مخاوف الرقابة وضياع الوقت يلاحقان «الأندية الصيفية».. و«التربية» تطمئن

مع انطلاق فعاليات 610 أندية صيفية بمختلف مناطق البلاد

الأندية الصيفية محاضن لاستثمار أوقات طلاب وطالبات التعليم العام لصقل المهارات والكشف عن المواهب («الشرق الأوسط»)
TT

مع انطلاق فعاليات 610 أندية موسمية للطلبة قبل أيام أنشطتها، برزت مخاوف أولياء أمور من ضياع أوقات أبنائهم في فعاليات غير مفيدة، إضافة إلى دعوات متخصصين إلى ضرورة متابعة الفعاليات التي تقدمها تلك الأندية منعا لبث أفكار منحرفة، لكن وزارة التربية والتعليم شددت على أنها تراقب الأندية بشكل مستمر «بهدف صيانة فكر الطلاب والطالبات من الأفكار المنحرفة»، مشيرة إلى أنها لن تتردد في إغلاق أي ناد يثبت عدم تقيده بالتعليمات.

ويرى تربويون أنه رغم ما قدمته «الأندية الموسمية»، التابعة لوزارة التربية والتعليم، من برامج رائدة ومفيدة لاستثمار أوقات الشباب، فإنها لم تعالج التأخر في الإعلان عنها، وسطحية معلومات الطلاب والطالبات بما تقدمه من فعاليات وأنشطة، إضافة إلى وجود إجراءات بيروقراطية، خصوصا فيما يتعلق بالدعم المادي وتأخير الصرف عليها بما يشمل تأخير حقوق العاملين لأكثر من ستة أشهر أحيانا بعد انتهائها.

وأكد الدكتور سامي علي، المتخصص النفسي، أن المراكز الموسمية هي السبيل الأمثل لاستغلال الأوقات، معربا عن أمنياته أن يطور القائمون عليها من إمكاناتها، مع الحرص على تبني رفع حصيلة المعرفة في وسائل ترفيهها.

من جانبه، قال محمد بن حمود الهدلاء، الباحث والأكاديمي المتخصص بالشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب: «المراكز الصيفية من ناحية الفكرة والمضمون والبرامج تجربة جيدة وفريدة، لكن يجب علينا أن تكون هذه المراكز تحت مسمع ومرأى من الجهات المسؤولة التي تقوم بزيارتها وتفقدها والوقوف على برامجها وتكثيف البرامج التوعوية الخاصة بالأمن الفكري ومحاربة التطرف بشتى صوره».

في حين شدد سامي الخضير، مدير إدارة النشاط الاجتماعي في وزارة التربية والتعليم، على أن «من يرى أن الأندية الصيفية مضيعة للوقت هو شخص منقطع عنها ولم يزرها حديثا ليرى قوة البرامج المشوقة والهادفة التي تقدم للشباب».

وكانت وزارة التربية والتعليم كشفت عن إطلاق أكثر من 600 ناد، بلغت ميزانيتها ما يزيد على 40 مليون ريال، وشددت الوزارة على أنه لا مكان للمتعاونين والمندفعين في الأندية الموسمية الصيفية، ولفتت إلى إخضاع كافة الأندية الصيفية لضوابط واشتراطات لضمان رقابتها، وبهدف صيانة فكر الطلاب والطالبات من الأفكار المنحرفة.

بينما حددت الوزارة ضوابط لعمل الأندية الموسمية الصيفية، منها أن تكون مدة العمل في النادي 8 أسابيع بداية، وأن يتألف طاقم العمل الإداري والفني داخل النادي من 13 شخصا في الفئة (أ)، و9 أشخاص في الفئة (ب)، و7 أشخاص في الفئة (ج).

واشترطت على مدير المدرسة تسليم جميع مرافق المدرسة التي يحتاجها النادي رسميا لمدير النادي وتسلمها منه رسميا بعد نهاية النادي مباشرة عن طريق مدير المدرسة أو من ينيبه، على أن يعتبر مدير النادي مسؤولا مسؤولية مباشرة عن المدرسة والعاملين بها ومرافقها طيلة فترة العمل بالأندية وحتى تتم عملية التسليم لمدير المدرسة، وفي حال عدم التزام مدير النادي أو العاملين معه تعليمات الأندية الموسمية يتم إيقاف العمل بالنادي وفق ما تراه اللجنة الإشرافية على الأندية الموسمية.

وشددت وزارة التربية على أنه لا يحق لأي مدير أو مشرف التغيب عن النادي إلا بإذن خطي من لجنة الإشراف على الأندية الموسمية، وعلى مدير النادي الإبلاغ رسميا عن تغيب أي مشرف ويكون ذلك تحت مسؤوليته، كما يجب تخصيص مشرف تربية خاصة في كل ناد من الفئة (أ) و(ب) ضمن فريق العمل، وأن تقدم الجهة التي ترغب في افتتاح ناد موسمي (مدرسة أهلية - جمعية - هيئة...) شيكا بمبلغ ثلاثين ألف ريال باسم المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة الرياض لصرفها على النادي وفق لائحة الصرف المعتمدة.

وكانت الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة الرياض اعتمدت 86 ناديا موسميا لاستقبال الطلاب والطالبات، حيث من المتوقع أن تستقبل أندية العاصمة أكثر من 50 ألف طالب وطالبة.

وأوضح محمد المرشد، مساعد المدير العام للتربية والتعليم في منطقة الرياض للشؤون التعليمية، أن الإدارة أعدت حقيبة تدريبية لتدريب المعلمين في الأندية الموسمية، وذلك في تسعة مراكز تدريبية في الرياض، حيث سيتولى التدريب 15 من المدربين والمختصين في هذا المجال من مشرفي النشاط الطلابي.

وقال المرشد إن «الأندية الموسمية، هي أحد برامج وزارة التربية والتعليم التي تنفذها لخدمة أبنائنا الطلاب والمحافظة على أوقاتهم بما ينفعهم، ويعود عليهم بالفائدة أثناء تمتعه بالإجازة الصيفية، وإن هذه البرامج تتطلب جهدا مضاعفا من القائمين عليها لتحقيق الفائدة المرجوة منها واستغلالها بالشكل المطلوب، بما يعود بالنفع والفائدة على المشاركين فيها، بحيث تلبي احتياجات الطالب وتشبع رغباته».

من جانبه، أوضح عبد اللطيف السريع، المشرف على الأندية الموسمية بـ«تعليم الرياض»، الذي أبان أن «فعاليات وبرامج الأندية تؤكد تأصيل القيم الدينية والوطنية لدى الطلاب وحمايتهم من الأفكار المنحرفة، واكتشاف مواهبهم وتنمية شخصياتهم وصقل مهارتهم، ليكونوا أدوات بناء فـــي خدمــة الوطـن والمجتمع»..

وأضاف السريع أن «برامج الأندية تهتم باكتساب الطلبة كثيرا من القيم التربوية، التي تنمي الحس الوطني لدى المشاركين فيها، وأنوه بجهود من يشرف ويخطط لهذه الأندية من المشرفين والمعلمين المتميزين، الذين وهبوا أوقاتهم في سبيل المحافظة على أوقات الشباب بما يعود عليهم وعلى بلادنا بالنفع والخير».

وفي السياق ذاته، تأتي الأندية الموسمية ضمن مشروع «مدارس الحي» الذي ينفذه مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام (تطوير) من خلال شركة «تطوير» للخدمات التعليمية، التي تعمل على تهيئة 1000 ناد في مختلف مناطق المملكة بنهاية العام المقبل 2014م.

وذكر مشروع «تطوير» أن مشروع «مدارس الحي» يهدف إلى استقبال الطلاب والطالبات والأسر وشرائح المجتمع المختلفة المحيطة بالمدرسة، بغرض إتاحة الفرصة لهم وتهيئة المكان المناسب لممارسة مختلف الأنشطة والهوايات، وكذلك توفير خدمات تعليمية إضافية ودورات مسائية تهدف إلى مساعدة الطلاب والطالبات وأسرهم للتغلب على الصعوبات التي تعيق تحصيلهم العلمي، وتقديم خدمات رعاية الموهوبين والمبدعين وتوفير كافة الوسائل التي تمكنهم من الإبداع واحتضان مواهبهم.

وقال الدكتور علي بن صديق الحكمي، مدير مشروع «تطوير»، لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام انتهى فعليا من تدشين عدد 200 ناد وتدريب 1400 من منسوبي ومنسوبات وزارة التربية والتعليم لتشغيلها».

وأضاف أن «أهم ما يميز برنامج (أندية الحي) بعد وضع الأنظمة وإجراءات الجودة أنه يدار وفق استراتيجية تعتمد على اللامركزية في الإدارة والتخطيط والتنظيم. ويشمل ذلك خدمات شمولية، ليس أقلها الخدمات التعليمية والثقافية والرياضية والعلمية والاجتماعية والترفيهية».

ولفت إلى أن المشروع يسعى إلى تفعيل البرامج الموجهة إلى الأسرة لرفع قدرتها على مساندة تعلم أبنائها وبناتها، وتوفير بيئة تعليمية لهم داخل المنزل تعزز من فرص التعلم والتميز، وتساعد على التعامل الفعال مع المشكلات التربوية، وتحقيق التواصل المستمر مع المدرسة، وهو مجال رحب لتطوير برامج النشاط الصفي وغير الصفي داخل مدارس التعليم العام جميعها، بما يحقق سمات المدرسة التي نطمح إليها من خلال الاستراتيجية التي وضعها مشروع «تطوير» ضمن رؤيته المستقبلية لتطوير التعليم العام.

وعقد مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام (تطوير) من خلال شركة «تطوير» للخدمات التعليمية في المنطقة الشرقية 4 ورش تدريبية لمنسوبي مدارس الحي للأنشطة التعليمية والترويحية، لتدريب 200 من منسوبي مدارس الحي من 16 إدارة تعليمية بالمملكة.

كما نظمت شركة «تطوير» ورشا لمنسوبي «مدارس الحي» لتدريبهم على آليات العمل في هذه المدارس والتعريف بالأنظمة والقوانين الإجرائية، وإدارة وتنظيم الفعاليات والأنشطة التعليمية والثقافية والاجتماعية والترويحية، وإشراك المجتمع المحيط بالمدرسة في اختيار وتنظيم تلك الأنشطة والفعاليات، وتطبيق استراتيجيات عملية جاذبة لأبناء وبنات الحي وأسرهم.

ويأتي ذلك استكمالا لسلسلة البرامج التدريبية لمنسوبي «مدارس الحي»، حيث تم خلال الفترة الماضية تدريب 1400 من منسوبي ومنسوبات وزارة التربية والتعليم في الرياض ومكة المكرمة وجدة والطائف وعسير وجازان والمدينة المنورة والقصيم والمنطقة الشرقية والأحساء لتشغيل قرابة 200 ناد، وإكسابهم المهارات القيادية والإدارية اللازمة لإدارة الأندية وكذلك مهارات تنظيم الأنشطة والفعاليات وأي مجالات تتناسب مع المجتمع المحيط بالنادي.

ويرى وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبد الله أن أندية الحي: «رسالة سلام وتواصل وألفة بين أبناء الحي الواحد، ومكان للتواصل والحوار الاجتماعي. مثل هذه الأندية تعتبر من الآمال التي كانت تسعى الوزارة لتحقيقها، وما هي إلا مؤشر بالبداية الصحيحة»، مؤكدا أن «الهدف هو ربط المدرسة بالمنزل، وجميع أفراد الأسرة والمجتمع، والربط بين التربية والتعليم والترفيه».