السعودية تنفق أربعة مليارات ريال سنويا على الفواكه المستوردة

مختصون: ارتفاع الطلب والأحداث في دول الجوار أثرا على حركة السوق

حلقة الخضروات والفواكه بجدة تشهد إقبالاً كبيراً في شهر رمضان («الشرق الأوسط»)
TT

قبل أسبوع واحد من دخول شهر رمضان لم يكن سعر كيلو الخيار يتجاوز ثلاثة ريالات، وما إن دخل شهر رمضان إلا وقفزت ثلاثة أو أربعة أضعاف، ومثله معظم أنواع الخضراوات التي شهدت ارتفاعا جنونيا كالباذنجان والطماطم.

سيناريو أسعار الخضراوات في شهر رمضان يتكرر كل عام، حيث تقفز بقوة ومن ثم تبدأ في التراجع قليلا، تشبه حركة البورصات.

وارتفاع أسعار الخضراوات يأتي ملفوفا بعشرات الأعذار التي يسوقها الموردون والجهات المعنية والمتعلقة بزيادة الطلب والموسم والأوضاع في الدول المصدرة.

وبينما أرجع خبراء ومتخصصون ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية من الخضراوات والفواكه إلى الاعتماد بشكل كبير على الاستيراد من الدول المجاورة كالأردن ومصر ولبنان وتركيا وغيرها، وتسببت الأوضاع في بعض الدول إلى ارتفاع الأسعار تماشيا مع السوق التي يحكمها العرض والطلب، استغرب الكثيرون من ارتفاع المنتج المحلي بشكل واضح وعدم وجود رقابة واضحة على الأسعار.

السوق أصبحت تعرف بـ«المجنونة» لا يتم التحكم فيها، سيف الله شربتلي أحد أكبر مستوردي الخضراوات والفاكهة في جدة يقول: «هناك عوامل عدة تتحكم في ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، فمثلا في حالة حدوث عوامل طبيعية تؤثر على الإنتاج مثل الفيضانات والجفاف أو الحرائق كلها أسباب تؤدي إلى انخفاض في الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار، أضف إلى ذلك التغيرات الأخيرة التي طرأت على سوق العمل السعودية وزيادة تكلفة العمالة سواء الوطنية أو الأجنبية نتيجة القرارات المتتالية لوزارة العمل، مما ينعكس بلا شك على التكلفة النهائية للسلعة المعروضة للمستهلك، كل تلك العوامل السابق ذكرها تؤدي وبشكل مباشر إلى ارتفاع أسعار الفواكه والخضراوات، لذا لا يمكن ضبط الأسعار عند مؤشر معين».

وعن اتجاه الأسعار خلال شهر رمضان أوضح شربتلي: «من الطبيعي زيادة الأسعار في هذا الشهر لما يتميز به من إقبال على موائد الطعام ورغبة المستهلك في تنوع المائدة، وإضافة كل أصناف الطعام التي يحتاجها والتي لا يحتاجها، مما يترتب عليه زيادة الطلب على كل المنتجات وليست الفاكهة فقط، وهذا السلوك هو المسؤول الأول عن أية زيادة تطرأ في الأسعار، فلو أن المستهلك اتبع نفس نمط الاستهلاك في رمضان كمثيله في الشهور الأخرى دون زيادة فلن تجد أية زيادة تذكر في الأسعار».

وزاد: «إن حجم استيراد السعودية من الفواكه فقط يتجاوز أربعة مليارات ريال سنويا، حيث تعد أبرز الدول التي تصدر للسوق السعودية شيلي والفلبين وجنوب أفريقيا والهند وباكستان وفرنسا والولايات المتحدة والصين ومصر».

واستطرد الشربتلي: «إن الأحداث التي شهدتها دول الجوار خصوصا العربية أثرت بشكل كبير على السوق السعودية، ونظرا لارتباطنا بدول الجوار وما يتم من تبادل تجاري مع الدول العربية كافة والمجاورة بشكل خاص، فإن أي حدث تمر به تلك الدول مهما كان بسيطا فإنه يجد صدى لدينا، فما بالك بتلك الأحداث الجسام التي تمر بها بعض الدول العربية ذات الثقل في المنطقة سواء التجاري أو السياسي، ولكن من نعم الله علينا أننا نستطيع إيجاد حلول وبدائل كثيرة لتخفيف الآثار السلبية لتلك الأحداث على السوق السعودية».

من جهته بين أحمد الغامدي، أحد المواطنين تذمره مما وصفه باستغلال البعض للشهر الكريم، وقال: «فوجئت بارتفاع أسعار جميع الخضراوات والفواكه ابتداء من اليوم الأول للشهر ماعدا سعر البطاطا الذي لاحظت وجود ارتفاع طفيف جدا في سعرها، حيث ارتفع سعر كيلو الطماطم من 4 ريالات إلى 10 ريالات، وسعر كيلو الخيار من ريالين إلى 6 و7 ريالات، كما ارتفع العنب والمانجو بشكل جنوني ناهيك بالموز الذي تضاعف سعره من ثلاثة ريالات إلى ستة».

واعتبر المواطن سعيد المالكي أن غياب الرقابة هو السبب في ارتفاع الأسعار سواء بأسواق الجملة، أو التجزئة، وبين أن «هيمنة التجارة الموازية، على السوق دفعت بكثير من التجار إلى التخلي عن بيع الخضراوات والفواكه، لأنه من غير المنطقي أن يتسوق التاجر الرسمي والموازي من نفس سوق الجملة، وتباع الخضراوات بأقل الأسعار»، مؤكدا أن أصحاب التجارة الموازية يلجأون في كثير من الأحيان إلى طرق غير مشروعة منها على سبيل المثال لا الحصر «واجهة بنوعية جيدة وإخفاء الرديئة منها»، إضافة إلى الغش في الميزان عن طريق تغيير (المؤشر الإلكتروني) وكذا الغش بكفة الميزان.

ويعزو محمد العامري صاحب محل لبيع الخضراوات ارتفاع الأسعار في الشهر الفضيل إلى زيادة الطلب عليها نتيجة لاستهلاكها المستمر في مختلف الأطباق والوجبات، بالإضافة إلى عدم توفر كميات كبيرة منها في السوق لارتفاع إيجارات الشاحنات المحملة بالخضراوات والفواكه القادمة من الأردن باعتبارها من البلدان الرئيسية المصدرة للخضراوات بعد سوريا، مما يضطر بائع الخضراوات إلى شرائها بأسعار مرتفعة وبالتالي بيعها للمستهلكين بضعف السعر.

وتابع: «على مدى الأيام الماضية من الشهر الفضيل ارتفعت أسعار الخضراوات والفواكه بشكل كبير وهو متوقع نتيجة الطلب عليه، حيث لا يخلو أي طبق سعودي من وجود الخضراوات اللذيذة، لكن بدأت الأسعار في الانخفاض عن الأسبوع الأول من رمضان.. وقد تعود إلى وضعها الطبيعي من نهاية الشهر الكريم أو بعد عيد الفطر المبارك».