السعودية تفتتح المطاف المؤقت.. وأكتوبر موعد لإنهاء المرحلة الأولى من التوسعة

رئيس شؤون الحرمين دفع بأول عربة فيه.. والاستفادة منه في موسم الحج

مسنون وعاجزون عن المشي يطوفون بالعربات في صحن الطواف المؤقت أمس (تصوير: أحمد حشاد)
TT

حدد الدكتور عبد الرحمن السديس الرئيس العام لشؤون الحرمين، الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعدا لاستكمال المرحلة الأولى لمشروع الطواف بشكلٍ نهائي، المتمثلة في الجهة الشرقية والجهة الشمالية، فضلا عن الدور الأول من المطاف المعلق للاستفادة منها خلال موسم الحج المقبل.

وقال السديس إن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قضت بالاستفادة من الدور الأرضي للمطاف والدور الأول حتى الميزانين، مضيفا أن المرحلة الأولى سيتم الانتهاء منها نهائيا في شهر ذي القعدة المقبل، وسيستفاد منها في موسم حج هذا العام، مؤكدا أن الطاقة الاستيعابية في المرحلة الأولى ستزيد لأكثر من 30 ألف طائف في الساعة.

وقال الرئيس العام لشؤون الحرمين على هامش افتتاح المطاف المعلق: «إن هذا المشروع الكبير مفخرة من مفاخر هذه البلاد ومكرمة من مكارم الملك عبد الله بن عبد العزيز، جزاه الله خيرا عن الأمة الإسلامية جميعا وقاصدي المسجد الحرام على سبيل الخصوص من حجاج ومعتمرين»، مؤكدا أن مشاريع التوسعة ستقضي على مشكلة الزحام.

وأضاف السديس: «نحن ندعو لخادم الحرمين الشريفين بعظم الأجر والمثوبة على جهوده المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين، وعلى عنايته بالحرمين الشريفين على سبيل الخصوص نسأل الله أن يجعل ذلك في موازين أعماله الصالحة».

دفع الشيخ عبد الرحمن السديس بأول عربة طائفة في المطاف المعلق، معلنا البدء في الاستفادة من مشروع المطاف المعلق، معلنا افتتاح وتشغيل المطاف المعلق، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 1700 عربة، وهذا افتتاح تجريبي، أما الافتتاح التشغيلي النهائي فسيكون اليوم.

وأوضح السديس: «إننا خلال هذين اليومين وبتوجيه كريم سنرصد أهم الملحوظات أثناء استخدام الجسر، والحمد لله أن الناحية الأمنية محققة لسلامة الطائفين، حيث يبلغ عرض المطاف 12 مترا وارتفاعه 13 مترا، وله ثلاثة مداخل ومخرج للطوارئ، وليست هناك طرق معاكسة للداخلين والخارجين، مؤكدا أن الدور الأرضي من مشروع المطاف المعلق سيبدأ العمل فيه بعد شهر رمضان مباشرة، مؤكدا على سرعة الانتهاء منه قبل منتصف شهر ذي القعدة المقبل، لتتم الاستفادة من دوري المطاف المعلق كاملة في موسم حج هذا العام».

ويقوم المشروع على إعادة ترتيب الحرم القديم والتوسعة السعودية الأولى، ليتماشى مع توزيع الأعمدة المقترح لتوسعة المطاف، وذلك بتخفيض عدد أعمدة الدور الأرضي والبدروم بنسبة 30 في المائة، وتخفيض عدد أعمدة الدور الأول بنسبة 75 في المائة، ليكون إجمالي تخفيض عدد أعمدة الحرم بنسبة 44 في المائة، مما يمنح الطائفين شعورا واضحا بالسعة والراحة أثناء تأدية الطواف، ويتضمن المشروع إعادة إنشاء الحرم القديم والتوسعة السعودية الأولى وتوسعة المنطقة المحاذية للمسعى لتصبح بعرض 50 مترا بدلا من 20 مترا بدور السطح، وبذلك يتم حل مشكلة الاختناق التي كان يواجهها الطائفون في تلك المنطقة.

ويقول الرئيس العام لشؤون الحرمين: «نحن اليوم الحمد الله مع مأثرة من مآثر خادم الحرمين الشريفين، ومفخرة من مفاخره، والمسلمون يلهجون بالدعاء، لا سيما إخواننا ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنهم سيستريحون من خلال هذا المطاف، وسيريحون إخوانهم الطائفين بحيث لا يكون هناك تصادم بين العربات والطائفين والمصلين، والحقيقة هذا مشروع عظيم وتاريخي أسال الله أن يجعله في موازين خادم الحرمين الشريفين، وأن يجزيه خير الجزاء على ما يقدم للحرمين الشريفين وللرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وكذا للعناية بالحرمين الشريفين في كل مجال حتى المجالات الأمنية، ولله الحمد والمنة والخطة للعمرة».

وأبان: «هذه التوسعة من الأعمال الجليلة لخادم الحرمين في خدمة الإسلام والمسلمين، وندعو له دائما ونوصي المسلمين بالدعاء له، وهم يلهجون بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين على جهوده المشهودة ومتابعته وحرصه الكبير على خدمة الحرمين الشريفين، ولا سيما الطائفين، لأن الطائفين هم أول من قدمهم رب العزة والجلال في قوله: (وطهر بيتي للطائفين)»، مشيرا إلى أنه «باسم المسلمين جميعا وباسم الطائفين والقائمين والركع السجود، نرفع أكف الضراعة للمولى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين، وأن يجزيه خير الجزاء على ما يقدم للأمة الإسلامية، وأن يجعل ذلك في موازين أعماله الصالحة، وأن يبارك في عمره وعمله ويمتعه بالصحة والعافية».

ومن هذا المنطلق، جاء مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لرفع الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف، ليضاعف من الطاقة الاستيعابية الحالية التي تبلغ 48 ألف طائف في الساعة لتصل إلى 105 آلاف طائف في الساعة بتصور يعكس التطلعات والنظرة المستقبلية لحكومة خادم الحرمين الشريفين، خدمة للإسلام وللأجيال المقبلة من المسلمين».

ويتضمن المشروع إعادة تأهيل المنطقة بين الحرم الحالي والتوسعة السعودية الثالثة مع إنشاء جسور للربط بينهما في مناسيب الدور الأول والسطح، وقد روعي في التصميم الاختلاف الحالي في مناسيب الحرم، وصحن المطاف، وذلك بتخفيض منسوب الحرم القديم ليصبح بمنسوب صحن المطاف، وتحقيق الارتباط المباشر لبدروم التوسعة الثانية، وكذلك المسعى ليصبح بكامل عرض المبنى الجديد، مما يحقق الارتباط والاتصال البصري بالكعبة المشرفة.

الإنجاز الذي تحقق، كان لقرار تقليص المعتمرين دور رئيس في إنهائه وإنجازه، وهو قرار تخفيض حجاج الداخل إلى 50 في المائة، وحجاج الخارج إلى 20 في المائة؛ قرار استثنائي ومؤقت، لما يشهده المسجد الحرام من زحام، من أجل تقديم المزيد من الإمكانيات ولتوفير الراحة والاطمئنان لقاصدي الحرم المكي.

وبالعودة للسديس، فقد صرح في وقت سابق بأنه، وبناء على أن العمل في هذا المشروع العملاق لا يزال جاريا على قدم وساق، فقد ترتب على ذلك ضيق مساحة المطاف وازدحام وتكدس الطائفين، الأمر الذي قد يكون خطرا على أمنهم وسلامتهم وراحتهم وصحتهم، لا سيما وقد تفرع عن هذا المشروع مشروع آخر مهم، وهو الجسر المعد لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي سيأخذ حيزا كبيرا من المطاف، مما سيؤثر بالضرورة في تقليص عدد الطائفين.

وأشار السديس إلى أن الضرورة الشرعية والمصلحة العامة المرعية، تقتضي تخفيض نسبة أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل مؤقت واستثنائي، حتى يتم الانتهاء من هذا المشروع العظيم، وهو أمر لا بد من اتخاذه واللجوء إليه خلال فترة تنفيذ هذا المشروع.

ودعا المسلمين إلى عدم تكرار الحج والعمرة، خاصة في هذه الفترة، وإفساح المجال لإخوانهم الذين لم تتح لهم فرصة أداء المناسك حفاظا على أرواحهم وسلامتهم، ليؤدوا مناسكهم بشكل ميسر وبسهولة وأمان وراحة واطمئنان.

وأكد أن مشروع التوسعة سيحقق بعد انتهائه قفزة ونقلة نوعية في مستوى منظومة الخدمات التي تقدمها الدولة للمسجد الحرام وقاصديه الكرام، مشيرا إلى أن معالم المشروع ستتضح بشكلٍ دقيق في الأعوام المقبلة، ولن يقتصر ذلك على استيعاب مضاعفة أعداد الطائفين، إذا ما اكتملت التوسعة في كل مراحلها، بل يتجاوز ذلك إلى جودة وتنوع الخدمات التي سيوفرها هذا المشروع، فضلا عن تلبية الفراغات الداخلية ومسارات الطواف لكل المتطلبات الوظيفية والتشغيلية لكل المستخدمين، بما في ذلك كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة، من خلال منظومة حركة مستقلة ومتكاملة.

من جانبه، أكد الدكتور محمد الخزيم نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام، أن المشروع يهدف إلى التيسير والتسهيل لأداء مناسك الحج والعمرة، وسيحدث بعد انتهائه قفزة كبيرة في مستوى الخدمات المقدمة للحجاج والعمار والزوار.

وبين الخزيم أنه ترتب على ذلك، وتحقيقا للمصلحة العامة أن يتم مؤقتا تخفيض نسبة أعداد المقبلين لأداء المناسك من الداخل والخارج، حتى يتم الانتهاء من أعمال التوسعة والتطوير لمشروع المطاف، وهو أمر ضروري لا بد من اللجوء إليه حتى الانتهاء من أعمال المطاف، لأنه يحقق مصلحه عليا للأمة الإسلامية على المدى البعيد، داعيا المسلمين إلى التعاون مع المملكة في ذلك.

ودعا علماء الأمة الإسلامية أن يوضحوا للمسلمين في مختلف مواقعهم، سبب تخفيض نسبة الحجاج والمعتمرين، وأن هذا أمر مؤقت، يصب في مصلحة المسلمين من المعتمرين والحجاج ورواد المسجد الحرام.

والمطاف هو الفناء المفروش بالرخام الأبيض الذي يحيط بالكعبة المعظمة، ويسمى الآن بالصحن، ويطوف المسلمون فيه حول الكعبة المعظمة، وفيه الحركة متصلة آناء الليل والنهار، ما بين طائف وراكع وساجد.. وسمّي بالمطاف نسبة إلى الطواف، وهو الدوران حول الكعبة المشرفة.

وبناء على ذلك، فإن هذا الفناء هو المطاف، وهو نفسه المسجد الحرام الذي يطوف المسلمون فيه حول الكعبة المعظمة، وكذا يصلون فيه. فقديما كانت البيوت تحيط بالبيت العتيق من جميع جوانبه، ولم يترك للطائفين سوى مدار المطاف، ومع ازدياد أعداد المسلمين بدأت تتسع دائرة المطاف، لتستوعب الأعداد المتزايدة من المسلمين، ثم توالت التوسعات التي شملت المسجد الحرام، وقد حظي المطاف بعناية واهتمام الخلفاء والملوك والحكام، وكذا عمارته والزيادة فيه.

ومن المعلوم أن المسجد الحرام كان فناء حول الكعبة للطائفين، ولم يكن في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا في عهد أبي بكر (رضي الله عنه) جدار يحيط به، وإنما كانت الدور محدقة به، وبين الدور أبواب يدخل الناس منها من كل ناحية.

فلما تولى الخلافة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وكثر الناس، وسّع المسجد، واشترى دورا فهدمها، وأدخلها فيه، ثم أحاط عليه جدارا قصيرا دون القامة، وكانت المصابيح توضع عليه، فكان عمر أول من اتخذ الجدار للمسجد.

ثم لما استخلف عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ابتاع المنازل في سنة 26هـ، ووسع الحرم بها أيضا، وبنى المسجد والأروقة، فكان عثمان (رضي الله عنه) أول من اتخذ للمسجد الحرام الأروقة.

وقد وضعت بعد ذلك أعمدة وأساطين حول المطاف، لتعليق مصابيح الاستضاءة عليها، وتكون في الوقت نفسه علامة على حد المسجد الحرام الذي كان زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وزمن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) وما وراء ذلك فهو من الزيادات، وفي العهد السعودي، بعد توسعة سنة 1388هـ للمطاف أصبح قطر المطاف يصل إلى 64.8 متر، على اعتبار أن الكعبة مركز القطر، ويحيط به ممران متجاوران على محيط المطاف عرض كل منهما 2.5 متر، وعلى ارتفاع 20 سنتيمترا، وقد أصبحت مساحة المطاف 3058 مترا مربعا حول الكعبة. وفي توسعة عام 1399هـ ألغيت الحصاوى والمشايات ونقل المنبر والمكبرية وخفضت فوهة بئر زمزم أسفل المطاف بالقرب من المحيط الخارجي لدائرة المطاف، فأصبحت سعة المطاف إلى حدود الحرم القديم بقطر 95.2 متر مربع، وأصبحت مساحة المطاف 8500 متر مربع.

وفي عام 2004، تمت تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف الذي يئن في فترات الزحام بالمعتمرين والحجاج، وذلك بتسقيف مداخل القبو المؤدي للبئر، وترحيل نوافير الشرب إلى جانب صحن المطاف، حيث أدت هذه الأعمال إلى زيادة صحن المطاف بمقدار 400 متر مربع.