مشاريع الحرمين الشريفين تجري على قدم وساق بإشراف مباشر من الملك عبد الله

وزير الحج السعودي لـ «الشرق الأوسط»: التأشيرات جرى توزيعها على مدار العام لراحة المعتمرين وسلامتهم

مشاريع التوسعة في المسجد الحرام في مكة المكرمة (تصوير: أحمد حشاد) وفي الاطار بندر حجار
TT

دافع وزير الحج السعودي عن التوجه في تقليص أعداد الحجاج والمعتمرين، معتبرا أن القرار أتى للإنجاز في عملية تسريع المشاريع وحفاظا على سلامة وراحة الحجاج والمعتمرين في المناطق المحيطة بالمسجد الحرام.

وقال الدكتور بندر حجار، وزير الحج لـ«الشرق الأوسط» إن المشاريع الحالي تنفيذها في توسعة الحرمين الشريفين تجري على قدم وساق على مدى الأربع والعشرين ساعة، مؤكدا أن تلك المشاريع تتم تحت إشراف مباشر من لدن خادم الحرمين الشريفين وهي امتداد للكثير من المشروعات التطويرية العملاقة التي تم ويتم إنجازها منذ تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز الحكم، وهذا من توفيق الله تعالى له.

وأبان وزير الحج السعودي أن الجميع يلمس تلك المشاريع العملاقة التي سخرتها المملكة تلبية لمتطلبات النمو المطرد في أعداد الحجاج والمعتمرين وتحقيقا للمزيد من الراحة والطمأنينة للحجاج والمعتمرين، وهي مشاريع يراها الجميع وعبر وسائل الإعلام والمحطات التلفزيونية المتمثلة في قناة «القرآن الكريم» في التلفزيون السعودي بشكل مباشر.

ونفى حجار أن الـتأشيرات التي تمنح لشركات العمرة قد تم فعليا تقليصها عن العام الماضي وإنما وضعت الوزارة هذا العام عدد من الضوابط وأبلغت بها شركات العمرة سلفا، مشيرا إلى أنه تم توزيعها على أشهر السنة بحيث تلزم الشركات باستخدام التأشيرات الممنوحة لها في الموعد المحدد ولا يسمح لها بتجميعها لاستخدامها في شهر واحد.

وأفاد وزير الحج السعودي أن السعودية قد شرفها الله بخدمة الحجاج والمعتمرين وسخرت في ذلك كل إمكاناتها لخدمة جميع وفود الرحمن القادمين على أراضيها بهدف تمكينهم من أداء المناسك بيسر وسهولة، مع تقديم أرقى الخدمات منذ وصولهم وحتى مغادرتهم بإشراف من خادم الحرمين الشريفين.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد بن ناصر الخزيم نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام، أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف يهدف إلى التيسير والتسهيل لأداء مناسك الحج والعمرة وسيحدث بعد انتهائه نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للحجاج والعمار والزوار.

وبين الخزيم أنه ترتب على ذلك وتحقيقا للمصلحة العامة أن يتم مؤقتا تخفيض نسبة أعداد القادمين لأداء المناسك حتى يتم الانتهاء من أعمال التوسعة والتطوير لمشروع المطاف، وهذا أمر ضروري لا بد من اللجوء إليه حتى الانتهاء من أعمال المطاف لأنه على المدى البعيد يحقق مصلحة عليا للأمة الإسلامية وندعو المسلمين إلى التعاون مع المملكة في ذلك.

وأضاف: «إن العمل مستمر في مشروع المطاف الذي سيستوعب بعد انتهائه مائة وخمسة آلاف بدلا من ثمانية وأربعين ألفا وإن مكة المكرمة والمدينة المنورة تشهد حاليا ورشة عمل كبرى خدمة لرواد الحرمين الشريفين».

ودعا نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام علماء الأمة الإسلامية إلى أن يوضحوا للمسلمين في مختلف مواقعهم سبب تخفيض نسبة الحجاج والمعتمرين أن هذا أمر مؤقت يصب في مصلحة المسلمين من المعتمرين والحجاج ورواد المسجد الحرام.

من جانبه، قال الشريف محسن السروري، صاحب شركة «المقام الرفيع» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية تلعب دورا كبيرا ومحوريا في إنجاز المشاريع التنموية والتي أخذتها على العاتق خدمة للحجاج والمعتمرين وهي تتشرف بهذا العمل المقدسة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود.

وقال الشريف إن من يعرف مكة المكرمة قبل بضعة عقود من الزمان لا يصدق التنمية الهائلة والضخمة التي مرت فيها البلاد، معتقدا أنها مشاريع تعجز عن تنفيذها كبار الشركات العالمية وهو ما يعني أنها دخلت في تحد حقيقي مع الزمن لتحقيق الخدمة اللازمة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو أمر تنطلق قيه السعودية حكومة وشعبا مضلعة بمهامها تجاه أمتيها العربية والإسلامية.

وأفاد صاحب شركة «المقام الرفيع»، بأن أعمال التوسعة ستضيف 400 ألف متر من المساحات وسترفع القدرة الاستيعابية للحرم إلى 2.2 مليون شخص في الوقت نفسه، في وقت تصب فيه القدرة الاستيعابية للحرم حاليا إلى 1.5 مليون شخص، مشيرا إلى أنه وفق الأرقام الرسمية المعلنة في البلاد فإن المسجد الحرام بتوسعته الحالية سيضيف مساحة 400 ألف متر مربع إلى المساحة الحالية، ليستوعب مليونين و200 ألف مصل، وإن توسعة المسعى كان قبل التوسعة يستوعب 44 ألف ساع في الساعة بمساريه، أما بعد انتهاء مشروع التوسعة فأصبح يستوعب أكثر من 130 ألف ساع في الساعة في جميع الأدوار والسطح.

إلى ذلك، قالت الدكتورة عائشة الوادعي، أكاديمية متخصصة في الدراسات الإسلامية في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن إنجاز المشاريع العملاقة في نطاق جغرافي ضيق يتطلب إمكانات هائلة وجبارة في التنفيذ والإنجاز ويخطئ من يعتقد جدلا أنها مشاريع عملاقة مثلها مثل أي مشاريع أخرى تجري في بقية دول العالم، الموضوع هنا مختلف تماما، لا ينبغي المقارنة وسط توافد أكثر من عشرة ملايين حاج ومعتمر سنويا إلى البلاد.

وأفادت الوادعي بأنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن مشروع توسعة صحن المطاف يجري العمل به من خلال أربع وعشرين ساعة في اليوم، وهي طاقة جبارة لآلاف الفنيين والمتخصصين والعمالة المختلفة، ويتباطأ رتم هذه المشاريع وهو ما يعني أن تقليص الأعداد في نسب المعتمرين من الخارج أمر يهم الصالح العام وينطلق من خوف السعودية على سلامة القادمين على أراضيها.

وقالت: «إن المصلحة العامة تقتضي هذا التقليص الذي يعتبر شيئا مهما واستراتيجيا في هذه الأثناء، نظير ما سمته الحاجة الماسة لتحرك الشركات المنفذة لأعمال التوسعة جغرافيا»، مضيفة: «إن في هذه المشاريع العملاقة خيرا وراحة وطمأنينة لجميع المسلمين في جميع أنحاء العالم والذين يعتبرون السعودية فتحت موازنات مالية خاصة بالعاصمتين المقدستين ولم تبخل عليهما بكل ما تستطيع من مال وجهد».

واعتبرت الوادعي أنه يجب تفهم قرار تخفيض عدد المعتمرين والحجاج الذي سيبلغ الـ20 بالنسبة للوافدين من خارج المملكة في حين أنه سيكون بنسبة 50 بالنسبة للحجاج والمعتمرين من داخل المملكة، معتبرة أن القرار هو حالة مؤقتة وليست على المدى البعيد ولها أهداف تأتي في المقام الأول والأخير لخدمة ضيوف الرحمن وقاصدي البلاد من جميع أصقاع الأرض.

وختمت بالقول: «وفقا لتقديرات السلطات السعودية، فإن أكثر من 3.1 ملايين مسلم بينهم 1.7 مليون من خارج السعودية، أدوا فريضة الحج العام الماضي، وازدادت تكلفة الحج بمقدار ستة أضعاف تقريبا خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وبات موسم الحج جزءا مهما في الحكومة السعودية، حيث إن الخدمات المرتبطة تعمل وفق منظومة متكاملة في النقل، والمطاعم، وشركات الاتصالات والإقامة والسفر». وحظي قرار التقليص بتأييد عدد من المختصين الشرعيين، والتوجه إلى تقليص أعداد المعتمرين والحجاج في هذه الفترة، إلى حين انتهاء المشاريع التنموية المزمع تنفيذها في الحرمين الشريفين، وهو ما دعا إليه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، مؤيدا قرار تخفيف أعداد الحجاج والمعتمرين لسنتين أو ثلاث سنوات، حيث عده أمرا ضروريا ولا بد من الاستجابة له وتطبيقه، لأنه يحقق مصلحة الأمة على المدى البعيد.

وقال خالد المالكي، متخصص في التربية الإسلامية: «إن القرار الذي فرضته السعودية في تقليص أعداد المعتمرين والحجاج لهذا العام وحتى الانتهاء من تنفيذ المشاريع التنموية التي انطلقت منذ عدة أشهر يأتي في المصلحة العامة للمسلمين، وخصوصا أن تلك المشاريع وتزامنها مع قدوم الملايين من المعتمرين والحجاج سيتسبب في حدوث ازدحامات وتكدس كبير بين هؤلاء القادمين لأداء مناسكهم، فضلا عن أن هناك مخاوف في أن تكون سببا في تعثر أو تأخر تنفيذ تلك المشاريع، والتي تتطلع السعودية بعد الانتهاء منها إلى تقديم خدمات كبرى لهم تسهل وبشكل كبير في أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة».

وأضاف المالكي: «لعل مشروع توسعة الساحات الشمالية، ومشروع توسعة صحن المطاف، من أهم تلك المشاريع المنفذة، والتي ستسهم في خلق مساحات كبيرة لاحتواء أعداد مضاعفة للقادمين إلى المسجد الحرام، فصحن المطاف قبل بدء توسعته كان لا يتسع إلا لنحو 30 ألف طائف في الساعة، بينما بعد توسعته سيحتضن أكثر من 130 ألف طائف في الساعة، وهو بكل تأكيد رقم مضاعف عدة مرات عن استيعابه الحالي، وهو بلا شك سيكون تحفة معمارية تقدمها السعودية خدمة للإسلام والمسلمين، بينما توسعة الساحات الشمالية سيرفع الطاقة الاستيعابية للمسجد الحرام لإعداد كبيرة بحسب ما أكدته الإحصاءات الرسمية في هذا الشأن».

وأبان المالكي أن الكثير من منفذي تلك المشاريع سيجدون فسحة من الوقت والجهد في حال عدم وجود تكدس حول المشاريع التي ينفذونها، وبالتالي وضعت الحكومة السعودية الكرة في ملعبهم لتنفيذ تلك المشاريع في أوقاتها المحددة التي تم الاتفاق عليها للانتهاء من سيرها وبشكل دقيق، مما سيحفزهم على الالتزام بتلك الاتفاقيات المبرمة مع الحكومة السعودية».

وقال: «ستدفع تلك المشاريع التنموية التي تنفذ في الحرمين الشريفين مكة والمدينة، إلى انحسار مشاهد الازدحامات التي تشهدها الحرمين الشريفين، وهو ما ارتأت الحكومة السعودية في تنفيذ تلك التوسعات الكبرى، وبالتالي لا بد من الوقوف معها من كل أطياف المجتمع الإسلامي، وتقبل مسألة تقليص الأعداد لهذه السنة أو الثلاث سنوات المقبلة، لتحقيق الأهداف السامية التي ترمي اليها السعودية في تقديم الخدمات الجليلة للقادمين إلى الحرمين الشريفين، وهو الأمر الذي دعا له الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، مفتى عام المملكة وأيده، حيث رأى أن هذا القرار يأتي ضمن قاعدة «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».

وزاد: «لأن مشاهد التكدس والازدحامات ستضر بالقادمين ولا تحقق مطالبهم في أداء مناسك عمرتهم أو حجتهم بكل يسر وسهولة، فضلا عن أنها قد تتسبب في تأخر سير المشاريع التي تنفذ في الحرمين الشريفين».

واستشهد المؤيدون بمشروع منشأة الجمرات الذي كان في السابق لا يعدو كونه جسرا من طابق واحد، تزدحم فيه أعداد مليونية كل عام، وبعد أن اكتمل بناؤه من جديد وأصبح ذا طوابق خمسة، كيف أن هذا الأمر جلب المصلحة وهو احتواء أعداد أكبر من الحجاج يرمون فيه الجمرات الثلاث بكل يسر وسهولة.