خبراء يحذرون من سلبيات الحسابات الوهمية على الحراك الاجتماعي السعودي

ستة آلاف حساب وهمي سعودي في «تويتر» تحاول التأثير في الرأي العام

TT

أكد خبراء في مجال الإعلام الاجتماعي، أن توافر تقنيات الإنترنت لجميع فئات المجتمع السعودي، وزيادة عدد الأجهزة لدى أفراده، إضافة إلى أن السعودية تمثل أكثر الدول استهلاكا ومتابعة لمواقع التواصل الاجتماعي، من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الفكر والحراك الثقافي لدى المجتمع في وقت قصير.

وبين عمار محمد، مدرب وخبير في مجال الإعلام الاجتماعي ومؤسس مبادرة «تغريدات»، أن الحسابات الوهمية تنقل وقائع تفصيلية عن بعض المواقف التي تعرض لها بعض الأشخاص حتى إن كان ذلك غير صحيح، وقال: «الجمهور في مواقع التواصل الاجتماعي يقتنع بأكثر شخص يعرض وجهات نظر، ولديه أدلة على ذلك حتى وإن كانت مغلوطة».

وأضاف: «بالنسبة إلى المجتمع السعودي، فإن سهولة وجود تقنيات الإنترنت للجميع، ووفرة الأجهزة التي تتيح استخدامها سواء عبر الكومبيوتر الشخصي أو الهواتف الجوالة، إضافة إلى أن السعودية تمثل أكثر الدول استهلاكا لمواقع التواصل الاجتماعي والـ(يوتيوب)، فهذا يؤكد أن هناك الكثير من المحتوى والتفاعل الموجود على الإنترنت بمجرد وضعه ومشاركته سيؤثر في الأجيال التي تشاهد وتتابع هذه المواقع».

كما تساعد الكثير من المحتويات على تغيير ثقافة المجتمع وقناعاته، حيث تقوم بالتسويق لفئة بسيطة، هذه الفئة تنقل ذلك لفئة بسيطة أخرى حتى ينتقل ذلك للمجتمع ويصبح أمرا عاديا يكون جزءا من ثقافته أو دخيلا عليها، وتقل المناعة أو تزيد بحسب مساحة الحوار والنقاش التي تتم حول هذا الأمر.

من جانبه، أكد فهد الزايد، المختص في شؤون الإعلام الجديد، أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبح بإمكانها أن تصنع وتغير الرأي العام، خاصة أنها من ضمن الوسائل الأكثر تأثيرا في العالم على الآراء. وقال: «مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر سلاحا ذا حدين، فإذا قرر الشخص استخدامه للضرر أو الإيقاع بشخص أو مجتمع، فمن السهل عليه ذلك، خاصة أن جميع مستخدمي تلك المواقع لأغراض غير هادفة لديهم من الخبرة ما يكفي لإيقاع الضرر بشريحة معينة».

وأشار إلى دراسة بحثية حديثة أجراها أسامة المحيا، وهو طالب الدراسات العليا في مجال الإعلام، ونشرها على مدونته، تبين أن 6000 حساب وهمي سعودي في «تويتر» تحاول التأثير في الرأي العام عن طريق إغراق الهاشتاغات بتغريدات متتابعة ومتنوعة تدور حول فكرة واحدة واتجاه واحد، وإعادة تكرارها خلال اليوم والأسبوع من حسابات مختلفة ومتنوعة بإشراك حسابات وهمية هائلة.

وتتمثل خطورة ذلك في إيهام متصفحي الهاشتاغ عبر الإغراق في هذه التغريدات أو إعادة ريتويت لتغريدة بعينها بوجود رأي يحمله عدد كبير من الناس، مما يتسبب في إحجام المغردين عن التغريد بآراء تخالف الرأي السائد، ويوهمهم بوجود توازن بين المؤيدين والمعارضين، فيخرج كثير من المغردين من الهاشتاغ، كونه لا يناسب توجهاتهم فيتشتتون وينشئون هاشتاغات أخرى وهو أحد أهداف الإغراق.

وأرجع أسباب زيادة الحسابات الوهمية إلى ضعف الرقابة، إضافة إلى الاستهتار وعدم معرفة بعض الأشخاص بالعقوبات الناتجة عن استخدام الحسابات الوهمية وتضليل الآخرين، متمنيا أن تكون هناك قوانين حازمة ورقابة مشددة على تلك المواقع، وعدم الوثوق بأي شخص بشكل سريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر الخبير في مجال الإعلام الاجتماعي من خطر انتشار الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، مبينا أن الخطر يكمن في جوانب عدة، من بينها أن زيادة عدد المستخدمين للحسابات الوهمية في دولة معينة يشير إلى أن تبني القضايا ونشرها على مستوى الرأي العام يحتاج إلى مزيد من التحري.

كما أن نقل الأخبار من المعرفات الوهمية التي تستخدم بيانات وأسماء الشخصيات المشهورة قد تعرض سمعتهم للخطر والتشويه، إضافة إلى أن القنوات الإعلامية ستكون حريصة على تناول الرأي العام من خلال بعض المؤشرات، كزيادة نسبة التفاعل في وسم معين، ولكن ستأخذ حذرها حينما تعلم مدى خطورة الحسابات الوهمية، لا سيما أن أغلب القضايا التي نعتبرها مهمة على «تويتر» تكون مجرد «وهم».

وأشار إلى أن عدد الأيام التي يستغرقها بائعو هذه الخدمة لإنشاء ما يصل إلى 100 ألف متابع وهمي جديد، هي خمسة أيام فقط، مما يعني أن عدد الحسابات في تزايد، ونظرا لعدم وجود مرصد خليجي أو عربي لرصد هذه الحسابات، فإنه يصعب أن نقدر نسبة الزيادة. وقال: «ولكنها تجارة مربحة للكثيرين ممن توجهوا لبيع الحسابات الوهمية أو المزيفة، ويمكن التحقق من ذلك في رصد الحسابات وزيادتها بشكل كبير على موقع (تويتر) دون غيره، وذلك من خلال البحث المباشر في الموقع».

وبين أن قوة الحسابات الوهمية ليست فقط في الانتشار والوصول للرأي العام بقدر ما أصبح هوسا لدى الآخرين أن عدد المتابعين يعتبر المقياس في مصداقية الحساب، بينما الأساس التفاعل والتأثير، وكذلك عدد الردود ونسبة الريتويت هي ما تمثل النجاح والانتشار، ولكن للأسف الكثير يركز على الرقم دون المضمون والتفاعل.

ووفقا لدراسة قام بها أحد طلبة الماجستير بعنوان «استخدامات طلاب الجامعة لمواقع التواصل الاجتماعي في دولة البحرين»، ونشرت في يوليو (تموز) 2013 بالجامعة الأهلية، بينت أن سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي تتسبب للطلبة في مشكلات اجتماعية، من بينها جعل بياناتهم الشخصية متاحة بنسبة 82%، يليها إضاعة كثير من الوقت بنسبة 77%، ثم إمكانية التعرض لمحاولات النصب والسرقة من الآخرين بنسبة 72%.

وبينت الدراسة أن وجود محتويات منافية للأخلاق العامة بنسبة 69% يعتبر أيضا من سلبيات تلك المواقع، ووجود المعلومات الخاطئة والإشاعات بنسبة 42%، فيما تسببت في عزلة الشخص عن الواقع الاجتماعي بنسبة 30%، وجاءت محاولة اتصال مستخدمين غير مرغوب فيهم بالمستخدم في المرتبة الأخيرة بنسبة 27%.

وحول الهدف من انتشار الحسابات الوهمية، لفت عمار إلى أن الهدف الأساسي منها التحايل للحصول على المال، بحيث يقوم المغرد بالتسجيل في موقع ودفع رسوم اشتراك ليربح من ورائها مبلغا أو عملا وغير ذلك، وبالنسبة لنا في الدول العربية فقد انتشرت لدينا تغريدات عن موضوعات المساعدات والحاجة الماسة التي أصبحت تجارة بالنسبة للبعض يمارسونها من خلال حساباتهم الوهمية.

وأضاف عمار أن تلك الحسابات الوهمية ترجع لعدم وجود رقابة، مبينا أن معظم الحسابات قد يشار إليها على أنها حسابات تتبع الأمن الإلكتروني بأي دولة، ويصعب في النهاية التمييز بين الحسابات التي تدار بدافع أمني أو من منظمات معينة، وكلها تدخل ضمن معرفة الدوافع لهذه الحسابات.

وقال: «وجدنا الكثير من التسريبات عن قرارات أمنية توضع في (تويتر) قبل أن تعلن على الإعلام الرسمي، كما وجدنا توقعات كثيرة تنشر، وبعد ساعات بسيطة تتحقق، مما يعني أن هذه الشخصيات التي تستخدم أسماء وهمية ليست بأشخاص عادية، بل هم جماعات ومنظمات يرتبطون في أهدافهم ومكان وجودهم لوجيستيا، أو يمكن أن يكون أكثر من شخص يديرون ذلك ويوجهون الرأي العام حسب ما تتوافق له رغباتهم أو رغبات من يمولهم ويدفع لهم.