سفارات الدول تستجيب لخطة «تصحيح أوضاع العمالة».. ودوائر الجوازات تتأهب

وزارتا العمل والداخلية أكدتا أنه لا تراجع عن القرار

عدد من العمالة الوافدة والمخالفة لنظام الإقامة والعمل حيث ينتشرون بحثا عن أعمال بالأجرة اليومية («الشرق الأوسط»)
TT

بعد أشهر من جهود قادتها وزارة العمل لتوظيف سعوديين وسعوديات في القطاع الخاص، فاجأت الوزارة والجوازات سوق العمل بحملات في جميع المناطق لضبط العمالة الوافدة المخالفة، وجرى ضبط عشرات الآلاف من المخالفين الذين كانوا يعملون في المملكة بطريقة غير نظامية، ما تسبب في إرباك سوق العمل، الأمر الذي دفع القيادة لمنح العمالة المخالفة مهلة مدتها 3 أشهر لتصحيح أوضاعها، لكن بعض الجهات ترى أن المهلة لن تكون كافية لتصحيح أوضاع جميع العاملين لتشعب مشكلات بعض العمالة.

وأمام هذا الواقع الجديد، سارعت شركات ومؤسسات إلى تصحيح وضع عاملين لديها، وتخلت أخرى عن عمالتها غير النظامية، في حين عجزت شركات وجهات حكومية أخرى عن تأمين عمالة بديلة، كما شهدت دوائر الجوازات وإدارات ترحيل العمالة المخالفة زيادة في عدد مراجعيها عن المعدل الطبيعي.

بينما بدأت من جانبها بعض سفارات الدول الأجنبية والتي يوجد رعاياها بأعداد كبيرة في سوق العمل المحلية، بدعوة مواطنيها إلى المسارعة بتصحيح أوضاعهم، وفتحت لهم مراكز متخصصة في عدة مدن سعودية لهذا الغرض، حيث أكدت سفارة باكستان في الرياض إنشاءها 62 مركزا في أنحاء مختلفة في السعودية لاستقبال رعاياها وتقديم التسهيلات لهم لإكمال إجراءات تصحيح أوضاعهم.

ودعت السفارة الباكستانية رعاياها للتعجيل في الاستفادة من مهلة تصحيح الأوضاع التي أتاحتها السعودية للعمالة المخالفة لنظامي الإقامة والعمل، مشددة على ضرورة إكمال الإجراءات اللازمة وذلك تفاديا للعقوبات ولسلامة أنفسهم وحرصا من الجهات الباكستانية على لعب دور إيجابي لإنجاح المبادرة السعودية تجاه الوافدين.

وأكد سهيل علي خان المستشار الإعلامي في القنصلية الباكستانية في جدة لـ«الشرق الأوسط» تسجيل 7500 حالة تصحيح وضع في الرياض ونحو 7000 حالة في جدة، مشيرا إلى أن غالبية المعاملات تتعلق بتنازل أصحاب عمل سابقين للعمل لدى أصحاب عمل جدد.

ولفت إلى أن نحو 44 شركة في الرياض و19 شركة في جدة تقدمت بطلب استقدام عمالة باكستانية، غالبيتهم في الجانب التقني، كما أن وزارة الصحة باشرت استقدام كوادر طبية من باكستان، موضحا أنه تم استقدام ألف طبيب خلال الفترة القريبة الماضية.

من جانبه قال السفير المصري في الرياض في بيان صحافي نشر قبل أيام إن هناك اتصالات مستمرة مع الجهات السعودية المعنية بتفعيل القرارات الأخيرة لوزارتي العمل والداخلية بشأن تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية بالمملكة ضمن مهلة الثلاثة أشهر التي منحها العاهل السعودي لتوفيق الأوضاع. وقال السفير عفيفي عبد الوهاب، في بيان صحافي يوم الأحد، إن القرارات الأخيرة التي أصدرها الملك السعودي «أتاحت خيارات عدة أمام المصريين المخالفين لقانون العمل في المملكة، كنقل الكفالة والعمل في مكان آخر أو الخروج النهائي والعودة إلى مصر دون تحميلهم أي غرامات أو رسوم وهو ما أزال عبئا ماديا كبيرا عن كاهلهم». وأشاد السفير المصري «بتلك القرارات التي أصدرتها الحكومة السعودية»، معتبرا إياها «مكرمة ملكية سخية».

السفارتان الهندية واليمنية من جانبهما شرعتا في متابعة شؤون رعاياهما خصوصا أولئك المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، حيث أعلنت الهند عن وجود نحو 60 ألف عامل هندي يعملون في السوق المحلية بصورة غير نظامية، فيما تعمل السفارة اليمنية على إيجاد حلول سريعة لعمالتها المخالفة التي تشكل نسبة عالية من عدد المخالفين لنظام الإقامة والعمل في السعودية.

* لا تراجع عن «السعودة»

* نقل المهندس محيي الدين حكمي الأمين العام للغرفة التجارية الصناعية في جدة لقطاع الأعمال رسالة مفادها أن «وزارة العمل لن تتراجع عن تطبيق القرار الصادر عن مجلس الوزراء، لكنها تسعى إلى التعرف على الآلية المثلى لتطبيقه بطريقة لا تسبب ضررا للتجار أو الصناع وتحقق أهداف الدولة بتوفير فرص وظيفية للنساء».

ويأتي ذلك في الوقت الذي أجمع فيه صناع وتجار الملابس النسائية في لقاء شهدته الغرفة في جدة قبل أيام على أن إجبارهم على تأنيث متاجر بيع الملابس والإكسسوارات النسائية في التاسع من يوليو (تموز) المقبل الذي يتزامن مع نهاية شعبان الهجري، سيسهم في رفع أسعار الملابس بنسبة تتراوح من 30 في المائة إلى 50 في المائة.

وذهب التجار والصناع الذين حضروا اللقاء إلى أنهم غير قادرين على تطبيق القرار إلا في حال توفير كوادر نسائية مدربة، مطالبين في الوقت نفسه وزارة العمل بإطلاق حملة توعوية كبيرة تساعد على تغيير ثقافة العمل لدى الكثير من الأسر السعودية وتسهم في توفير بائعات يرضين بالعمل برواتب معقولة.

في هذه الأثناء، أكدت الإحصاءات الصادرة عن برنامج حافز وجود أكثر من مليون امرأة تبحث عن عمل، علاوة على ضرورة أن تكون هناك خصوصية في بيع ملابس المرأة تتماشى مع العادات والتقاليد والقيم السائدة في السعودية.

وهنا دعا حكمي إلى تدارس كل الأفكار التي تساعد على التطبيق الأفضل للقرار على أن يتم الرفع بكل التوصيات إلى وزارة العمل، مثمنا دور لجنة الأقمشة والمنسوجات بغرفة جدة التي تعمل على تنظيم الكثير من الفعاليات والمناسبات بهدف زيادة الوعي لدى المجتمع في هذا الجانب، وتلمس احتياجات العاملين في القطاع، مشيرا إلى أن استثمارات قطاع الملابس تتجاوز ثمانية مليارات ريال (2.1 مليار دولار).

إلى ذلك، رحب محمد سلطان الشهري رئيس لجنة الأقمشة والمنسوجات في الغرفة التجارية في جدة بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء ووزارة العمل والهادف إلى توطين الوظائف، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة الاستماع للمشكلات التي يعاني منها أصحاب متاجر بيع الملابس، على اعتبار أنه لم ينجح الكثير منهم حتى الآن في توفير الكوادر النسائية المدربة.

واشتكى من التسرب الوظيفي، بقوله: «تأتي الفتاة للعمل لكنها تغادر بعد أيام قليلة لوجود فرصة عمل أخرى في مجال مكتبي، لا سيما أن الكثير من الفتيات لا يفضلن العمل بائعات، نظرا لطول فترة الدوام الذي يكون في العادة على فترتين».

* «الجوازات»: وفرنا جميع الخدمات للراغبين في تصحيح أوضاعهم

* أكد المتحدث باسم المديرية العامة للجوازات بدر المالك، صعوبة تحديد أعداد العمالة التي صححت أوضاعها خلال الفترة الماضية نظرا لتداخل العمل بين الجوازات ووزارة العمل، مضيفا أن الأعداد لن يتم الإفصاح عنها إلا بعد انتهاء مهلة تصحيح الأوضاع.

وقال المالك لـ«الشرق الأوسط»: «تصحيح أوضاع العمالة المخالفة بدأ في السادس من أبريل (نيسان) الماضي الذي يوافق 25 من شهر جمادى الأولى، وتم تصحيح أوضاع أعداد معينة حتى صدور لائحة الاستثناءات الصادرة في الحادي عشر من مايو (أيار) الجاري الموافق لمطلع رجب الهجري».

ولفت إلى أن «الجوازات» وفرت جميع التجهيزات اللازمة وسخرت كل الطاقات لإنهاء إجراءات العمالة التي ترغب في تصحيح أوضاعها في أسرع وقت ممكن ولأكبر عدد، مشددا على ضرورة الاستفادة من المهلة التي وجّه بها خادم الحرمين الشريفين والتعجيل في تصحيح الأوضاع لضمان الإقامة والعمل بشكل نظامي.

وشهدت الإدارة العامة للجوازات في جدة ازدحاما في الأيام الماضية بعد إقرار آلية التصحيح الجديدة وطالب مراجعون بزيادة عدد العاملين في المكاتب واستحداث ساعات عمل إضافية لإنهاء معاملات أكبر كم ممكن من المراجعين.

شكاوى القطاع الخاص واشتكى مسؤولو منتجعات سياحية في شرم أبحر على أطراف محافظة جدة من مشكلات أبرزها شح عمالة النظافة منذ نحو شهرين، إذ إن غالبية المنتجعات السياحية تتعاقد مع شركات نظافة لتوريد العمالة، ولكن الحملات التفتيشية كشفت لمديري المنتجعات أن هذه الشركات تعتمد على عمالة مخالفة، ما تسبب في إرباك وضع المنتجعات السياحية.

وذكر عبد الله الحارثي المدير التنفيذي في منتجع المرجان السياحي في جدة لـ«الشرق الأوسط»، أن الوظائف الخدمية كالنظافة والصيانة بأنواعها تنعدم فيها العمالة السعودية، ما يجعل قطاع السياحة كالمنتجعات والفنادق تعتمد على شركات لتوريد هذه الفئة من العمالة.

وبين أنه مع بداية الحملات التفتيشية التي قامت بها الجهات المعنية تغيب الكثير من العمال، وتبين فيما بعد أن هذه الشركات كانت تقوم بتوريد عمالة مخالفة لم يكن يعلم عنها المعنيون في المنتجعات والفنادق، وتسبب ذلك في حالة إرباك في القطاع الملزم بتوفير مستوى معين من النظافة والصيانة للزوار.

وأكد مطالبة المنتجعات لهذه الشركات بتصحيح أوضاع العمالة لديهم في أسرع وقت ممكن، نظرا لقرب موسم إجازة نهاية العام الدراسي والذي يفضل الكثير من العائلات تمضيتها في المنتجعات السياحية.

وأبدى الحارثي تفاؤله بالمهلة المقررة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة، مبينا أن هذا القرار سيوفر حالة من الاستقرار في أعمال القطاعات ورفع مستوى الخدمة إلى الأفضل.

ورفض ربط أزمة توفير العمالة في هذا القطاع بارتفاع الأسعار في الموسم المقبل، مؤكدا أن الزيادة طبيعية في فترات المواسم.

وأوضح أن قطاع المنتجعات السياحية عليه أعباء كثيرة، لجهة توفير مستوى خدمة يليق بالمنتجع الذي يهتم لوضع اسمه في السوق، وأن هذه الخدمة مكلفة جدا ولا يتم تغطية تكاليفها إلا من خلال المواسم في السعودية.

وتطرق إلى أن المنتجعات السياحية تعمل فعليا 150 يوما في السنة وهي أيام الإجازات والمواسم والتي تصل فيها نسبة الأشغال إلى 70 في المائة، أما ما تبقى من أيام السنة فإن نسبة الأشغال منخفضة جدا، وبالتالي فإن توفير مصروفات المنتجعات يتم من خلال زيادة الأسعار والتي لا تزيد على 10 في المائة.

وأبلغ إبراهيم عقيلي رئيس لجنة المخلصين الجمركيين في غرفة جدة «الشرق الأوسط» أن المشكلة التي تواجه هذا القطاع تكمن في تحقيق نسبة السعودة، في وقت يرفض فيه السعوديون العمل سائقي شاحنات.

وأضاف أن مهنة سائقي شاحنات نقل البضائع مهنة يصعب فيها وجود سائقين نظاميين، فضلا عن أنه يندر فيها وجود السعوديين، وأن هذين العاملين خلقا مشكلة في القطاع، لا يمكن حلها إلا من خلال تخفيض نسبة السعودة في هذا القطاع.

ولفت إلى أن تسجيل السعوديين كموظفين في هذا القطاع يستغرق فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر لنزوله بشكل رسمي في النظام الخاص لدى جهات الاختصاص الرسمية، مبينا أن هذه المدة تشكل عائقا كبيرا لمن أراد تصحيح وضعه حاليا في برنامج نطاقات.

وقدّر نسبة السائقين السعوديين في الشاحنات بأقل من 3 في المائة، مشيرا إلى أن من يعملون فيها يمتلكون شاحنات خاصة بهم، وبالتالي فإن مسألة توفير سائقين سعوديين يعملون كسائقين نقل ثقيل صعبة جدا، مطالبا بإعادة النظر بالكامل في قضية سعودة شاحنات النقل.

دعم توظيف سعوديات شدد حمزة كرسوم نائب مدير صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) في جدة على عدم وجود نية لتأجيل انطلاق المرحلة الثانية لتأنيث متاجر فساتين السهرة وفساتين العرائس والعباءات النسائية والإكسسوارات، في الموعد المحدد نهاية شعبان المقبل، مشيرا إلى أن هذه المرحلة ستركز على سعودة وتأنيث المتاجر النسائية بنسبة 100 في المائة.

وكشف عن توجه «هدف» لدعم المتاجر النسائية التي توظف المرأة بنحو أربعة آلاف ريال لمدة أربع سنوات، وهذا المبلغ يمثل نصف ما ستحصل عليه الفتاة السعودية في حال قبولها العمل في المتاجر النسائية، مشترطا أن تكون هذه المحلات في النطاقين الأخضر أو الممتاز، فيما لا يتجاوز الدعم المنصوص عليه حاليا ألفي ريال لمدة ثلاث سنوات.

وبين أن المرحلة الثانية ستشمل المراكز التجارية المغلقة في مختلف الأرجاء السعودية من مدن ومحافظات وقرى، فضلا عن المتاجر القائمة بذاتها التي ستكون مطالبة بسعودة وظائفها بنسبة 100 في المائة، مركزا على أن «العملية مرتبطة بالنشاط التجاري ومتابعة الجهات الحكومية، وبالتالي من الصعب تحديد فترة زمنية لاستكمال عملية التأنيث في جميع المتاجر النسائية».

وأضاف أمام التجار والصناع في غرفة جدة أخيرا، أن «لدى وزارة العمل خطة في هذا الإطار بيد أنها لم تتخذ قرارا نهائيا في عملية تحديد السقف الزمني، والسقف الزمني للدعم المحدد بثلاث سنوات، لا يعني بالضرورة إلزام المنشآت بإبرام عقود لمدة ثلاث سنوات»، مشيرا إلى أن قرار قصر العمل في متاجر بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية إلزامي، داعيا مؤسسات القطاعين العام والخاص للتعاون؛ لتهيئة بيئة عمل آمنة للمرأة.