فشل فرض عزل حراري للمنازل يضغط على الأحمال الكهربائية صيفا.. والانقطاعات هاجس السكان

شركة الكهرباء تؤكد رفع طاقتها 30% هذا العام وتتعهد ببذل أقصى جهودها

المحطة التاسعة في العاصمة الرياض، ويبدو فريق صيانة يقوم بأعمال الفحص اليومية قبل التشغيل («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت هواجس السعوديين تزداد من عودة مشاكل الانقطاعات في الطاقة الكهربائية كما حصل في السنوات الأخيرة خلال فصل الصيف مع تزايد الطلب عليها في هذا الفصل تحديدا خصوصا مع تشغيل أدوات التكييف التي تستهلك النسبة الأكبر من الطاقة الكهربائية.

ومع أن وزارة المياه والكهرباء تعلن ما بين الحين والآخر عن إطلاق مشاريع من أجل تلبية الاحتياجات المحلية من الكهرباء للقطاعين السكني والصناعي إلا أن الأحمال التي عليها تجعلها عاجزة عن تلافي الكثير من المشاكل وخصوصا المتعلقة بالانقطاعات في فصل الصيف في ظل الاعتماد على مصدر وحيد لإنتاج الطاقة الكهربائية وهو النفط الذي تعتبر السعودية أكبر منتجيه ومصدريه على مستوى العالم.

واعتبر رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية سلمان الجشي أن هناك ضرورة ماسة لإيجاد بدائل لإنتاج الطاقة بدلا من الاعتماد الكلي والحصري على البترول حيث إن المملكة تحظى ولله الحمد بعوامل عدة تسهم في تنويع مصادر الطاقة من خلال تعاون وزارة المياه والكهرباء مع مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة مما سيسهم في حل جزء من هذه الأزمة كما يمكن الاستفادة من الطاقة الشمسية في الفترة القادمة وتنويع مصادر الطاقة يحتاج إلى تعاون عدة جهات من أجل حل هذه المعضلة.

وبين أن السعودية حباها الله تعالى بالكثير من العوامل الطبيعية التي يمكن الاستفادة منها مثل (الرمال) التي يمكن أن تسهم في صناعة السليكون وغيرها الكثير ولكن هذا يتوجب تعاون عدة جهات في الدولة كونها تهم الجميع.

وأشار إلى أن هناك مصانع في المدينة الصناعية الثانية بمدينة الدمام لم يصلها إلى الآن الطاقة الكهربائية مع أنها جاهزة تماما منذ عامين مع أنه من المفترض أن يكون وصلها الكهرباء مبكرا وبعد الانتهاء من تجهيزها بأشهر على الأقل وليس لهذه الفترة الطويلة. كما أن المدينة الصناعية الثالثة تم فيها تشييد محطات للكهرباء من أجل المساهمة في وصول الطاقة الكهربائية لها سريعا وهذا ما يتطلب تعاونا أكثر بين وزارة الصناعة وهيئة المدن وهذا هو المأمول مبينا أن هناك شركات كبرى في المنطقة الشرقية وخصوصا في الجبيل بدأت في إنشاء محطات والبحث عن مصادر جديدة للطاقة وهذا لا يغنيها عن التعاون مع وزارة المياه والكهرباء.

واعتبر الجشي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الاحتياجات للطاقة ستزداد وهناك نجاح ملموس للكثير من المشاريع التي قامت بها الوزارة المعنية من خلال تراجع الانقطاعات في الكهرباء في صيف الموسم الماضي مقارنة بما كان عليه الوضع في الموسم قبل الماضي وهذا يؤكد نجاح المشاريع ولكن الحاجة للطاقة الكهربائية في تزايد مستمر ويجب أن تكون هناك مشاريع عملاقة في هذا الجانب مشددا على أهمية أن يكون هناك استفادة من ضخ 50 مليار ريال سنويا في هذا القطاع من قبل الدولة إلا أنه في المقابل يتوجب دعم الاقتصاد الوطني من خلال توطين صناعة الأجهزة وبرامج التحويل من خلال منتجات وطنية حتى يستفيد منها الوطن وتقليل الاستيراد في هذا الجانب خصوصا مع عزم وزارة المياه والكهربائية تطبيق قرار سام بشأن إلزامية استخدام العوازل الحرارية في المباني للتخفيض من مصاريف الطاقة.

من جانبه قال وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء المهندس صالح العواجي فيما يخص تطبيق العزل الحراري إن العزل الحراري جاء بديلا لمعدلات الصرف العالية على فاتورة الكهرباء وكذلك التكلفة المرتفعة جدا لإنتاج الكهرباء مبينا أن التكييف في المباني السكنية يبلغ 70% من استهلاك الكهرباء.

وأعلن المهندس العواجي كل أن حجم إنفاق الاستثمار وما سيتم إنفاقه على مشاريع الكهرباء خلال الـ10 سنوات القادمة يتجاوز الـ500 مليار ريال يمكن توفير 30% منها بعد تطبيق قرار العزل الحراري خلال الفترة القادمة، وعن المخاوف من مشاكل الانقطاعات للكهرباء خصوصا في فصل الصيف قال العواجي إن شركة الكهرباء تبذل كافة الجهود في سبيل تفادي انقطاع الكهرباء وأن هناك الكثير من المشاريع التي دخلت الخدمة وأخرى تحت التنفيذ مشيرا إلى أن حجم الزيادة في إنتاج الكهرباء هذا العام تجاوز 3000 ميغاواط عززت بها شبكات النقل والتوزيع في المملكة مشيرا إلى أن حجم الإنتاج الحالي للكهرباء 6.0000 ميغاواط.

وحول دخول شركات أخرى تقدم خدمات الكهرباء في المملكة أوضح المهندس العواجي أن المرحلة الحالية يوجد هناك شركات قائمة بالفعل تقوم بإنتاج الكهرباء بنسبة 15% تقريبا من حجم الإنتاج الحالي، وكانت وزارة المياه والكهرباء وبالتعاون مع المركز السعودي لكفاءة الطاقة والشركة السعودية للكهرباء قد أطلقت لقاءات نقاشية مع المكاتب الهندسية والاستشارية، والمقاولين وشركات ومصانع العزل الحراري في المدن الرئيسية الكبرى في السعودية آخرها قبل مطلع الأسبوع الحالي في المنطقة الشرقية بمناسبة بدء التطبيق الإلزامي للعزل الحراري في المنطقة خلال الربع الثالث من عام 2013م، حيث بدأ تطبيقه في مدينة الرياض كمرحلة أولى اعتبارا من الأول من شهر ربيع الآخر من العام الحالي.

وقد كشف لـ«الشرق الأوسط» مصدر مطلع في شركة الكهرباء السعودية أن أكثر ما تواجهه شركة الكهرباء النمو العالي في السكان وخاصة في مدينة الرياض، مشيرا إلى أن الدراسات التي تقدمها الجهات المعنية تشير إلى أن نسبة النمو السكاني في السنة تصل 8% لترسم خطط الشركة وفق هذه الدراسات التي قدمت، إلا أنهم يفاجأون أن النمو السكاني تجاوز هذه النسبة لتصل ما بين 13 إلى 15% سنويا وهو الأمر الذي يحمل الشركة أعباء كبيرة في سرعة اتخاذ الإجراءات لمعالجة مثل هذه الظروف وزيادة الأحمال لتقدم الخدمة وضمان استمرارها وعدم الانقطاع خاصة في فترة الصيف.

ويضيف المصدر أن أهم المشاكل التي تواجههم عدم التقيد بتطبيق كود البناء الذي أقره مجلس الوزراء قبل سنوات، مشددا على ضرورة تعاون الجهات المعنية وخاصة الأمانات في كافة المناطق لتطبيق هذا النظام على المباني الحديثة وإلزام ملاك المساكن بتطبيق هذا النظام للحد من هدر الطاقة الكهربائي الذي تعانيه الشركة بشكل مستمر والذي يستهلك طاقة كبيرة من إنتاج النفط.

ويأتي تنظيم هذا اللقاء للتعريف بالخطوات التي اتخذت لتطبيق الأمر السامي رقم (6927-م ب) بتاريخ 22-9-1431هـ، القاضي باستخدام العزل الحراري بشكل إلزامي في جميع المباني، والتأكيد على أن الكهرباء لن توصل لأي مبنى جديد تصدر له رخصة اعتبارا من التاريخ الإلزامي الذي ستحدد بدايته خلال الربع الثالث من عام 2013م، إلا بعد التأكد من استخدام العزل الحراري في المبنى.

وصدر تعميم من وزير الشؤون البلدية والقروية بشأن الإيعاز للجهات التابعة لها والمرتبطة بها بالعمل بموجب الآلية التي تم إعدادها والاتفاق عليها بين فريق عمل قطاع الكهرباء ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والمتضمن قيام الشركة السعودية للكهرباء بإجراءات الكشف للتأكد من تطبيق استخدام العزل الحراري، والالتزام بالقيم المعتمدة للعزل عن طريق زيارات ميدانية خلال مراحل البناء يقوم بها فنيون مؤهلون لهذا الغرض.

وتؤكد الدراسات أن تطبيق العزل الحراري في المباني يؤدي إلى تخفيض استهلاك المكيفات من الكهرباء بنسبة تصل إلى 50% وبالتالي تخفيض فاتورة المستهلك وتقليل أحمال الذروة والتقليل من قيمة الفاقد في الشبكة الكهربائية وتخفيض الضغط على محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع والمساهمة في حماية البيئة كما أن العزل الحراري يوفر الراحة للساكن ويسهم في حماية وسلامة المبنى من تغيرات الطقس والتقلبات الجوية علما بأن تكلفته لا تتجاوز 5% من إجمالي تكلفة المبنى ويمكن استردادها خلال مدة تتراوح ما بين (3 - 5) سنوات كنتيجة للتوفير في قيمة الفاتورة الشهرية للكهرباء.

وفيما يتعلق بموضوع العزل الحراري قال رئيس القطاع الشرقي لتوزيع وخدمات المشتركين المهندس عبد الحميد النعيم أن المنطقة الشرقية ستبدأ تطبيق العزل الحراري على جميع المباني الجديدة اعتبارا من الأول من شهر محرم من السنة الهجرية الجديدة مبينا أنه تم تهيئة وتدريب 37 موظفا للقيام بمهمة متابعة تطبيق القرار فور البدء في تطبيقه وعن المواصفات التي يجب أن تنطبق على العزل الحراري بين أن كل ما يطابق شروط هيئة المواصفات والمقاييس ويتناسب مع الكود السعودي للبناء.

وتعتبر السعودية من أكثر الدول العربية استهلاكا للطاقة الكهربائية بل أظهر تقرير الاتحاد العربي للكهرباء لعام 2011م أن السعودية تعادل في صرفها للطاقة 12 دولة عربية مجتمعة حيث بين التقرير قدرات الأحمال الكهربائية في الدول العربية ونسب النمو في كل دولة وبلغت الأحمال الكهربائية القصوى المسجلة في السعودية لعام 2011م بحسب التقرير 48.367 ميغاواط، ومن خلال تقرير الاتحاد العربي للكهرباء يتضح أن السعودية تستهلك من الكهرباء في فصل الصيف ما يعادل استهلاك 12 دولة عربية.

كما أفادت أرقام رسمية أصدرتها المبادرة المشتركة لبيانات النفط (جودي)، مؤخرا بتراجع صادرات الخام السعودي إلى 7.42 مليون برميل يوميا في مارس (آذار) بانخفاض 34 ألف برميل يوميا عن فبراير (شباط) نتيجة زيادة استهلاك قطاع الكهرباء وانخفاض الإنتاج.

وقال مصدر في قطاع النفط أوائل الشهر الجاري إن إنتاج المملكة ارتفع إلى 9.3 مليون برميل يوميا في أبريل (نيسان) لكن استهلاك قطاع الكهرباء زاد 147 ألف برميل يوميا في المتوسط في السنوات الثلاث الماضية ما يبدد عمليا أثر زيادة الإنتاج في أبريل 2013 ويزيد استهلاك السعودية من النفط في الفترة من فبراير إلى يونيو (حزيران) مع ارتفاع معدلات تشغيل أجهزة التكييف في الدولة الذي يعتمد كليا على الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء ولا ينتج ما يكفي من الغاز لتلبية احتياجات توليد الكهرباء في أوقات الذروة. وتنشر أرقام الصادرات الرسمية بعد تحديث بيانات جودي في منتصف يونيو.

وكان الدكتور نايف العبادي مدير المركز السعودي لكفاءة الطاقة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قد أكد خلال مؤتمر عقد بشأن الطاقة في وقت سابق أن إنتاج الكهرباء حاليا يستهلك نحو أربعة ملايين برميل سنويا من النفط المكافئ متوقعا ارتفاع حجم الاستهلاك ثمانية ملايين بعد 18 سنة في ظل وجود سبعة ملايين مشترك في خدمة الكهرباء.

وشدد على أهمية مشاركة وسائل الإعلام في نشر التوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك وهو هدف وطني في النهاية مشيرا إلى أن تخفيض تكلفة الاستهلاك يعني توفير كمية أكبر من الوقود المستخدم لإنتاج الكهرباء في السعودية ما لم يتم اتخاذ وسائل جديدة لترشيد الاستهلاك واعتماد مصادر طاقة جديدة لتوفير الطاقة وتلبية الطلب محليا.

وبالعودة للعواجي الذي بين بأن الدعم الحكومي للقطاع مستمر وبشكل أكبر لتلبية الطلب بيد أن ذلك لا يعني أن تغفل دور المواطن في تخفيض الهدر في الطاقة، مشيرا إلى أن السعودية باتت تنتج أكثر من 55 ألف ميغاواط وهي بذلك من أكبر الدول المنتجة للطاقة الكهربائية وأن هذا الإنتاج يكلف كميات كبيرة من النفط كان يمكن الاستفادة منها.