«قرار حكومي» يشجع القطاع الخاص على الاستثمار في مشاريع إعادة التدوير

«البلدية والقروية»: مشاريع النظافة تكلف البلاد أكثر من سبعة مليارات ريال

TT

أكد مختصون في حماية البيئة، أن إقرار الحكومة السعودية نظام إدارة النفايات سيعزز معايير حماية البيئة ويفتح المجال أمام الشركات المتخصصة في المشاركة في الاستثمار في إعادة التدوير، الأمر الذي سيقضي على الطرق التقليدية المستخدمة حاليا في معالجة النفايات عن طريق المرادم، ووصف الخبراء القرار بأنه نقلة نوعية في القضاء على المخاطر الصحية التي تنتج عن سوء إدارة النفايات بكل أنواعها.

وأشار الخبراء إلى أن حجم المصانع الموجودة في السعودية لتدوير النفايات ضعيف جدا ولا يتناسب ونمط الاستهلاك المتزايد في المجتمع مما أدى إلى زيادة في كميات النفايات المنزلية التي يتم إرسالها إلى مردم البلدية دون القيام بعمليات فرز لها مما يجعل عمليات تدويرها صعبة للغاية.

وأوضح الدكتور سمير غازي، وكيل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لشؤون البيئة، لـ«الشرق الأوسط» أن الرئاسة تبحث مع الجهات المعنية خاصة في وزارة الشؤون البلدية والقروية، الكثير من الجوانب المتعلقة بموضوع النفايات في مدننا، وكيفية معالجة المشكلات التي تنجم عنها، مشيرا إلى أن قرار مجلس الوزراء يدعم الجوانب التشريعية لإدارة النفايات ويسهم في تكوين فريق عمل مشترك بين الجهات الحكومية المعنية في الدولة بجوانب البيئة.

وقال إن الرئاسة تطبق الأنظمة الخاصة بها في مجال حماية البيئة، حيث تشدد على الشركات العاملة في مجال معالجة النفايات بضرورة التخلص الأمن من النفايات وعدم تسرب أي شيء منها إلى المياه الجوفية، مبينا أن النفايات الخطرة تتابعها الرئاسة، بينما النفايات والمخلفات المنزلية والبناء والهدم وما في حكمها من اختصاص الأمانات والبلديات.

وقال المهندس عادل باديب، الرئيس التنفيذي لشركة «سيبكو» إن قرار الحكومة لتطبيق نظام لإدارة النفايات جاء في الوقت المناسب، خاصة في ظل ارتفاع معدل النفايات وما تشكله من خطر كبير على صحة السكان مع ارتفاع معدلات النمو عير المسبوق، مشيرا إلى أن توجه الدولة في هذا الجانب سوف يسمح للقطاع الخاص بالمشاركة في تنفيذ أعمال إعادة التدوير والاستثمار فيها مما يشجع دخول الشركات المتخصصة في إدارة ومعالجة النفايات الأمر الذي سيكون له مردود اقتصادي كبير إلى جانب المحافظة على بيئة صحية وسليمة. وأضاف باديب أن إدارة النفايات تختلف في طرق إدارتها، إذ إن هناك النفايات الطبية التي تتم معالجتها عن طريق شركات متخصصة تملك تقنية عالية لإعادة تدوير النفايات وإتلافها في مرادم صحية لا يسمح من خلالها بتسربها إلى التربة وكذلك النفايات الصناعية التي هي عبارة عن مخلفات المصانع، وهذه أشد خطورة وتتم معالجتها أيضا عن طريق المعالجة الخاصة.

من جانبه، قال الدكتور علي عشقي، أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، إن الطرق المستخدمة حاليا في السعودية للتخلص من النفايات عن طريق إنشاء المرادم مكلفة ماديا إلى جانب الأضرار الصحية المترتبة على ما تحدثه هذه النفايات من مخاطر في باطن الأرض وتتسرب إلى المياه أو تتكون على شكل سحب ضارة بالإنسان.

وأشار إلى أن نظام إدارة النفايات إذا ما تم التعامل معه بحرفية سوف يحقق الكثير من الفوائد وسنتخلص من الآثار السلبية لمرادم النفايات، إذ إن تطبيق معايير لهذه الإدارة ونظام تشريعي يجرم المخالفين ويسمح للشركات بالعمل في إعادة تدوير النفايات مع زيادة جانب الدعم الحكومي إلى جانب أن تطبيق النظام سوف يمنح الشركات المستثمرة الحق في عدم العبث في النفايات، سواء من المنازل أو المواقع التجارية، بحيث تصل النفايات إلى موقع شركات إعادة التدوير على طبيعتها مما يساعدها في تغطية تكاليفها من خلال تجزئة النفايات إلى مواد وإرسال إلى المصانع المتخصصة إلا أن ما يحدث في السعودية حاليا هو أن الكثير من العمالة يعبثون بالنفايات ويعملون على استخلاص قطع البلاستيك والحديد والزجاج القابل للتدوير ويقومون ببيعها على المصانع إلى أن وجود إدارة منظمة كما أقرها مجلس الوزراء سوف يحقق أهدافا عظيمة وأهمها المحافظة على سلامة السكان من أضرار النفايات الخطيرة والتي لها أضرار صحية يكلف علاجها أموالا طائلة.

وطالب عشقي الجهات المسؤولة عن مرادم النفايات بضرورة تطبيق المواصفات الفنية والصحية للتخلص من النفايات، كما يجب أن تكون هذه المرادم أشبه بمدن صناعية مصغرة تتوفر فيها إمكانيات تدوير المخلفات، وأن تكون على كفاءة عالية للتخلص من الأنواع الخطرة، والتي يزيد حجمها عاما بعد عام، لافتا إلى أن عدم تدوير النفايات في مدننا يتسبب في خسارة مليارات الريالات سنويا للاقتصاد الوطني.

من جانبها، كشفت وزارة الشؤون البلدية عن أن تكاليف مشاريع النظافة في مناطق البلاد بلغت 7.8 مليار ريال بما في ذلك المشاريع التي يجري تنفيذها حاليا لعمليات الدفن الصحي للنفايات وفق منظومة من المعايير والإجراءات الفنية للحماية من مخاطر التلوث البيئي.

وأوضحت الوزارة في تقرير حصلت عليه «الشرق الأوسط» أن إجمالي مشاريع النظافة التي تمت ترسيتها خلال العام الحالي لمدافن النفايات أكثر من 100 مشروع منها 18 مشروعا لتشغيل وإدارة النفايات بتكلفة تزيد على 294 مليون ريال بالإضافة إلى 9 مشاريع للإشراف والخدمات الاستشارية بتكلفة 138 مليونا، مشيرة إلى أن تكاليف مشاريع النظافة ترتفع بمعدل 5 إلى 8 في المائة وتعود أسباب ذلك إلى النمو السكاني والعمراني في السعودية والنمو المتسارع في القطاعات التجارية والصناعية، حيث بلغ حجم النفايات إلى أكثر من 13 مليون طن على اختلاف أنواعها.

وأشارت إلى أن معدل إنتاج الفرد من النفايات البلدية يزيد على 1.3 كيلوغرام يوميا في حين يتجاوز عدد السكان الذين يستفيدون من مشاريع النظافة أكثر من 22 مليون نسمة.

وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء وافق في جلسته الأخيرة على نظام إدارة النفايات البلدية الصلبة، ومنح ممارسي نشاط إدارة النفايات تصحيح أوضاعهم خلال سنتين. ويهدف النظام إلى وضع إطار عمل متكامل لإدارة النفايات البلدية الصلبة، ويطبق على جميع العمليات المتعلقة بفصل النفايات وجمعها ونقلها وتخزينها وفرزها وإعادة تدويرها ومعالجتها.

وأقر النظام الجديد أن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية مهمات ومسؤوليات إدارة النفايات البلدية الصلبة على أن يشمل ذلك عددا من المهمات والمسؤوليات، ومن ذلك رفع المستوى الصحي وسلامة السكان وراحتهم في مدن البلاد، وذلك عن طريق إدارة النفايات البلدية الصلبة والعناية بنظافة المدن والقرى وسلامة البيئة، إلى جانب رفع الوعي البيئي وإعداد البرامج المناسبة لتوعية السكان بأهمية التقيد بالتعليمات الخاصة عند التعامل مع النفايات البلدية الصلبة.