فلكيا.. رمضان الأربعاء.. و«سدير» حققت الشهرة في رؤيته

المحكمة العليا في الرياض تقر المناظير لرؤية هلال الصوم مع العين المجردة

تعد المناظير من أهم الوسائل للتحقق من ظهور هلال رمضان.. وفي الصورة عدد من المواطنين يتفحصون أحدها («الشرق الأوسط»)
TT

مع إعلان السعودية أمس عن تحري رؤية هلال شهر رمضان مساء الاثنين لهذا العام، يعود الجدل القديم حول الرؤية بالعين المجردة والأخذ بالحسابات الفلكية إلى الواجهة، حيث اعتمد تقويم أم القرى يوم التاسع من يوليو (تموز) الحالي أول أيام رمضان، وهو التقويم الذي تعتمد عليه السعودية في معاملاتها الرسمية والعقود وأوقات الصلوات والتقويم المدرسي والجامعي، رغم أنه لم يذكر الاعتماد عليه في تحديد المناسبات الدينية ومنها رمضان والعيدان، وذلك لأنه يعتمد الحسابات الفلكية التي تعتبر قطعية بوقت اقتران الهلال وليس بإمكانية الرؤية.

وحمل بيان أصدرته المحكمة العليا في السعودية أمس قبول الرؤية للهلال بواسطة المناظير وهي سابقة في مسألة رؤية الأهلة التي تعتمد العين المجردة فقط وهو إجراء محفوف بالخطأ ويحتاج التثبت الدقيق من الشهود المتقدمين للشهادة برؤية الهلال، مشددة على ضرورة تسجيل الشهادة لرؤية الهلال لديها، أو الاتصال بأقرب محكمة، ودعت المحكمة العليا إلى تحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك، مساء يوم الاثنين وإبلاغ أقرب محكمة ممن يراه بالعين المجردة أو بواسطة المناظير، مؤملة من لديه القدرة على الرؤية الاهتمام بالأمر والانضمام إلى اللجان المشكلة في المناطق لهذا الغرض.

وتتجه أنظار السعوديين هذه الأيام ناحية منطقة «سدير» التي تقع وسط السعودية وشمال مدينة الرياض واشتهر أهلها بتمكنهم من رؤية هلال شهر رمضان والأعياد بالعين المجردة من خلال عدد من المترائين أبرزهم عبد الله الخضيري الذي بدأ بالعمل ومراقبة الفلك منذ 30 عاما كعمل تطوعي.

ويرى الخضيري أنه لا يوجد مكان محدد للرؤية، إلا أن منطقة حوطة سدير تعد هي الأنسب كونها منطقة مرتفعة عن سطح البحر وخالية من المصانع والعوالق والتلوث البيئي، ودائما ما تكون مناسبة للرصد، والذي أكد استعداده كل عام لمراقبة منازل الأهلة ورؤية هلال رمضان بالعين المجردة والمناظير.

وفي المقابل، أكد المشروع الإسلامي لرصد الأهلة الذي يضم أكثر من 400 عالم ومهتم في علم الفلك ويتخذ من أبوظبي مقرا له، أن غرة شهر رمضان المبارك لهذا العام سوف تكون يوم الأربعاء العاشر من شهر يوليو الحالي، مشددا على استحالة رؤية الهلال ليلة الثلاثاء في أغلب دول العالم الإسلامي، وذلك لأن القمر سيغيب قبل أو مع الشمس في معظم الدول الإسلامية، مما يجعل رؤية الهلال مستحيلة، حيث إن القمر سيغيب يوم الاثنين بعد غروب الشمس بدقائق معدودة من المناطق الواقعة في جنوب العالم الإسلامي، وحيث إن هناك إمكانية لرؤية الهلال بالتلسكوب يوم الاثنين من جنوب أميركا الجنوبية، ولأن بعض الدول تعتبر ذلك شرطا كافيا لبدء الشهر، فإنه من المتوقع أن تبدأ بعض الدول شهر رمضان يوم الثلاثاء 9 يوليو.

إلا المشروع أكد أن بداية شهر رمضان المبارك بالنسبة للعالم الإسلامي ستكون يوم الأربعاء 10 يوليو إذا كانت رؤية الهلال شرطا لبدء الشهر الهجري، في حين أنها يمكن أن تكون يوم الثلاثاء التاسع يوليو لمن لا يشترط رؤية الهلال المحلية ويكتفي بالحسابات الفلكية.

وقال المشروع في بيان له إن القمر سيغيب يوم الاثنين قبل غروب الشمس بثماني دقائق في كل من بغداد ودمشق وبيروت، وقبل غروب الشمس بسبع دقائق في عمان وتونس، وقبل الغروب بست دقائق في الكويت والقدس والجزائر، وقبل الغروب بخمس دقائق في المنامة والقاهرة، وقبل الغروب بأربع دقائق في الدوحة وأبوظبي والرياض ومسقط وطرابلس، وقبل الغروب بثلاث دقائق في الرباط، وقبل الغروب بدقيقة في مكة المكرمة، في حين سيغيب القمر بعد غروب الشمس بدقيقة واحدة في صنعاء، وبعدها بدقيقتين في الخرطوم، وستكون أطول مدة لمكث للقمر في المنطقة العربية في نواكشوط، حيث سيغيب القمر بعد غروب الشمس بسبع دقائق. ورؤية الهلال في جميع هذه المناطق السابقة هي ما بين مستحيلة وغير ممكنة حتى باستخدام التلسكوب الفلكي، حيث كان أقل مكث للهلال في التاريخ أمكن معه رؤيته بالعين المجردة هو 29 دقيقة.

وناشد المشروع الإسلامي لرصد الأهلة المسؤولين في الدول الإسلامية التثبت الدقيق من الشهود إذا تقدموا للشهادة يوم الاثنين، إذ لم يثبت من خلال المعايير وسجلات أرصاد الأهلة العالمية تسجيل رؤية يقينية للهلال لا بالعين المجردة ولا باستخدام التلسكوب في مثل هذه الظروف الموجودة في العالم العربي يوم الاثنين.

ووفقا لتجمع إسلامي استضافته مكة المكرمة العام الماضي وحضره 28 عالما دينيا و14 عالم فلك ناقشوا رؤية الأهلة فإنه إذا غرب القمر قبل غروب الشمس لا تؤخذ بشهادة الشاهد في مكان تحري الرؤية، ولكن إذا غرب القمر بعد غروب الشمس وجاء شاهد في مكان تحري الرؤية تؤخذ شهادته.

ولا يزال السكان يستذكرون حدثا نادرا قبل أكثر من ربع قرن، حيث صام السكان في السعودية وبعض الدول الإسلامية 28 يوما في رمضان نظرا لحدوث خطأ في دخول الشهر، حيث تأخر ذلك يوما أو يومين، وأصدر مفتي عام السعودية آنذاك الشيخ الراحل عبد العزيز بن باز بيانا طالب فيه الجميع ممن صام 28 يوما بصيام يوم واحد قبل حلول رمضان اللاحق، وهو ما يعرف في الأوساط الشعبية بـ«صيام الغرة»، وهو ما أعطى البعض شكوكا حول عدم دقة الرؤية بالعين المجردة وضرورة التثبت الدقيق من الرؤية، مما دعا المشروع الإسلامي لرصد الأهلة التأكيد على المسؤولين في الدول الإسلامية التثبت الدقيق من الشهود إذ تقدموا للشهادة لرؤية الهلال.