د. العيسى لـ «الشرق الأوسط»: الجامعات الأميركية أرسلت تؤيد طلابنا الذين أبدوا حسن التعامل والالتزام

1007 طلاب وطالبات في ولاية ماساتشوستس.. 70% منهم أطباء

يدرس في الولايات المتحدة الأميركية نحو 100 ألف طالب وطالبة بحسب الملحق الثقافي السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

تلاشت أصداء الترقب للأحداث الواقعة في أميركا لدى الطلاب السعوديين الدارسين في الولايات المتحدة، بعدما التقط الناس أنفاسهم في بوسطن وقتما احتجزت السلطات الأمنية المشتبه فيه الثاني، ولقي الأول حتفه في أحداث دراماتيكية شهدتها المدينة التابعة لولاية ماساتشوستس الجمعة الماضي.

وقال الدكتور محمد العيسى، الملحق الثقافي السعودي لدى أميركا، في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط»: «إن الطلبة السعوديين ساعدوا في عمليات الإنقاذ وقت نشوب الحادثة، وهناك 1007 طلاب وطالبات سعوديين في بوسطن، 60 إلى 70% منهم يدرسون الطب ويعملون في المستشفيات هناك، كما أن رؤساء الأندية الطلابية أخذوا ينظمون حملات تبرع بالدم للمصابين».

وخرجت الحادثة بمؤشرات متعددة حول جانبين، الأول: حياتهم التي اندمجت مع الحياة الأميركية، والثاني: ازدياد الوعي لدى الأميركيين بعدم إطلاق الأحكام المطلقة أو تغير طريقة التعامل مع شخص نظير دينه أو عرقه.

وأضاف الدكتور العيسى في البداية: «حاولت جهات إعلامية الزج باسم السعودية، لكن ذلك قطعا لم ينجح، فالطلاب غاية في الالتزام، وحتى عبد الرحمن الحربي، الطالب المصاب في التفجير، زارته مديرة المعهد الذي يدرس فيه وعرضت عليه السكن في منزلها إذا لزم الأمر، بحسب قولها... كما تلقينا رسائل إلكترونية من الجامعات والمعاهد الأميركية يؤكدون فيها التزامهم الوقوف مع طلابنا». وأشار العيسى إلى دراسة 100 ألف سعودي في الولايات المتحدة، ما بين مبتعث ودارس على حسابه الخاص، إلى جانب المرافقين والأطفال.

من ناحيته، يقول ماجد بن مقيت، وهو طالب سعودي في جامعة أوكرن بولاية أوهايو: «إن الصورة السابقة انتهت لدى أذهان الناس هنا، رغم أن وسائل إعلام تحدثت عن تذكر أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لكن هذا لم يخرج من بين زوايا الشاشة... الآن، زوجتي نزلت إلى العيادة (الخامسة عصرا بالتوقيت المحلي بأوهايو)، وطفلي ذهب طوال الأسبوع إلى الروضة، والجيران لا يزالون يلقون التحية كل صباح إذا التقينا».

وحيال عملية التفجير في بوسطن، يضيف مقيت، (33 عاما)، بالقول: «إننا ندين هذا العمل لأنه من الشر، والإسلام وكافة الديانات الأخرى لم تدع إلى الشر مطلقا... لم نتأثر بأي شكل، باقتصار اتصالات الأهل والأصدقاء التي كانت لا تخرج من دائرة الاطمئنان».

في حين قال سامر القحطاني، وهو رئيس نادي الطلاب السعوديين في ولاية تنيسي: «رغم أن الولاية بعيدة عن الحدث بشكل مباشر، فإننا كطلبة سعوديين نشجب هذا الحدث ونرفض الاعتداء على الأبرياء أو أي تصرف مشابه لذلك، وأننا سعدنا كثيرا بالاتفاقية الأخيرة لتسهيل دخول الطلاب السعوديين للولايات المتحدة الأميركية، وأننا كسبنا ثقة المجتمع الأميركي من خلال تعاملاتنا واهتمامنا بالتحصيل العلمي وتحقيق أكثر من طالب مراكز مميزة في جامعاتهم، ولا نرغب في اهتزاز هذه الثقة التي اكتسبناها ونشرناها هنا. الصحيح أننا كسعوديين نتلقى تعليما وتربية إسلامية بعيدة تماما عن التطرف الذي يعد دخيلا على الإسلام، وهذا ما نعكسه من خلال إنجازاتنا التي دلت عليها الأفعال وليس الأقوال».

ويصف الشاب مقيت حياته الدراسية في أميركا بالقول: «استفدت كثيرا من النظام الأميركي من خلال التعامل المباشر مع بعض المؤسسات الحكومية والمدنية، مما أضافت لي معرفة ودراية جيدة عن طريقة عمل تلك المنظمات، كما أن الوقت هنا هو الحياة، فلكي تتواءم عليك بالتخطيط وتنظيم الوقت بشكل صحيح، فضلا عن أن مستوى التعليم هنا ممتاز وخاصة للأطفال، حيث يركزون على شخصية الطفل وكيف يمكنه حل المشاكل بنفسه، وهذه الطريقة أفضل من طريقة التلقين والتعليم التقليدي، إلى جانب توافر الخدمات، والقانون الواضح جعل من الفرد هنا منتجا ومبدعا، ومع كل هذا نعيش وسط مراكز إسلامية تتيح لأفراد الجالية المسلمة ممارسة الشعائر بكل حرية واطمئنان».

وأوضح وليد عبد الملك، أحد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في جامعة كاليفورنيا، أن أحداث التفجيرات الأخيرة لم تؤثر بشكل سلبي على حياة الطلاب والطالبات السعوديين من ناحية تعامل الأميركيين معهم، فضلا عن تخوفهم من ما ستؤول إليه الأحداث، وإمكانية استقرار الأوضاع التي أثرت عليهم نفسيا.

من جهته، بين نواف فهد الذي يدرس في هيوستن، أن الشعب الأميركي يتعامل بشكل عام بلطافة وذوق ولم يأت منهم بعد هذه التفجيرات أي نوع من التهكمات أو الاستفزازات، وهذا بسبب أن المتسببين في التفجيرات ليسوا من العرب.

وأفاد بأنه رغم إقامته في أميركا، فإنه تلقى الخبر من والديه من خلال مكالمة هاتفية في وقت قيلولته، مستغربا من الاتصال في هذا الوقت، وعرف في ما بعد أن هناك تفجيرات في ولاية بوسطن وأن الاتصالات التي انهالت عليه من والديه وإخوانه كانت بسبب الاطمئنان عليه. وبحسب عبد الرحمن أحمد الذي يدرس في ولاية فلوريدا، ذكر أن ميزة هذه الولاية كثرة الجنسيات المختلفة فيها، وكثرة السعوديين على وجه التحديد، مبينا أن هذه الكثرة خلقت نوعا من التمازج بينهم وأزالت العنصرية، التي لم يشعر بها إطلاقا منذ قدومه إلى أميركا قبل عامين من الآن.

وأوضح أن الأوضاع تسير على ما يرام ولا يوجد أي نوع من المضايقات، إضافة إلى استمرار الدراسة بشكل طبيعي، وأنه تلقى الخبر وهو مع أصدقائه يتناولون وجبة خفيفة وفي هذه الأثناء حبسوا أنفاسهم، متخوفين من أن يكون الفاعل من جنسية عربية، وهذا سيضعهم في حرج شديد، إلى جانب تخوفهم مما سيحدث في مصير دراستهم.

من جهة أخرى، وصف مطلق الرديني، الذي يقيم بهيوستن، لحظة تلقيه الخبر بالمفزعة، وأن من فعل هذه الفعلة ليس بعاقل، مشيرا إلى أن الحياة رغم أنها تسير بشكل طبيعي فإن هناك حالة من الحزن تسيطر على الجميع.