موسم السفر يحل لدى السعوديين وسط تغييرات في الوجهات السياحية محليا وخارجيا

حلول شهر رمضان في منتصف الإجازة يقسم الموسم إلى فترتين

أميركا وأوروبا وشرق آسيا أكثر المحطات السياحية للسعوديين هذا الموسم وفق بعض المختصين
TT

يتوقع مختصون أن يسجل الموسم السياحي في السعودية، خلال صيف هذا العام الذي حل الأسبوع الحالي وينتهي في نهاية شهر أغسطس (آب) المقبل، تغييرا في خريطة السياحة المحلية والخارجية والوجهات السياحية، لعل أبرزها حدوث نمو في السياحة المحلية يتراوح بين 5 و15 في المائة، وسط توقعات باستقطاب القطاع أكثر من 10 ملايين سائح (زائر)، وتحقيق عوائد اقتصادية تتجاوز 10 مليارات ريال، كما أن وقوع شهر رمضان المبارك في منتصف الإجازة الصيفية والموسم السياحي أحدث تغييرا في تحديد أوقات الرحلات السياحية من خلال فترتين: ما قبل شهر الصوم وما بعده.

ودخلت العاصمة السعودية الرياض بقوة بوصفها واحدة من المدن الأكثر استقطابا للزوار خلال الموسم، مع محافظة مدن أبها والطائف والباحة وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة على وضعها باستقطاب السياح من داخل السعودية وخارجها، وساهم برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث في استقطاب الأسر السعودية لزيارة الدول التي يتلقى أبناؤها دراستهم فيها، كما سجلت الفلبين وإندونيسيا ودول أوروبا عامة اسمها لاستقبال أعداد كبيرة من السياح السعوديين، في حين غاب عن الخريطة السياحية للسعوديين كل من لبنان وسوريا ومصر واليمن، وقبلها تونس؛ نظرا للأوضاع غير المستقرة فيها، وحافظت ماليزيا على ترتيبها في قائمة الدول التي تستقطب السعوديين، تليها الإمارات العربية ثم أوروبا، ومن اللافت في الموسم السياحي الحالي خارجيا زيادة الطلب على أميركا وأوروبا وأستراليا وتركيا.

واعتبر مختصون أن الإقبال على أميركا وأوروبا وشرق آسيا يعود لظروف المنطقة العربية وانخفاض العملات الأوروبية والتنافس بين شركات الطيران، كما أطلق مختصون نصائح وتحذيرات للسعوديين بضرورة إنهاء إجراءات السفر في وقت مبكر، وتجنب التعامل مع شركات تقدم برامج سياحية وهمية بمبالغ زهيدة.

ووقوع شهر رمضان الذي سيحل في التاسع من شهر يوليو (تموز) وينتهي في السابع من أغسطس المقبلين، في منتصف إجازة الصيف التي حلت نهاية هذا الأسبوع بانتهاء اختبارات مراحل التعليم العام والجامعات - أحدث تغييرا في برنامج الأسر السعودية في كيفية ووقت استثمار هذه الإجازة، وتحديد وجهاتهم السياحية داخليا وخارجيا من خلال فترتين: الأولى تبدأ قبل حلول شهر الصوم ولمدة نحو شهر، والثانية بعد انقضاء رمضان ولمدة 24 يوما، حيث يعود الطلاب والطالبات والمعلمون والمعلمات إلى مدارسهم وجامعاتهم في الحادي والثلاثين من أغسطس المقبل مبتدئين عاما دراسيا جديدا.

فعاليات صيف السعودية 2013 يرجح أن تسجل خلالها الرحلات السياحية المحلية خلال الصيف 5.3 مليون رحلة، بمصروفات ستبلغ 10.5 مليار ريال، حيث بدأت أفواج السياح تحزم حقائبها متجهة صوب محطاتهم المعتادة داخليا وخارجيا، في حين فضل الكثيرون البقاء في مدنهم ومحافظاتهم وقراهم والاستمتاع بالفعاليات والمناشط المختلفة التي ستقام في هذه المدن والمحافظات، إضافة لأسباب عملية ومادية وحضور المناسبات الاجتماعية، وخصوصا الزيجات التي تكثر عادة في مثل هذه الأيام.

الوجهات هذا العام تغيرت كثيرا لدى العديد من الأسر السعودية، حيث تراجع كل من لبنان ومصر واليمن وسوريا من قائمة محطاتهم بسبب الأوضاع هناك والمخاوف من انعكاساتها الأمنية، في حين فضل أصحاب الدخول المحدودة تغيير وجهاتهم الأوروبية إلى شرق آسيا بسبب الغلاء في أوروبا وطول إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول ومتطلباتها؛ من كشف حساب حديث من البنك، إلى شهادة التأمين الطبي، مع ضرورة وجود حجوزات سابقة للطيران والفنادق، إضافة إلى أن حجم ما يصرفونه في أوروبا أضعاف ما يصرفونه في دول شرق آسيا.

دبي حافظت على مكانتها كمحطة مهمة للسياح السعوديين رغم طقسها الحار الذي لا يختلف عن طقس المناطق السعودية، عدا المصايف، لكن الفعاليات المقامة هناك وطبيعة الوضع الاجتماعي ووجود السينما هناك تشجع الأسر السعودية على زيارتها لعدة أيام.

وانشغلت بعض الأسر السعودية في البحث عن عمالة منزلية ناعمة وسائقين؛ انتظارا لما تسفر عنه إجراءات تصحيح أوضاع العمالة المخالفة، والاستفادة من المهلة المحددة للحصول على العمالة بسبب قرب شهر الصوم، حيث تنتهي المهلة في الرابع من يوليو المقبل، وهو ما يعني بقاء هذه الأسر في مدنهم والاكتفاء بحضور فعاليات الصيف وحضور المناسبات الاجتماعية، وتمتد قبيل شهر رمضان، لتعاود قصور الأفراح فتح أبوابها بعد العيد لحفلات الأعراس مجددا.

بخصوص السياحة الخارجية، سجلت أميركا المحطة الأولى لطلب زيارتها الآن من قبل السعوديين بحجم سياح يصل إلى نصف مليون سائح جلهم من العوائل، وساهم وجود طلاب سعوديين يتلقون دراستهم هناك ضمن برنامج الملك عبد الله للابتعاث في تفضيل الأسر السفر والبقاء بجانب أبنائهم خلال الإجازة، ودخلت أستراليا ونيوزيلندا في الاتجاه ذاته من قبل الأسر السعودية.

ووفقا للأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع حجم عدد الرحلات السياحية المحلية خلال هذا الصيف بنسبة نمو تبلغ 5 في المائة، متوقعا أن يصل عدد الرحلات السياحية خلال الصيف إلى 4.8 مليون رحلة مقابل 4.3 مليون رحلة في صيف العام الماضي، وأن تصل الرحلات المحلية خلال الصيف الحالي إلى 5.3 مليون رحلة مقابل خمسة ملايين رحلة في صيف العام الماضي، مشيرا إلى أن التقديرات الأولية في الموسم الحالي تدل على أن مصروفات الرحلات السياحية لهذا العام ستبلغ 10.5 مليار ريال، كما توقع أن توفر مهرجانات الصيف لهذا العام البالغة 42 مهرجانا 4500 فرصة عمل، وتستقطب أكثر من 10 ملايين زائر، وتحقق عوائد اقتصادية تتجاوز 10 مليارات ريال.

ومن جانبه أبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور ناصر بن عقيل الطيار رئيس «مجموعة الطيار للسفر والسياحة» بأن صيف هذا العام يعد موسما مختلفا عن المواسم الماضية؛ لكون شهر رمضان المبارك يحل في منتصف الإجازة، وهو ما يعني أن السائحين من السعودية سيضطرون إلى توزيع رحلاتهم قبل رمضان وبعده، لافتا إلى أن العام الحالي شهد دخول دول جديدة أصبحت وجهة للسعوديين، أبرزها الفلبين وإندونيسيا ودول أوروبا الشرقية السابقة، كما سجلت كل من أميركا وأوروبا وأستراليا وتركيا طلبا لزيارتها هذا العام، إضافة إلى تسجيل عدد من السياح دبي والكويت والمغرب وجهات سياحية لهم.

وكشف الطيار عن غياب دول عن الخريطة السياحية لهذا العام، أبزرها لبنان ومصر وسوريا واليمن؛ نظرا للأوضاع الأمنية فيها، معتبرا أن ماليزيا حافظت على مركزها الأول في استقطاب السياح السعوديين والمقيمين، تليها دولة الإمارات العربية، ثم دول أوروبا بشكل عام، موضحا أن الإجازة ما قبل رمضان لا تتعدى الشهر، في حين أن الموسم السياحي بعد رمضان لا يتعدى العشرين يوما، مما يعني أن السياح سوف يوزعون الإجازة وفقا لهذا التوقيت.

واعتبر الطيار أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي كان له الأثر الأكبر في استقطاب العوائل لزيارة أماكن دراسة أبنائهم، وخصوصا في دول أميركا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، حيث توجد الأعداد الكبرى من المبتعثين السعوديين.

وقال الطيار إن الظروف السائدة في المنطقة العربية وانخفاض العملات الأوروبية وتنافس شركات الطيران بتسيير رحلات كثيرة، أسباب رئيسية في توجه السعوديين إلى أميركا وأوروبا وآسيا، وخصوصا إندونيسيا والفلبين.

وفيما يخص السياحة الداخلية اعتبر الطيار أن مدن المنطقة الغربية تعد مناطق جذب للسائحين، خصوصا جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف (المصيف الرسمي للدولة)، إضافة إلى مناطق أبها والباحة، لافتا إلى أن مدينة الرياض ستشهد هذا الموسم إقبالا كبيرا لزيارتها من خارجها، حيث ستصبح نسبة الإشغال في الفنادق والشقق والنزل كاملة، لحضور فعاليات الصيف والتسوق وحضور مناسبات الزيجات.

وفي السياق ذاته أكد لـ«الشرق الأوسط» عبد الله الغفيلي نائب مدير عام وكالة «الرياض للسفر والسياحة» ارتفاع نسبة أعداد السياح السعوديين الراغبين في قضاء الموسم السياحي خارجيا بنسبة تصل إلى 15 في المائة، لافتا إلى أن ثقافة السفر قد أصبحت حاضرة لدى السعوديين، حيث إن نسبة تصل إلى 70 في المائة تستفيد من الموسم السياحي دون مشاكل بسبب تحديد وجهتهم السياحية، وإنهاء إجراءات حجوزات الطيران، واستخراج التأشيرات، وحجز الفنادق، والتنقلات في وقت مبكر، وهو ما يوفر لهم الوقت والجهد والمال.

وأشار إلى أن أميركا وأوروبا وتركيا ودبي ظلت محطات ووجهات سياحية للسعوديين، في حين دخلت دول أخرى هذا العام في خريطة السياحة السعودية، وأبرزها الفلبين وإندونيسيا، كما سجلت دول كانت وجهة لهم في الأعوام الماضية غيابا عن خريطتهم السياحية لهذا العام، وأبزرها لبنان ومصر وسوريا؛ بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية فيها، وهو ما ينعكس على السياحة بشكل عام.

ووجه الغفيلي نصائح للسعوديين الراغبين في قضاء إجازاتهم في الخارج بترتيب مواعيد سفرهم ومحطاتهم وإجراءات السفر؛ من تأشيرات وحجوزات الطيران والفنادق في وقت مبكر، من خلال مكاتب السفر المعتبرة والمعروفة، وتجنب التعامل مع مكاتب غير معروفة تقدم عروضا غير منطقية ينخدع المسافر بها ليفاجأ عند وصوله لمحطته السياحية بأن الحجوزات والبرامج التي اتفق مع المكاتب عليها ودفع مقابلها أموالا كلها وهمية، مما يضطره لدفع مبالغ مضاعفة كان يمكن توفيرها لو تم ذلك عن طريق مكاتب السفر السياحية المعروفة، لافتا في هذا الصدد إلى وجود 300 من مكاتب السفر والسياحة في الرياض غير نظامية، إما لعدم حمل أصحابها تراخيص لمزاولة النشاط، أو أن العاملين فيها غير نظاميين، والكثير منها يعمل في موسم الصيف ويختفي طوال العام، وجلها يعمل عن طريق وسطاء، منهم أصحاب محلات الكهرباء والسباكة وعمال محطات الوقود، حيث توفر هذه المكاتب أجهزة حجوزات وقوائم بفنادق وبرامج سياحية مقابل نسب مالية محدودة.