تجار التجزئة يبحثون تحديات «التأهيل» و«السعودة» و«التأقلم»

تستحوذ على 17% من الناتج المحلي

جانب من متجر تجزئة في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

برزت قضايا «السعودة»، وتأهيل الشباب لسوق العمل، والتأقلم مع القرارات التي تصدرها الدولة، خلال اجتماع المسؤولين التنفيذيين لأكبر مؤسسات البيع بالتجزئة في جدة أمس، الذين ناقشوا أنماط تجارة التجزئة الدولية واستراتيجيات تطورها والتحديات التي تواجه هذا النشاط.

وتداول المجتمعون تقريرا حديثا لجامعة أكسفورد كشف أن سوق تجارة التجزئة في السعودية سجلت نموا هائلا، إذ يمثل هذا القطاع 17 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ما جعله أحد أهم اللاعبين في الاقتصاد السعودي.

وبحسب التقرير فإن حجم المساحة الأرضية لتجارة التجزئة في السعودية ازداد بسرعة هائلة مع زيادة مساحات الفضاءات في المراكز التجارية بنسبة 80 في المائة في جدة و65 في المائة في الرياض منذ عام 2005.

وفي هذا الخصوص، أكد محمد علوي الرئيس التنفيذي لشركة البحر الأحمر، أن قطاع البيع بالتجزئة في السعودية شهد نموا كبيرا وخلق فرص عمل وإنتاج، من خلال تأنيث المحال ومشاركة المرأة السعودية في عملية البيع والشراء إضافة إلى توطين الوظائف.

وأضاف خلال الاجتماع الذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية في جدة بالاشتراك مع مجموعة ميس الريم لتنظيم المعارض والمؤتمرات وشركة «دي إم جي» أمس، أن السوق السعودية تشهد نموا ملحوظا، جعلها من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط بعد مصر لجهة القوة الشرائية، ما جعل السعودية محط أنظار استثمارات خليجية تتنافس لخلق فرص عمل داخل المملكة.

ولفت إلى أن التطورات السريعة الاقتصادية والاجتماعية التي تحدث في العالم خلقت نوعا من الضبابية أثرت على نشاط تجارة التجزئة في العالم بأسره، إضافة إلى المنافسة الشديدة بين الغرب والشرق وارتفاع الأسعار عالميا.

ورغم حزمة القرارات التي فاجأت هذا القطاع من توطين وتأنيث وبعض الضوابط التي أصبحت حديث العالم، فإن علوي رأى أن التجار بدأوا ملامسة آثارها الإيجابية بعد أن تم حصر الأضرار والمشكلات والمطالبة بدراستها واستحداث حلول لمعالجتها.

واعتبر أن تفضيل بعض رجال الأعمال مصالحهم الشخصية خلق نوعا من عدم الإصغاء والرضا، وأثر بشكل أو بآخر على صاحب العمل وعلى تجارته، مشددا على ضرورة تبادل النقاشات وطرح الأفكار والحوارات، للوصول إلى حلول، فكل الدول المتقدمة بدأت نشاطاتها الاقتصادية بمشكلات وانتهت من خلال الحوار إلى حلول جعلتها متفوقة ورائدة في مجال الاقتصاد.

في المقابل، أكد محمد جلال الرئيس التنفيذي لشركة «إكسترا»، أن الموقع الجغرافي في الدولة يحدد قيمة المنتج، وهذا ما يسبب اختلاف الأسعار من فرع لآخر في الدولة ذاتها، فعلى سبيل المثال بعض السلع المبيعة في المنطقة الشرقية في فرع متجر ما، أعلى قيمة من فرع آخر للمتجر ذاته في المنطقة الغربية.

وعزا اختلاف الأسعار في مناطق الدولة الواحدة إلى مؤشرات عدة من أهمها حجم السياحة وأعداد السياح والمنافسة القوية بين الشركات في المنطقة، إضافة إلى حجم السوق الذي يحكم على التاجر رفع قيمة المنتج مقارنة بمنطقة أخرى.

ولفت إلى أن المنطقة الشرقية في السعودية من أغلى المناطق تليها الرياض، فيما تعد المنطقة الغربية من أكثر المناطق السعودية انخفاضا في القيمة، لكنه شدد على أن ارتفاع الأسعار وانخفاضها لا يتجاوز ثلاثة في المائة بين المناطق، وأن بعض السلع كالهواتف النقالة تفرض ثبات أسعارها في المناطق مقارنة بالثلاجات والتلفزيونات والأجهزة الكهربائية التي تتفاوت أسعارها من منطقة إلى أخرى.

وقدّر حجم قيمة تجارة الهواتف الذكية في السعودية بين 12 و15 مليار ريال، موضحا أن حجم سوق مبيعات هذه الهواتف في ازدياد مستمر، ومن أكبر الفرص الموجودة في الوقت الحالي، مقارنة بحجم مبيعات الكومبيوترات التي تأكلت وتم تعويضها من خلال التوجه لشراء أجهزة «التابلت».

وعن سرعة التقنية الحديثة التي تسببت في اختلاف الأسعار في فترات بسيطة، أوضح جلال أن عملية التدوير والعروض المخفضة ساعدت كثيرا في تدارك سرعة إصدارات الأجهزة وانخفاض أسعارها بعد فترة بسيطة من انتشارها في السوق، والناتج عن إصدار منتج آخر في فترة زمنية قصيرة.

إلى ذلك، أوضح عبد الله الأحمد الرئيس التنفيذي في شركة «دار البندر» أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع البيع بالتجزئة عدم وجود مهلة كافية للتأقلم وتنفيذ القرارات التي تصدرها الدولة، إضافة إلى أن عملية تدريب وتأهيل السعوديين على العمل تأخذ وقتا طويلا نوعا ما.

وأشار إلى أن النساء أكثر إلماما باحتياجات الأسرة وأكثر إجادة التعامل مع المتسوقين الذين تشكل النساء 80 في المائة منهم، لافتا إلى أن هذه الأسباب جعلت شركة «دار البندر» تتجه إلى وزارة العمل بطلب تشغيل كوادر نسائية سعودية في محالها التجارية قبل عامين، أي قبل قرار تأنيث المحال.

وتطرق إلى أن تأنيث المحال التجارية جلب الكثير من الأرباح لأصحاب المحال وزيادة في الإنتاجية، لأسباب عدة من أهمها الانضباط الذي تتميز به الإناث عن الذكور.

وأكد أن العامل الأجنبي الذي يتم استقدامه من خارج البلاد يكلف الكثير على صاحب العمل، من خلال المصاريف غير المرئية المتمثلة في قيمة التأشيرة والتذاكر والإقامة، مضيفا أن إحلالهم بعمالة سعودية وفر الكثير من المال والجهد على صاحب العمل.

وذكر أن إحلال العمالة الأجنبية بالسعودية جيد وغير مكلف، لكنه أشار إلى أن صغر عمر الشباب السعوديين الذين يعملون في سن العشرين يعد من الصعوبات نظرا لقلة الخبرة في ذلك العمر، في حين أن النساء يتفوقن على الرجال بسبب الاشتراطات التي توجب على المرأة أن تعمل في سن الثلاثين.

وكان وزير العمل المهندس عادل فقيه، أصدر قرارا العام الماضي، لتنظيم عمل المرأة السعودية في محاسبة المبيعات في محال التجزئة، وألزم صاحب العمل الراغب في توظيف عاملات في المحل بأن يتوفر لديه قسم فيه أجهزة متعددة للمحاسبة وبحد أدنى 6 أجهزة توظف 3 عاملات على الأقل في الوردية الواحدة، بما يشمل السوبر ماركت والهايبر ماركت ومحال بيع المواد الاستهلاكية الغذائية ومحال بيع المواد المنزلية والأواني والمفروشات والأجهزة والحاسبات الآلية والملابس النسائية وملابس الأطفال والألعاب الترفيهية وغيرها، سواء كانت في مراكز تجارية مغلقة وعليها حراسة أمنية عامة أو في مراكز تجارية مفتوحة أو محال قائمة بذاتها.

كما طلب قرار وزارة العمل من صاحب العمل أن تقتصر خدمة العاملات في محاسبة المبيعات على النساء والعائلات فقط، إضافة إلى وضع حاجز بين العاملين والعاملات في حال كونهم في صفوف متتالية (جنبا إلى جنب)، مع توفير مقعد لكل المحاسبات للجلوس عليه أثناء دوامهن في حال رغبتهن بذلك، ومكان للصلاة والاستراحة، إضافة إلى منع أي تمييز في الأجور بين العاملين والعاملات، وحظر عمل المرأة في المحال أو أقسام المحال المخصصة للشباب فقط أو التي تؤدي إلى اختلاطهن بالمشترين غير المصطحبين لعائلاتهم.

* 1.5 مليون عامل في قطاع البيع بالتجزئة

* يبلغ عدد العاملين في قطاع البيع بالتجزئة في السعودية نحو 1.5 مليون عامل، لا تتجاوز نسبة السعوديين منهم 16 في المائة، وفقا لمتخصصين في هذا المجال. ودرجت السعودية على الاهتمام بتوظيف السعوديين في مجال البيع بالتجزئة، ولأجل ذلك تعمل المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني على إلحاق سعوديين بالتدريب المنتهي بالتوظيف في عدد من الشركات العاملة في هذا المجال، بما يؤدي إلى توطين الوظائف في القطاع الخاص والقضاء على البطالة. وتمثل تجربة المعهد السعودي للبيع بالتجزئة الذي تم تأسيسه مشاركة بين المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ومجموعة «صافولا» نموذجا في هذا المجال، إذ يعمل على تدريب الشباب وإعدادهم للعمل في هذا القطاع، إلى جانب توظيفهم بعد اكتمال تدريبهم. وتحتل السعودية المرتبة الثانية بالنسبة لمبيعات التجزئة بعد دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك للمشاريع التي تشهدها السعودية والتي أدت إلى زيادة الأسواق المتخصصة والتوسع في مساحات البيع ومراكز التسوق. ويقدر حجم المساحات الفعلية لتجارة التجزئة الحالية بما يصل إلى 4.45 مليون متر مربع، وتستحوذ العاصمة الرياض ومدينة جدة على النصيب الأكبر من مساحات تجارة التجزئة، ومن المنتظر زيادة مساحات تجارة التجزئة، خلال الأعوام المقبلة وذلك نسبه لحجم الصرف والنمو الذي تعيشه السعودية، ووفقا للإحصائيات التي نشرتها الغرفة التجارية الصناعية بالرياض تشير أن السعودية تأتي في مقدمة الدول الخليجية الأكثر نشاطا، كما تشير البيانات إلى أن دول مجلس التعاون الخليجية تضم حاليا 200 مشروع مركز تسوق تحت التنفيذ بتكلفة 65 مليار دولار. ويصل حجم المبيعات السنوية لمراكز التسوق في منطقة الخليج إلى 30 مليار دولار، كما تساهم هذه المراكز بنحو 5.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون، والنسبة هذه مرشحة للزيادة في ظل نمو الاستهلاك ونفقات الأفراد على الشراء.