لجان حكومية لتقدير حجم خسائر السيول في كافة المناطق وحصر أعداد المتضررين

الفريق التويجري: مستمرون في تنفيذ خطة الانتشار والتمركز لوحدات الدفاع المدني الميدانية

عدد من المتضررين في محافظة بيشة حيث تم إيواء عدد من العوائل في المدارس («الشرق الأوسط»)
TT

تبدأ غدا اللجان التي وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتشكيلها لتتولى مهام حصر أضرار الأمطار والسيول التي شهدتها السعودية خلال ما يقارب 8 أيام متواصلة الأسبوع الماضي، في حين ما زالت الكثير من المناطق الجنوبية والغربية من البلاد تواجه استمرارا لتلك الموجة من الأمطار.

وكانت التوجيهات الملكية نصت على أن يتم حصر الأضرار ومساعدة المتضررين جراء السيول خلال مدة لا تتجاوز الشهر، يأتي ذلك في وقت شرعت فيه وزارة الداخلية ووزارة المالية والدفاع المدني وعدد من إمارات المناطق في تشكيل لجانها المحلية، لتحديد حجم تلك الأضرار وتقدير المساعدات المالية التي ستصرف للمواطنين.

وفي سياق متصل أكد الفريق سعد التويجري مدير عام الدفاع المدني أن الإحصائيات الأولية لجهاز الدفاع المدني أظهرت أن محافظة الطائف كانت الأكثر في عدد الضحايا، حيث وصلوا إلى 7 وفيات، تليها محافظة العقيق التابعة لمنطقة الباحة جنوب السعودية بـ5 وفيات، ومحافظة الخرج 3، ومحافظة الأفلاج 3 التابعتان لمنطقة الرياض.

فيما ذهبت تلك الإحصائيات أن أكثر المناطق تضررا تركزت في المنطقة الجنوبية والوسطى من السعودية، حيث احتلت مدن نجران وبيشية والزلفي وأجزاء من المناطق والمحافظات جنوب العاصمة الرياض، يأتي ذلك في وقت سجل فيه معدل الأمطار في بعض المناطق أكثر من 100 ملم، بينما تجاوز هذا المعدل في المناطق الجنوبية، حيث وصل إلى أكثر من 120 ملم.

وأكد التويجري على استمرار تنفيذ خطة انتشار وتمركز وحدات الدفاع المدني الميدانية بالمواقع المتضررة من الأمطار والسيول تحسبا لأي بلاغات عن انهيارات صخرية أو انحراف في حركة المياه بالأودية عن مسارها الطبيعي ومواصلة عمليات البحث عن المفقودين.

وأوضح التويجري أن حجم البلاغات والاحتجازات، التي تلقتها مراكز عمليات الدفاع المدني خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية بلغ ما يزيد على 1861 بلاغا جراء الأمطار والسيول التي تواصل سقوطها على كل من منطقة الباحة، الطائف، عسير، ومنطقة الرياض، وذلك من مساء أول من أمس الجمعة وحتى منتصف يوم أمس السبت.

وبين مدير عام الدفاع المدني أن فرق ووحدات الدفاع المدني تمكنت من إنقاذ 552 شخصا احتجزتهم مياه الأمطار والسيول في الأدوية وعدد من الطرقات والمنازل في المناطق، موضحا أن جميع البلاغات تمت مباشرتها جميعا من قبل فرق الإنقاذ والإخلاء الطبي والإسعاف دون أي خسائر في الأرواح.

إلى ذلك اتخذت وحدات الدفاع المدني من المباني الحكومية لمدارس التعليم العام مقار مؤقتة لإيواء النازحين عن دورهم جراء مداهمات الأمطار والسيول لها، حيث وجهت وزارة التربية والتعليم الكثير من مدارس المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية بفتح أبواب المدارس لإيواء تلك الأسر.

كما أن الكثير من اللجان الحكومية التي تم تشكيلها في إمارات المناطق ومراكز المحافظات عمدت لحصر المتضررين من الأسر وإيوائهم في الوحدات السكنية المفروشة، فيما قام الكثير من فرق الهلال الأحمر وعدد من الجمعيات الخيرية بتوزيع المساعدات الإنسانية وتأمين المواد الغذائية الضرورية لتلك العوائل.

وتولت إدارة الدفاع المدني بمحافظة الطائف بالتنسيق مع الجهات المعنية لتنسيم «سد كلاخ» جنوب مدينة الطائف بنسبة 50 في المائة كإجراء احترازي لاستيعاب السيول المقبلة من الأودية التي سالت طوال ليل الخميس بكميات كبيرة واحتجزت عددا من الموطنين داخل مركباتهم، كما تسببت في انقطاع بعض الطرق ومحاصرة عدد من القرى جنوب الطائف والتي تم تسيير قوافل إغاثة لها مدعومة بالمعدات الثقيلة لإعادة فتح الطرق المؤدية إليها.

وفي منطقة جازان باشرت وحدات الدفاع المدني مساء أول من أمس الجمعة 70 بلاغا جراء الأمطار الغزيرة التي سقطت على محافظات المنطقة، والتي تسببت في قطع عدد من الطرق بمحافظة الدائر، منها طريق عقبة صلالة وطريق آل شبار وطريق الشامية. وتمكنت الوحدات الميدانية للدفاع المدني بالمحافظة من فتح الطرق وتصريف المياه، كما تمكنت من إنقاذ إحدى السيارات التابعة لإدارة البحث الجنائي بالريث بعد أن احتجزتها مياه الأمطار بأحد الطرق وإخراج جميع الموجودين بها دون أي إصابات.

وحذرت المديرية العامة للدفاع المدني في بيانها من احتمالات استمرار هطول الأمطار خلال هذا الأسبوع على عدد من مناطق شمال وغرب السعودية، ما يستدعي أخذ الحيطة والحذر وعدم السباحة في الأودية والمستنقعات المائية والشعاب، مؤكدة أن مثل هذه التصرفات المتهورة تعد السبب الرئيس في حوادث الغرق والوفاة كما حذرت من الصعود إلى المناطق الجبلية المرتفعة لتجنب مخاطر السحب الرعدية الممطرة والمسبوقة برياح سطحية التي يتوقع أن تهب على مناطق مكة المكرمة وعسير ونجران والباحة والقصيم والرياض، بالإضافة إلى احتمالات جريان بعض السيول المنقولة التي تكونت خلال الأيام الماضية.

وفي سياق متصل أوضح سعيد الزهراني مدير إدارة الطوارئ والأزمات بصحة الطائف أن الإدارة في حالة طوارئ مستمرة منذ تلقي تحذيرات الأرصاد عن حالة الأجواء في السعودية، مؤكدا أن فرق الشؤون الصحية تشارك في جميع الأحداث حسب ما يتطلبه الموقف.

وأبان الزهراني أن المشاركة تمثلت خلال الأيام الماضية بنحو 25 فرقة طبية ميدانية، بالإضافة إلى عيادة متنقلة وحافلتين وسيارتين من نوع «جيب» من أجل المساندة وتقديم الخدمات الإسعافية اللازمة في حالة الحاجة لها، كما تم فتح المراكز الصحية في كل من السر وليه لمواجهة أي طارئ، مشيرا إلى أن عدد المشاركين ميدانيا من أطباء وممرضين وسائقين وكوادر أخرى تجاوز عددهم 100 فرد ساهموا في عمليات الإنقاذ والإسعاف.

وأكد الزهراني على أن مشاركة الشؤون الصحية بالطائف بالحافلات والمركبات المجهزة، تأتي ضمن الخطة العامة التي تهدف إلى المشاركة بإمكانات مختلفة، مفيدا أن الحافلات قد تستخدم في نقل الناجين من مكان لآخر والإسهام في نقل رجال الإنقاذ لمختلف الجهات، إضافة إلى سيارات الدفع الرباعي التي يكون دورها الوصول إلى المواقع الوعرة التي من الممكن الوصول إليها بمثل هذا النوع من السيارات.

وأوضح مدير إدارة الطوارئ والأزمات بصحة الطائف أن فرق الطوارئ في محافظات الخرمة، ورنية، وتربة، والمراكز الصحية قامت بالكثير من المهام أثناء الأمطار خلال الأيام الماضية، لافتا إلى أن جميع تحذيرات الأرصاد يتم تمريرها فورا إلى جميع المستشفيات والمراكز الصحية والجهات ذات العلاقة فورا من أجل رفع الجاهزية واتخاذ الاحتياطات اللازمة في جميع الظروف.

من جانب آخر أفضت السيول - التي لحقت مؤخرا بعدد من المدن السعودية وما صاحبها من فيضانات مائية - ، إلى طمس كثير من الحدود الجغرافية والقانونية بين كثير من المزارعين جراء ارتفاع منسوب المياه إلى كميات لم تشهدها مدن المملكة منذ أكثر من 40 عاما.

ودفعت تلك السيول العارمة التي ما زالت تعج بها قرى زراعية بالكامل إلى تغيير معالم «النصب»، وهو المرسم الحدودي بين الأملاك الزراعية والمنصوصة بصكوك واستحكامات شرعية مبنية على حدود متوارثة من مئات السنين.

وأوضح المحامي خالد الحارثي - متخصص في المنازعات القضائية - لـ«الشرق الأوسط»، أن الحدود بين الفئات الزراعية في السعودية مبنية على حجج واستحكامات طويلة، جاءت السيول والفيضانات الأخيرة وطمست كثيرا من المحددات الشرعية التي كانت توضح تلك الحدود، وتبين المسحات الجغرافية بين ملاك الأراضي الزراعية والتي لم تتأثر على امتداد عشرات السنين.

وأوضح الحارثي أن كثيرا من الشكاوى قد تظهر على السطح خاصة بعد عمليات الطمس الواسعة التي غيرت كثيرا من تلك الحدود، واصفا أن هناك تقارير مناخية نبهت مؤخرا بأن السعودية على أعتاب تغيرات جوية لم تشهدها منذ عقود من الزمن، حيث جرفت السيول كثيرا من المؤشرات الدالة على الترسيم الفعلي للأطوال والأرباع.

وأبان الحارثي، أن الأمر يستدعي كثيرا من إيعاز تدخل الأقمار الصناعية و«غوغل إيرث»، لترسيم خطوط الطول والعرض لكثير من الممتلكات الزراعية، مبينا أن التسجيل العيني الذي عمدت إليه وزارة الشؤون البلدية والقروية منذ سنوات، سيسهم في معرفة الحدود الشرعية لجميع العقارات في السعودية، بيد أن المشكلة تكمن في أن كثيرا من الممتلكات الزراعية هي أراضٍ مملوكة عن طريق الحجج، وهو أمر سيصعب من عمليات ترسيم الأراضي بين المزارعين أنفسهم.

من جهته قال مصدر في وزارة الزراعة إنه من المبكر الحديث عن عمليات طمس وتغيير في الحدود الشرعية، مبينا أن قرار العاهل السعودي والقاضي في مدة زمنية لا تزيد على شهر، بحصر جميع الخسائر التي سببتها الأمطار للمواطنين أيا كان نوعها، والاستعانة بلجان من المحافظات بمشاركة وزارة الداخلية ووزارة المالية لإنهاء هذا الموضوع في المدة المحددة، هو قرار حكيم لأن من شأنه الوقوف على أضرار ميدانية كبيرة ومن ثم دراستها ووضع الحلول الناجعة لها.

وأبان ذات المصدر، أن الحاجة باتت ماسة لوضع الاستحكامات وحدودها بشكل واضح عن طريق الأقمار الصناعية، مبينا أن هناك أمورا لم تطرأ على الحسبان فيما يتعلق بعمليات تنصيب الحدود وما يواكبها من أضرار جسيمة قد تلحق بقطاع المزارعين لا قدر الله.

بدوره قال فواز الغريبي، عضو لجنة المزارعين بالطائف لـ«الشرق الأوسط»، إن السيول والفيضانات الأخيرة التي لحقت بمدن سعودية متعددة، أسهمت بشكل كبير في أهمية نظام التسجيل العيني للعقار وما يتم بشأنه والوقت المحدد لتطبيقه في المدن الرئيسة، إضافة إلى حل مشكلة إيقاف الصكوك وإشكاليات تداخل الأراضي وغيرها من المواضيع العقارية ذات العلاقة بوزارة العدل التي لها دخل مباشر بما يجري في السعودية هذه الأيام.

وأشار الغريبي، إلى أن عددا من الغرف التجارية الصناعية في السعودية تحركت مؤخرا، بهدف إتاحة الفرصة لكثير من المهتمين بالشأن الزراعي لبحث الأساليب المعيقة وما قد ينتج عنها من كوارث – لا قدر الله - في هذا الإطار، ناهيك عن بعض المستثمرين في القطاع العقاري لمناقشة هذه المواضيع والوصول إلى رؤية حولها تدفع بالتطور الذي يشهد القطاع بما يساعد في مضاعفة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة.