رفض تمديد مهلة تصحيح أوضاع المخالفين.. وكشف حالات تزوير في وثائق عمالة

«العمل» أكدت لـ «الشرق الأوسط»: تطبيق العقوبات عند انتهاء الفترة المحددة

الجوازات تستقبل آلاف المراجعين الراغبين في تصحيح أوضاعهم (تصوير: ثامر الفرج)
TT

رفضت الجهات المعنية السعودية أمس طلب سفارات دول وجهات حكومية ومؤسسات خاصة بتمديد المهلة المحددة لتصحيح أوضاع المخالفين التي حددت بثلاثة أشهر تنتهي في 4 يوليو (تموز) المقبل. في الوقت الذي كشف فيه العميد حسين بن يحيى الحارثي مدير جوازات منطقة مكة المكرمة عن ضبط إدارته عددا من حالات التحايل والتزوير في وثائق تقدم بها بعض العمالة الوافدة للبقاء والعمل في السعودية.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»: «تم رفع طلب تمديد المهلة قبل أسبوع، إلا أن الطلب قوبل برفض من الحكومة السعودية، مع التشديد على أن تلتزم الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف في الفترة المحددة لتصحيح أوضاع العاملين في سوق العمل السعودية خلال فترة المهلة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومدتها ثلاثة أشهر».

وأكد حطاب العنزي، المتحدث باسم وزارة العمل لـ«الشرق الأوسط» أن العمل جار على تصحيح أوضاع السوق السعودية، وأن جهاز وزارة العمل مع القطاعات الحكومية الأخرى ملتزم بالفترة التصحيحية المحددة، مشيرا إلى أن الوزارة لا يحق لها تمديد مهلة التصحيح بعد انتهائها خلال يوليو المقبل، وذلك باعتبارها جهة تنفيذية تعمل على ما يأتيها من قرارات وزارية، مفيدا بأن قرار مهلة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة جاء بأمر ملكي، وفي حال تمديده، فإنه لا يتم أيضا إلا بأمر من أعلى سلطة في البلاد.

واستبعد العنزي، تمديد تلك الفترة بحكم أن هذا القرار جاء من خادم الحرمين الشريفين مباشرة، وأن انتهاء مهلة تصحيح أوضاع العمالة المقدرة بثلاثة أشهر هي الفترة المحددة لانتهاء الحملة التصحيحية وتنظيم سوق العمل، مؤكدا أن الجهات المعنية ستعمل فور انتهاء المدة المحددة العمل بالنظام الجزائي للمخالفين والمقرر بدايته في 5 يوليو المقبل، وسيتم تطبيق العقوبات على جميع المخالفين دون استثناءات.

وتأتي تلك المطالب، في الوقت الذي دعت فيه جهات عدة إلى تمديد المهلة التصحيحية، ومنها الفلبين التي طالب وزير خارجيتها آلبيرت ديل روزاريو، السلطات السعودية بتمديد مهلة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة لأنظمة العمل والإقامة لمدة 3 أشهر إضافية، وذلك لتجنب تطبيق الإجراءات على عمالتها الذين لا يحملون أوراقا رسمية ويقدر عددهم بـ20 ألف عامل فلبيني.

إلى ذلك، كشف العميد حسين بن يحيى الحارثي مدير جوازات منطقة مكة المكرمة عن ضبط إدارته لكثير من حالات التحايل والتزوير في الوثائق والمعلومات الخاطئة التي تقدم بها بعض العمالة الوافدة نتيجة تقدمهم لفرصة تصحيح الأوضاع للبقاء والعمل في السعودية.

وأوضح الحارثي خلال مؤتمر صحافي عقد على هامش افتتاحه قسم جواز سفر السعوديين في جدة أمس أن جميع من تم ضبطهم وأرادوا استغلال عملية التصحيح الأوضاع من خلال تقديم الوثائق المزورة تم إحالتهم إلى قسم التزوير في الجوازات.

وأضاف أن الزحام الذي تشهده مراكز تصحيح الأوضاع يأتي نتيجة رواسب السنوات الماضية، كما أن هناك مخالفين قدموا من خارج مدينة جدة بسبب وجود سفارات بلادهم هنا وبالتالي حدثت زيادة الزحام.

وحول تدشين القسم الجديد أشار الحارثي إلى أنه يشتمل على الإصدار والتجديد والإضافة، وكذلك قسم الأفراد تجديد، خروج وعودة، والخروج النهائي، لافتا إلى أن القسمين الجديدين سيكونان سببا في تخفيف الزحام عن المبنى الرئيس في حي الكندرة.

واستطرد مدير جوازات منطقة مكة المكرمة: «نصدر يوميا قرابة ألف جواز سفر سعودي، أما في شعبة الوافدين في مبنى الكندرة فننجز نحو 20 ألف معاملة يوميا، مقابل مساهمة خدمة (أبشر) في تخفيف الزحام عن المديرية؛ لذلك يجب على المواطنين ضرورة التسجيل بها حتى ينجزوا معاملاتهم بكل يسر وسهولة».

وحول ما تشهده مواقع الجوازات من زحام في تقديم أوراق مزورة ومعلومات خاطئة، قال الحارثي: «نحن ننجز في كل مركز يوميا ما يقارب ألفي معاملة خاصة بتصحيح الأوضاع، ومنهم من غادر إلى بلده ومنهم من نقل إقامته للعمل لدى كفيل جديد»، مبينا أن العمل يجري من خلال ثلاثة مراكز في جدة، وجميعها تعمل في فترتين صباحية ومسائية.

وأكد أن تصحيح الأوضاع لا يشمل المرافقين للعمالة، وإنما فقط العاملين، حيث لا يحق للأب المكفول أو الزوجة المكفولة تصحيح أوضاع المرافقين؛ ولكن مع ذلك تجد كثيرا من الموجودين ليسوا نظاميين ولا تنطبق عليهم الشروط الخاصة بالتصحيح.

وتطرق الحارثي إلى أن التحقيق الذي وجه به وزير الداخلية بدأ مع رجل الجوازات الذي ظهر في مقطع فيديو وهو يشتبك مع بعض الوافدين المتجمعين أمام أحد مراكز الجوازات. وقال: «هناك محققون من المديرية العامة للجوازات قدموا من الرياض وباشروا مهام التحقيق مع رجل الجوازات الذي ظهر في مقطع فيديو وهو يتشابك مع أحد المراجعين، كما تم إيقافه عن العمل فور صدور القرار».

وأضاف أن «الجوازات» لن تقبل بمثل هذه التصرفات الفردية، ويجب على الجميع أن يعلموا أنهم وضعوا لخدمة المواطن، عازيا أسباب الاعتداء إلى أن مجموعة من الوافدين قاموا بكسر الحاجز والدخول بالقوة إلى المركز في «دلة»، مما تسبب في فوضى وربكة للعاملين وكان من الصعب فرز من اكتملت أوراقهم من غير المطابقة لهم الشروط، ومع ذلك ليس من حق رجل الجوازات التصرف بمثل هذا الأسلوب غير اللائق.

وكانت وزارتا العمل والداخلية بدأتا قبل نحو شهرين تنفيذ حملة لضبط مخالفي نظام الإقامة والعمل؛ لكن الحملة توقفت بعد أن وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإعطاء فرصة للعاملين المخالفين لنظام العمل والإقامة في السعودية مهلة لتصحيح أوضاعهم في مدة أقصاها ثلاثة أشهر تنتهي في 4 يوليو المقبل.

ويواجه مخالفون مشكلات عدة خلال سعيهم إلى تصحيح أوضاعهم؛ إذ يتعذر على بعضهم الوصول إلى شركات تشغلهم وتقبل بنقل كفالتهم إليها، في حين يعاني آخرون الزحام أمام مقرات الجوازات ومكاتب العمل نتيجة سعي أعداد كبيرة من المخالفين لإنهاء معاملاتهم.

وشهدت المدن الرئيسة في المملكة، على مدار الأيام الماضية حراكا واسعا بين الجهات المعنية، وممثليات عدد من الدول، لإنهاء إجراءات تصحيح أوضاع العمالة المخالفة؛ الأمر الذي دفع الجوازات إلى زيادة عدد موظفيها وافتتاح مكاتب جديدة في بعض المناطق لاستقبال الراغبين في تصحيح أوضاعهم.

وانتشر مخلصو خدمات أو «معقبون» لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة مقابل مبالغ مادية كبيرة. ووفقا لعمالة وجدت عند مقر «الجوازات»، فإن تكاليف تصحيح الأوضاع بلغت أكثر من 15 ألف ريال للعامل الواحد.

وكشف المتحدث باسم المديرية العامة للجوازات العقيد بدر المالك لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو أسبوعين، عن ترحيل أكثر من 201 ألف مخالف لنظام الإقامة في السعودية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بعد استكمال الإجراءات القانونية وإدراجهم ضمن قوائم غير المسموح لهم بدخول المملكة، مشيرا إلى أن «الجوازات» تستقبل المخالفين عن طريق دوريات الجوازات والأجهزة الأمنية الأخرى وتحقق معهم للتأكد من خلو سجلاتهم من أي مطالبات أمنية أو حقوقية وتصدر وثائق سفر لهم من خلال سفارات بلدانهم بهدف ترحيلهم.

وأكد أن السعودية لن تلزم العمالة الأجنبية المخالفة بالسفر إلى وجهة معينة، سواء كانت للبلدان التي ينتمون إليها أو غيرها في حال انتهت المهلة دون أن يصححوا أوضاعهم.

وأضاف أن الحملات التي تجريها «الجوازات» ضد المخالفين تستهدف في المقام الأول تنظيم السوق، وسيكون أمام العامل خيارات من بينها تصحيح وضعه بالعمل فعليا تحت مظلة المؤسسة التي استقدمته، أو نقل خدمته رسميا إلى صاحب عمل جديد، في حين سيتم منحه تأشيرة خروج نهائي لترحيله عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية خارج البلاد في حال انقضاء المهلة المحددة دون أن يستجيب للنظام.

ولفت إلى أن المستثمرين الأجانب لن يحظوا باستثناء عند وجود مخالفين يعملون لديهم؛ إذ سيتعرضون مع أصحاب العمل المواطنين للعقوبات المنصوص عليها في لائحة النظام التي تنص على الغرامة المالية المقدرة بـ10 آلاف ريال عن كل عامل مخالف يقومون بتشغيله وإيوائه والتستر عليه ويمكن أن يصل الجزاء إلى السجن من ستة أشهر إلى عامين.