«الإجازة الصيفية».. استثمار طاقة الشبان والفتيات في السعودية

الصندوق الخيري لوزارة الشؤون الاجتماعية يقدم 154 دورة تدريبية

طلاب ينخرطون في برنامج تدريبي صيفي بجدة غرب السعودية (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

تختلف وجهات نظر الأسر السعودية حيال إرسال الأبناء والبنات إلى مراكز تدريب داخلية خلال فترة الإجازة الصيفية، لكنها تتفق في النهاية على ضرورة الاستفادة من الإجازة الطويلة التي تقارب ثلاثة أشهر.

وتشير إحصاءات حديثة صادرة عن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني السعودية إلى أن عدد المراكز التدريبية والمعاهد قد بلغ أكثر من 2500 مركز ومعهد خلال السنوات الأخيرة، حيث تقدم برامج تدريبية لكل الفئات السنية من كلا الجنسين، وترتكز تلك الجهات في المدن الكبرى بالبلاد.

وبحسب إحصاءات مؤسسة التدريب التقني والمهني يقدر عدد المتدربين بسوق التدريب المحلي في السعودية بنحو 100 ألف طالب وطالبة يدرسون في معاهد التدريب المعتمدة تبلغ نسبة الفتيات منهم 30 في المائة ويخضعون لبرامج متخصصة في تعليم اللغات والتقنية وبرمجة الحاسب الآلي والشبكات؛ لمنحهم القدرات الملائمة لتمكينهم من الالتحاق بوظائف مناسبة في القطاعين الحكومي والخاص.

في الوقت نفسه تشكل فترة الإجازة الصيفية للأسر السعودية فرصة لاستثمار قدرات أفرادها من خلال تنمية المهارات وصقل المواهب عبر برامج تدريبية بدأت الأسر في توجيه أبنائها وبناتها للالتحاق بها، في وقت تسعى فيه العديد من الجهات الحكومية ومؤسسات النفع العام للإعلان عن دورات متخصصة لشريحة الأبناء والبنات.

يأتي ذلك في وقت باتت فيه الأسر تركز نشاط الأبناء صوب إشغال أوقات الفراغ لتحويلها من مجرد فترة للراحة والنوم إلى وقت اجتهاد وبذل المزيد من الطاقة الإيجابية لكسب القدرات وتطوير مواهب الأبناء.

وقالت ليلى الشهري، وهي موظفة حكومية: «ننتقل مؤقتا من مدينة القنفذة إلى جدة لقضاء إجازتنا السنوية في مدينة جدة، وأفضل تسجيل ابني وابنتي بدورة لتعليم اللغة الإنجليزية».

وتشهد العديد من المعاهد والمراكز التدريبية السعودية إقبالا متزايدا في الصيف في مجال تعلم اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي.

ويؤكد محمد فقيه، وهو معلم بمدرسة حكومية في جدة، على أهمية مبادرة وزارة التربية والتعليم بافتتاح مراكز تدريبية متخصصة خلال الإجازة الصيفية، معتبرا أن ما تقدمه الوزارة عبر الأندية الصيفية بات صورا مكررة من الأنشطة والبرامج التي اعتاد الطلاب والطالبات على ممارستها بتلك الأندية.

وأشار فقيه إلى الإقبال الواسع الذي يلحظه على المعاهد والمراكز التدريبية في مدن ومحافظات السعودية ويرجع ذلك إلى ارتفاع وعي الأسر بأهمية استثمار الإجازة الصيفية بما يعود بالفائدة على الأبناء.

وفي السياق ذاته، تشهد فترة الصيف إعلانات ترويجية كبرى من قبل المعاهد والمراكز التدريبية، حيث تقدم تلك المراكز تخفيضات كبرى خلال موسم الصيف على برامجها التدريبية، وتعمل على تفعيل كامل طاقاتها الاستيعابية من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من العملاء.

وتتنوع البرامج التعليمية المقدمة من قبل تلك الجهات التعليمية الخاصة، فهنالك برامج تعليم اللغات، وبرامج تدريبية لتحسين الأداء الكتابي والإذاعي، وبرامج ترفيهية، بالإضافة لبرامج تطويرية للذات والحاسب الآلي.

أمام ذلك، يقول مشعل السلمان، وهو موظف حكومي، إن المعاهد لا تقدم المستوى المطلوب من التعليم مقابل المبلغ الذي تتقاضاه المعاهد، ويرى أنهم يستخدمون مناهج تقليدية وكتبا عشوائية من دون تحديد مستوى الأبناء، ويقول: «ثلاثة من أبنائي سجلتهم الصيف الماضي في معهد لتدريب اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي، لكنهم صنفوا بحسب أعمارهم مع الطلبة الآخرين وليس قدراتهم».

من جانبه، قال الدكتور محمد محسن، المشرف على أحد المعاهد التدريبية بمدينة جدة: «إن الإقبال زاد بنسبة 15 في المائة على السنوات الماضية عن طريق الانخراط في البرامج التدريبية»، لافتا إلى أن الكثير من الآباء والأمهات باتت فكرة التدريب في الصيف لديهم مسألة مبدأ لأبنائهم. وأشار محسن إلى أن الإقبال يتركز على دورات تعلم اللغة الإنجليزية وتنمية القدرات في مجال التعامل مع الحاسب الآلي، مشيرا إلى أن الدورات تتناسب مع القدرات المالية لدى الأسر المحلية، لافتا إلى تنوع تلك الدورات من حيث الفترة الزمنية وبما يتوافق مع رغبات أسر الطلاب والطالبات.

يشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية قد دشنت أخيرا برنامج الدورات الصيفية التعليمية الإثرائية على الصعيد التقني والمهاري والإداري واللغوي والفني، الذي يقدمه الصندوق الخيري الاجتماعي في مختلف التخصصات بميزانية مالية مفتوحة لكافة الشرائح المستفيدة من خدماته، حيث تتركز خدمات البرنامج على المستفيدين من الضمان الاجتماعي، وجمعيات البر الخيرية، والأيتام والمطلقات وأبنائهن، والمستفيدين من لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم والمتعافين من الإدمان وذويهم، ومن يثبت أن الدخل المادي لمعيلهم 8 آلاف ريال، حيث تبدأ هذه البرامج التدريبية اعتبارا من أول أيام إجازة نهاية العام الدراسي وتشمل جميع مناطق ومحافظات المملكة.

ويأتي البرنامج في عامه الثاني بعد أن حقق نجاحات متميزة خلال موسمه الأول للعام الماضي، حيث يقدم الصندوق الخيري التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية لمستفيديه برامج تستثمر أوقات الأفراد (ذكورا وإناثا) بما هو نافع ومجد لهم، حيث شملت العام الماضي عددا من الدورات التدريبية في مجالات الحاسب الآلي، واللغة الإنجليزية، والتسويق، والتفصيل، والخياطة، والتجميل، وكان لتلك البرامج عائد معرفي كبير على المستفيدين منها.

من جهته، ذكر عادل فرحات مدير عام الصندوق الخيري، أن «توجيهات مجلس إدارة الصندوق الخيري هي الضخ بأكبر قدر من الدورات التدريبية لمستفيدي الصندوق انطلاقا من رؤية الصندوق التنموية نحو إكساب الفرد المهارات والمعارف التي يحتاجها تحقيقا لاستقلاليته الاقتصادية»، مشيرا إلى أن الصندوق ركز جهوده في صيف هذا العام 2013 على حزمة من البرامج التدريبية المتنوعة، لافتا إلى اشتمال الخطة التدريبية على 154 دورة تدريبية في مختلف المجالات وهي منتشرة في مختلف المدن والمحافظات بالبلاد.

وتشمل قائمة البرامج التدريبية للصندوق الخيري لصيف 2013، اللغة الإنجليزية الدولية، والتفصيل والخياطة، واستخدامات الحاسب الآلي، وإدخال بيانات ومعالجة نصوص، والتطبيقات المكتبية على الحاسب، والتسويق وخدمة العملاء، ومهارات البيع، وفنون تصفيف الشعر، وغيرها من البرامج التدريبية المتنوعة التي تلبي احتياجات وتطلعات الشرائح المستفيدة منها.