«المهرجانات التراثية» وجهة الحرفيات على مدار العام

لتطوير مهاراتهن والاستدامة المالية لمشاريعهن الصغيرة

TT

لم يعد ارتداء الملابس التراثية يقتصر على المناسبات الاجتماعية والدينية، فقد عملت مجموعة من الحرفيات على دمج التراث بالأزياء العصرية حفاظا على هذا الموروث من النسيان، في وقت أضحت فيه المهرجانات التراثية بالسعودية وجهة للحرفيات لتطوير مهاراتهن وتنمية مداخلهن المالية لضمن استدامة مشاريعهن.

وأوضحت حليمة الأحمد ذات الأربعين عاما، التي تعمل في الملابس والمنسوجات اليدوية منذ صغرها، أن منتجاتها تجد إقبالا كبيرا من سكان قريتها إلى تقع في المنطقة الجنوبية، إلا أنها في السنوات الأخيرة لم تعد الطلبات على تلك المشغولات كالسابق، الأمر الذي دعاها لأن تبحث عن طريقة أخرى تستعيد بها زبائنها.

وقالت الأحمد: «لاحظت أن الجيل الجديد من الفتيات، بات يبتعد عن النمط القديم في التطريز وتستهويه الأزياء والملابس العصرية، مما دفعني لأن أعيد النظر في مشغولاتي من خلال دمج القديم بالحديث وفق أسلوب يتناسب والمرأة العصرية».

وأشارت الأحمد إلى أن الزخارف المطرزة على الثياب والملابس غالبا ما تعبر عن جغرافية المكان وهوية كل منطقة، حيث تختلف الزخارف والأشكال المحاكة على الثوب من منطقة لأخرى، وقالت: «لذلك لا بد من الحفاظ على الموروث الذي يعتبر بمثابة هوية لكل شخص»، وطالبت بالوقت ذاته بفتح الملتقيات التراثية على مدار العام أمام الحرفيات السعوديات ليعرضن منتجاتهن ويسوقنها كنوع من الحفاظ على التراث ونشره على مدار العام.

من جهتها، تعتبر أم حمد ذات الـ45 عاما الحرف اليدوية مصدر رزق للكثير من السعوديات، مؤكدة أنها ليست حكرا على الأيدي العاملة من الرجال، إذ لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار الكثير من المشغولات اليدوية المختلفة بأيدي سعوديات وعلى مستوى عالِ من الجودة.

وأكدت أن مشغولاتها اليدوية المتمثلة في صنع حافظات للأواني المنزلية إلى جانب سفر الطعام القديمة المشغولة بسعف النخل، والمفارش الصغيرة المنسوجة بخيوط تحمل ألوانا تراثية كالأحمر والذهبي والبُني بدرجاته، يزداد الطلب عليها في الأسواق المحلية خاصة، متمنية في الوقت ذاته أن يتم تسويقها للخارج بهدف نشر ثقافة المجتمع السعودي وتراثه.

وفي السياق ذاته تخصص الهيئة العامة للسياحة والآثار في مهرجاناتها وفعالياتها المقامة على مدار السنة، أجنحة ومعارض للحرف والمنتجات اليدوية والشعبية، تشارك فيها العاملات في تلك الأشغال من الأسر الفقيرة غالبا لتكون مصدر ودخل مادي يكفي حاجتها.

ووفقا للهيئة العامة للسياحة والآثار فإن تلك الأنشطة قلصت أعداد الفقراء في مختلف مناطق المملكة، في ظل تعاون الأمانات والبلديات لإقامة أسواق حرفية لهم إلى جانب المعارض والمهرجانات السياحية، مؤكدة أنها بذلك تسعى لمعالجة الفقر سواء من خلال تشغيل الأيدي العاملة أو من بيع المشغولات والمنتجات اليدوية.

وأكدت هيفاء ناجي عضو لجنة الفعاليات في الغرفة التجارية الصناعية بجدة أن تطوير ودعم الحرف والحرفيات يتم ضمن برامج مدروسة وثابتة في الهيئة العامة للسياحة والتراث، وأشارت إلى سعي الهيئة العامة للسياحة والآثار ومنظمي الملتقيات والمهرجانات إلى تطوير المرأة ودعمها في كل ما من شأنه زيادة دخله.

وأشارت إلى الكثير من المهرجانات والملتقيات التي تنظمها الهيئة العامة للسياحة على مدار العام لا سيما في شهر رمضان المبارك، وقالت: «يعتبر ملتقى الحرفيين الثاني الذي انطلق في الثاني من شهر رمضان تحت شعار (عراقة الماضي وإشراقة الحاضر) بجانب الفعاليات الأخرى مساهما رئيسيا في تطوير وانتعاش أسواق الحرفيات في المنطقة الغربية والمناطق المجاورة».

وأوضحت ناجي أن المعرض شهد خلال العالم الحالي إقبالا متزايدا عن العام الماضي حيث تجاوز عدد المشاركات 250 سيدة قمن بعرض منتجاتهن المتنوعة بين المأكولات الشعبية والمشغولات اليدوية والحرفية والتراثيات والعطور وتطريز الشراشف والملابس والعباءات.

كما لفتت إلى أن تلك الملتقيات تعتبر فرصة لكل سيدة أو فتاة أو مبدعة للمشاركة بما لديها، وقالت: «لذلك كانت تجربة السوق المفتوحة في الملتقى الثاني للحرفيات من الفعاليات المحركة لإبداعات السيدات وزيادة دخلهن وتطوير وضعهن».

وفي السياق ذاته أكدت الكثير من المشاركات في الملتقى أن المعرض يعتبر فرصة لتسويق بضاعتهن من المشغولات اليدوية والتحف والهدايا، خاصة أنه ملتقى متخصص يشهد تدفق الكثير من الزوار في الشهر الكريم.

وأشرن إلى أهمية وجود هذا الكم الهائل من النساء من مدينة جدة والمناطق المجاورة في هذا الملتقى الذي يمنح المرأة فرصة لا تعوض في زيادة دخلها والاطلاع على التراث السعودي وكما يدفعها إلى المنافسة الجادة وتطوير العمل الذي تقوم.

وطالبن أن تكون كل المهرجانات التراثية والفعاليات الكبيرة مفتوحة أمام مشاركة المرأة لأن ذلك سيسمح بتطوير عملها وتسويقه، وأشدن بتجربة مهرجان الجنادرية الذي أعطى الفرصة للمرأة السعودية المشاركة في السوق الشعبية.