«القرقيعان».. عادة شعبية تدخل البهجة إلى أطفال الخليج

د. نهاد الجشي تعدها صورة للتكافل والتواصل الاجتماعي

أطفال يسعدون بأيام القرقيعان في المنطقة الشرقية («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت حارات وأزقة المنطقة الشرقية، مساء أول من أمس، عرسا كرنفاليا لإحياء واحدة من أقدم العادات الخليجية المرتبطة بشهر رمضان، فمع غروب الشمس خرج آلاف الأطفال للاحتفال بمناسبة «القرقيعان» أو «الناصفة»، حيث يعتبر الاحتفال بهذه المناسبة من العادات الشعبية الشهيرة والمتوارثة لأهالي الخليج العربي.

ويُعتبر القرقيعان من أهم العادات الشعبية الرمضانية في دول الخليج، وينتشر انتشارا واسعا في المنطقة الشرقية من السعودية، وكذلك في البحرين، وأيضا في الإمارات والكويت وقطر وغيرها.

ويمثل الأطفال أدوار البطولة في هذه المناسبة، حيث يجوبون الشوارع والأزقة مبتهجين بهذه المناسبة الرمضانية التي توارثتها الأجيال، وهم يلبسون الملابس الجديدة التي قد تخاط لهم خصيصا لهذه المناسبة، ويحملون معهم أكياسا يجمعون فيها الحلوى والمكسرات التي يحصلون عليها من أصحاب البيوت الذين عادة ما يكونون في جاهزية تامة لاستقبال هذه المناسبة التي تدخل البهجة والسرور على قلوب الأطفال.

وتقول الدكتورة نهاد الجشي، عضو مجلس الشورى السعودي وأحد أبرز المهتمين بالجانب التراثي في المنطقة الشرقية لـ«الشرق الأوسط» عن هذه المناسبة «تعتبر هذه المناسبة من أبرز المناسبات الشعبية المتوارثة التي تمثل رمزا مهما من رموز شهر رمضان، خصوصا لدى الأطفال كونهم الأكثر سعادة بهذه المناسبة حيث يجوبون الشوارع والأزقة ويرددون الأناشيد الخاصة بهذه المناسبة ويلقون تكريما من الأهالي والجيران وأهالي البلدة التي يجوبونها، كما أنهم يرتدون ملابس خاصة وجديدة لهذه المناسبة، مما يجعل لها رونقا خاصا يحسّ به الأطفال أكثر من الكبار».

وتشير الجشي إلى أن هذه العادة تحافظ كذلك على تعزيز العلاقات الاجتماعية، خصوصا في المجتمعات الريفية، فيما تتراجع نسبيا في المدن كون الجار أحيانا لا يعرف جاره.

وللأطفال في مهرجان القرقيعان أهازيج وأشعار باللغة العامية يرددونها ببراءة طفولية كلما وقفوا على باب من أبواب محلتهم وحارتهم، لكن هذه الأهازيج والأشعار تختلف من بلد إلى بلد آخر كما هي الحال لمسمياتها؛ ففي السعودية يشدو الأطفال بالأناشيد والأشعار التي أشهرها: «قرقع قرقع قرقيعان.. ام قصير ورمضان عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم»، فيحصلون على الحلوى، ويقابلون بالتكريم والاحترام. وبعد الانتهاء من الأناشيد يتم توزيع المكسرات والحلويات على الأطفال، وهناك من يرى أن لهذه الاحتفالية دلالات اجتماعية وترفيهية والروح الجماعية والأسرية العامة التي تميز نمط العلاقات الاجتماعية، وتظهر تلك الدلالات من خلال اهتمام الأهالي باحتفال الأطفال ومشاركتهم المشاعر الطفولية بالفرحة وإشاعة روح المودة والألفة بين الناس، وهذا ما يعتبره المهتمون بالجانب التراثي من أبرز مكتسبات هذه العادة الرمضانية الجميلة.