسق مع القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما سيجعل أيضا تملك المنازل ضمن قدرة الفرد على المدى البعيد في حال تم تنفيذ منظومة التشريعات على الوجه الأكمل.

وشملت التشريعات الأخيرة إقرار منظومة الرهن العقاري، الذي يتوقع أن يعمل على تطوير الصناعة العقارية المتخصصة في الإسكان، وزيادة حجم المعروض من العقارات السكانية، وتعزيز الثقة في السوق العقارية السعودية ما يشجع المستثمرين على دخول السوق، ودخول أدوات جديدة للسوق المالية عن طريق صكوك الرهونات العقارية، بالإضافة إلى أنه سيعمل على التأثير في القطاع العقاري من خلال مدى قدرة الجهات المعنية بتنفيذه على الوجه الأكمل للوصول إلى الفائدة الأكبر من إقرار مثل هذا النظام.