السعودية تفعل تواصلها مع العالم الخارجي بدراسة تبديل الإجازة إلى الجمعة والسبت

«الشورى» يوافق بالأغلبية.. واقتصاديون: القرار يصب في المصلحة الوطنية

حظيت توصية دراسة تبديل العطلة الأسبوعية بتأييد 83 عضوا في جلسة الأمس المنعقدة في مقر «الشورى» وصوت ضدها 41 عضوا («الشرق الأوسط»)
TT

وافق أعضاء مجلس الشورى السعودي أمس وبالأغلبية على دراسة استبدال يومي العطلة الأسبوعية في السعودية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت، والتي قدمها العضو سعود الشمري ليحسم التوصية 83 عضوا بالموافقة على الدراسة فيما عارض على التوصية 41 عضوا، كما شهدت الجلسة تباينا في آراء أعضاء المجلس حول جدوى الدراسة في حال أقرت على الوضع الاقتصادي في البلاد.

وقال الدكتور محمد آل ناجي، رئيس لجنة الموارد البشرية، وهي الجهة المخولة في المجلس بدراسة تقارير الأداء السنوي لوزارة الخدمة المدنية؛ إن الدراسة لن ينفذها المجلس، بل تدرسها وزارة الخدمة المدنية، وسيتم مراجعة الدراسة في تقرير الوزارة للعام المالي الجاري.

وتدرس لجان المجلس التقارير السنوية المعدة من الجهات الحكومية عن كل عام مالي، وما يظهر من خلال حديث رئيس لجنة الموارد البشرية أن الحديث عن هذه الدراسة لن يتم قبل عام كامل على الأقل؛ لأن التقرير السنوي لهذا العام لن تتم مناقشته تحت قبة المجلس أو بين أروقة لجانه قبل سنة كاملة، إن لم تكن الفترة أطول من السنة.

وصرح الدكتور فهاد الحمد في بيان أعقب الجلسة «أن هذه التوصية قد تم تناولها من خلال مداخلات الأعضاء التي تضمنت عدة جوانب دينية واقتصادية واجتماعية، وموافقة المجلس قد أكدت القيام بدراسة تتناول هذه الجوانب وغيرها للتعرف على إيجابيات هذا التغيير وسلبياته».

ورأى الفريق المؤيد للدراسة، وهم أعضاء في المجلس واقتصاديون من خارج المجلس تحدثوا مع «الشرق الأوسط» أمس؛ أن الفائدة الاقتصادية المرجوة من التغيير ستفعل جانب التواصل مع العالم الخارجي، ابتداء بدول الخليج المجاورة التي تتخذ من الجمعة والسبت عطلة أسبوعية، إلى جانب كافة دول العالم التي تتخذ السبت والأحد، وبذلك يتم تقليص الفجوة الحاصلة بين السعودية وهذه الدول.

لكن آخرين فضلوا التريث قبل إطلاق الحكم على التغيير، مستندين إلى غمامة الصورة المصاحبة للتغيير. ويقول الشيخ سليمان الماجد، وهو الخبير القضائي عضو لجنة الشؤون الإسلامية في مجلس الشورى، حول التغيير: «إن الأمر يحتاج لدراسة اقتصادية واجتماعية وملاءمته لسوق العمل وتوازن المصالح والمفاسد قبل الإقرار.. حتى من الناحية الشرعية لا يستطيع الشخص إبداء رأي قاطع إلا من بعد الدراسة المستفيضة». ويقول الدكتور سعد مارق، رئيس اللجنة المالية في مجلس الشورى، إن الصورة لا تزال غير واضحة حيال هذا الأمر، إذ شهدت الجلسة آراء تقول إن التقنية أسهمت في التقريب بين كافة القطاعات الداخلية والخارجية، وفي الوقت نفسه يجب أن لا ننسى أن الموضوع يمسّ مجتمعا كاملا اعتاد أمرا معينا، ولا نستطيع إبداء الرأي حتى تكتمل الدراسة بشكل واضح حتى نحصل على أرقام ومعلومات منهجية تساعد على اتخاذ قرار التغيير.

أمام ذلك، قال لـ«الشرق الأوسط»، عدد من أعضاء الشورى والاقتصاديين إن دراسة تبديل الإجازة الأسبوعية وإقرارها بعد ذلك سيسهم في تفعيل تواصل المملكة مع عالمها الخارجي كون الإجازات في معظم دول العالم والمنطقة تحديدا هي الجمعة والسبت أو السبت والأحد ما يجعل الفارق بين السعودية وبعض الدول يتجاوز 3 أيام.

وهنا يشدد الدكتور عيسى الغيث، القاضي وعضو اللجنة الإسلامية في مجلس الشورى، على أن مسألة التغيير لا تمثل نوعا من العبادات، بل تمثل نوعا من العادات، وليس هناك ما يمنع التبديل شرعا، ويقول: «أنا ممن صوت بنعم في تطبيق الدراسة، ومن ثم إقرارها، وليس منطقيا أن نقول إن هذا تقليد لليهود أو غير المسلمين في هذه الإجازة، فهناك كثير من البلدان الإسلامية تطبقه».

ويضيف الدكتور الغيث «إنها من أمور الدنيا وليس في الإسلام شيء يسمى إجازة أسبوعية، ومن حق الناس تحديد إجازاتهم بأي يوم من أيام الأسبوع.. لكن الجمعة بما أن فيه صلاة الجمعة، ومن الثوابت الاجتماعية وللمسلمين فيه طقس معين، فبذلك اختير يوما للراحة والإجازة، والمقترح أصلا لم يغير من يوم الجمعة.. على أن تدرس كل الجوانب، وبعد الدراسة الجامعة المناسبة، ومن الممكن أن يبدأ الموضوع بالتجريب لفترة معينة ويتم تقييمه».

الدكتور عبد الرحمن الزامل، رئيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، يقول: «إن يوم الجمعة ما دام ثابتا فإن إجازة الخميس والسبت لن تشكل فارقا؛ لأن الدول كلها، وأخص دول الخليج الجارة، تعمل بنظام إجازة الجمعة والسبت، وإذا ما اتخذ القرار، فإنه سيصب على الاقتصاد الوطني، ورجال الأعمال والمستثمرين، سواء من السعوديين أو الخليجيين أو الأجانب، إلى جانب المؤسسات المالية. وأبسط الأمثلة التي تؤثر في سير الأعمال نظير تباين الإجازة مع دول الخليج، تكمن في الاجتماعات على مستوى كل المستويات، ونحن هنا نواجه مشاكل في هذه الحالة، فهناك فقط ثلاثة أيام متاحة للتواصل، لذلك أدعو وزارة الخدمة المدنية إلى دراسة القرار واتخاذه بأسرع وقت».

وتقول الدكتورة خولة الكريع، وهي عضو لجنة الشؤون الخارجية رئيس مركز الأبحاث في مركز الملك فهد الوطني للأورام «أنا ممن صوت مع التوصية، لأنها اعتمدت على المصلحة العامة، وذكر مقدم التوصية إحصاءات وآراء اقتصاديين ترى ضرورة التغيير حتى تكون الأسواق السعودية أكثر قربا للأسواق العالمية». وتضيف «من وجهة نظري كطبيبة وباحثة أرى أن المسألة ستقلص الهوة مع المراكز الدولية البحثية من ناحية التواصل والاتصال، وستسهل العمل والتعاون العلمي، فنحن في الوقت الراهن نضطر إلى حضور معظم أيام الخميس خارج إطار عملنا، فلدينا مناقشات أو مباحثات مع المراكز الدولية وتحتاج للتوقيت المناسب، وهي أبحاث للجميع، لنا ولهم».

وتتابع الدكتورة الكريع «رأينا خلال الملاحظات في الجلسة وقت النقاش نظرة عاطفية من قبل أعضاء بأن الناس تعودوا على الوضع الحالي، ومن الصعب نقلهم إلى موعد آخر، وهناك من يتحسس بأن السبت مرتبط بإجازة غير المسلمين، لكن يجب في المقابل تقديم المصلحة العامة أمام أي اعتبارات أخرى، خصوصا أن يوم الجمعة الذي يحمل طقوسا خاصة لدى المسلمين سيكون ثابتا، والتوصية تلقى إحسانا وتقبلا، وتأثيرها لن يقتصر على الاقتصاد وحسب، بل على الناحية الطبية والعملية والبحثية».