«تأمين التعطل عن العمل» يغطي 60% من المرتب.. و«الشورى» يبحث النظام الأحد

وزارة العمل لـ «الشرق الأوسط» : القطاع الخاص سيصبح أكثر أمانا

تعد سهولة الفصل من العمل في القطاع الخاص أبرز مخاوف الشباب المقبلين على العمل. وقد يسهم النظام الجديد في الحد من هذه المخاوف. وفي الصورة عدد من طالبي العمل أمام أحد المقرات الحكومية («الشرق الأوسط»)
TT

عبثا حاول الشاب مهند الغامدي، وهو مهندس معماري، إيجاد وسيلة تسد التزاماته المالية الشهرية؛ إذ لم تتح الظروف الصحية لزوجته المكوث في مدينة جدة طويلا، ما حدا بالشركة التي يعمل بها إلى الاستغناء عن خدماته؛ نظرا لتكرار غيابه المخالف لنظام العمل، وبقي من دون عمل ولا مصدر دخل.

وقضى الشاب ثلاثة أشهر قبل الحصول على وظيفة بمدينة الرياض، واصفا الحالة التي مر بها بالمرهقة ماديا، ويقول الغامدي (27 عاما): «ستخفض الديون مرتبي لثلاثة أشهر أخرى، بمعنى أن استقراري المادي انهز لنصف عام، أفلا تساعد التأمينات الاجتماعية التي تستقطع من مرتبي كل شهر ولو بشيء بسيط من المال؟».

حيال ذلك، كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور محمد آل ناجي، وهو رئيس لجنة الموارد البشرية بمجلس الشورى السعودي، عن أن نظام التأمين ضد التعطل عن العمل سيغطي نسبة تصل إلى 60 في المائة من مرتب الشخص إذا تعطل عن العمل.

وأعلن مجلس الشورى السعودي يوم أمس مناقشة تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية، بشأن مشروع نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، وقال بيان المجلس: «يتكون مشروع النظام من إحدى وثلاثين مادة، ويعرف المشروع التعطل عن العمل بأنه فقدان العامل لعمله لفترة خارجة عن إرادته، ويهدف لرعاية العامل فترة تعطله عن العمل لسبب خارج عن إرادته بتوفير حد أدنى من الدخل، وإلى سرعة إعادة العامل للعمل من خلال التدريب والالتزام بالمتابعة للبحث عن العمل».

وأكد رئيس لجنة الموارد البشرية في المجلس، خلال اتصال هاتفي، أن النظام سيطبق على من ترك العمل لأسباب تخرج عن إرادته، وهناك شروط تفصيلية سيوردها النظام ويعقب على كل بند وفقرة، وقال إن النظام سيكون عن طريق اشتراك شهري، بيد أن الموظف هنا لا يدفع من مرتبه شيئا، بل يتشارك صاحب العمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في دفع الرسوم.

وأضاف: «هناك التزامات يجب أن تسبق شروع الموظف في الاستفادة من تأمين التعطل، كأن يمضي على الأقل سنة واحدة، وأن تحسب التكلفة بناء على آخر راتب تقاضاه في عمله الأخير، كما يجب أن يكون من محدثي بياناتهم ضمن قائمة الباحثين عن الوظائف بوزارة العمل، وسيرتبط أيضا بتدريب وتأهيل في حال كانت أسباب ترك العمل متعلقة بالجانب المهني».

وتعليقا على تأثير المشروع يطلق سليمان السعدون، وهو مدير سابق للموارد البشرية في شركة عائلية، اسم «الرماديون» على الشبان والفتيات الذين تركوا أعمالهم لظروف معينة.

ويقول السعدون إنهم ليسوا عاطلين من جهة، وغير عاملين، أو بشكل أدق لا يجنون آخر الشهر أي مبلغ يكفل لهم دفع الأقساط وتحمل تكلفة المعيشة التي اعتادوها منذ شروعهم في العمل.

من ناحية أخرى يؤكد السعدون: «هذه الفئة تعتبر ثغرة في نظام التأمينات الاجتماعية، ولهذا السبب نرجو أن يعجل مجلس الشورى في رفع النظام وسرعة تنفيذه، لأنه سيساعد الكثير على التجرؤ والتقدم للعمل، إلى جانب الجدية في طرح السيرة الذاتية وتحديث البيانات». ويضيف: «نستشعر من خلال عروض الوظائف الموجودة ونظيراتها المتعلقة براغبي العمل، جدية واسعة لدى مقدمي الطلبات الذين أجبرتهم ظروف صحية أو بيئية، كتفضيل العمل داخل المكتب على العمل الميداني؛ ونتحفز كثيرا لتوظيف صاحب السيرة الذاتية التي لا يزال صاحبها قيد العمل، أو في أسوأ الأحوال الأقرب في تاريخ ترك العمل».

وحيال المشكلة الرمادية للمتعطلين، قال حطاب العنزي وهو الناطق باسم وزارة العمل السعودية: «إن الوزارة والتأمينات الاجتماعية (التي يرأس مجلس إدارتها وزير العمل) درستا سابقا نظام التأمين ضد التعطل عن العمل». وقال الدكتور آل ناجي: «إن النظام أحيل إلى المجلس كبقية الأنظمة من المقام السامي لدراسته والرفع بما يراه مناسبا».

وعلق الدكتور آل ناجي على نجاعة النظام بالقول: «سيغطي الثغرة الموجودة لدى نظام التأمينات، فهناك نظام ضد الإصابة، أو العجز، لكن التعطل سيكمل منظومة التكافل الاجتماعي.. المسألة قطعا لن تكون مفتوحة، بل سيتم ضبطها بشكل يجعلها تؤدي الدور الرئيسي الذي ستستحدث من أجله، وستتم مراعاة الجدية والتدريب في النظام».

ومن جانب آخر، قال الناطق باسم وزارة العمل إن النظام سيرفع درجة الأمان الوظيفي، ويشجع الشبان والفتيات على التوجه نحو القطاع الخاص.

وتدور في الأوساط الاجتماعية السعودية على الدوام أحاديث عن عدم أمان القطاع الخاص، وتفضيل عدد واسع من الخريجين والمؤهلين للعمل، الحصول على وظيفة في القطاع الحكومي، الذي يضمن العلاوات والرواتب والمميزات بشكل أوسع في الصورة الذهنية لدى عدد واسع من السعوديين، بحسب السعدون الذي قضى 15 عاما في الشؤون الإدارية والموارد البشرية. ويقول السعدون: «سنضمن الآن درجة مرتفعة من الأمان الوظيفي بعد تطبيق النظام، ونرجو أن تسرع الدوائر المسؤولة في التشريع إقراره ليدخل حيز التنفيذ». ويرى حطاب العنزي المتحدث باسم وزارة العمل أن النظام سيشكل، إلى جانب الأنظمة الأخرى، شبكة حلول للبطالة، وتحفيز السعودة أيضا، وسيشعر الموظف بالأمان لأنه عندما يضطر إلى ترك العمل فهناك ما يغطي نفقاته حتى يجد عملا آخر.