حث خبير دولي في مجال الهندسة المدنية السعودية على البدء فورا في استحداث جهاز مستقل للإنذار المبكر وإدارة الأزمات، عبر استخدام ما يسمى بـ«الشبكات العصبية الاصطناعية»، للتنبؤ بالسيول قبل حدوثها، كي تتمكن الجهات المعنية من القيام بمهامها لحماية الأرواح والمنشآت. وقال نائب رئيس الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين أستاذ المياه والبيئة في كلية الهندسة بجامعة أم القرى المهندس الدكتور موسى البيسي، إن الحد من مخاطر السيول وأثرها على الإنسان في السعودية يتطلب جهدا مضاعفا، من خلال إجراء إصلاحات في منظومة مجابهة أخطار السيول، والاستفادة القصوى منها لملء الخزانات الجوفية وعدم إهدار المياه. وأضاف: «يمكن أن يتم ذلك عبر استحداث جهاز أعلى لمجابهة مخاطر السيول وإدارة الأزمات، من خبراء وأساتذة جامعات في تخصصات الحماية من السيول، وكذلك إدارات الدفاع المدني، لتحديد الوسائل الهندسية والتخطيطية لمجابهة مخاطر السيول المحتملة، مع استحداث كود لأعمال مجابهة مخاطر السيول، ومراجعة وإعادة تصميم قاعدة البيانات الجغرافية للمملكة العربية السعودية، وتشمل مخططات المناطق السكنية وخرائط شبكات الخدمات الأرضية وخرائط البيانات الجيولوجية وخواص الوديان وخرائط بيانات المياه الجوفية ومخططات منشآت تصريف مياه السيول (قنوات تصريف - الكباري - السدود) وبيانات السيول والأمطار». وأوضح البيسي أن على الجهات الاستعانة ببيوت الخبرة في مجال الهندسة للإسهام في الدراسات والتصميمات وعدم الاكتفاء بالمكاتب الاستشارية الهندسية، وإحكام الرقابة على المكاتب الاستشارية الهندسية، وإلزامها بتطوير أدائها والتحديث المستمر لهياكلها، وتجنب توظيف أكثر من شركة استشارية لمشاريع البنية التحتية.وأكد نائب رئيس الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين أن أودية السعودية كثيرا ما شهدت فيضانات عارمة منذ فجر التاريخ ولا يزال خطرها قائما، وأبرز مثال عليها ما تعرضت له محافظة جدة قبل عامين من سيول أثرت على خطط التنمية وسببت خسائر في الأرواح والمنشآت. وأشار إلى أن السعودية مترامية الأطراف، وأُنشئ فيها عدد من المدن قرب مجاري السيول، وبعد التطور الكبير في المملكة اتسعت هذه المدن وتم التعدي على مجاري الأودية من دون تقييم لمخاطر هذه الإجراءات، مما أدى إلى حدوث كوارث.
وطرح الدكتور البيسي حلا آخر لمواجهة السيول هو تطوير قطاع التصميم والتشييد، وعدم الاكتفاء بتطبيق النماذج الهيدرولجية في تصميم مشاريع السيول، لأن الاعتماد على نتائج تلك النماذج من دون التأكد من دقتها يؤدي إلى حدوث مشكلات جسيمة، لا سيما أن الحلول الهندسية للتعامل مع مياه السيول يتم بناؤها طبقا لهذه النماذج، كما يجب استغلال إمكانات مراكز البحوث والجامعات لبناء نماذج معملية لتمثيل البيئة السعودية تمثيلا حقيقيا، لتلافي الآثار المدمرة للسيول. وطالب بإجراء دراسات لتقييم الأضرار البيئية لمنشآت الحماية من السيول (السدود - قنوات التصريف) والتنبؤ بالآثار البيئية الضارة والمحتملة والناتجة من مراحل الإنشاء والتشغيل، لوضع الحلول والإجراءات البيئية المناسبة للحد من انتشار تلك الآثار. وتابع: «يجب أن لا يكون اختيار أقل عرض مالي من قبل شركات المقاولات عائقا أمام اختيار الشركات ذات الكفاءة الفنية المحترفة في تنفيذ تلك المشاريع، ويجب استخدام مؤشرات دقيقة فنيا وماليا لقياس مستوى كفاءة الشركات». وأكد أهمية تطوير قطاع الإشراف والصيانة الوقائية، بوضع خطط شاملة ومتوازنة لتأهيل وتدريب جميع الكوادر في قطاع الإشراف بالأمانات ووزارة المياه على إدارة المشاريع من جميع النواحي الفنية والإدارية والمالية، والصيانة الدورية، إذ إن تدني أعمال الصيانة والتطهير وترميم المنشآت يقلل من عمرها الافتراضي ومقاومتها للسيول.