رمضان يرفع القدرة الشرائية للسعوديين 25%

متعاملون يقدرون حجم سوق المواد الغذائية بـ100 مليار ريال سنويا

يشهد موسم رمضان إقبالا متزايدا على المواد الغذائية في الأسواق السعودية (تصوير: عبد الله آل محسن)
TT

شهدت الأسواق السعودية المتخصصة في بيع المواد الغذائية مطلع الشهر الجاري تزايدا في الإقبال وصل إلى أكثر من 20 في المائة مقارنة بالشهور الأخرى، نتيجة لتلبية الأسر احتياجاتهم الغذائية لإعداد الأطباق التي تشتهر بها الموائد الرمضانية على مائدة الإفطار في البلاد.

وقدر متعاملون في قطاع المواد الغذائية بالسعودية ارتفاع حجم إنفاق الأسر على المواد الغذائية بنسبة 25 في المائة مع دخول شهر رمضان المبارك.

وقال عبد الله العثيم رئيس مجلس إدارة شركة «العثيم» إن «الاستعداد لموسم رمضان يرفع قيمة السلع الاستهلاكية للفرد، مما ينعكس على القوة الشرائية التي تزيد بنسبة تتراوح ما بين 20 و25 في المائة خلال الأيام الأخيرة من شهر شعبان»، مشيرا إلى أن حجم الاستهلاك خلال رمضان في السعودية يقدر بـ20 مليار ريال.

وتقدر القيمة المالية لسوق المواد الغذائية بالسعودية بـ100 مليار ريال من حجم السوق الاستهلاكية المحلية، ويقدر متخصصون في سوق المواد الغذائية والاستهلاكية أن تلك الأسواق تشهد زيادة في حجم الإنفاق تزيد على 5 في المائة سنويا.

وأوضح فهد السدحان، وهو مسؤول في سوق تبيع المواد الغذائية في السعودية، أن القوة الشرائية للفرد «أخذت تتسع، وبالتحديد قبل بداية رمضان بأسبوعين»، وهي الفترة التي يرجح السدحان تركيز الأسواق المحلية خلالها على عروض من السلع الاستهلاكية بهدف جذب أكبر عدد من المتسوقين المحليين.

ويرجع رئيس مجلس إدارة شركة «العثيم» سبب زيادة حركة التجارة في قطاع التجزئة بالسعودية إلى ارتفاع مستوى دخل الفرد في المملكة، وارتفاع عدد السكان خلال السنوات الماضية، وتقول الإحصاءات الرسمية إنه يبلغ 28 مليون نسمة.

ولفت العثيم إلى النمو المتسارع في حجم الاستهلاك المحلي، الذي قدره بنحو 2.9 في المائة، في وقت تعد تلك النسبة من أعلى معدلات الاستهلاك العالمية.

واعتبر العثيم أن قطاع التجزئة السعودي من أكبر قطاعات التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يشكل ما نسبته 42 في المائة من حجم سوق التجزئة الخليجية، مشيرا إلى أن مبيعات قطاع التجزئة المحلي تنمو بمعدل سنوي مركب بـ3.8 في المائة حتى 2014.

وزاد: «هذا إلى جانب أن سوق التجزئة السعودية تعد ضمن أكثر سبع أسواق تجزئة عالمية جاذبة من حيث توفر الفرص الاستثمارية الحالية والمستقبلية، إلى جانب أن المملكة احتلت المركز الأول عربيا والثامن عالميا في مؤشر برنامج التوسع العالمي لتجارة التجزئة».

ويبين العثيم أن هناك زيادة في الطلب على السلع الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية عامة خلال شهر رمضان بشكل كبير، ولكن هناك أصناف موسمية يختص بها شهر رمضان المبارك مثل شراب التوت وشوربة الشوفان وشراب عصير بودرة سريع التحضير والعصائر المركزة وجميع أصناف الحلا والمخبوزات والمعجنات والفواكه والخضراوات الطازجة واللحوم خاصة المفروم منها.

وحول زيادة الطلب على السلع الغذائية، قال المواطن أحمد عبد الله خلال جولة ميدانية لـ«الشرق الأوسط» في إحدى أسواق بيع التجزئة في الرياض، إنه يرى أن هناك ارتفاعا في الطلب مع إقبال شهر رمضان على بعض المواد الغذائية المهمة على المائدة الرمضانية للأسر، وبين أن هناك اختلافا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية في محلات الهايبر ومتاجر التجزئة الصغيرة هذا الشهر، مبينا أنه يتجه لها لجلب مواده الغذائية، موضحا أنه لا يفضل متاجر التجزئة، وأن نزوله للسوق يأتي في آخر أسبوعين من شهر شعبان لكي يبتعد عن الزحام الذي تشهده الأسواق هذه الأيام أو في شهر رمضان.

ويفضل الشاب سلطان الشمري شراء مواده الغذائية لشهر رمضان بالكمية، كي يكسب «العروض الترويجية» التي تطلقها بعض المتاجر الكبيرة التي تسمى «الهايبر ماركت» خلال المواسم على المواد الغذائية، بينما يخالفه أحد الزبائن، الذي فضل حجب اسمه، حيث يفضل متاجر بيع التجزئة وقال إن بعض تلك العروض التي تطلقها المراكز دائما تكون قليلة المصداقية، أفضل أيضا شراء اللوازم وقتما تقترب من الانتهاء، وبشكل متسق، متى ما اقتضت الحاجة.

وتعكف العديد من منافذ البيع المتخصصة في السلع الغذائية والاستهلاكية على التحضير في وقت مبكر لموسم رمضان، وأشار العثيم إلى أنه لا يواجه أي مشكلة في توفير السلع وجميع المنتجات متوفرة بكثرة وفي متناول يد جميع المواطنين والمقيمين.

وبالعودة إلى رئيس مجلس إدارة شركة «العثيم» فإنه يقول «لقد شهدت أسعار الشحن والنقل الداخلي إلى جميع مدن المملكة ارتفاعا ملموسا خلال هذا العام لا علاقة له بالموسم، وأتوقع أن يكون ذلك بسبب ارتفاع الطلب ونقص العمالة وتحديد وقت دخول الشاحنات للمدن، إلا أن نسبة الارتفاع في تكاليف الشحن لن يكون لها تأثير واضح على السلع، علما أن الزيادة في أسعار الشحن قاربت على نسبة 30 إلى 40 في المائة».

وتعمل وزارة التجارة السعودية على تفعيل دور الرقابة على السوق المحلية عبر مؤشر للسلع الغذائية والاستهلاكية، حيث يتيح مؤشر الوزارة للمستهلك الاستعلام عن أسعار سلع محددة، أو أسعار عدد من السلع في مدن، أو مراكز تجارية يختارها المستهلك، في الوقت الذي وفرت فيه الوزارة خدمة إلكترونية، تتيح للجهات الربط والحصول على الأسعار اليومية في أي مدينة أو منفذ للبيع.

وتتيح التقنيات الحديثة لأجهزة الهواتف الذكية وسيلة جديدة لوزارة التجارة السعودية لاستقبال البلاغات من قبل المستهلكين عبر تطبيقات وفرتها الوزارة على تلك الهواتف، وذلك في حال ملاحظة المستهلك أي تجاوزات أثناء وجوده في الأسواق التجارية، التي تعرض أسعار عدد من السلع الاستهلاكية.

ومن خلال تتبع فروقات الأسعار للسلع الغذائية والاستهلاكية في الأسواق المحلية، فإن مرجع تلك الفروقات - بحسب المتعاملين بالسوق - إلى حجم منشآت البيع الصغيرة والكبيرة، حيث تتميز الكبيرة بشراء كميات كثيرة من الموردين مما يمنحهم أفضلية للحصول على أفضل الأسعار، والعرض للبيع بأسعار تنافسية مع غيرها.

وفي السياق ذاته، يواجه أصحاب المنشآت الكبيرة في أسوق المواد الغذائية تخوفات من تذبذب الأسعار، التي يرجعونها إلى بلد المنشأ والمنافسة المحمومة في السوق المحلية بين الموردين ومنافذ البيع الداخلية.

وأشار فهد السدحان، مسؤول في إحدى أسواق المواد الغذائية في السعودية، إلى أن أصحاب الأسواق الكبيرة دائما ما يتخوفون على سمعتهم حول تمسكهم بالأسعار والبعد عن التلاعب بها أكثر من المتاجر الصغيرة ويبين أن أصحاب المتاجر الصغيرة يجلبون سلعهم من الهايبر في مواسم العروض لكي يبيعوا تلك السلع التي تسري عليها العروض بأسعارها الطبيعية وذلك لغرض التكسب.

وعن مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية قال العثيم: «على وجه التحديد متأرجح باستمرار بين الارتفاع والانخفاض لعوامل كثيرة ومتعددة أبرزها التضخم الاقتصادي العالمي سواء في بلدان الإنتاج أو بلدان الاستهلاك، وهناك أسباب متعددة لمؤشرات التضخم والعوامل التي تؤثر في الأسعار ومنها ما هو داخلي ومنها الخارجي».

وارتفعت بعض الأصناف الغذائية في رمضان في الأسعار كالخضار التي سجلت أكثر من 70 في المائة.

ونشرت مصلحة الإحصاءات العامة في السعودية في آخر تقرير لها حول التغير النسبي الشهري للمواد الغذائية والحيوانات الحية أنه سجل ارتفاعا بلغت نسبته 0.6 في المائة متأثرا بالارتفاعات التي سجلتها خمسة من الفصول العشرة المكونة له، كان من أبرزها فصل الخضراوات والفواكه بنسبة 2.7 في المائة متأثرا بالارتفاعات التي سجلتها بعض البنود المكونة له، ومنها الطماطم بنسبة 13.5 في المائة، والبصل بنسبة 10.4 في المائة، والتمر بنسبة 2.9 في المائة.

كما سجل الرقم القياسي العام لأسعار الجملة لشهر يونيو (حزيران) 2013 ارتفاعا بلغت نسبته 1.2 في المائة مقارنة بما كان عليه خلال شهر يونيو من العام السابق 2012، وكان ذلك محصلة للتغيرات التي طرأت على مكونات الرقم القياسي لأسعار الجملة.

وتسعى وزارة التجارة السعودية من خلال حملات توعوية إلى حماية حقوق المستهلكين، وتعريفهم بها، ومخالفة أي تلاعب أو احتيال يمارس من قبل المحال التجارية عليهم، وتطبيق الأنظمة بحقهم، حيث نفذت حملات توعوية للمستهلكين خلال الفترة الماضية ومنها حملة «لا تسأل بكم» والمتعلقة بإلزام المحال التجارية بوضع بطاقة السعر على السلع المعروضة، و«نعتز بلغتنا» والتي تلزم المحال أيضا بكتابة فواتير البيع باللغة العربية، ومنع عبارة «البضاعة المبيعة لا ترد ولا تستبدل» والتي تفرض على المنشآت التجارية رد القيمة للسلع المعيبة، أو إصلاحها، أو استبدالها.

وكان الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة قد أكد في وقت سابق أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين لوزارته تقضي بمتابعة شؤون المستهلك ومراعاة توفير السلع والخدمات بأسعار متاحة للجميع، مؤكدا على عدم التهاون مع من يحاول احتكار السلع أو المبالغة في أسعارها، أو يلجأ إلى أي صورة من صور الغش التجاري، والمبادرة بكل حزم إلى إيقاع الجزاءات الرادعة على كل من يخالف الأنظمة واللوائح والتعليمات.

يشار إلى أن الأسواق السعودية تشهد تزاحما سنويا في مثل هذا الوقت نظرا لتوفير المستلزمات الرئيسة من المواد الغذائية خلال شهر رمضان، في حين يعمد فيه بعض التجار إلى رفع أسعار بعض المواد الغذائية، التي يكثر عليها الطلب بحجة قلة المعروض وكثرة الطلب، وارتفاع الأسعار من قبل الموزع أو الوكيل، والذي يجبرهم على رفع السعر لتعويض قيمة شرائهم.