تزامن «تأنيث المتاجر النسائية» مع رمضان والعيد يحرج التجار.. والبائعات أيضا

وزارة العمل: الفرصة كافية.. لا يمكن التراجع عن القرار

التجار يضطرون إلى توظيف النساء وتطبيق قرار التأنيث بشكل كامل حتى لا تضيع فرصة جني الأرباح في أفضل مواسم العام مبيعا («الشرق الأوسط»)
TT

دخل قرار وزارة العمل السعودية بتأنيث محلات فساتين السهرة والعباءات والإكسسوارات النسائية حيز التنفيذ يوم أول من أمس، بعد انقضاء المهلة الثانية لأصحاب المحلات لتصحيح أوضاعهم، وشددت الوزارة على تطبيقها الحازم لكل العقوبات المقررة بموجب النظام، التي تصل إلى حد إغلاق المحل مرورا بالغرامات المالية على صاحب العمل.

تأتي تلك التحركات وسط مطالبات لم تتوقف من قبل مستثمرين في قطاع المستلزمات النسائية بالأسواق المحلية بتأجيل هذه المرحلة إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفطر، باعتباره أعلى مواسم العام في المبيعات.

إلا أن وزارة العمل رفضت، مؤكدة أن المهلة التي أعطيت لهم كافية لتطبيق القرار، في حين توقع متعاملون بالسوق أنه في حال تطبيق القرار وفرض العقوبات خلال هذه الأيام فإن حجم الخسائر المالية المتوقعة سيتجاوز 60 في المائة لأصحاب الأعمال.

وبين محمد الشهري رئيس لجنة الأقمشة والملابس الجاهزة بغرفة جدة أنهم داعمون لقرار التأنيث، إلا أن عدم وجود عقد إلزامي للموظفات غالبا ما يضعهم في موقف محرج، واصفا الفتيات بعدم قدرتهن على تحمل المسؤولية والاستهتار بالدوام، وذلك من خلال تجربته معهن في التوظيف.

وقال الشهري لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نطالب وزارة العمل بفرض عقد ملزم للطرفين، فأنا كتاجر أدفع رواتب وبدلات ولدي مميزات، إلا أن الاستقرار الوظيفي غير موجود ولا أعلم ما هو السبب»، وأضاف: «لذلك فالعقد الملزم للطرف الآخر قد يحل مشكلة التسيب واللامبالاة الموجودة لدى بعض الفتيات». وتساءل الشهري عن عدم التزام الفتيات بالعمل: «هل لعدم وجود فكر لديهن بأن هذه مسؤولية وأن المحل لو أغلق يوما واحدا فقد يسبب خسارة للتاجر، أو أنه لا مبالاة من قبلهن ولسن بحاجة إلى الراتب».

وأضاف: «نحن نسعى الآن مع وزارة العمل لأن نتعدى مرحلة الموسم «رمضان والعيد» بالتجاوز عن تطبيق القرار، وأعتقد أنه بعد الموسم سنجد فائضا من الفتيات اللاتي يبحثن عن وظائف»، معللا ذلك بأنه سيصبح هناك اكتفاء، خصوصا أن جميع التجار قاموا بالإعلان في كل مكان عن حاجتهم لموظفات، كما أن هناك قرابة 300 ألف فتاة تتخرج سنويا من الجامعة، مطالبا بوجود قليل من المسؤولية لدى الموظفات.

من جهته، كشف وليد العماري عضو لجنة الأقمشة بغرفة جدة عن أن مدير مكتب العمل رفض التعليق على ما يعانيه التجار في المرحلة الثانية من التأنيث، مبينا أنه خلال اجتماعهم بالغرفة التجارية الصناعية يوم أول من أمس بجدة، رد على استفسارات التجار بأن هناك جهة مختصة مسؤولة عن قرار التأنيث، وأن اجتماع اليوم لا يختص بمحلات التأنيث، معلقا بأن تأنيث المحلات قرار لا يمكن التراجع عنه وأن الفرصة التي منحت للمحلات كانت كافية لتطبيق القرار.

هبة محمد في العقد العشرين من عمرها تعمل منذ يومين في محل لبيع فساتين السهرة، تم توظيفها عن طريق باب رزق جميل، بينت أنها تداوم في الفترة المسائية فقط براتب قدره 3500، إلا أن هناك ضغوطات كبيرة خاصة في شهر رمضان، والموظفات اللاتي من المفروض أن يداومن في الفترة الصباحية غالبا لا يأتين مما يزيد ضغط العمل عليهن.

ووصفت روان خريجة المرحلة المتوسطة، التي تعمل منذ شهر في محل لبيع الإكسسوارات العمل «بالمستعصي»، وقالت: «لم أكن أعلم أن الدوام بهذه الصعوبة على الرغم من أنني خضعت لدورة تدريبية لمدة يومين، لكن المحل كبير ولا أستطيع العمل به وحدي»، مشيرة إلى وجود فتيات أخريات يعملن في المحل إلا أنهن غير ملتزمات، وغالبا ما يتغيبن عن العمل مما يضعها في موقف محرج أمام العملاء. وقالت: «تم الاستغناء عن الرجال بشكل نهائي إلا أنه في الفترة الصباحية يأتي أحد الموظفين من الساعة العاشرة وحتى الحادية عشرة يقوم بترتيب المحل ووضع المستلزمات في أماكنها المخصصة، ومن ثم يقوم بإغلاق المحل ويترك المفتاح مع المحل المجاور لنا، وعندما نأتي في فترة الظهر نقوم بفتح المحل ونباشر عملنا».

وحول فترة الدوام بينت أنهن يعملن في رمضان على فترتين؛ من الساعة الواحدة ظهرا وحتى السادسة مساء، وبعد الإفطار من التاسعة وحتى الثالثة صباحا، مشيرة إلى أن الدوام لا يناسبهن كونه طويلا ومرهقا بالنسبة لهن، وقالت: «حتى إن زميلاتي في المحل لم يأتين اليوم لاعتراضهن على ساعات العمل، وقررن عدم عودتهن للمحل إلا إذا تم تغيير ساعات الدوام».

وأكدت روان عدم استمراريتها في العمل في مجال البيع، وقالت: «أنا سأنتظر حتى نهاية الشهر وسأذهب لأقدم على وظيفة أخرى في أي شركة بعيدا عن مجال البيع والشراء». واعتبرت أن المرأة لن تنجح في هذا المجال كالرجل، متسائلة عن مدى الاستفادة التي ستخرج بها بعد العمل كبائعة، ولفتت إلى أن هناك أمورا كثيرة لم يلتزم بها صاحب العمل معهن، وقد تقدمت هي وزميلاتها بأكثر من شكوى لمكتب العمل لكن دون رد.

وأضافت: «صاحب العمل دائما ما يخصم من رواتبنا، ففي حال اضطررنا للغياب وأحضرنا تقريرا طبيا يقوم بخصم قيمة اليوم من الراتب، وفي حال استأذنت من العمل لأمر طارئ يقوم أيضا بالخصم».

أما على المطردي صاحب محل لبيع العبايات، فلم يجد حتى الآن موظفات للعمل في محله، ويطالب بتأجيل تطبيق القرار حتى نهاية عيد الفطر، قائلا: «نحن نرغب بتنفيذ قرار وزارة العمل، ولكن (ما باليد حيلة)، أين الموظفات، قمنا بعمل إعلانات ووضعنا ملصقات على أبواب المحلات، ولم نترك أحدا من المعارف والأصدقاء إلا ووصيناه بالبحث عن موظفة وقدمنا مميزات جيدة وبدلات، وللأسف أكثر موظفة استمرت في المحل لم تكمل أسبوعا».

وأضاف: «لذلك نتمنى من وزارة العمل مساعدتنا في إيجاد الموظفات قبل فرض العقوبات والغرامات علينا، خاصة في هذه الفترة التي هي موسم لجميع التجار، وإلا سنتحمل خسائر ليس لنا ذنب فيها، كما نطالب بتأجيل التطبيق إلى ما بعد العيد، مشيرا إلى أن كثيرا من التجار وصلت خسائرهم لأكثر من 50 في المائة.

من جهة أخرى، تبدأ وزارة العمل التطبيق الإلزامي لبرنامج حماية الأجور، من تاريخ 25 شوال المقبل، مبتدئة بإلزام المنشآت من الحجم العملاق (3000 عامل فأكثر حسب الرقم الموحد للمنشأة)، والمدارس الأهلية ذات الأنشطة الاقتصادية التالية (المدارس الأهلية التي تضم قسمين للبنين والبنات، المدارس الأجنبية، المدارس الأهلية الخاصة بالبنين أو الخاصة بالبنات، رياض الأطفال) بغض النظر عن حجمها، من خلال تسجيل ورفع ملفات صرف الأجور عبر موقع الخدمات الإلكترونية لوزارة العمل.

ويرصد البرنامج عمليات صرف الأجور لجميع العاملين والعاملات السعوديين والوافدين في منشآت القطاع الخاص، من خلال إنشاء قواعد بيانات محدثة تحتوي على عمليات صرف الأجور، وتحديد مدى التزام تلك المنشآت بصرف مستحقات العاملين لديها في الوقت والقيمة المتفق عليها بين طرفي العلاقة التعاقدية وفقا لنظام العمل.