الموهوبون في السعودية أمام برامج لتأهيلهم ومراقبين للبحث عنهم

يتم اختيارهم من المراحل الابتدائية عبر لجنة ثلاثية

جانب من برامج التدريب للطلاب الموهوبين («الشرق الأوسط»)
TT

خصصت الحكومة السعودية مؤسسات وبرامج لتنمية وصقل الموهوبين، وذلك بعد أن أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عام 1999، ومع احتفالات مرور 100 عام على استعادة حكم الرياض مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، التي أصبحت مؤسسة وطنية حضارية تحظى برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حيث أكد أن الموهبة دون اهتمام من أهلها أشبه ما تكون بالنبتة الصغيرة دون رعاية أو سقيا، وقال: «لا يقبل الدين ولا يرضى العقل أن تهمل أو تتجاهل، لذلك فإن المهمة رعاية هذا الغرس والاهتمام ليشتد عوده صلبا، وتورق أغصانه ظلا يستظل به بعد الله لمستقبل نحن في أشد الحاجة إليه، في عصر الإبداع وصقل الموهبة وتجسيدها على الواقع خدمة للدين والوطن».

ومنذ ذلك الوقت، بدأت المؤسسة تعمل وفق خطة طويلة للوصول للمبدعين والموهوبين لتختار المدارس، وتنطلق في البحث عن المواهب الواعدة ونشر ثقافة الموهبة والإبداع والابتكار، وتطوير قدرات ومهارات الموهوبين والمبدعين والمبتكرين، توفير بيئة تفاعلية تتيح التواصل الفعّال بين الموهوبين والأفراد ذوي العلاقة، وتوفير نافذة لبرامج وخدمات إرشادية وتثقيفية للموهوبين ومن يقوم على رعايتهم، وتوفير بيئة تفاعلية وتربوية لتطوير قدرات الأطفال الموهوبين والمبدعين.

ويؤكد الدكتور خالد بن عبد الله السبتي الأمين العام لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، أن المؤسسة منذ تأسيسها تعمل على اكتشاف الطلاب والطالبات الموهوبين وتقديم الدعم لهم، ليحققوا أحلامهم في الوصول إلى مرحلة متقدمة علميا، ويسهموا في بناء الوطن، مشددا على أن صناعة المعرفة «تبدأ من داخل كل فرد في المجتمع، من الأسرة والمعلم والمدرسة والجامعة والزملاء والمؤسسات المعنية بتنمية الموهبة، ودعم القطاع الخاص»، داعيا إلى «مواصلة الجهود لاكتشاف الكنوز الدفينة في عقول جيل الشباب السعودي، الذين يمثلون أمل هذه البلاد ومستقبلها المشرق».

ويضيف السبتي أن الشراكة بين وزارة التربية والتعليم من جهة ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) استطاعت أن تعزز خلال سنوات قليلة أنموذجا حقيقيا لمعنى التكامل بين المؤسسات الحكومية لتحقيق العائد الاستراتيجي للوطن والمواطن، ووفقت في بناء استثمار وطني يتمثل في رعاية الموهوبين وتبني إبداعاتهم المختلفة، وجعلها رصيدا للكمّ المعرفي الذي تتطلع المملكة من خلاله لبناء منظومة عمل تجسد البناء النوعي وفق منهجية علمية.

وأضاف السبتي أن الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع) الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، أوجد حراكا علميا مبدعا على المستويات المختلفة في التعليم العام، وهو ما دعم توجها عاما لإيجاد بيئة علمية إبداعية تنافسية محفزة لعقول أبناء الوطن تنمي فيهم روح الإبداع والابتكار وتؤهلهم للمنافسة والدخول في المنظومة العالمية المعرفية القائمة على الابتكار والبحث العلمي، كما يؤهلهم إلى رحلة العلم والمعرفة بعد المرحلة الثانوية.

ووفقا لإحصائية لمركز «موهبة» بلغ عدد المسجلين، في برامج «موهبة» الدولية لهذا العام 2013 نحو 4357 طالبا وطالبة بزيادة بلغت 33 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وتم قبول 185، من بينهم جرى اختيارهم بناء على نتائج اختبارات «قياس» واختبار «كفايات» اللغة الإنجليزية.

وتستهدف المؤسسة طلبة المراحل الابتدائية، أي طلبة الصفوف الثالث والسادس الابتدائي والثالث متوسط، ويتم ترشيح الموهوبين عبر الأهل أو المدرسة أو الطالب بنفسه، وهو الأمر الذي تؤكد المؤسسة على أولياء الأمور بضرورة اكتشاف مواهب أبنائهم في وقت مبكر، وتقديمهم لمراكز «موهبة».

وبادرت مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله إلى زيادة عدد برامجها الدولية مع ازدياد عدد المتقدمين وتميز نتائجهم، لتشهد برامج موهبة الدولية هذا العام إضافة خمسة برامج جديدة في كل من جامعة كورنيل وبوسطن وبردو ووستانفورد وأكسفورد.

وقامت المؤسسة بتأهيل المشاركين والمشاركات في البرامج الدولية بعقد ورش تدريبية قبل بدء البرامج بمدة كافية ليتمكن الطلبة والطالبات من اجتياز البرنامج بفعالية وتمثيل الوطن بشكل مشرف، فضلا عن تحقيق مركز متقدمة وتنمية قدرات الطلبة المشاركين وتوجيهها في ضوء احتياجات المجتمع وأولوياته التنموية.

وتقام برامج موهبة الدولية هذا العام في أكثر من 20 جامعة عريقة تحتل مراتب متقدمة في تصنيف الجامعات، وتتراوح مدة إقامة البرامج ما بين 3 إلى 12 أسبوعا خلال العطلة الصيفية، ويركز محتواها على التنوع في أساليب التدريس المقدمة بحيث تتلاءم مع احتياجات الطلبة المتميزين، تتضمن الإثراء والإسراع والتعلم عن طريق الإنترنت والتعلم التعاوني والأبحاث والمشاريع الفردية والتلمذة والدراسات المستقلة والبحث والتقصي والحوار والمناقشة وغيرها.

وتهتم برامج موهبة الدولية بجوانب نمو الطالب المعرفي والمهاري والاجتماعي والشخصي بشكل مترابط ومدمج، وتهدف «موهبة» من ورائها إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها إبراز القدرات الوطنية وتهيئة الطلبة لدعم تحول المملكة إلى مجتمع المعرفة، توسيع دائرة التحدي أمام الطلبة وتنمية مهاراتهم من خلال التفاعل العلمي، إيجاد حلقات تواصل مع نخبة من المؤسسات التعليمية العالمية وزيادة فرص القبول فيها، فتح أبواب المنح الدراسية أمام الطلبة.

وأنهى الأسبوع الماضي 194 موهوبا وموهوبة من مختلف مناطق المملكة أكثر من 500 ساعة تدريبية في ملتقى الصيف للموهوبين الذي ختم الأربعاء الماضي, وذلك لترشيح 90 موهوبا وموهوبة يشاركون في ملتقى الخريف ومنه إلى مسابقات الأولمبياد الدولي ضمن الفرق الوطنية للموهوبين والموهوبات التي تستعد للترشح لتمثيل المملكة في الأولمبياد الدولي في الرياضيات والفيزياء والكيمياء للعام المقبل 2014.

وهنا يوضح الدكتور عبد العزيز الحارثي المشرف العام على مشروع الأولمبياد الدولي، أن البرنامج يأتي ترجمة لجهود مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الهادفة إلى إحداث نقلة نوعية على المستوى العلمي لدى الموهوبين ليكونوا لبنة أولى للإبداع في المستقبل القريب ورفع اسم المملكة عاليا في المحافل العالمية، وأضاف أن مؤسسة «موهبة» تسعى إلى تهيئة جيل موهوب في تخصصات ستعود على المجتمع السعودي بالنفع والفائدة.

وأشار الحارثي إلى أن مثل هذه المتلقيات تعمل على تدريب الطلاب بإعطائهم جرعات مكثفة وعميقة من مادة علمية عالية المستوى يتم تقييم أداء الطلاب بعد دراستها والتدريب عليها بسلسلة من الاختبارات التي تم تصميمها لقياس أصالة التفكير والإبداع لديهم، وذلك بغرض ترشيح الأوائل منهم لاستكمال الطريق نحو تمثيل المملكة في الأولمبياد الدولي لعام 2014م.

وبلغ عدد الموهوبين والموهوبات المشاركين 75 موهوبا في الرياضيات موزعين على 45 موهوبا، و30 موهوبة، و60 موهوبا في الفيزياء ما بين 30 موهوبا، و30 موهوبة، و59 موهوبا في الكيمياء 30 موهوبا، و29 موهوبة, من طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية، أما عدد المدربين فبلغ 45 مدربا ومدربة في الرياضيات 8 مدربين، 6 مدربات، والفيزياء 7 مدربين، 10 مدربات، والكيمياء 8 مدربين، 6 مدربات.

ولم يقتصر دور «موهبة» على هذا الحد، بل بادرت بإقامة ورش عمل مع وزارة التعليم العالي تخص الطلبة الجامعيين، إذ تشير الدكتورة آمال الهزاع المشرف العام للإدارة العامة للتطوير والبحوث والسياسات بـ«موهبة» إلى أن ورشة العمل هدفت إلى إعطاء مزيد من الاهتمام برعاية الطلاب الموهوبين والمبتكرين في المرحلة الجامعية، ومناقشة أفضل الأساليب والبرامج والسياسات لرعاية الطلاب الموهوبين في ضوء الممارسات المتبعة في أفضل 50 جامعة على مستوى العالم.

وأطلقت «موهبة» مشروعا وطنيا ضخما يقوم على التعرف على الموهوبين لتصل هذا العام إلى ما يزيد على 12 ألف طالب وطالبة من الواعدين بالموهبة، الذين تم ترشيحهم من جميع أنحاء المملكة من قبل ذويهم أو معلميهم في المدارس بجميع أنواعها؛ الحكومية والأهلية والعالمية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم.

وقال الدكتور عادل القعيد رئيس اللجنة التنفيذية للمشروع إن الترشيح للمشروع دام قرابة ستة أشهر، حيث بدأ المشروع في استقبال ترشيحات المعلمين بداية العام الدراسي للعام الماضي، ليغلق بعد ستة شهور، التي تخللها فترة تسجيل المرشحين لاختبار مقياس موهبة للقدرات العقلية المتعددة.

وأشار القعيد إلى أن عدد المرشحين لهذا العام بلغ 65 ألف طالب وطالبة تم تطبيق «المقياس» على 40.5 ألف منهم للمرحلة المتوسطة وللمرحلة الابتدائية، وكحصيلة نهائية تم قبول 12.118 ألف طالب وطالبة ممن يمثلون أعلى 5 في المائة من نسبة الطلبة على مقياس موهبة للقدرات العقلية المتعددة.

وأردف: «المقبولون تم توزيعهم على مبادرات (موهبة) وفق نظام محكم ومعايير محددة؛ شمل إلحاقهم بمنح دراسية في مدارس متميزة خصصت لرعاية واحتضان الموهوبين، قد تستمر حتى تخرجهم في مرحلة التعليم العام، وكذلك إلحاقهم ببرامج إثرائية صيفية تشرف عليها (موهبة)، بالإضافة إلى 270 برنامجا من برامج الموهوبين والموهوبات التابعة لوزارة التربية والتعليم».

وأضاف أنه عند اكتمال المرحلة الثالثة للمشروع تمت تغطية جميع إدارات التعليم الـ90، التي قدمت 158 ألف مرشح، والتي كانت شراكة بين «موهبة» ووزارة التربية والتعليم والمركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، وذلك نحو تحقيق العدالة والإنصاف وضمان الانتقاء السليم للطلبة من خلال تطوير نظام التعرف على الموهوبين واستخدام منهجية علمية متطورة تعتمد على أهم الأسس العلمية وأفضل الممارسات التربوية في التعرف على الطلبة الموهوبين في المجالات العلمية والتقنية والإبداعية، خاصة أن المشروع يسعى للإسهام في توعية المجتمع بخصائص الموهوبين وأهمية اكتشافهم وتوجيههم لبرامج الرعاية الملائمة لهم.

ويعمل المشروع الوطني كل عام بالكشف عن الموهوبين واستقبال الترشيحات سنويا في بداية كل عام دراسي.