سطوة مواقع التواصل الاجتماعي تنعكس على لغة الطلاب خلال الاختبارات

من خلال استخدام لغة «أرابيش».. ومتخصصون حذروا من خطورتها على الأجيال

TT

بين يدي المعلم محمد العتيبي ورقة امتحان لأحد طلابه يبدو فيها أنه أجاب عن جميع الأسئلة، لكن عندما يتمعن المعلم في الإجابات يجد أن غالبيتها لا معنى لها، أي إنها مجرد كلمات تختلط فيها اللهجة العامية بالفصحى، واللغة العربية بالإنجليزية لتصبح مصطلحات غريبة.

ويطلق تربويون على هذا النوع من الجمل غير المفهومة لفظ «الأرابيش»، وهو دمج كلمات من اللغتين العربية والإنجليزية لتكوين كلمات جديدة يجري تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين جيل الشباب على وجه الخصوص، وبالتالي وجدت طريقها إلى أوراق الاختبارات.

وأجمع متخصصون في التعليم على أن التقنية الحديثة وما أنتجته من وسائل تواصل اجتماعي عبر الهواتف الجوالة أثرت بشكل كبير على المستوى التحصيلي لطلاب وطالبات المدارس، مؤكدين أن نتائج تصحيح أوراق الاختبارات أظهرت مدى تأثر الطلاب بما يستقبلون ويرسلون عبر هواتفهم.

وذكر أستاذ اللغة الإنجليزية سليم الكتبي لـ«الشرق الأوسط»، أن لغة الـ«أرابيش» المشتقة من لفظي (Arab وEnglish) بدت واضحة بكثرة في أوراق اختبارات الطلبة، وأصبحت بمثابة إحدى وسائل الاحتيال على مصحح الإجابات، ويلجأ إليها بعض الطلبة عبر كتابة إجابات لا تمت إلى الإجابة الصحيحة بصلة، وإنما هي نوع من الخداع لتعبئة أوراق الامتحان فقط.

ولفت إلى أن هذه اللغة انتشرت بين الشباب كانتشار النار في الهشيم، وأصبحت بمثابة «شيفرة» لا يفهمها سواهم ويصعب على الأهالي ترجمتها وفك طلاسمها ومعرفة الكثير من أسرارهم.

وأكدت المستشارة التعليمية الدكتورة غادة منصوري، أن لغة وسائل التواصل الاجتماعي بدت واضحة بشكل كبير في سلوك الطلاب، وهذا ما أثبتته نتائج تصحيح أوراق الاختبارات.

وأضافت أن استهتار بعض الطلاب والطالبات بالبحث عن الإجابات يدفعهم إلى كتابة فكاهات وجمل تتردد كثيرا عبر رسائل الهواتف النقالة، محذرة مما ستؤول إليه نتائج هذا السلوك. وقالت منصوري: «رغم أن هذه الإجابات أدخلت روح الفكاهة في غرف التصحيح، فإنها قرعت جرس الإنذار بتزايد ظاهرة الاستهتار بمستقبل التعليم، وغياب رهبة الاختبارات والاستعداد لها بالتحصيل الجيد».

إلى ذلك، أكدت وفاء المغيدي معلمة اللغة الإنجليزية في إحدى المدارس الحكومية للمرحلة المتوسطة أن لغة الـ«أرابيش» أسهمت بشكل كبير في تحسن مستوى الطالبات في اللغة الإنجليزية تحدثا، وإقبال الطالبات على تعلمها، بدعوى الثقافة التي تظهر مستواهم من خلال كتابتهم في مواقع الدردشة في أجهزتهم النقالة، إلا أن تصحيح أوراق الاختبارات أكد أن هذا الاهتمام يستخدم في التحدث فقط، ولكن في حال الإجابة بطريقة الكتابة فإن البعض لجأ إليها عندما عجز عن معرفة الإجابة الصحيحة.

ولم تفلح بعض الجهود والحملات التي قادها متطوعون عبر وسائل التواصل الاجتماعي في منع الانتشار الواسع لهذا النوع من الكتابة عبر الأجهزة الإلكترونية.

وبحسب معلمة اللغة العربية منى الأسمري التي تعمل في مجال التعليم منذ 15 عاما، فإن هذه اللغة الجديدة أسهمت في تعزيز اللغة الإنجليزية، وأساءت إلى اللغة العربية كثيرا، إذ إن الطالبات سابقا كنّ أكثر إتقانا للغة العربية من الوقت الحالي لظهور لغة «الأرابيش»، التي طمست معالم الحروف الأبجدية.

وأشارت إلى أن مبالغة بعض الآباء في توفير هواتف نقالة للأبناء مزودة بخاصية الدردشة في مراحل مبكرة من أعمارهم، أسهم في صعوبة تعلم اللغة العربية واستهتارهم بها، والاهتمام باللغة الإنجليزية التي أصبحت محل تفاخر بين المراهقين، متخوفة من استمرار الوضع على هذا الحال، الذي أصبح يشكل عبئا على معلمي اللغة العربية.

وأهاب عضو المجمع اللغوي مدير المكتب التربوي شرق مكة المكرمة الدكتور صالح الغامدي بالمعلمين والمعلمات الحرص على تعليم الأجيال الناشئة وتقويمها، مشددا على أهمية أن لا يكون للتقنية الحديثة أي دور بارز في التأثير على التعليم. وأضاف أن القائمين على التعليم لو أدوا دورهم بالشكل المطلوب من دون تهاون وتكاسل وتذمر من الطلبة لوجد جيل يراهن به على كل الصعاب، ولا يمكن لأي دخيل أن يؤثر على أساسياته.